استخدم هذه المصفوفة لتوزيع وقتك وطاقتك بحكمة بين عملك وتربية أطفالك

7 دقيقة
تربية أطفالك
shutterstock.com/REDPIXEL.PL
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: كيف تضمن أن تستثمر وقتك وطاقتك في تربية أطفالك بحكمة في أثناء موازنتك بين مسؤوليات العمل والمنزل في ظل ضيق الوقت، خصوصاً مع نمو الأطفال وتغير احتياجاتهم؟ يكمن الحل في التركيز على الأنشطة التي تكون مشاركتك فيها عالية (التي تحظى بتقدير كبير من أطفالك) وتتوافق مع شغفك (تجد فيها أكبر قدر من الدافعية والإلهام)، فذلك يتيح لك الاستفادة على النحو الأمثل من وقتك وطاقتك المحدودين. بمجرد تحديد الأنشطة ذات المشاركة والشغف العاليين، خصص لها وقتاً في جدول مواعيدك وتمسك به. من المهم مع مرور الوقت أن تحافظ على حوار مفتوح مع أطفالك لتضمن استمرار اندماجهم وتتكيف مع التغيرات فيما يقدّرون مشاركتك فيه. سيساعدك هذا النهج على تعزيز رضاك في العمل والحفاظ على علاقة وطيدة وهادفة مع أطفالك وهم يكبرون.

حضرت كارول إلى جلستنا التدريبية وقد بدا عليها الإحباط بوضوح؛ فهي تعاني ضغط الوقت دائماً بسبب عملها قائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات، وكانت بداية أسبوعها مرهقة. تقول: “أبذل قصارى جهدي لإنهاء عملي في وقت مبكر يوم الثلاثاء حتى أتمكن من حضور تدريب كرة القدم مع ابنتي المراهقة، ولكني أشعر بأنها لا تقدّر حضوري. أنا في حيرة من أمري حول ما يجب أن أفعله؛ فإذا لم أحضر التمرين أحياناً أشعر بالذنب، وعندما أبذل جهداً لحضوره أشعر بعدم التقدير. أخسر في الموقفين كليهما”. تقر كارول بأن هذا الإحباط المتزايد يجعلها مشتتة ويقلل اندماجها خلال اليومين التاليين في المنزل والعمل على حد سواء.

أسمع مثل هذا السيناريو مراراً وتكراراً من عملائي من الآباء الموظفين، وقد واجهته بنفسي أيضاً. في الواقع، نحن نضع لأنفسنا معايير عالية لنكون فعالين وناجحين في العمل وفي المنزل بصفتنا آباء، ونسعى جاهدين لتحقيق الاستفادة القصوى من وقتنا المحدود، لكن سوء إدارة الوقت في أي من المجالين يمكن أن يشعرنا بالفشل مرتين.

على الرغم من أن السنوات الأولى من تربية الأبناء قد تكون متعبة، ففهم احتياجاتهم وتلبيتها وهم صغار أسهل؛ يمكن اختصار احتياجات الأطفال الحديثي الولادة في قائمة قصيرة تبدأ بالطعام والرعاية والحب، ونحن نوفر ذلك كله فعلياً. ولكن بمجرد التحاقهم بالمدرسة والتقدم في سن المراهقة، يزداد تعقيد دور الآباء وقدرتهم على تلبية احتياجات أطفالهم على أفضل وجه. إذاً كيف نضمن أن نستثمر وقتنا وطاقتنا في تربية أطفالنا بحكمة في أثناء موازنتنا بين مسؤوليات العمل والمنزل في ظل ضيق الوقت، خصوصاً مع نمو الأطفال وتغير احتياجاتهم؟ يبدأ الأمر بالإجابة عن سؤالين أساسيين.

حدد مشاركاتك وشغفك في دورك التربوي

بدلاً من الشعور بعدم التقدير أو الذنب بشأن الوقت الذي تقضيه أو لا تقضيه مع أطفالك، يمكنك إدارة وقتك وطاقتك في تربية أبنائك مقدماً؛ اقترحت على كارول تجربة نهج أوصي به القادة في العمل، وهو تحديد الأولويات على أساس المشاركة والشغف من خلال التفكير في أحد أطفالك والإجابة عن الأسئلة الآتية:

  1. المشاركة: ما الأنشطة التي أشارك فيها أو المهام التي أؤديها أو أنواع الدعم التي أقدمها التي يقدّرها طفلي أكثر من غيرها في الوقت الحالي؟ (أجب عن كل طفل على حدة).
  2. الشغف: ما الأنشطة أو المهام أو أنواع الدعم التي تمنحني أكبر قدر من التحفيز أو الإلهام أو الطاقة في دوري والداً؟

يمكنك استخدام المعيارين السابقين لإنشاء مصفوفة رباعية، ثم استخدم هذه المصفوفة لتوجيه قراراتك حول كيفية تخصيص أوقات ممارسة دورك أباً أو أماً.

الربع الأول: مشاركة عالية/شغفٌ كبير

هذه هي المنطقة المثالية لوقت الأبوة، إذ تضيف الأنشطة في هذا الربع قيمة لطفلك وتمنحك دفعة من الطاقة. أدركت كارول بعد إجابتها عن هذه الأسئلة أن أفضل أوقاتها مع ابنتها تضمنت أنشطة شاركت فيها هي وابنتها واستمدت منها الشغف، بما فيها اهتمامهما المشترك بالتكنولوجيا، أو الخروج للركض معاً، أو البحث في المجالات التي تهتم ابنتها بها؛ هذه هي الأنشطة التي يحدث فيها الترابط الحقيقي بين الآباء والأطفال. قررت كارول إعطاء الأولوية في وقتها مع ابنتها للأنشطة التي تقع في الربع الأول.

الربع الثاني: مشاركة عالية/شغفٌ منخفض

التعامل مع الأنشطة في هذا الربع صعب في الواقع لأن لأطفالنا احتياجات قد تستنفد طاقتنا. لا يكمن الحل في التوقف عن هذه الأنشطة تماماً، بل في العثور على طرق لتقليل استنفادها لطاقتنا أو تحديد الموارد التي يمكن أن تساعدنا. على سبيل المثال، أدركت كارول أن ملء استمارات مدرسة ابنتها يرهقها، لكن زوجها لم يكن يمانع أداء ذلك بدلاً عنها. قارنت كارول هي وزوجها مشاركاتهما وشغفهما وبحثا عن المجالات التي تتطابق فيها أنشطة الربع الثاني من مصفوفتها مع أنشطة الربع الأول من مصفوفته، والعكس أيضاً. يمكن للموظفين من الآباء والأمهات الذين لديهم من يساعدهم في تقديم الرعاية أن يحسنّوا إدارة مواردهم على نحو أفضل.

الربع الثالث: مشاركة متدنية/شغفٌ كبير

تتطور اهتمامات الأطفال واحتياجاتهم بمرور الوقت دائماً. يمثل الربع الثالث مأزقاً حقيقاً للآباء لأننا غالباً ما نجد أنفسنا منخرطين في أنشطة أو اهتمامات لدينا شغف كبير بها لكن أطفالنا لا يقدّرونها في الواقع، والأسوأ من ذلك أننا نضغط دون قصد على أطفالنا للمشاركة في نشاط ما لمجرد أنهم يعلمون أننا نهتم به.

وبالتالي من المهم أن نعمل بانتظام مع أطفالنا على التحقق مما يقدّرونه في مشاركاتنا وما يطرأ من تغيرات مع تقدمهم في السن. بصفتي أماً موظفة، لدي طقس سنوي أجلس فيه مع ابني في بداية كل عام دراسي وأطلب منه أن يعدد أهم 3 أنشطة أفعلها بصفتي أماً ويقدّرها أكثر من غيرها. عندما كان أصغر سناً، كنا نضع قائمة بالأنشطة جميعها التي نمارسها معاً وأطلب منه أن يضع علامة بجانب الأنشطة الثلاثة المفضلة لديه، والآن بعد أن أصبح أكبر سناً، أصبحت محادثتنا أكثر انفتاحاً، إذ أقارن أهم 3 مشاركات ذات قيمة له مع أهم 3 أنشطة لدي شغف بها لمحاولة تحقيق التوازن المثالي.

كان من المذهل بالنسبة لي رؤية كيف يتغير هذا التوازن المثالي لكلينا على مر السنين. كانت أكثر الأشياء التي يقدّرها وأستمتع بها شخصياً، حتى عندما كانت لدينا مربية، هي رحلتا الذهاب إلى المدرسة والعودة منها بصحبتي وحضوري تمرين الكاراتيه معه ومرافقته إلى الفراش وقت النوم، أما الآن وهو في سن المراهقة، فهو لا يقدّر أن أصحبه في طريق الذهاب إلى المدرسة أو العودة منها، بل يفضل ألا أفعل ذلك أساساً، ولكنه بات يقدّر حضوري بطولات الكرة الطائرة المهمة التي يشارك بها في عطلات نهاية الأسبوع، خصوصاً التي تقام خارج المدينة.

على هذا النحو، ومن خلال مواكبة احتياجاته واهتماماته الحالية بدلاً من التمسك باهتماماته واحتياجاته السابقة، يمكنني أن أضمن البقاء في الربع الأول من المصفوفة بفعالية بدلاً من الانجراف إلى الربع الثالث.

الربع الرابع: مشاركة متدنية/شغفٌ منخفض

عندما يكون الآباء مشغولين للغاية أو يحاولون التعامل مع المهام جميعها، قد يجدون أنفسهم منخرطين تلقائياً في أنشطة لا تثير شغفهم أو لا تضيف قيمة لأطفالهم. ويسهل أن يقعوا في مزلق الروتين والافتراضات وتكرار الأنشطة نفسها دون التحقق من أنها ما زالت تضيف قيمة أو تتماشى مع شغفهم. يمكن أن يؤدي ذلك إلى مواقف محبطة مثل الموقف الذي واجهته كارول في تمرين ابنتها في كرة القدم، إذ اعتادت حضور تمرين ابنتها يوم الثلاثاء على الرغم من معرفتها أن ذلك لم يعد يقدم أي قيمة ولا يثير الشغف لأي منهما.

إذا اكتشفت أنك في الربع الرابع، فمن الأفضل التوقف عن هذه الأنشطة التي لم تعد تقدم قيمة لك أو لأطفالك والاستفادة من وقتك الثمين في شيء آخر.

ادمج خطتك في جدول مواعيدك

فهم أرباع المصفوفة الأربعة ليس سوى الخطوة الأولى، إذا لم تكن لديك خطة لترجمة رؤيتك إلى أفعال فستضيّع قائمة مهامك الطويلة نواياك الحسنة لقضاء وقت أفضل مع أطفالك. استفد من جدول مواعيدك لجدولة أنشطة الربع الأول والمحافظة عليها.

احجز فترات زمنية مسبّقاً

احجز مسبّقاً وقتاً في جدول مواعيدك للمناسبات المدرسية المهمة مثل المسرحيات أو الاجتماعات مع المعلمين بمجرد توافر مواعيدها. هذا الإجراء ليس مثالياً دائماً، إذ ستتداخل رحلات العمل أو المواعيد النهائية معه، لكن التخطيط المسبّق سيتيح لك إجراء محادثة صادقة مع طفلك مقدماً إذا لم تتمكن من الحضور.

استخدم الألوان

يمكن أن يساعدك تعيين ألوان مختلفة للأنشطة في جدول مواعيدك على معرفة كيف تقضي وقتك على مدى فترة أطول. استخدمت كارول اللون البرتقالي لتمييز أنشطة الربع الأول التي تمارسها مع ابنتها، ما ساعدها على مراقبة خط الاتجاه العام للوقت الذي تقضيه معها على مدى فترة زمنية طويلة بدلاً من التركيز على تحقيق توازن مثالي كل أسبوع. ليس الغرض من الترميز اللوني توليد شعور بالذنب لديك (الذي يشعر به الآباء الموظفون غالباً)، ولكن ليكون تذكيراً يمكن أن يساعد الآباء على التكيف بحسب الحاجة.

احرص على استمرار التواصل الفعّال

حتى مع أفضل الخطط أو الاستراتيجيات لإدارة وقتك مع أبنائك، فمن المهم أن يستمر الحوار الإيجابي معهم لتحافظ على مشاركتهم وتتكيف مع التغييرات.

خطِّط للمستقبل مع عائلتك

اجتمع مع عائلتك بانتظام على مدار العام لمراجعة الأحداث المقبلة في جدول المواعيد. بالنسبة للعائلة التي فيها أبناء أكبر سناً، يمكنك تحديد يوم ووقت مثل صباح يوم العطلة على الإفطار ليتفقد الجميع أجهزتهم وجداول مواعيدهم واستعراض أحداث الأسبوع المقبل. يمكن أن يكون هذا الإجراء مفيداً جداً للعائلات التي تضم عدة أطفال، إذ يمكن أن يتنافس الأشقاء على وقت الوالدين واهتمامهما، فيضمن اتباع هذا الأسلوب توزيع وقت الوالدين عليهم بطريقة عادلة.

بالنسبة للعائلات التي تضم أطفالاً أصغر سناً، يمكن استخدام وسائل مرئية مثل جداول المواعيد الجدارية أو اللوحات البيضاء الكبيرة مع صور تشير إلى وقت عمل الوالدين أو الالتزامات الأخرى، لأن أكثر ما يعانيه الأطفال عادة هو عدم اليقين وعدم الاتساق في مواعيد حضور الوالدين في المنزل أو غيابهما عنه.

ناقش الأمر مع أبنائك

يمنحنا التحدث بانتظام مع أبنائنا حول المكان الذي نقضي فيه وقتنا وطريقة قضائه فرصة لنكون قدوة في التواصل الفعال وممارسات إدارة الوقت. إذا كان مقدار الوقت الذي تقضيه (أو لا تقضيه) مع أبنائك يسبب عائقاً لتقدم عائلتك، فمن الأفضل إجراء محادثة حول الأمر بدلاً من تجاهله أو ترك المشكلة تتفاقم. اطلب من أبنائك المشاركة بفعالية في حل المشكلة للعثور على طرق مرضية أكثر لقضاء الوقت معاً، ودعهم يرونك تطلب المساعدة من أفراد الأسرة الآخرين أو الجيران أو زوجتك عندما تواجه صعوبة في إدارة الوقت.

شعرت كارول في نهاية المطاف بمزيد من السيطرة والفعالية عندما أصبحت تتخذ قراراتها المتعلقة بالوقت الذي تقضيه مع ابنتها على نحو مدروس أكثر. أحد القرارات التي اتخذتها بالاتفاق مع ابنتها هو التوقف عن مغادرة العمل مبكراً لحضور تدريبات كرة القدم، واقترحت عليها ابنتها بدلاً من ذلك أن تستغل ذلك الوقت للتركيز على عملها ثم تأتي لاصطحابها بعد ذلك. وقد أعربت ابنتها عن أن ما تقدّره الآن وهي مراهقة كان الوقت الذي تقضيه في السيارة مع أمها بعد التدريب، حيث يمكنهما التحدث عن يوميهما بأقل قدر من التشتيت.

ما أطمح إليه أنا والآباء الموظفون جميعهم مثل كارول هو أن تساعدنا الممارسات الموضحة في هذه المقالة على اكتساب المزيد من الثقة في إدارة وقتنا وتخفيف الشعور بالذنب بشأن التخلي عن بعض الأنشطة التي لا نملك الوقت الكافي لها. يمكن أن تعزز هذه التغييرات رضانا في العمل وتساعدنا في الحفاظ على علاقة وطيدة وهادفة مع أطفالنا وهم يكبرون.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .