ملخص: مع عمل كثير من الموظفين عن بعد اضطرت الشركات لتبني سياسة "وقت العمل المرن" بطرق لم تخطط لها من قبل. فقد يقوم الموظفون الذين لديهم أطفال صغار بمعظم عملهم في الليل عندما ينام صغارهم، في حين يعمل آخرون في الصباح الباكر أملاً في أن يتمكنوا من إنهاء عملهم باكراً، وقد يبدأ البعض العمل في وقت لاحق من النهار وينتهي منه في وقت متأخر مساءً. هذا يؤدي إلى احتمال استمرار التواصل في جميع الأوقات، ولذلك يبدو "وقت العمل المرن" وكأنه "عمل مستمر طوال الوقت". تقدم المؤلفة طرق عملية لمعالجة هذه المشكلة. 1) حدد "ساعات التواصل". 2) عالج المشكلة على نحو مباشر. 3) قدم المبادئ التوجيهية لاستخدام قنوات التواصل. 4) سخر التكنولوجيا لخدمتك. 5) كن قدوة يحتذى بها في اتباع السلوك المرغوب.
من الطبيعي أن يدفعنا العمل عن بعد إلى اتباع سياسة "وقت العمل المرن" لاسيما في ظل جائحة "كوفيد-19". فقد يقوم الموظفون الذين لديهم أطفال صغار بمعظم عملهم في الليل عندما ينام صغارهم، في حين يعمل آخرون في الصباح الباكر أملاً في أن يتمكنوا من إنهاء عملهم باكراً، وقد يبدأ البعض العمل في وقت لاحق من النهار وينتهي منه في وقت متأخر مساءً.
إذا كانت أوقات عمل أفراد فريقك مختلفة فمن الممكن أن تصلك رسائل إلكترونية ورسائل نصية على مدار الساعة طوال النهار والليل وعطلة نهاية الأسبوع، ما سيؤدي بسرعة إلى بقائك في بيئة عمل تكون متاحاً فيها دائماً وتستمر بالعمل طوال الوقت. قد يكون ذلك ضرورياً في بعض القطاعات في أثناء هذه الفترة العصيبة، لكنه بالتأكيد ليس ضرورياً في جميع القطاعات وليس مناسباً لجميع الموظفين في أي قطاع كان. لكن ما أن يترسخ في ثقافة شركتك يصبح من الصعب بل من المستحيل أن تغيره لاحقاً. لكن وضع العمل المستمر طوال الوقت ليس مستداماً، فهو يزيد الضغط على الموظفين وسيحول شركتك سريعاً إلى مكان غير مقبول للعمل، حتى أنه من الممكن أن يدفع الموظفين الأكثر تفانياً في العمل إلى البحث عن وظائف أخرى.
أساعد عملائي في تطبيق سياسات تمنع هذه المشكلة منذ أعوام، لكنها أصبحت اليوم أكثر أهمية من ذي قبل بما أن الموظفين أُقحموا فجأة ومن دون استعداد في وضع العمل غير المألوف هذا. إذن، كيف يمكنك تلبية احتياجات موظفيك مع الاستمرار في حماية ثقافة شركتك والحفاظ على توازن الحياة والعمل لأفراد فريقك؟ يكمن السرّ في تبني سياسة وقت العمل المرن والتشجيع عليها مع تحديد "ساعات التواصل" بوضوح (مثلاً، من 8 صباحاً حتى 6 مساءً). وخارج إطار هذه الساعات يجب أن تشجع الموظفين على تفعيل وضع "عدم الإزعاج" على أجهزتهم واستخدام ميزة "مؤقت الإرسال" في برنامج البريد الإلكتروني كي لا يتم إرسال الرسائل إلا ضمن ساعات التواصل المحددة.
وإذا كان من الضروري إجراء أي عملية تواصل خارج إطار الساعات المحددة للتواصل بسبب حالة طارئة مثلاً أو مسألة حساسة تجاه عامل الوقت فلتكن عبر الاتصال الهاتفي أو الرسالة النصية. بهذه الطريقة يمكن للموظفين الاسترخاء وإغلاق جميع قنوات التواصل الأخرى كالبريد الإلكتروني وبرنامج "سلاك" وبرنامج المراسلة الفورية وغيرها. كما أن الاتصال الهاتفي أو إرسال رسالة نصية كفعل بحدّ ذاته يتيح للمرسل التفكير والتساؤل عن ضرورة التواصل مع الشخص الآخر وإمكانية تأجيله، وهكذا سيتمكن كل موظف من العمل في الوقت الذي يناسبه من دون الشعور بأن عليه العمل طوال الوقت من أجل التكيف مع أوقات الآخرين. يجب أن ندرك أن صعوبة هذه الفترة لا تنتقص شيئاً من أهمية فترة التوقف عن العمل. وفي الحقيقة، لن يتمكن فريقك من التعامل مع الضغوط المتزايدة على نحو جيد من دون الحصول على ما يكفيه من الراحة المتمثلة في فترات التوقف عن العمل.
معالجة مشاكل وقت العمل المرن
أقترح فيما يلي طريقة لتحسين احتمالات النجاح في تطبيق هذه السياسة:
عالج المشكلة على نحو مباشر
أولاً، اعترف صراحة بالمشكلة وشدد على أهمية فترة التوقف عن العمل. يمكن أن يكون ذلك في اجتماع عام افتراضي، فهذا النوع من الاجتماعات يساعد في الحفاظ على التواصل مع الجميع إذا كان فريقك يعمل عن بعد. كما يمكن للرئيس التنفيذي وأفراد الفريق القيادي الأعلى التحدث عن هذه الأمور في مقطع فيديو مسجل أو في بث مباشر. أوصي القادة بإجراء هذا النوع من التواصل على نحو دائم وتكرار الحديث عن أهمية فترة التوقف عن العمل. يمكن أن تكون الرسالة شيئاً مثل: "نؤمن بأن فترة التوقف عن العمل مهمة، ونوصي بأن تنتبهوا إلى عدد الساعات التي تقضونها في العمل وتحديدها بما لا يتجاوز 40 ساعة أسبوعياً. وبناء على دور كل منكم قد يكون من الضروري العمل لبضع ساعات إضافية، لكننا نتوقع منكم تمرير الأوقات التي تكونون فيها أكثر انشغالاً ضمن جدول العمل الأقل ازدحاماً، بل نشجعكم على ذلك".
قد تميل إلى الامتناع عن تقديم هذه التوجيهات الصريحة لاسيما إذا كانت الجائحة قد أثرت على مؤسستك سلباً، لكن ثق بأن آثارها طويلة الأجل على ثقافة المؤسسة ستكون إيجابية.
قدم المبادئ التوجيهية لاستخدام قنوات التواصل
ثانياً، أسس مبادئ توجيهية واضحة حول قنوات التواصل التي يجب استخدامها في كل حالة. يجب أن تستمر في تطبيق هذه المبادئ التوجيهية ودعمها حتى بعد رفع إجراءات الحجر المنزلي وعودة الموظفين للعمل في المكاتب. مثلاً، يجب ألا يستخدم البريد الإلكتروني إطلاقاً في حالات التواصل بشأن المسائل العاجلة أو الحساسة تجاه عامل الوقت، فهذه الحالات تضع البريد الإلكتروني ضمن فئة قنوات التواصل المتزامنة في حين أنه من غير الممكن أن يكون كذلك. إذ لا يمكن لأي أحد تفقد كل رسالة فور وصولها، ومحاولة فعل ذلك لن تجدي أي نفع وستؤدي حتماً إلى التوتر وزيادة عبء العمل والاحتراق الوظيفي في نهاية المطاف.
إذا استخدمت البريد الإلكتروني للتواصل بشأن مسائل عاجلة أو حساسة تجاه عامل الوقت فستجبر فريقك على تفقد كل رسالة جديدة فور وصولها إلى صندوق الوارد، وذلك يعني أن بعضهم سيضطرون لتفقده كل بضع دقائق. وهذا يمنعهم من أخذ فترة كافية للتوقف عن العمل ومن فعل أي عمل من أعمالهم المهمة بتركيز ومن دون مقاطعة، ومن المؤكد أن جميع أفراد فريقك لديهم عمل يتطلب تركيزاً متواصلاً يدوم أكثر من بضع دقائق!
يجب أن تأخذ "ساعات التواصل المحددة" في حسبانك عند وضع هذه المبادئ التوجيهية، وسأقترح عليك مثالاً للبدء. يجب أن تحرص على معرفة جميع الطرق التي يستخدمها أفراد فريقك للتواصل داخلياً وخارجياً وتكييف مبادئك التوجيهية وفقاً لها.
نوع التواصل | ضمن إطار ساعات التواصل | خارج إطار ساعات التواصل |
---|---|---|
البريد الإلكتروني | الطلبات الروتينية ومشاركة المعلومات | أجّل الإرسال أو استخدم ميزة مؤقت الإرسال |
أدوات التواصل التي يستخدمها الفريق ("سلاك" أو "تيمز" أو غيرها) | التواصل بشأن مسائل متعلقة بالمشاريع، التواصل الاجتماعي | تشغيل وضع "عدم الإزعاج" لدى الجميع |
مكالمة هاتفية، مكالمة فيديو | بناء العلاقات، مسائل حساسة أو معقدة | المسائل الحساسة تجاه عامل الوقت أو المسائل العاجلة فقط |
رسالة نصية | المسائل الحساسة تجاه عامل الوقت أو المسائل العاجلة فقط | المسائل الحساسة تجاه عامل الوقت أو المسائل العاجلة فقط |
المصدر: مورا توماس
سخر التكنولوجيا لخدمتك
فكر في استخدام حلول التكنولوجيا لمساعدتك في تعزيز السلوك المرغوب، مثل برمجة خادم الكمبيوتر المركزي في الشركة أو برمجة نظام البريد الإلكتروني كي لا يتم إيصال الرسائل الإلكترونية إلا ضمن إطار ساعات التواصل المحددة حتى وإن أرسلت في أي وقت آخر. تحقق من توفر "إعدادات شاملة" في أدوات التعاون التي يستخدمها فريقك تتيح تشغيل وضع "عدم الإزعاج" لدى الجميع خارج إطار ساعات التواصل المحددة.
كن قدوة يحتذى بها في اتباع السلوك المرغوب
أخيراً، يجب أن يكون القائد قدوة يحتذى بها في اتباع السلوك وإلا فلن ينجح. يجب على كل من يدير موظفين آخرين في المؤسسة بذل جهد لاتباع المبادئ التوجيهية بنفسه واتباع أسلوب مكافأة السلوكيات المرغوبة والحثّ على ترك السلوكيات غير المرغوبة وفقاً لهذه المبادئ. مثلاً، إذا قال المدير "شكراً لاستجابتك السريعة" لموظف قام بالرد على رسالة إلكترونية خارج إطار أوقات التواصل المحددة فسيوصل رسالة مختلطة وسيقوض المبادئ التوجيهية. وكل "سياسة" لا يلتزم القادة بها هي ليست سياسة أساساً. عندما لا يتبع القادة سياسة ما، فهم يضرون بالثقة ويتسببون بتآكل ثقافة المؤسسة لأن "السياسة الرسمية" ستصبح مختلفة عن "سلوك الجميع الفعلي".
مع دخول الشركات إلى الواقع الجديد الذي لم تخطط له ستؤدي النتائج غير المقصودة إلى تقويض ثقافة الشركة بسهولة. وإذا لم ننتبه جيداً لمميزات الواقع الجديد وتبعاته فستعود هذه النتائج غير المقصودة بآثار ضارّة يحتمل أن تدوم زمناً طويلاً. لم يفت الأوان بعد لتطبيق سياسات تفيد توازن الحياة والعمل بالنسبة لأفراد فريقك مع حماية ثقافة الشركة في نفس الوقت.