ملخص: العملية المعتادة لوضع الميزانية ليست مناسبة لأوقات عدم الاستقرار الاقتصادي؛ إذ تتطلب الفترة الراهنة إجراءات صارمة وليس عملية تقليدية. يوصي المؤلفان باتباع 4 خطوات كجزء من عملية وضع الميزانية لهذا العام: عدِّل نظام الإنذار المالي، واعمل على زيادة توليد النقد إلى أقصى حد، وضع سيناريوهات سلبية محتملة (لنفسك وللمنافسين)، ولا ترتكب الخطأ المتمثل في الاستنباط مما حدث العام الماضي.
ينذر العديد من المؤشرات الاقتصادية بالخطر. ويخبرنا 4 من كل 5 خبراء في عمليات التحول وإعادة الهيكلة أنهم يتوقعون حدوث ركود في منطقتهم، ويتوقع 3 من كل 4 حدوث تغييرات كبيرة في هيكل القطاع. تدخل الشركات موسم التخطيط ووضع الميزانية في فترة تسودها حالة شديدة من عدم اليقين وتتساءل إن كان تخطيطها سينجح أم لا، وهذه هي الفترة التي يمكن أن تسبق حدوث ركود كبير.
لا يُعد وضع الميزانية بالطريقة المعتادة مناسباً لمواجهة هذه الفترة. كما أن التقشف في الجانب الأدائي، حيث يتم إجراء سلسلة من التخفيضات الطفيفة مع تمني تحقيق ما هو أفضل، لن يكون كافياً. وقد تكون التوجيهات الناتجة عنه خطِرة. فالمطلوب الآن هو العمل.
إن خبرة شركتنا الطويلة والعميقة في مساعدة الشركات التي تواجه مشكلات بيّنت لنا عواقب الانتظار. وعلمتنا 4 دروس مهمة كان من الممكن أن تحمي العديد من تلك الشركات، وينبغي لكل شركة تطبيقها الآن، لأن حتى الشركات التي تبدو قوية تبحر هذا العام في بحر هائج وسط ضباب عدم اليقين.
عدِّل نظام الإنذار المالي
ترى غالبية الشركات الخطر بعد فوات الأوان. وأحد أسباب ذلك هو أن ميزانيات وحدات الأعمال عادة ما تتعقب الإيرادات والتكاليف، أي البنود الواردة في بيان الدخل، وليس البنود المتعلقة بالتدفقات النقدية أو الميزانية العمومية. يتم ربط الثلاثة معاً في أعلى مستوى في الشركة، ولكن ينبغي للمسؤولين عن الأرباح والخسائر رؤيتها أيضاً. إذ من المحتمل أن يكونوا أول مَن يكتشف البطء في الوفاء بالطلبات أو تزايد المخزون أو تأخُّر التحصيل، لكنهم يتجاهلون تكلفة رأس المال ونادراً ما ينظرون إلى الميزانية العمومية على أنها مصدر للأموال أو الوفورات. ونتيجة لذلك، غالباً لا يفهمون الأهمية الكبيرة لما يرونه.
أعِد تصميم خططك ومراجعاتك الشهرية والربع السنوية حتى يرى أي شخص يدير وحدة عمل جميع الجوانب الثلاثة لعملك: الربح والخسارة، والميزانية العمومية، والتدفق النقدي. اعرف أين تكون إيراداتك أكثر ضعفاً وما الذي سيَنتُج عن الانخفاض المفاجئ في الطلب. ما التكاليف المعرضة للخطر؟ وما الأصول التي ستتأثر؟ وما العلامات التي ستحذّرك؟
اعمل على زيادة توليد النقد إلى أقصى حد
في الأوقات العصيبة (أو حتى الغريبة) يكون "المال هو الملك". وينطبق هذا بشكل كبير عند ارتفاع أسعار الفائدة. لذلك، أدرِج مبادرات إدارة رأس المال التشغيلي ضمن خططك. تتضمن المشاريع التي تهدف إلى تحسين توليد النقد أشياء مثل تغيير كيفية إدارة الذمم الدائنة والمدينة وتقليل المخزون وتسريع التوزيع. حدد المبلغ الذي سيتم توفيره ومَن سيوفره، ثم راقب التقدم المحرز وما يصاحبه من توليد للنقد.
زِد أموالك عن طريق السحب من الخطوط الائتمانية. وافحص ما هو موجود في ميزانيتك العمومية. فهل من الأفضل لك امتلاك شاحنات أم تأجيرها؟ كم عدد أصول تكنولوجيا المعلومات التي لم يتم نقلها إلى السحابة بعد؟ من خلال تعهيد الأصول أو العمليات، يمكنك تحويل التكاليف الثابتة إلى تكاليف متغيرة، ما يسمح لك بزيادة حاجتك إلى النقد أو تقليلها.
ضع سيناريوهات محتملة
ما الذي قد يفعله الركود البسيط والمتوسط والشديد في أعمالك ككل وفي كل جزء منها؟ كن محدداً: ما الجوانب الأكثر تأثراً بالتضخم والانخفاض في الطلب وتَعَرقُل سلسلة التوريد؟ ما الإجراءات التي ستتخذها في كل حالة؟ ومَن الذي يجب أن يتخذها؟
ضع 3 سيناريوهات و3 استجابات يمكنك القيام بها على الفور. الاستجابة الأولى هي الاستجابة السهلة: الإجراءات التي تحافظ على النقد دون إحداث ضرر على المدى البعيد، مثل تجميد التوظيف والسفر وخفض الإنفاق التقديري وبعض أنواع الإنفاق التسويقي.
الاستجابة الثانية أشد ألماً، وهي الاستجابة التي يتم القيام بها إذا كان الركود حاداً أو إذا استمر لفترة طويلة نوعاً ما. وتنطوي على اتخاذ خطوات مثل تأخير إطلاق منتج جديد أو خفض الإنفاق الرأسمالي باستثناء عمليات الصيانة.
تتمثل الاستجابة الثالثة في إعداد دليل إرشادي لاجتياز الأزمات: الإجراءات التي يجب اتخاذها إذا وجدت الشركة فجأة أنها في مأزق كبير، مثل تسريح العاملين أو إجراء عملية إعادة تنظيم أو بيع الأصول أو أحد مشاريعها. بقدر استطاعتك، افعل الشيء نفسه فيما يتعلق بالمنافسين: ما الجوانب التي قد تكون الأكثر تضرراً بالركود؟ ما الذي يمكنهم فعله؟
جهِّز هذه السيناريوهات الآن، في الوقت الذي لا تحتاج إليها فيه. وبهذه الطريقة، إذا ساءت الأمور، فسيصبح السؤال هو "متى يجب اتخاذ الإجراء؟" وليس "ما الإجراء الذي يجب اتخاذه؟". ينبغي لك أيضاً أن تحدد مسبّقاً مؤشرات للوقت الذي يجب فيه القيام بكل استجابة، فهذا سيجعل من الصعب تجاهل التحذيرات. ثم استخدم المراجعات الشهرية والربع السنوية ليس فقط لتتبع الأداء من أجل التخطيط، ولكن أيضاً لإعادة التحقق من الأسس التي بنيت عليها الخطة. ففي البيئات السريعة الحركة، ما كان ناجحاً قبل 6 أشهر ربما لم يعد كذلك الآن. وهذا لا يعني أنك كنت مخطئاً، بل يعني أن الأوضاع تغيرت.
لا تستنبط مما حدث العام الماضي
ستحتاج إلى عرض فعال للتكاليف والإيرادات. فكر في مفهوم الميزانية الصفرية لفهم كيف تحقق الأعمال قيمة وما الجوانب التي لا تحقق قيمة فيها. يتبع معظم الشركات هذا النهج في بعض الأحيان فقط، لإزالة الحطام الناتج عن أوجه الإنفاق العادية. ولكنه يتمتع بقدرة هائلة على الكشف عن فرص لإجراء تغيير هيكلي وتقليل عبء العمل.
تعامل مع توقعات الإيرادات بدقة مماثلة. تركز غالبية الميزانيات على التكاليف أكثر من الإيرادات. (لهذا السبب عادة ما يتجاهل الرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية توقعات فريق المبيعات التي تُنذر بتقلبات لن يتحملوها أبداً في جانب النفقات). لإصلاح ذلك، ركز أولاً على العملاء الرئيسيين الذين يجب أن تجري معهم محادثات صريحة ومستمرة. وكما يجب أن تفعل في جانب النفقات، حدد مَن سيُجري كل تغيير في الإيرادات وكيف ومتى، كدليل (يجب تعزيزه قدر المستطاع) على الأرقام الواردة في الخطة. تتبع تلك التوقعات في المراجعات الشهرية والربع السنوية. ويمكنك إضافة المزيد من القيمة إلى تخطيط الإيرادات من خلال تحليل ربحية العميل. إذ غالباً ما يتسبب 20% من العملاء في خسارتك للأموال. لذا ينبغي للشركة المستقرة فحص قائمة عملائها وتقليصها بانتظام.
إن اتخاذ إجراءات "الآن" بشأن هذه التدابير الأربعة سوف يُعِدّك للأوقات العصيبة. وإذا أضفيت الطابع المؤسسي عليها، فإنها سترفع عملية التخطيط ووضع الميزانية إلى مستوى أعلى بكثير من معظم الشركات. فهي ستقدم ميزانية مصممة لاتخاذ إجراءات وليس للمراقبة فقط.
وإذا لم يحدث ركود، فستكون قد أنشأت أعمالاً أقوى وأجرأ، وبنيت احتياطياً مالياً جاهزاً ليكون بمثابة صندوق لتمويل الحرب.