كيف يغير الذكاء الاصطناعي الوكيل القوى العاملة؟

7 دقيقة
وكلاء الذكاء الاصطناعي
فريق هارفارد بزنس ريفيو/أنسبلاش

يترافق نضج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بازدياد توافر ما يمكن تسميته بـ "العمالة الرقمية"، وبالتالي يتغير مفهوم القوى العاملة المؤهلة. أصبحت مجموعة أصحاب المواهب، التي كانت تتضمن في السابق البشر فقط، تحتوي أيضاً على وكلاء الذكاء الاصطناعي القادرين على أداء العديد من المهام التي اعتقدنا من قبل أنها غير قابلة للأتمتة. بالنتيجة، ووفقاً للرئيس التنفيذي لشركة سيلز فورس، مارك بينيوف، قد تصل قيمة السوق الكلية المتاحة للعمالة الرقمية قريباً إلى تريليونات الدولارات.

يتطلب ذلك إحداث تحول جذري في وجهات النظر. يبين بحث جديد نشره معهد تصميم البيانات الرقمية وكلية هارفارد للأعمال أن وكلاء الذكاء الاصطناعي يتحولون بسرعة إلى أكثر بكثير من مجرد مساعدين للعاملين البشر؛ إذ يتحولون إلى زملاء رقميين، وهي فئة ناشئة من أصحاب المواهب. لتحقيق أقصى استفادة من زملاء العمل الجدد هؤلاء، يجب على قادة أقسام الموارد البشرية والمشتريات الداخلية تصميم دليل إرشادي تشغيلي لدمج وكلاء الذكاء الاصطناعي في فرق العمل الهجينة. لن تنجح المؤسسات التي تخصص الوقت الكافي لذلك في تعزيز الكفاءة فقط، بل ستستفيد أيضاً من نوع أكثر مرونة وقابلية للتوسع من العمل التعاوني.

هذا يحدث بالفعل؛ فعلى سبيل المثال، أفادت شركة ديلويت أنها تستخدم وكلاء الذكاء الاصطناعي في عمليات المؤسسة كافة، وهذا يشمل استخدام وكيل على أنه خبير تسويق ينسق عدداً كبيراً من المهام التي تركز على تحسين رحلة العميل في موقعها. أعادت بعض شركات المواهب، منها شركة آر بوتينشال (المنبثقة عن شركة التوظيف العالمية العملاقة أديكو)، تصور نفسها لتشمل خدمة تزويد الشركات بأصحاب المواهب من البشر بالإضافة إلى أدوات الذكاء الاصطناعي.

يتطلب النجاح في هذه الظروف الجديدة أن تسعى الشركات بجد للتوصل إلى طرق لدمج الذكاء الاصطناعي في استراتيجياتها الخاصة بالعمالة. سيتمكن قادة أقسام الموارد البشرية والمشتريات الداخلية الذين يبادرون الآن لدمج الذكاء الاصطناعي الوكيل في استراتيجياتهم من التحكم في آليات الحصول على هذه الأدوات وهيكلتها وتنظيمها في شركاتهم، في المقابل سيخاطر القادة الذين يترددون في ذلك بتفويت فرص النمو الجديدة، أو الأسوأ أنهم سيخاطرون بمواجهة المشكلات غير المتوقعة المتعلقة بالامتثال والأخلاقيات والأداء. هذا مصدر قلق استراتيجي يرافق انتشار أي نوع من التكنولوجيا المزعزعة؛ إذ إن تجاهل هذه التكنولوجيا حتى تزول الضجة حولها ليس خياراً متاحاً، خاصة الذكاء الاصطناعي. يجب أن تعمل المؤسسات بجد على تصميم أنظمتها بطريقة تضمن أن تعمق قياداتها فهمها للآليات التي يجب تطبيقها للتكيف مع تغير العالم حولها.

ستواجه الشركات التي تتلكأ في تبني الذكاء الاصطناعي الوكيل صعوبات في جذب أصحاب المواهب الأكفأ من البشر؛ إذ سيتوقع مزيد من المرشحين أن توفر الشركات لهم أساليب عمل ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تزيد إنتاجيتهم وتعزز قدرتهم على الإبداع. في الوقت نفسه، ستتمكن الشركات المنافسة التي سارعت إلى تبني الذكاء الاصطناعي من دمجه مباشرة في نماذجها التشغيلية، ما يتيح لها التفوق في التوسع والتعلم من خلال زيادة الإنتاج دون الحاجة إلى المزيد من الموظفين. بالإضافة إلى ذلك، عندما تطالب المؤسسات الحكومية والمؤسسات الخاصة الكبيرة التي تشتري حلول الذكاء الاصطناعي بتطبيق سياسات وأطر حوكمة فعالة وقابلة للتدقيق في هذا المجال، ستجد المؤسسات التي لم تتبنه نفسها في وضع غير موات، ما يعني أنها قد تخسر العقود والشراكات المهمة. بالتالي، لا يؤدي التراخي إلى تفويت الفرص فحسب، بل إنه يعرض المؤسسات لمخاطر تجارية ملموسة.

7 إجراءات مهمة

اعتماداً على خبرتنا الجماعية في مجالي علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، وفي بيئة التوظيف المفتوحة والمتنوعة، وضعنا إطار عمل يمثل دليلاً توجيهياً يساعد فرق الموارد البشرية والمشتريات الداخلية على تصميم استراتيجية جديدة للقوى العاملة واختبارها وتوسيعها استناداً إلى فكرة فرق العمل الهجينة التي تضم البشر وأدوات الذكاء الاصطناعي معاً.

تخطيط مهام العمل والنتائج

الهدف النهائي هنا هو تفكيك كل دور أو مشروع إلى المهام والنتائج التي يتألف منها. تماماً كما تحدد كفاءات المرشحين البشر، يجب عليك تحديد المهام التي يستطيع وكلاء الذكاء الاصطناعي أداءها بكفاءة أو بسرعة أكبر أو بفعالية أعلى من حيث التكلفة. على سبيل المثال، قد تكون العمليات مثل التحقق من البيانات الضخمة أو مهام مراكز الاتصال التكرارية هي الأكثر ملاءمة للذكاء الاصطناعي. في الوقت نفسه، قد تكون الرؤى البشرية ضرورية في المهام التي تتطلب عمليات معقدة لاتخاذ قرار أو الإقناع أو الخبرة العميقة في مجال العمل، فتنفذها فرق عمل بشرية بالكامل أو هجينة. ما يجب أن تتذكره هنا هو أنك لم تعد تشتري العمالة فقط؛ فأنت تحاول تحقيق نتيجة قد تحصل عليها بالاستفادة من البشر وأدوات الذكاء الاصطناعي معاً. لذلك، عليك أن تفصل المهام بدقة قبل تحديد الموارد المناسبة من بشر أو وكلاء ذكاء اصطناعي حتى تتمكن من جمع المواهب اللازمة.

تقييم قدرات الذكاء الاصطناعي

من الضروري تحديد نماذج الذكاء الاصطناعي ومنصاته الأكثر توافقاً مع مهام مؤسستك وسير العمل فيها، وذلك من خلال إعداد جدول تصنيف داخلي لقدرات الذكاء الاصطناعي يتوافق مع الأدوار الشائعة في مؤسستك ليس فقط في مهام التحقق من البيانات أو مراكز الاتصال مثلاً، بل أيضاً في أدوار أخرى مثل تحليل التسويق ودعم العملاء وتنسيق الجدولة وما إلى ذلك. قد تتفوق النماذج اللغوية في صياغة النصوص التسويقية، لكن أداء وكلاء متخصصين في الرؤية الحاسوبية قد يكون أفضل في عمليات فحص الجودة في قطاع التصنيع. يجنبك إعداد فهرس للقدرات اتباع نهج واحد في الحالات جميعها. بالنسبة للمتخصصين في المشتريات الداخلية، يمثل هذا الفهرس طلب تقديم العروض لحلول الذكاء الاصطناعي؛ حدد النماذج التي يمكنك استخدامها لحل المشكلات وتعاون مع شركات التوظيف وتوريد التكنولوجيا التي أثبتت خبرتها في هذا المجال، وسيضمن ذلك ألا تدفع مبالغ مالية طائلة مقابل أدوات قد لا تلبي احتياجات الشركة.

دمج الفريق الهجين

إذا أردت أن تعمل الفرق الهجينة التي تضم الموظفين البشر وأدوات الذكاء الاصطناعي بكفاءة، يجب أن تحدد الأدوار بوضوح. احرص على وضع استراتيجية للقوى العاملة الهجينة تحدد فيها المهام الموكلة للذكاء الاصطناعي وتلك الموكلة للبشر بدقة، وآليات تحويل المهام من أحدهما إلى الآخر. على سبيل المثال، إذا تلقى أحد وكلاء الذكاء الاصطناعي المتخصص في خدمة العملاء شكوى بشأن خلاف معقد حول فاتورة يتعلق بمبلغ أعلى من عتبة معينة، فيمكن وضع قاعدة يوجه وفقها الوكيل المشكلة تلقائياً إلى متخصص بشري. يمكنك تعزيز الثقة عبر مؤسستك من خلال توثيق الأدوار والبروتوكولات وحالات نقل المسؤولية في سير العمل من طرف إلى آخر، وبذلك ستمنع حالات التضارب أو التكرار في العمل.

إعادة تصميم نموذج الأعمال ونموذج القوى العاملة

تتطلب إعادة التصميم هذه تصور طرق جديدة لاستقطاب أصحاب المواهب والاستفادة منهم، بمن فيهم الموظفون بدوام كامل والموظفون المؤقتون والمستقلون وأدوات الذكاء الاصطناعي. يمكنك فعل ذلك من خلال النظر في النماذج المتعددة المستويات مثل نموذج العمالة الرقمية المملوكة للعميل (أي عندما ترخص شركتك أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها أو تصممها، ما يعني تعيين موظفين رقميين في الشركة)، أو نموذج العمالة الرقمية المستأجرة (أي عندما تستأجر شركتك وكلاء الذكاء الاصطناعي من طرف ثالث، بطريقة تشبه التوظيف المؤقت التقليدي)، ونموذج أقسام الذكاء الاصطناعي الفرعية الخارجية (أي عندما تتعاون شركتك مع مورد يدير العمليات بالكامل، مثل تنفيذ الطلبات أو مهام مراكز الاتصال، باستخدام الذكاء الاصطناعي وفريق صغير من الخبراء البشر). احرص على أن تكون هذه النماذج متوافقة مع احتياجات شركتك المالية والاستراتيجية ومعايير الامتثال الخاصة بها. على سبيل المثال، قد يكون استخدام نموذج التأجير مثالياً في فترة الذروات الموسمية، في حين قد يكون نموذج الأقسام الفرعية الخارجية أكثر كفاءة في أداء المهام المتكررة ولكنها مهمة. لا تنس أن دورك هو دمج طيف واسع من أنواع العمالة وإدارته، ما سيتطلب وضع مؤشرات أداء رئيسية جديدة وتصميم هياكل التكاليف الجديدة التي تعكس السمات الاقتصادية الفريدة للعمالة الرقمية (مثل قابلية التوسع والتشغيل شبه الدائم وقابلية إعادة التدريب بسرعة) التي لا تتمتع بها العمالة البشرية.

وضع قواعد أساسية قانونية وأخلاقية

الهدف هنا هو التعامل على نحو استباقي مع مسائل التحيز والمسؤولية وحوكمة البيانات والآثار المجتمعية الأوسع نطاقاً للعمل المعتمد على الذكاء الاصطناعي. يمكنك فعل ذلك من خلال التعاون مع الفرق القانونية وفرق الامتثال والأخلاقيات لصياغة معايير على مستوى المؤسسة لاستخدام الذكاء الاصطناعي. يجب أن توضح هذه السياسات إمكانية تعلم أدوات الذكاء الاصطناعي من بيانات الملكية وكيف تتعلم منها، كما يجب أن تحدد طرق اكتشاف التحيز ومعالجته وآليات حماية المعلومات الشخصية أو الحساسة. إذا كانت مؤسستك عالمية، فمن المتوقع أن تضطر  إلى وضع مزيج من القوانين التي تختلف تبعاً للولايات القضائية. هذا مهم؛ إذ إن الهفوات الأخلاقية، مثل استخدام خوارزميات التوظيف التمييزية أو إساءة استخدام البيانات، قد تؤدي إلى أزمات تتعلق بالعلاقات العامة أو تخلق التزامات تنظيمية. يتخذ العديد من الحكومات إجراءات سريعة لسن التشريعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وستتمكن الشركات التي تصمم أطر العمل الجديدة على نحو استباقي وتعزز ثقافة الذكاء الاصطناعي في وقت مبكر من التكيف مع التشريعات المستقبلية والاستجابة لها على نحو أفضل بكثير من الشركات التي تتلكأ ثم تضطر إلى بدء العملية بعد صدور التشريعات.

استرداد القيمة باستمرار مع تطورها

يمكنك فعل ذلك على النحو السليم من خلال مراقبة الأداء باستمرار وقياس النتائج وتحسين فرق العمل الهجينة. فكر فيما هو أبعد من مجرد تطبيق الذكاء الاصطناعي مرة واحدة، وأنشئ حلقات الملاحظات لقياس الأداء وحدث بيانات تدريب الذكاء الاصطناعي وراجع استراتيجيات التوريد التي تطبقها. على سبيل المثال، إذا واجهت أداة جدولة المواعيد المعتمدة على الذكاء الاصطناعي على نحو متكرر مشكلات صعبة الحل تتطلب تدخل البشر، فقد تضطر إلى إخضاعها لتدريب أكثر تقدماً أو إلى زيادة الإشراف البشري. النهج التقليدي القائم على ضبط أدوات الذكاء الاصطناعي لمرة واحدة في التوظيف ليس فعالاً في هذه الحالة، فقيمة أدوات الذكاء الاصطناعي تزداد بمرور الوقت مع اكتساب المزيد من الخبرة من التفاعلات. تفاوض على اتفاقيات تعاقدية تتيح لك الاستفادة من الميزات المحسنة مع احترام حقوق الملكية الفكرية للمورد أو سيادة البيانات الخاصة بمؤسستك.

ركز على الإنسان

يغني الذكاء الاصطناعي الموظفين عن أداء جزء من المهام الروتينية العادية ويعزز أهمية المهام البشرية المرتفعة القيمة. لا يحافظ ضمان أن يتمكن الموظفون من أداء هذه المهام المهمة على المعنويات فحسب، بل يمنح مؤسستك قيمة تميزها لا تستطيع المؤسسات المنافسة تكرارها ببساطة. لذلك، عليك الاستثمار في طرق التدريب وتطوير المهارات التي لا تمكن الموظفين فقط من التكيف مع العمل مع الذكاء الاصطناعي، بل تتيح لهم أيضاً الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لزيادة أثرهم. ركز على القدرات مثل بناء العلاقات وصناعة القرار والإبداع، وهي مجالات لا يزال البشر يتمتعون فيها بأفضلية واضحة.

الاستعداد للتغيير الجذري

سواء اعتمدت عمالة الذكاء الاصطناعي مباشرة أو حصلت عليها من شركة توظيف أو منصة مواهب مفتوحة، اسأل نفسك هذه الأسئلة المهمة لإرشادك في وضع استراتيجيتك:

  • إذا دربت نموذج الذكاء الاصطناعي باستخدام بيانات شركتك، فلمن تعود ملكية القدرات الناتجة عن ذلك، لشركتك أم للشركة التي تملك نموذج الذكاء الاصطناعي أم لوكيل الذكاء الاصطناعي؟
  • هل هناك حاجة إلى تصميم إطار عمل قانوني جديد يشمل العقود الشبيهة بعقود التوظيف المخصصة لوكلاء الذكاء الاصطناعي، ومن يتحمل مسؤولية الأخطاء التي يرتكبها وكيل الذكاء الاصطناعي؟
  • هل هناك مسائل غير محلولة تتعلق بالرقابة وحقوق الملكية؟
  • هل هناك مبادئ توجيهية لتوزيع المهام على وكلاء الذكاء الاصطناعي والبشر، خاصة عندما تكون الاعتبارات الأخلاقية أو سمعة العلامة التجارية أو حماية الوظيفة على المحك؟
  • سؤال مفتوح للنقاش: كيف سيتطور تعريف العمل في حد ذاته عندما يصبح وكلاء الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من فرق العمل، ويكتسبون مكانة قانونية أو أخلاقية محتملة؟

ليس من الضروري أن تجيب عن هذه الأسئلة جميعها مقدماً، ولكن عليك أن تستخدمها على أنها دليل وتعيد النظر في الإجابة عنها على نحو مستمر. هذه ليست مخاوف مفترضة، بل نقاط انعطاف استراتيجية. المؤسسات التي تعالج هذه النقاط مبكراً هي التي ستحدث الأثر الأكبر في مستقبل العمل وستحدد من يتحكم في قيمته.

عندما تضع خططك المستقبلية، فكر في المبدأ التوجيهي المتمثل في التركيز على الإنسان. على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قادر على أداء العديد من المهام بسرعة أكبر من البشر، فإن مؤسستك ستظل تعتمد على الرؤى التي لا يستطيع سوى البشر تقديمها ومشاعر التعاطف التي لا يتمتع بها الذكاء الاصطناعي والعلاقات التي لا يستطيع سوى البشر تشكيلها. ستعزز فرصك في تحقيق النمو المستدام من خلال الحفاظ على هذا التركيز المزدوج؛ أي إطلاق العنان لقدرات الذكاء الاصطناعي لكن مع الحفاظ على قدرة البشر على الإبداع.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي