ما مدى معرفتك بالعمليات الشاملة لمؤسستك؟ أو قنوات التواصل؟ أو عمليات صنع القرار؟ أو عمليات التسليم والتنسيق؟ أو الحدود السياسية؟ وإذا نظرت عن كثب، هل ترى استراتيجية مدروسة أم نتائج سنوات طويلة من الترقيع والحلول البديلة والهدنات السياسية والأنظمة المعدلة؟
والآن تخيل أنك حصلت على صلاحيات لا محدودة لتشذيب مؤسستك، بمعنى آخر، إعادة تصميم العمليات لتكون أكثر فاعلية وكفاءة وتركيزاً على إنجاز الأمور. هل سيغير ما سبق من كيفية رؤيتك لجهودك ومسؤولياتك الحالية؟ وما الذي يمكن أن يحدث لدوافعك عندما ترى مهامك في سياق هذه الآلة الكبيرة والمعقدة ذات الحاجة إلى إعادة تصميم؟
برزت هذه الأسئلة من دراسة أجريتها حول ستة فرق مشاريع كُلفت بإعادة تصميم العمليات في مؤسساتها. وكانت مهمة كل فريق متمثلة في إنشاء نموذج تشغيلي جديد يهدف إلى تغيير العمليات الدورية اليومية للمؤسسة جذرياً. وكان من المتوقع عودة الجميع إلى مهامهم اليومية بمجرد الانتهاء من المشروع.
لكن مع انتهاء تلك المشروعات وحل الفرق، ظهر لغز، إذ عاد بعض أعضاء تلك الفرق إلى وظائفهم السابقة ضمن المؤسسة، كما كان مخططاً له من قبل الإدارة العليا، في حين استقال آخرون من وظائفهم ليتخلوا عن سيرة مهنية ناجحة ومرضية متمثلة للعمل في منصب تغيير تنظيمي في مكان آخر. وشغل العديد من المستقيلين وظائف جديدة متصلة بالتطوير التنظيمي مثل: العمل في "سيكس سيغما" (Six Sigma)، أو إدارة الجودة الشاملة (TQM)، أو إعادة هندسة العمليات التجارية (BPR)، أو المشروعات الرشيقة، في حين تولى آخرون مناصب تعاقدية مؤقتة لإدارة فرق هندسة العمليات التجارية ضمن مؤسساتهم أو لدى مؤسسات أخرى.
وكانت تلك الاختيارات مفاجئة، على اعتبار أن عمل الفريق الناجح أدى إلى نيل أعضائه سمعة عطرة تجعلهم يعودون إلى وظائفهم مع نظرة مميزة تجاههم أو نيل عمليات نقل أو عروض ترقية جذابة. لكن ما حدث هو أنهم انتقلوا من مسارات وظيفية مستقرة نسبياً ومهام يتقنونها إلى مناصب ومهام جديدة غالباً ما كانت أقل استقراراً.
وأصبحت محاولة فهم اختيارات أولئك الأشخاص بعد إنجاز مشروع مثل ما سبق محور دراستي. فمن خلال تحليلي لشهادات المدراء – التي شرحوا فيها قرارهم بالانتقال من مناصب مركزية إلى أخرى فرعية – وجدت أن شهاداتهم دارت حول شعور جديد بقدرتهم على إجراء تغيير حقيقي. بمعنى آخر، الانتقال من مناصب إدارية مركزية إلى مناصب فرعية، الأمر الذي أعطاهم القدرة على رؤية النظام المعقد عن بُعد والأمور الواجب إعادة تصميمها لمنح المؤسسة قيمة عظيمة وطويلة المدى.
وكان هذا الاكتشاف مهماً لسببين، الأول، لتحديه فكرة راسخة حول الأشخاص القادرين على إحداث تغيير كبير في المؤسسات، إذ كانت الفكرة السائدة هي أن الموظفين القابعين في موقع مركزي، أي أعلى الهرم وعلى مقربة من العمليات الأساسية، هم الأكثر احتمالية لتحدي الوضع الراهن مقارنة بالموظفين الموجودين على الأطراف. ويعود ذلك إلى حد كبير إلى أن لدى الموظفين على الأطراف الكثير على المحك (مكاسب أو خسائر) جراء أي تغيير تنظيمي جذري. ويوضح هذا البحث أنه، ولدى منح الموظفين ذوي الموقع المركزي الفرصة، قد يحتمل أن يقومون هم أنفسهم بالدفع من أجل التغيير، لكن خلال قيامهم بذلك، قد يرون أيضاً أن مناصبهم السابقة باتت أقل أهمية وفائدة عما كانوا يتصورونه سابقاً. ويشير هذا إلى أن على المؤسسات أن تكون أكثر كفاءة في إعادة دمج المدراء التنفيذيين الذين عملوا في مهام إعادة التصميم التنظيمية في مهام مختلفة إن أرادت منهم عدم الاستقالة والمغادرة.
أما الأمر الثاني، والأكثر أهمية، فهو أن لدى الموظفين المتفانين ذوي الأداء العالي فكرة مفادها أن النظام الذي يعملون ضمنه سيحول مهامهم اليومية إلى إنجازات أكبر وبعيدة الأثر، بمعنى آخر، سيحقق عملهم اليومي مكاسب تفيد المؤسسة بأكملها. وفي حال رأى الموظفون العكس، سيغدو من الصعب عليهم العودة إلى مناصبهم الأساسية في النظام الحالي.
فرق المشروع
وبهدف إجراء هذا البحث، قمت بتحليل أنشطة ستة فرق مشاريع ضمن خمس مؤسسات. وكان العدد الإجمالي لأفراد تلك الفرق 52 فرداً (شارك منهم 48 في هذه الدراسة)، وكانوا مكلفين بمشاريع من قبيل: إعادة تصميم منتج رئيس أو خدمة عملاء أو معالجة مطالب عملاء. وكانت أربع من هذه المؤسسات ضمن قائمة فورتشن لأفضل 500 شركة في مجالات الموارد الطبيعية والتقنيات المتقدمة والمنتجات المعمرة والسلع الاستهلاكية، في حين كانت الخامسة شركة تأمين إقليمية متوسطة الحجم. ولن أصف فحوى المشاريع نفسها بغرض الحفاظ على السرية.
ونظراً للمسؤوليات الكبيرة الواقعة على عاتق تلك الفرق، قام قادتها باختيار الأعضاء بعناية بالغة، مستخدمين بشكل عام ثلاثة معايير رئيسة. أولاً، اختار قادة الفرق الموظفين الأفضل أداء - "المتميزين والمتألقين" بحسب تعبيرهم. ثانياً، أراد القادة موظفين ذي مصداقية ورأي، بمعنى آخر، "شخص متشكك في طبيعته، ويتساءل حول كل شيء، ويصعب عليه الاقتناع بلا أدلة، وعادة ما يقوم بالتعبير عن ذلك بوضوح". ثالثاً، اختار القادة أفراداً ذي خبرة وتجربة بالمهام التي كلفوا بإعادة تصميمها. وتطلب تأمين مشاركة هؤلاء الموظفين مفاوضات مكثفة مع رؤسائهم.
وكان الموظفون المختارون، إضافة إلى ما سبق، ذي أقدمية كبيرة ومكانة وظيفية مهمة وتحصيل علمي كبير. وكانوا في المقام الأول موظفين في الفئات الإدارية المختلفة، ونصفهم ضمن مراتب إدارية عليا. وكانت أعداد الرجال والنساء متقاربة في كل فريق، كما بلغ متوسط الأقدمية حوالي 14 عاماً في تلك الفرق.
قمت بجمع بياناتي من خلال المقابلات والملاحظات، فضلاً عن قيامي أيضاً بتحليل الوثائق التي أنشأتها تلك الفرق (أنشطة الفريق وأهدافه وخطط المشروع والبيانات وآراء أعضائه). كما قمت أيضاً بدراسة الخطط أو الخرائط الخاصة بجميع الأنشطة والموارد التي ساهمت في إنتاج سلعة أو خدمة: ما هي أنشطة العمل؟ من الذي قام بالعمل؟ ما هي التفاعلات وعمليات التسليم؟ ما المعلومات والأدوات المستخدمة؟ كم من الوقت استغرق كل نشاط في العمل؟ ماذا حدث عندما تم العثور على أخطاء؟ وقام المشاركون، بهدف جمع هذه المعلومات، بتتبع سلسلة الأنشطة الكاملة لمنتج أو معالجة مطالبة عميل أو جذبه والاحتفاظ به. كما اطلعوا على عمل بقية الموظفين عن كثب وأجروا محادثات معهم حول مهامهم.
أخيراً، ولإنشاء سياق لتجارب أعضاء الفريق، قمت أيضاً بمقابلة الرعاة التنفيذيين أو أعضاء اللجنة التوجيهية أو قادة المشروع.
ماذا حدث عندما تعلمت الفرق كيف تعمل مؤسساتها فعلياً؟
كان ما تعلمه أفراد تلك الفرق هائلاً إلى حد كبير، على الرغم من أنهم كانوا مدراء مطلعين في الأساس. وكما يقول أحدهم، "كان مثل أول شروق شمس لي... لقد رأيت الصورة الأكبر". ولم يسبق لهم أن شاهدوا الأجزاء – أي الوظائف والتقنيات والأدوات والروتين – متراصة معاً هكذا، وأدركوا ضيق نظرتهم السابقة ومحدوديتها. ووفقاً لعضو في إحدى الفرق، "كنت أرى فقط الأشياء الواقعة تحت نطاق سيطرتي".
ويعتبر قصر النظر هذا أمراً شائعاً للغاية لثلاثة أسباب. أولها، نحن نولي اهتماماً محدوداً لكيفية تصميم وتشغيل المؤسسات التي نعمل بها ككل أولها، نحن نولي اهتماماً محدوداً لكيفية تصميم وتشغيل المؤسسات التي نعمل بها ككل أثناء قيامنا بوظائفنا وبناء سيرنا المهنية، ونركز بدلاً من ذلك في الغالب على مهامنا اليومية، ونتفاعل بشكل أساسي مع الأشخاص اللازمين لإنجاز هذا العمل. ثانياً، لا تطلب المؤسسات طواعية في العادة أن يتم تشريحها، وخاصة في المؤسسات الكبيرة والمعقدة، حيث يولد تقسيم العمل والحدود الوظيفية والسلطة المركزية وجهات نظر جزئية وقصر النظر. وثالثاً وأخيراً، يختلف ما نعرفه عن عمل الأنظمة بشكل كامل عما قد نعرفه من خلال عملنا ضمن تلك الأنظمة. فقد نكون ماهرين في أداء مهام معينة دون أن ندرك كيف تقوم المؤسسة بصياغة ما نقوم به وتشكيله.
كما أظهرت خرائط المؤسسة التي أنشأها فرق المشروع افتقار مؤسساتهم بشكل عام إلى تصميم هادف ومتكامل ذي مراقبة وإدارة مركزية. قد يكون لدى المؤسسة تصميم مثل هذا في بداية إنشائها، ولكن مع نموها أو تكيفها مع الأسواق المتغيرة، أو قدوم قيادة جديدة، أو إنشاء أقسام أو إلغاءها، تتلاشى هذه الرؤية المفعمة بالحيوية، ويبدأ التصميم الأصلي بالتآكل أو التضخم بخطط إضافية أو بديلة. يقول أحد المدراء إن كل ما كان يراه هنا "حدث جراء مشكلات محددة طرأت، وبناء على حاجة، ثم تم ربط الأمور ببعضها البعض. قطعاً لم تنشأ هكذا بالكامل من الصفر".
ووصف مدير آخر كيف ساهمت الإجراءات المحلية المرتجلة في المشكلات الملاحظة على المستوى التنظيمي:
"إنهم يرون المشاكل، والنهج العام، والنهج الإنساني، ويحاولون إصلاح ذلك.... حاولت الوظائف تقديم حلول ترقيع لكل قضية تبرز. وكان يبدو ذلك جيداً للوهلة الأولى، لكن مع تراكم الطبقات، تبدأ المؤسسة في الاختناق. لكنهم لا يرون ذلك لأنهم لا يرون سوى آفاقهم المحدودة".
وأخيراً، وعند تحليل آلية عمل معينة، أوضحت مديرة أخرى أنها :"افترضتُ قيام شخص ما بهذه [الآلية] عمداً، لكنها لم تكن كذلك، بل كانت مجرد سلسلة من الأحداث العشوائية تراكبت معاً بطريقة ما".
وفي النهاية، أدرك المدراء أن ما نسبوه سابقاً إلى قوى بيروقراطية مركزية كان في الواقع رقعاً من هنا وهناك وقرارات غير منسقة للأشخاص عبر أطراف المؤسسة المختلفة. وكان الجميع يعملون ضمن الجزء المألوف لهم من المؤسسة، مفترضين وجود جهة أخرى ترى الصورة الأكبر وتقوم بتنسيق تلك الأمور في نظام أكبر لتحقيق الأهداف والحفاظ على عمل المؤسسة. لكن في حقيقة الأمر، لم يكن ثمة جهة تبحث في الواقع عن الروابط بين مهام الناس اليومية المختلفة ضمن المؤسسة.
ماذا حدث عندما تم حل تلك الفرق؟
وصف المشاركون رؤاهم الجديدة التي نالوها من اطلاعهم على تصميم وإدارة مؤسستهم بأنه "نقطة تحول"، مع وصف بعضهم الأمر بأنه "لحظة إلهام". وكشف ذلك عن أمرين: وجود العديد من الفرص لتحسين المؤسسة، وأيضاً أن عملهم ضمن التصميم الحالي كمدراء ذوي مسؤوليات محدودة قد يكون مضيعة لجهودهم. بشكل عام، غير ما سبق تقييمهم للمكان - أي المناصب – التي يمكنهم من خلالها تحسين المؤسسة بأفضل شكل ممكن.
وباتوا الآن يفهمون عمل مؤسساتهم على أنها تعمل وتتغير ضمن قيود تصميم محدودة وتوجيه معدوم وذلك ضمن ما نالوه من رؤى حيال فرص التغيير الممكنة. وأنتج هذا الفهم الجديد بين أعضاء الفريق شعوراً بقدرتهم على إيجاد بنية ذات كفاءة لتنسيق العمل والتزامهم بتحقيق ذلك. ويقول أحدهم، في معرض تعبيره عن هذا الإحساس بالقدرة، "إنه إعادة اختراع اللعبة بالكامل وليس مجرد لعبها...[رؤية] الأمور على حقيقتها وعدم الوقوف عند قيود ربما لا تكون حتى حقيقية". لقد أعربوا عن رغبتهم في الانتقال من المشاركة في النظام إلى تصميم نظام جديد بالكامل، ورغبتهم في الاستفادة من رؤاهم المختلفة لتحسين المؤسسة.
وأدرك أحد أعضاء الفريق مدى الاختلاف الذي طرأ عليه عندما تناقش مع زملائه في العمل تجاه تغيير طرق راسخة لإنجاز بعض الأمور: "قالوا لي: حسناً، لا يمكننا ذلك". سألتهم، "لماذا لا يمكننا ذلك؟"… يمكننا فعل أي شيء نريده. نحن من جاء بذلك. ويمكننا القدوم بأمر آخر مختلف". وبينما رأى زملاءه الروتين على أنه أمر جامد وصعب التغيير، رآه هو أمر محدد زمنياً (أي نشأ في عصر مختلف وتم تعديله بمرور الوقت)، وأنه أمر في الإمكان تحسينه وإعادة اختراعه. واقترح شخص آخر أن الحدود التنظيمية أصبحت مقيّدة لدرجة أننا نسينا أننا نحن أنفسنا من وضعناها:
"فما نحن فاعلون؟ ينص عملنا على تزويد العملاء بما يطلبونه، لكننا قسمنا هذه العملية إلى أجزاء أصغر وخصصنا لها أقساماً مع وضع شخص على رأس كل قسم منها ندعوه "مدير قسم". وأصبحت هذه الهياكل [الأقسام] التي أنشأناها في وقت ما في الماضي حقيقة في أذهان الناس.ونؤمن الآن أن هناك فَرقاً بين شخص يعمل في القسم (أ) وشخص يعمل في القسم (ب)".
وعندما نظروا إلى الخصائص (الحدود، والأدوار، وسلاسل التقارير، وسير العمل) بشكل مختلف على أنها طارئة ومؤقتة وقابلة للتغيير (وبالتالي قابلة للتغيير بدلاً التسليم بها) وجدوا أن في إمكانهم النظر إلى مؤسساتهم بطرق غير محددة وتخيل إمكانيات أكبر من أجل التغيير.
في الوقت نفسه، ومع شعورهم بقدرتهم على إحداث تغيير في عمل المؤسسة، شعروا أيضاً بعدم الرضا عن العودة إلى أدوارهم الأصلية. يقول أحدهم: "لقد بدأت حقاً في فهم كل الهدر والتكرار واستخدام الأشخاص لتلك الموارد. كل تلك العمليات لا طائل منها، بالتالي يكون عليك وضع أشخاص فيها لدعمها لكي لا تنهار وبشكل أشبه بوضع غراء للصق الأشياء. كنت أنظر حولي في [الشركة]، وأرى كل تلك الأمور الملتصقة ببعضها، وكان الأمر محبطاً ومثيراً للانزعاج في الوقت نفسه".
كان من المحبط أيضاً التفكير في كيفية تقليل المؤسسة من أهمية الجهد الذي بذله هو والآخرون في عملهم وتحقيق الأهداف المرجوة منهم. وشرح أحد المدراء في دراستي الأمر بهذه الطريقة:
"إذا سألت أي شخص في المؤسسة عن نسبة القيمة المضافة من العمل الذي يقوم به طوال اليوم، سيخبرك بقائمة طويلة جداً، إلا أنها في الواقع أقصر مما هي عليه".
وبعد هذه التحليلات، لا يمكن لأي عضو من أعضاء تلك الفرق رؤية مناصبه القديمة بالطريقة نفسها. كما أشاروا أيضاً إلى أن عملهم السابق كان يخلق المشاكل التي لاحظوها خلال تحليلهم. يقول أحدهم بأسى، "كنت مسؤولاً عن الكثير من المشاكل المذكورة هنا. أنا تسببت بكل ذلك. ربما حسنت من قسمي الصغير، لكن عندما نظرت إلى الصورة الكاملة... وجدت أنني قضيت عشر سنوات كاملة أقوم بما أقوم به وأتسبب بسوء ما حصل للصورة الأكبر. وكنت مسؤولاً عن جزء كبير من ذلك".
وتعني عودتهم إلى عملهم وحياتهم المهنية العودة إلى واقعهم المؤلم السابق نفسه، واقتصار عملهم على تغييرات محلية صغيرة. وقد أوضح مدير ترك مؤسسته لمواصلة العمل في دور التغيير التنظيمي ما شعر به:
"كان بإمكاني البقاء، لكن كان ثمة أشياء كثيرة اكتشفناها، واكتشفتها أنا شخصياً واكتشفها الفريق، خلال رحلتنا. كانت تلك الأشياء مهمة لدرجة أنني لم أتمكن من العودة إلى الوضع الراهن وقبول إجراء تحسين إضافي صغير من دون إجراء تغييرات جذرية أو جوهرية والاستكانة فقط إلى الوضع الراهن".
في النهاية، عادت أغلبية بسيطة من الموظفين إلى مناصبهم الأساسية لمواصلة حياتهم المهنية (25 شخصاً): 7 منهم تمت ترقيتهم، و8 نُقلوا إلى وظائف أخرى، و10 عادوا إلى وظائفهم الأساسية. لكن في الوقت نفسه، اختار 23 شخصاً البقاء ضمن إطار التغيير التنظيمي، حيث انتقل 13 منهم إلى وظائف دائمة موجودة في أقسام التغيير التنظيمي أو التطوير التنظيمي أو الموارد البشرية، بينما وجد 10 منهم مناصب مؤقتة أو تعاقدية سمحت لهم بمواصلة العمل في مشاريع إعادة الهيكلة التي تهدف إلى تحويل المؤسسات البيروقراطية جذرياً. ومن المثير للاهتمام، أن نصف المشروعات التي عملت عليها الفرق في الأصل كانت نهايتها مختلفة في مؤسساتهم، ما أحبط أولئك الذين شاركوا.
وتشير هذه الدراسة إلى أنه عندما تقوم الشركات بجهود التغيير التنظيمي، عليها أن تنظر في آثار ذلك على المؤسسة، وأيضاً على من كُلفوا بتنفيذ العمل. علاوة على ذلك، يسلط ما سبق الضوء على مدى عدم إدراكنا لمدى سوء تصميم وإدارة العديد من مؤسساتنا. إن عدم الاعتراف بخلل الإجراءات الروتينية الموجودة يحمينا من رؤية أن جزء لا بأس به من عملنا لا يضيف فعلياً أي قيمة، وهو أمر قد يؤدي ببساطة إلى عدم رضانا عن العمل، أو حتى طرح أسئلة أكبر حول طبيعة تصميم المؤسسة مماثلة لتلك التي طرحها المدراء في دراستي. ويمكن أن تكون معرفة الأنظمة التي نعمل بها مصدر قوة، لكن عندما يدرك المرء عدم قدرته على إحداث التغييرات الكبيرة التي تحتاجها المؤسسة، فقد يكون ذلك أيضاً مصدراً للعزلة.