كيف يوازن استوديو مارفل بين الاستمرارية والتجديد؟

18 دقيقة

أعادت شركة "مارفل ستوديوز" (Marvel Studios) تعريف مفهوم سلاسل الأفلام السينمائية خلال عقد واحد فقط.

إذ تخطّت أرباح أفلام مارفل البالغ عددها 22 فيلماً نحو 17 مليار دولار، وهو مبلغ يتجاوز أرباح أي سلسلة سينمائية أخرى في التاريخ. وفي الوقت نفسه، بلغ متوسط التقييم لأفلام مارفل نحو 84% على موقع "روتن توميتوس" (Rotten Tomatoes)، (بلغ متوسط التقييم ​​للسلاسل الخمسة عشر التي حققت أعلى الإيرادات نسبة 68%)، كما حصلت الشركة على 64 ترشيحاً وجائزة في المتوسط ​​لكل فيلم. وتلقّى فيلم "المنتقمون: نهاية اللعبة" (Avengers: Endgame) الذي طُرح في الربيع إطراءً رائعاً، وشهد إقبالاً كبيراً دفع تجار تجزئة تذاكر السينما عبر الإنترنت إلى تجديد أنظمتهم بهدف إدارة العدد الهائل للطلبات.

وقد قدّم رئيس مارفل ستوديوز، كيفن فيج، تفسيراً قد يبدو بسيطاً في مجلة "فارايتي" (Variety): قائلاً: "لطالما آمنت بتوسيع نطاق ما يمكن لمارفل ستوديوز تحقيقه. ويتمثّل هدفنا في الحفاظ على جماهيرنا من خلال القيام بما هو غير متوقع، دون اتباع أي نمط أو قالب أو صيغة".

ويبدو أن السر يكمن في إيجاد التوازن الصحيح بين صنع أفلام مبتكرة، والاحتفاظ على الاستمرارية بهدف جعل جميع هذه الأفلام جزءاً لا يتجزأ من عائلة متماسكة.

لكن تحقيق هذا التوازن أصعب بكثير مما يبدو. كما أن جعل أي فيلم ناجحاً بدرجة كافية ليساعد في دعم ابتكار أجزائه الأخرى هو مهمة شاقّة. على سبيل المثال، كان من المفترض أن يبدأ تصوير ستة سلاسل جديدة لثمانية أفلام اتصفت بأدائها السيء وميزانياتها الضخمة في عام 2017. وليس من الضروري أن تكون سلسة الفيلم ناجحة إذا كان أداء الفيلم الأول جيداً؛ إذ غالباً ما تشهد معظم السلاسل انخفاضاً مستمراً في تقييم النقاد بعد الفيلم الأول، وهو ما ينعكس عادة في الأداء التجاري لهذه الأفلام. وقد أشار مخرج فيلم "الرجل الحديدي" (Iron Man) جون فافرو أنه "من الصعب للغاية الحفاظ على شعلة الحماس في قلوب الجماهير بعد عرض فيلمين من السلسلة. ويمكننا القول استناداً إلى التاريخ أن التقييم العالي يعود إلى الجزء الثاني". وتأكيداً لهذه النقطة، يصف الرئيس التنفيذي لشركة "بيكسار" (Pixar)، إد كاتمول، أجزاء الأفلام بوصفها شكلٌ من أشكال "الإفلاس الإبداعي". وهو ما قد يفسر سبب إنتاج شركة "بيكسار" أجزاءً لأربعة أفلام فقط.

ولم تواجه شركة مارفل هذه المشكلة حتى الآن؛ إذ لا تزال المؤسسة قادرة على تجديد مفهوم ما يمكن لأفلام مارفل تحقيقه بعد إنتاج 22 فيلم. على سبيل المثال، عندما عُرض فيلم "النمر الأسود" (Black Panther) في أوائل عام 2018 محطماً الأرقام القياسية في شباك التذاكر، وصفه النُقاد بأنه "تغيير جذري" و"نموذج مبتكر بإبداع"، يوفر "حقيقة نابضة بالحياة ومقنعة، ومزود بتعليقات واعية من الناحية الاجتماعية". بينما صرّح تاي بور في صحيفة "بوسطن غلوب" قائلا: "لا يعيد الفيلم ابتكار نموذج أفلام الأبطال الخارقين بقدر ما يعمل على إحيائه وتجديده، بدءاً من الشخصيات التقليدية وحتى التعابير المأثورة، ويقدمه إلى المشاهدين المتعطشين إلى مشاهدة فيلم يخاطبهم. ولا يبدو الفيلم أنه نتاج شركة متخصصة في عرض السلاسل، وإنما نتاج حساسية فريدة". ومع ذلك، أفاد نُقّاد آخرون أنه من الجلي أن يُدرك المشاهدون أن هذا الفيلم هو من إنتاج مارفل.

كيف، ولماذا نجحت شركة مارفل في الدمج بين الاستمرارية والتجديد؟ للإجابة عن هذا السؤال، جمعنا بيانات عن كل فيلم من أفلام "عالم مارفل السنيمائي" (MCU) التي عُرضت حتى نهاية عام 2018. وحلّلنا بيانات 243 مقابلة شخصية، و95 مقابلة فيديو مع المنتجين والمخرجين والكُتّاب، و140 تقييم نقدي من كبار النقاد. وحلّلنا سيناريوهات الأفلام، والأسلوب المرئي لكل فيلم بشكل رقمي، وتفحصنا شبكات تضم 1,023 ممثلاً و25,853 عاملاً خلف الكاميرا لكل فيلم على حدة. ويشير تحليلنا لهذه البيانات إلى أن نجاح مارفل متجذّر في أربعة مبادئ رئيسة، ألا وهي: (1) اختيار المتمرّس عديم الخبرة، (2) والاستفادة من فريق أساسي دائم، (3) والاستمرار في تغيير الصيغة، (4) وتنمية فضول الزبائن. وسنوضح هذه المبادئ في الصفحات التالية، لنبيّن كيفية تطبيق مارفل لها، وكيفية تفسير هذه المبادئ لنجاح الشركات في مجالات مختلفة تماماً.

فكرة المقالة بإيجاز

المشكلة

نادراً ما تحقق الأجزاء اللاحقة من الأفلام نجاحاً بقدر نجاح الجزء الأول، سواء كان هذا التقييم صادراً عن النقّاد أو الجماهير. وهو ما يُعيق إنتاج سلاسل لهذه الأعمال.

سبب حدوثها

عادة ما يتوخى صانعو الأفلام الحذر في موازنة الاستمرارية مع التجديد عند إعداد الأجزاء اللاحقة. وهو ما يجعلهم يعانون من انخفاض الإيرادات.

الحل

يحقق عالم مارفل السينمائي صاحب أكثر السلاسل نجاحاً على الإطلاق التوازن الصحيح من خلال (1) اختيار المتمرس عديم الخبرة، (2) والاستفادة من فريق دائم، (3) وتغيير الصيغة بشكل مستمر، (4) وتنمية فضول الزبائن.

1- اختيار المتمرّس عديم الخبرة

يمثّل الشخص الذي توظفه في قطاع الأفلام جزءاً مهماً من النتيجة التي تحصل عليها. وكما يقول المثل، "إن أفضل مؤشر للأداء المستقبلي هو الأداء السابق". إلا أنّ شركة "مارفل ستوديوز" تتجاهل هذا المبدأ بطريقة رائعة من خلال بحثها عن مخرجين يتمتّعون بخبرة في مجال لا تمتلك مارفل أي دراية فيه.

ومن بين 15 مخرجاً من عالم مارفل السينمائي، كان لدى مخرج واحد فقط خبرة في مجال أفلام الأبطال الخارقين، حيث عرض جوس ويدون مساعدته في كتابة سيناريو فيلم "رجال-إكس" (X-Men)، وتأليف كتاب مصور لمارفل نال استحسان النُقاد. بينما امتلك مخرجو مارفل الآخرين معرفة عميقة في أنواع أخرى من الأفلام، مثل أفلام شكسبير، وأفلام الرعب، والتجسس، والكوميديا. وغالباً ما دخل هؤلاء المخرجون عالم السينما من خلال العمل على أفلام مستقلة. حيث أتاحت لهم هذه التجربة جلب رؤية وطابع فريد لكل فيلم. على سبيل المثال، غلب على فيلم "ثور: العالم المظلم" (Thor: The Dark World) الطابع الشكسبيري، بينما كان فيلم "رجل النمل" (Ant-Man) عبارة عن فيلم سرقة، أما فيلم "كابتن أميركا: جندي الشتاء" (Captain America: The Winter Soldier) هو فيلم تجسس، وكان فيلم "حرّاس المجرة" (Guardians of the Galaxy) عبارة عن أوبرا فضائية فكاهية. بالإضافة إلى ذلك، اعتاد معظم المخرجون على العمل وفقاً لميزانيات محدودة، حيث بلغت ميزانيات أفلامهم قبل عالم مارفل السينمائي حوالي سُبع حجم ميزانيات أفلام عالم مارفل السينمائي الحالية.

وأبرز مثال على ذلك هو فيلم "الرجل الحديدي" الذي يُعتبر أول فيلم أنتجته شركة "مارفل ستوديوز" عام (2008)، والذي مثّل رهاناً مزدوجاً على كل من فافرو كمخرج، وروبرت داوني الابن كممثل رئيس. جاء فافرو من خلفية الأفلام المستقلة، التي تضمنت العمل على أفلام صغيرة ولكنها نالت استحساناً كبيراً، بما في ذلك فيلم "القزم" (Elf)، وفيلم "زاثورا: مغامرات الفضاء" (Zathura: A Space Adventure). وعُرف فافرو بقدرته على بناء شخصيات مثيرة للاهتمام، وابتكار حوارات ذكية. ولم يكن يمتلك أي خبرة في العمل على أفلام حركة الأبطال الخارقين الرائجة مع تقنياتها ​البصرية المبهرة. بينما أظهر داوني حسن أداءه كممثل عظيم، وعلى الأخص في فيلم "شابلن" (Chaplin)، بيد أنه حظي بالقدر نفسه من الشهرة نتيجة انتكاساته في تعاطي المخدرات، ولم يسبق له أن أدى أي دور رئيس في فيلم إثارة كبير. لقد جلب كل منهما التجربة وعدم الخبرة. ونتيجة لذلك، وُصف الإنتاج أحياناً بأنه "فيلم بقيمة 200 مليون دولار من إخراج طالب"، وجاء ذلك بحسب جيف بريدجز، وهو البطل المساعد في فيلم الرجل الحديدي، والمخضرم في أفلام هوليوود.

لكن عملية الدمج هذه أتت بثمارها. وقد وصف الناقد السينمائي روجر إيبرت الجزء المتعلق بالخبرة من المعادلة بقوله: "ابتُكرت شخصية توني ستارك في فيلم الرجل الحديدي من الشخصيات التي مثّلها داوني في العديد من الأفلام، وهي شخصية قد تتسم بالصفاقة، والغرابة، ونقد الذات، والمراوغة. ولقد قام فافرو بأمر جريء عندما أتاح لداوني بالتفكير والتحدث بهذه الطريقة أثناء ارتدائه لزي الرجل الحديدي".

وتابع إيبرت حديثه لتوضيح أهمية عدم تمتّع فافرو بالخبرة في أفلام الأبطال الخارقين قائلاً: "تفقد الكثير من الملحمات ذات الميزانيات الكبيرة حماس قصصها خلال نصف الساعة الأولى من العرض، وتركز على عرض التأثيرات السينمائية بدلاً من ذلك. إلا أن هذا الفيلم يمتلك حبكة غاية في الذكاء، بحيث تبقى مؤثرة على المشاهد بغض النظر عن مدى روعة التأثيرات وضخامتها".

واختارت مارفل خيارات مماثلة لأفلامها الأخرى. حيث أخرج جيمس غان فيلم "حرّاس المجرة" بعد أن ذاع صيته في إخراج أفلام الرعب بميزانيات صغيرة. وعرض غان شخصية كريس برات بوصفه البطل الخارق، والذي كان يطلق على نفسه لقب "رجل الحيوانات الأليفة السمين" في المسلسل الكوميدي "الحدائق والمنتزهات" (Parks and Recreation). وبنى غان الفيلم حول أغاني السبعينيات. كما أخرج تايكا وايتيتي فيلم "ثور: راجناروك" (Thor: Ragnarok) بعد أن جاء من خلفية متخصصة في الكوميديا الهزلية ودراسات الشخصية، ولم يمتلك أي خبرة في أفلام الأبطال الخارقين. وقد حرص وايتيتي على صنع فيلم يختلف بشكل واضح عن أول فيلمين من ثور وبدأ فيلمه الجديد بفيديو تشويقي تتخلله "أغنية المهاجرين" (Immigrant Song) بصوت ليد زيبلن. وعلّق أحد النقاد في صحيفة نيويورك بوست، أن "وايتيتي، مع خبرته في صنع الأفلام المستقلة، قد أعاد ابتكار إحدى أكثر الشخصيات مللاً في عالم مارفل، بطريقة مشوقة ومثيرة للاهتمام. فالشخصية حاذقة، وغريبة، ولا تشبه ما اعتدناه لعقود من الشخصيات المتخمة والجديّة بشكل مفرط في القصص المصورة". وقد رأى النقاد أن الفيلم جاء بقدر مرحب به من السخرية الذاتية إلى عالم مارفل السينمائي.

وتمنح "مارفل ستوديوز" المخرجين درجة كبيرة من التحكم، لا سيما في المجالات التي يتمتعون فيها بالخبرة. حيث تفاجأ فافرو وغان ووايتيتي بقدر الحرية والتشجيع  التي حصلوا عليها لابتكار ما يريدون. وأفاد فافرو في مقابلة أُجريت معه عام 2008 قائلاً: "كنا نجلس في المقطورة مع موظفي مارفل، ومع المنتجين والممثلين، ونتحدث عن المشاهد المصورة، و ما ينبغي أن تقوم عليه المشاهد اللاحقة، وما تعلمناه. كما كان يوجد مرونة في المواد، وكنا نتمتع بحرية الابتكار بطرق مختلفة. وهو ما ولّد لدينا شعوراً حقيقياً بالتجديد والاكتشاف في هذا المشروع". وفي الوقت نفسه، تحتفظ مارفل بالرقابة الصارمة على الجوانب التي تثير رواج الفيلم، وتوفر الكثير من التوجيهات المتعلقة بالمؤثرات الخاصة والخدمات اللوجستية. وقد أفاد فيج في عام 2013 قائلاً، "ينطوي هدفنا في توظيف المخرجين على الحصول على مساعدتهم في إنجاز شيء مختلف مع كل هذه الموارد". ويُعدّ هذا المزيج فاعلاً لكلا الطرفين، حيث يرى المخرجون زيادة متوسطة في التقييمات تبلغ 18 نقطة مئوية بين فيلمهم السابق وفيلم عالم مارفل السينمائي وفق موقع "روتن توميتوز".

ولا يقتصر اتباع هذا النهج على صناعة الأفلام، إذ تقوم شركات الطاقة بتوظيف خبراء الأرصاد الجوية لمساعدتهم في تطوير حلول الطاقة المستدامة. كما وظّفت صناديق التحوط لاعبي شطرنج محترفين وذوي قدرات عالية في التعرف على الأنماط. وجدّدت الشركات الاستشارية عروضها من خلال التعاقد مع مصممي الأزياء وعلماء الأنثروبولوجيا. وتعاقد "سيرك دو سوليه" (Cirque du Soleil) مع فابريس بيكر كمخرج إبداعي له بعد أن أكسب فرنسا ميدالية ذهبية في التزلج الحر في الألعاب الأولمبية الشتوية عام 1992. وصرّح مؤسس شركة "باتاغونيا" (Patagonia)، إيفون شوينارد، في بيان نشره عام 1992 في مجلة "إنك" (Inc.) قائلاً: "لقد وجدت أنه بدلاً من جلب رجال الأعمال وتعليمهم أن يكونوا هواة رياضة، من الأسهل تعليم هواة الرياضة كيفية القيام بالأعمال التجارية". إذ توفر تجربة ممارسة الرياضة في الهواء الطلق بكل شغف معرفة عميقة بالزبائن والمنتجات وطرق تغيير وجهات نظر الآخرين إلى وجهات نظر مستدامة.

وتُمثّل شركة "آوت فيت 7" (Outfit7) أبرز مثال على ذلك، حيث تُعتبر الشركة واحدة من أسرع شركات الترفيه العائلي متعددة الجنسيات نمواً على كوكب الأرض، والتي أسسها ثمانية أشخاص من سلوفينيا. وأبرز ما اشتهرت به هذه الشركة هو المنتج العالمي المتمثّل في تطبيق "توم المتكلّم" (Talking Tom)، كما تتصدر تطبيقاتها القوائم العالمية بنحو 10 مليارات عملية تنزيل. وعندما استحوذت مجموعة من المستثمرين الآسيويين على الشركة، عُيّن جيغا فافبوتيتش الذي يبلغ 32 عاماً من العمر رئيساً لمجلس الإدارة. انضم فافبوتيتش إلى شركة "آوت فيت 7" في عام 2014، وادّعى أنه لم يقم بتنزيل أي لعبة من ألعاب الكمبيوتر من قبل. بيد أنه يمتلك تجربة عميقة في العمل في المؤسسات غير الحكومية ومع رواد الأعمال الاجتماعيين. وقد سمح له هذا المزيج من قلة الخبرة في المجال التكنولوجي، والخبرة في ريادة الأعمال في التركيز على عملية التوسع دون التطرق إلى مناقشات حول التكنولوجيا.
وهناك عدد قليل من الشركات ممن هم على استعداد لخوض هذه المغامرة. إذ تُظهر الأبحاث التي أُجريت على عمليات إعداد الموظفين الجدد، اختيار معظم المدراء للموظفين الذين يمتلكون الخبرة التي تتقاطع مع خبرة الشركة ، أو انشغال هؤلاء المدراء بتهيئة هؤلاء الموظفين الجدد للاندماج مع جو الشركة لدرجة أنهم يقومون بتحييد القيمة الناتجة عن خبراتهم المختلفة. بيد أن شركة مارفل أثبتت أنهم بذلك يفوتون فرصة كبيرة.

2- الاعتماد على فريق أساسي دائم

تتمسك شركة مارفل بنسبة صغيرة من الأشخاص بهدف تحقيق التوازن بين المواهب، والأصوات، والأفكار الجديدة التي تعرضها في كل فيلم. ويُتيح الاستقرار الذي يوفره هؤلاء الأشخاص لمارفل بناء الاستمرارية عبر المنتجات وخلق مجتمع جاذب للمواهب الجديدة.

وقد قارنا نسبة التقاطع في الأفلام بين موظفي المجموعة الإبداعية الأساسية التي تمثّل حوالي 30 شخصاً لكل فيلم عادة، والطاقم الكامل الذي يبلغ حوالي 2,500 شخص، ولاحظنا وجود زيادة في مشاركة المجموعة الأساسية. حيث تبلغ نسبة تقاطع المجموعة الأساسية حوالي 25% من فيلم إلى آخر، بنطاق يتراوح من 14% إلى 68%، بينما يتراوح متوسط مشاركة ​​الطاقم الكامل نسبة 14%، بنطاق يتراوح من 2% إلى 33%. وكما هو متوقع، تُؤكد سلاسل الأفلام التقاطع الكبير لهذه المجموعات الأساسية. على سبيل المثال، بلغت نسبة تقاطع المجموعة الأساسية في سلسلة فيلم كابتن أميركا بدءاً من فيلم "كابتن أميركا: جندي الشتاء" وحتى "كابتن أميركا: الحرب الأهلية" (Captain America: Civil War) حوالي 68%، كما بلغت نسبة مشاركتها في سلسلة فيلم "الرجل الحديدي" و"الرجل الحديدي 2" حوالي 55%.

يدعم الفريق الأساسي الدائم التجديد لأنه يساهم في الاستقرار. ويحرص الممثلين دائماً على الانضمام إلى هذا الفريق الأساسي. على سبيل المثال، اعتُبرت أفلام الأبطال الخارقين بمثابة الحكم بالموت لأصحاب الطموحات الفنية العالية فيما مضى. ومع ذلك، نرى أن الفائزين بجوائز الأوسكار، مثل غوينيث بالترو، وأنتوني هوبكنز، وفوريست ويتكر، ولوبيتا نيونغو قد أدّوا أدواراً مهمة في عالم مارفل السينمائي.

وقد صرّحت كيت بلانشيت، الفائزة بجائزة أوسكار، في مقابلة أجرتها عام 2017 بما أعجبها في انضمامها إلى عالم مارفل السينمائي قائلة: "طرحت الكثير من الأفكار في موقع التصوير مع تايكا ومع أفراد التقاط الحركة وطاقم المؤثرات الخاصة، وقد تبنى الفريق أفكاري في النهاية وحرص على تطبيقها. حيث كنت أطلب تصوير بعض المشاهد، واقتراح مشاهد تمثيل أخرى".

اعتُبرت أفلام الأبطال الخارقين بمثابة الحكم بالموت لأصحاب الطموحات الفنية العالية فيما مضى.

وليس من المستغرب انجذاب هؤلاء الممثلين إلى ذلك النوع من موارد العالم السينمائي الأكثر نجاحاً في العالم وما يوفره لهم. ولكن يبدو أن الجاذبية كانت موجودة منذ البداية. حيث أفادت بالترو في مقابلة في موقع تصوير فيلم "الرجل الحديدي 1" أنها "وقعت عقداً لا يمكن نقضه" للتمثيل في ثلاثة أفلام، وهو أمر لم تفعله من قبل. وردّد ممثلون مثل سكارليت جوهانسون، وبنيديكت كومبرباتش، وأبطال فيلم "حرّاس المجرة" أسبابهم للقيام بذلك والمتمثلة في تمتعهم "بحرية التصرف" بهدف الاستكشاف والتعاون في بناء شخصيات دقيقة ومثيرة للاهتمام. وكذلك فعل بري لارسون الحائز على جائزة الأوسكار، عندما وقّع على عقد أداء شخصية كابتن مارفل في سبعة أفلام.

وحتى الأشخاص الذين تعاونوا مع مارفل ممن يمتلكون تجربة سيئة معهم، يتطلعون إلى الانضمام مجدداً. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، كاتب السيناريوهات المشهور زاك بن، الذي شارك في كتابة فيلم "اللاعب الأول مستعد" (Ready Player One) مع ستيفن سبيلبرغ. حيث وُظّف بن لكتابة سيناريو فيلم "هالك الخارق" (The Incredible Hulk)، وآل به الحال إلى النزاع مع إدوارد نورتون، الممثل الرئيس للفيلم، حول اعتمادات السيناريو. وقضى بن بعدها عدة سنوات في كتابة سيناريو فيلم "المنتقمون" (The Avengers)، لينضم ويدون إلى الفريق كمخرج، ويعيد كتابة كامل السيناريو. ويرفض العديد من المبدعين في العادة التعاون في المستقبل بعد تجارب كهذه. ومع ذلك زُعم أن زاك يكتب حالياً سيناريو سري للغاية لمارفل.

ازدهرت أندية كرة القدم الكبرى في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم خلال العقد الماضي من خلال اتباع نهج مشابه. فعلى سبيل المثال، حافظت برشلونة في فترة هيمنتها على عالم كرة القدم من عام 2008 وحتى عام 2015 على الاستمرارية من خلال تنمية نجوم شباب من أكاديميتها الخاصة، مع الحفاظ على الخط الرئيس للفريق عاماً بعد عام ودمج نجوم جدد، من بينهم لويس سواريز ونيمار، بهدف استكمال المجموعة الأساسية. وقد اعتاد نادي ريال مدريد دفع أموال طائلة لجلب النجوم وتكوين ما أطلق عليه فريق النجوم. بيد أن هذه الاستراتيجية أتت بنتائج عكسية بعد عام 2003، حيث كافح النادي مراراً وتكراراً للوصول إلى المراحل النهائية من دوري الأبطال. ثم اتبع النادي نهج برشلونة، وعمل على تطوير أداء مجموعة أساسية من اللاعبين الشباب التي تضم بعض النجوم، واللاعبين متوسطي الأداء، وفريق إدارة ثابت بقيادة اللاعب السابق زين الدين زيدان. واستمر نادي ريال مدريد في الفوز بدوري الأبطال ثلاث مرات على التوالي، من عام 2016 وحتى عام 2018، وهو أمر غير مسبوق. وكانت تشكيلة البداية هي نفسها تقريباً في كل موسم، وهو ما جعل النادي يوصف بالنادي الأكثر استقراراً في جميع أنحاء أوروبا. وأتاح هذا الاستقرار الذي تمتّع به كلا الناديين اجتذابهما أفضل اللاعبين الداعمين الجدد.

وتُعتبر فرقة "بروكن سوشال سين" (Broken Social Scene) التي تعد بمثابة "تعاونية موسيقية" مثالاً آخر بارزاً من مجال مختلف تماماً. تكوّنت الفرقة في البداية من ثنائي موسيقي، ولكن اشتملت ألبوماتها على فنانين متعاونين غير دائمين من فرق أخرى. على سبيل المثال، ضمّ الألبوم الثاني للفرقة 11 فناناً موسيقياً. أما الألبوم الذي صدر بعد ثمان سنوات فقد ضمّ أعمال 28 فناناً. ويعمل الثنائي الأصلي بمثابة الفريق النواة، بينما يمثّل الفنانون الآخرون دور الأطراف الخارجية.

وتتبنى مؤسسات الأعمال مثل مؤسسة "ثري إم" (M3) و"نستله" (Nestlé) استراتيجية مماثلة. حيث تتخلل هياكلها التنظيمية الكلاسيكية شبكات من الفرق التي يجري مراقبتها لضمان التطور المطرد المتمثّل في انضمام أعضاء جدد وانسحاب آخرين. وتتمتّع المؤسسات التي تحافظ على الفريق الدائم، وتنعش الأطراف الخارجية، وتفهم شبكات العلاقات، بالقدرة على تمكين عملية التجديد والديناميكية والمرونة. كما تتمتّع بالقدرة على اجتذاب دفق الأفكار الجديدة، مع تمكين الاستمرارية من خلال إبقاء الهيكل التنظيمي الشامل للمؤسسة دون تغيير تقريباً.

3- تغيير الصيغة باستمرار

غالباً ما ترفض المؤسسات ترك ما يجعل المنتج الإبداعي ناجحاً. بينما يتحدث جميع مخرجو "مارفل ستوديوز" عن استعدادهم للتخلي عن مكونات النجاح التي اتبعوها في أفلام عالم مارفل السينمائي السابقة. على سبيل المثال، أفاد بيتن ريد، مخرج فيلم "رجل النمل والدبور" (Ant-Man and the Wasp) في عام 2018 عن مدى حيد فيلمه عن الفيلمين اللذان سبقاه مباشرة، ألا وهما فيلمي النمر الأسود و"المنتقمون: حرب اللانهاية" (Avengers: Infinity War) قائلاً: "أردنا تجربة نوع أفلام الجريمة من حيث البنية، والتطلع إلى أنواع أخرى من الأفلام المشابهة لروايات إلمور ليونارد، وأفلام مثل "الركض في منتصف الليل" (Midnight Run) و"بعد ساعات" (After Hours). وكنا نعي دائماً فكرة الحيد عن نوع فيلم "النمر الأسود" و"حرب اللانهاية". وشعرنا جميعا بحيوية هذا النوع الجديد مقارنة مع الأفلام السابقة، بيد أنه سيمثل تناقضاً صارخاً أيضاً لما قدمناه من قبل".

ولذلك حلّلنا جميع الأفلام في عالم مارفل السينمائي لمعرفة ما إذا كان يوجد دليل على كون هذا المبدأ عملية شكلية، وتحديد ما إذا كان بيان ريد ينطوي على مجرد كلام معسول. هل كان الأفراد فعلياً يشاهدون الفيلم نفسه مراراً وتكراراً؟

كان الجواب في البداية هو نعم. تقدّم جميع أفلام عالم مارفل السينمائي عناصر ثابتة مثل الأبطال الخارقين، والأشرار، ومشاهد تضم معارك حاسمة تعتمد غالباً على تأثيرات ا الكمبيوتر. كما يحتوي كل فيلم على ظهور ضيف شرف يؤديه الراحل ستان لي، وهو كاتب العديد من الكتب المصوّرة الأصلية. بيد أن التدقيق الوثيق أوضح شيئاً أكثر تعقيداً.

تنطوي تجربتنا للأفلام على الدراما التي تولدها، بالإضافة إلى القصة البصرية التي ترويها. لذلك، أجرينا تحليلاً نصياً محوسباً لكل سيناريو من سيناريوهات الأفلام، وتحليلاً مرئياً لصورها بهدف فهم هذه الأبعاد. وحلّلنا العناصر التي اعتبرها النقاد البارزون تحدياً أو تجديداً لأفلام الأبطال الخارقين.

وانطوى هدفنا على إلقاء نظرة متعمّقة على ما إذا كانت الأفلام تختلف من حيث عناصرها الدرامية، والبصرية، والقصصية.

ويكشف تحليلنا النصي أن أفلام مارفل تعرض نغمات عاطفية مختلفة متمثّلة في التوازن بين المشاعر الإيجابية والسلبية التي تعبّر عنها الشخصيات شفهياً. على سبيل المثال، ينطوي فيلم "الرجل الحديدي 2" على الكثير من الفكاهة، بما في ذلك مشهد يخبر فيه نيك فيوري الرجل الحديدي وهو جالس داخل مجسم كبير على شكل قرص دونات، وهو عبارة عن لافتة مطعم، قائلاً له: "سيدي، يرجى من فضلك الخروج من قرص الدونات!". وفي المقابل ركز فيلم ثور على شخصية ثور الذي يخيب أمل والده ويطرده، في جو أكثر قتامة وحزن.

وتختلف الأفلام من الناحية البصرية أيضاً. وتتمثل أكبر الاختلافات بين أفلام "كابتن أميركا: جندي الشتاء" وفيلم "حرّاس المجرة" وفيلم "المنتقمون: عصر ألترون" (Avengers: Age of Ultron). حيث تجري وقائع فيلم "كابتن أميركا" وفيلم "المنتقمون" على الأرض، في حين تدور أحداث فيلم "حرّاس المجرة" في الفضاء وعلى كواكب غريبة.

علاوة على ذلك، تحظى الأفلام التي لا تلتزم بمقومات أفلام الأبطال الخارقين الاعتيادية على أعلى التقييمات من النقاد والمشاهدين. ويصف النُقاد فيلم "هالك الخارق" وأول فيلمين من "ثور" على أنها أفلام "نمطية بشكل ممل" و"موجهة لفئة صغار السن فقط". حيث يستمع الجمهور إلى "نصوص مكررة" و"روائع بصرية" مبالغ بها. وعلى النقيض من ذلك، وجد النقاد أن فيلم "الرجل الحديدي" يمتاز في تقديم الواقعية، والعمق غير العادي والأصالة في الشخصية الرئيسة. بينما يشتهر فيلم "حرّاس المجرة" بتجديده استخدام أغاني السبعينيات واحتفائه بالأشخاص غريبي الأطوار. واشتهر فيلم "الطبيب الغريب" (Doctor Strange) بتأثيراته البصرية الفنية والحوارات الذكية. بينما اشتهر فيلم "الرجل العنكبوت: العودة للوطن" (Spider-Man: Homecoming) بتحفيز الخيال بدفاعه عن الحي بدلاً من العنف المبالغ به بين المجرات. واشتُهر فيلم "النمر الأسود" بتعليقاته الاجتماعية والشخصيات التي تتميّز بالوعي السياسي.

استساغ المشاهدون تجارب مارفل المستمرة، وأصبحت هذه التجارب عنصراً مهماً في عالم مارفل السينمائي، حيث أضحى المعجبون يترقّبون الفيلم التالي بحثاً عن شيء مختلف. وفي المقابل، تواجه السلاسل السينمائية التي اتّبعت صيغة نمطية ناجحة مشكلة عندما تحاول تجديد محتوى أفلامها.

على سبيل المثال، لقي فيلم "حرب النجوم: الجيداي الأخير" (Star Wars: The Last Jedi) استحسان النقاد للتأثيرات البصرية التي اختلفت بشكل كبير عن تلك التي عُرضت في سلاسل الفيلم السابقة، والرغبة في التخلي عن البناء الدرامي للأفلام السابقة. بيد أن الجمهور المحب للسلسلة رأى أن هذه الانتهاكات غير مقبولة واعتبرها بمثابة تدنيس. وبالتالي، وقَع أكثر من 100,000 من المعجبين على عريضة على موقع "تشينج" (Change.org) يطالبون ديزني بشطب الفيلم من سلسلة حرب النجوم. كما تعرّض الممثلون الذين أدّوا بعض الشخصيات الجديدة للمضايقة والتنمر عبر الإنترنت. لقد اتّبعت أفلام حرب النجوم صيغة نمطية قيّدت قدرة المخرجين على تقديم ابتكارات جديدة للجمهور. وأسفرت تجربة شيء جديد عن رد فعل عنيف، لأن عشاق السلسلة لم يكونوا يبحثون عن أي شيء جديد.

وتُظهر تجربة عالم مارفل السينمائي استفادة السلاسل من التجارب المستمرة. ويبدو أن هذا الدرس كان ناجحاً خارج نطاق صناعة الأفلام أيضاً. على سبيل المثال، تُصدر شركة بيع الملابس الإسبانية "زارا" (Zara) مجموعات من الملابس الجديدة لفترة قصيرة استناداً إلى توجهات الموضة الحديثة التي غالباً ما تصدرها دور الأزياء الراقية. وبالتالي، يتوقع منافسو زارا زيارة زبائنهم لمحلاتهم مرتين أو ثلاث مرات في السنة، إلا أن شركة زارا تتوقع زيارة زبائنها لمحلاتها خمسة أضعاف هذا العدد في السنة، لأنهم يتوقعون أن تختلف العروض الجديدة عن التوجه المعتاد لأزيائهم.

4- تنمية فضول الزبائن

ومن أبرع ما تقوم به "مارفل ستوديوز"، إثارة اهتمام الزبائن الكبير بالشخصيات، وخطوط الحبكة، والعوالم الجديدة تماماً. إذ يبدو عالمها كلغز تدعو كل شخص إلى حله. ويصبح رواد السينما مشاركين نشطين في تجربة أكبر.

وتُنمي مارفل الفضول بعدة طرق. وتتمثّل إحدى هذه الطرق في إشراك الزبائن بشكل غير مباشر باعتبارهم منتجين مساعدين من خلال تفاعلات وسائل التواصل الاجتماعي. ويُعتبر هذا النهج متجذراً في تقليد مارفل الراسخ لدعم نمو مجتمعات المعجبين. ومن الأمثلة على ذلك رسائل التعليقات في الجزء الخلفي من الكتب المصورة. سمحت رسائل التعليقات هذه للمعجبين بالتعليق بشكل علني، وأتاحت لمنشئي المحتوى الرد على تعليقات المعجبين هذه. ودعماً لهذا التقليد، يقوم فافرو وغيره من مخرجي مارفل باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للبقاء على تواصل مع قاعدة الجماهير القوية للكتب المصورة، واستخلاص رؤى ثاقبة من غرف الدردشة والمنتديات.

كما تبني مارفل حماس المشاهدين للأفلام القادمة بشكل منهجي من خلال وضع "عناصر مخبأة" في أفلامها الحالية للإشارة إلى فيلم جديد في المستقبل دون الإفصاح عن محتواه. والمثال الأكثر وضوحاً هو المشاهد الشهيرة التي وضعت بعد خاتمة الأفلام. وقد عُرضت هذه المشاهد لأول مرة في نهاية فيلم "الرجل الحديدي". حيث قدّم فريق "شيلد" (S.H.I.E.L.D.) شخصية نيك فيوري التي مثّلها صامويل جاكسون، وهو ما أوحي للجماهير بأن الرجل "الحديدي" قد يكون جزءاً من عالم أكبر. وتقدّم الأفلام أيضاً عناصر وإشارات مموهة على الشاشة لا يلاحظها سوى المعجبين المتعصبين للفيلم. أو قد تقدّم خطوط القصص وتطور الشخصيات التي تُعرض عبر العديد من الأفلام والمنتجات. على سبيل المثال، يمكن رؤية "قفاز اللانهاية" في الجزء الرابع من فيلم ثور، وهو سلاح برز كثيراً في الفيلم التاسع عشر الذي أنتجته شركة مارفل، ألا وهو "المنتقمون: حرب اللانهاية". وقد حظي "صولجان تريبيونال الحي" الذي عُرض في فيلم "الطبيب الغريب" على القدر نفسه من الأهمية، وهو ما قد يُنذر بوجود شخصية جديدة تُدعى "تريبيونال الحي" في الأفلام القادمة. وفي فيلم "ثور: العالم المظلم"، تمتلئ السبورة بالمعادلات التي يُشير أحدها إلى سلسلة كتاب مصور حول قيام "الطبيب الغريب" بمحاصرة "هالك الخارق"، منذراً بحدوث تغير مفاجئ في الحبكة.

النجوم في عالم مارفل السينمائي

يوضح توزع الشخصيات الرئيسة عبر 22 فيلم روائي التوازن بين الاستمرارية والتجديد.

 

حصل فيلم "الرجل الحديدي" على حوالي 98 مليون دولار خلال الأسبوع الافتتاحي، وهو أول فيلم ينتجه عالم مارفل السينمائي.

حقق فيلم "النمر الأسود" أكثر من مليار دولار خلال 26 يوماً من عرضه في شهر فبراير/ شباط عام 2018.

حصل فيلم "الكابتن مارفل" الذي صدر في شهر مارس/ آذار عام 2019 على أكثر من مليار دولار في غضون ثلاثة أسابيع، ويُعتبر الفيلم أكثر الأفلام الذي يمتاز ببطولة نسائية ربحاً على الإطلاق.

ويُمنح محبو الكتب المصورة المخلصين إيماءات أخرى لا حصر لها، إلى جانب إشارات خفية وأخرى علنية لأفلام أخرى من داخل أو خارج عالم مارفل. ويُسارع النقاد والمعلقون إلى استخلاص الصور الأكثر وضوحاً، بما في ذلك استلهام من أفلام مثل "سارقو التابوت الضائع" (Raiders of the Lost Ark)، "والصقر المالطي" (The Maltese Falcon)، و"حرب النجوم" الواردة في  فيلم "حرّاس المجرة"، بالإضافة إلى العديد من التلميحات إلى أفلام "جيمس بوند" الموجودة في فيلم "النمر الأسود". وبالنسبة إلى المعجبين المتفانين، توفر مجموعة من المدونات والمواقع المتخصصة فرصاً للمزيد من المشاركة. على سبيل المثال، يضم فيلم "النمر الأسود" وحده عشرات المواقع من هذا القبيل، ويُتيح للأفراد التعليق على كل شيء، بدءاً من صور الكتاب المصور، والإشارات الصريحة، وحتى الأحذية الرياضية ذاتية الربط الموجودة في فيلم "العودة إلى المستقبل 2" (Back to the Future Part II)، بالإضافة إلى التلميحات إلى الثقافة الأفريقية، وأهمية المشهد الافتتاحي للفيلم في مدينة أوكلاند، وهي المدينة التي ترعرع فيها المخرج ريان كوجلر، ونشأت فيها مجموعة "النمر الأسود"، والإيماءات الخفية أو الصريحة إلى استقلال ويلز وجدار ترامب ضد المكسيك.

وتعمل المؤسسات الأخرى أيضاً على تنمية عوالم الابتكار من خلال الحفاظ على عنصري الغموض والفضول. وقد تولّدت فكرة العناصر المخبأة في لعبة الفيديو التي ظهرت عام 1979 بعنوان "مغامرة" (Adventure)، وتوسعت منذ ذلك الحين لتشمل ألعاب الفيديو الأخرى، والقصص المصورة، ووسائط الإعلام المنزلية، ومنتجات البرمجيات. كما تستخدم جوجل هذه الآلية لإثارة عنصر المرح بين موظفيها. واحتفلت مؤخراً بالذكرى السنوية العشرين لمحرك البحث الخاص بها مع سلسلة من العناصر المخبأة التي تحفز الحنين إلى الماضي.

كما تحفّز علامة "نايك" التجارية "جوردان" (Jordan) الفضول بطرحها ميزات مخفية في كل إصدار جديد من أحذيتها، مثل كتابة كلمة "جوردان" بلغة بريل على ألسنة الأحذية، ووضع نافذة تُظهر عينة من جذع الحذاء المصنوع من ألياف الكربون، واقتباسات حول التغلب على الفشل والمحفورة بالليزر على نعال الأحذية. في الواقع، تستخدم "نايك" العديد من الاستراتيجيات التي تستخدمها مارفل، والمتمثّلة في التفاصيل التي تربط المنتجات المختلفة ببعضها البعض، والحفاظ على السرية قبل إطلاق المنتج، ووجود شبكة مستهلكين واسعة النطاق على الإنترنت تُتيح لهم إبداء آرائهم، بينما تُتيح للزبائن في حالة نايك الوصول المبكر إلى أحذية رياضية تُنتج بأعداد محدودة.

تركز معظم طرق الحفاظ على الإبداع والابتكار على بناء ثقافة أو متابعة عملية ما. وتُعتبر هذه الأساليب مفيدة، بيد أنها تفوت حقيقة أساسية تتمثّل في فرض المنتج الناجح قيوداً على ما قد يتبع في العديد من السياقات. وتساعد مبادئ عالم مارفل السينمائي الشركات في تجاوز تلك القيود، على شرط أن تُطبّق بأكملها. إن اختيار المتمرس عديم الخبرة (المبدأ رقم 1) دون التزام قوي ومستدام بتغيير الصيغة (المبدأ رقم 3) وفريق أساسي دائم (المبدأ رقم 2) سيعيق الأفراد عن تأدية رغباتك. وبالمثل، يُسفر عدم الالتزام بتغيير الصيغة (المبدأ رقم 3) عن تقويض إمكانات تنمية فضول الزبائن (المبدأ رقم 4). ولا يمكن للعناصر المخبأة أن تعوض عن فيلم يتميّز بمحتوى نمطي، أو مُنتج ممل. وإذا نجحت شركة ما في تطبيق جميع هذه المبادئ في وقت واحد، ستتمكن من ببناء محرك ابتكاري مستدام ودائم التجديد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي