كنت أصعد أنا وزوجتي هبة في طريق جبلي، مستمتعين بلحظات نادراً ما يتاح لنا قضاؤها معاً. وبينما كنّا نمشي في طريق دائري الشكل، رأينا صديقة لنا، تدعى نانسي، تسبقنا بمسافة ليست بالبعيدة. عندما لحقنا بها اقترحت علينا أن نمشي سوياً.
أعرف نانسي منذ 35 سنة. كانت صديقة مقربة لنا أنا وزوجتي، وكنا نُحب قضاء الوقت معها. لكننا في تلك اللحظة لم نكن نرغب في المشي معها. أردنا قضاء وقتنا وحدنا. كما أننا لم نرد الإبطاء من خطانا، وكان ذلك العذر الذي جئنا به، فشرحت لها أنني أود المحافظة على تسارع نبضات قلبي في نطاق تدريبات الأيروبيك. وكان ذلك صحيحاً لحد ما، وبدا أقل إساءة من القول إننا نريد أن نكون وحدنا.
لكن عندما التقينا بها في طريق النزول، عرضت علينا النزول سوياً. لم يكن عذر التدريب مجدياً هذه المرة بما أن سرعة التحرك ليست مشكلة عند نزول التلة. ومع ذلك، كررنا العذر نفسه، وبدأنا نسابق ونعجّل لنحافظ على تسارع ضربات قلبنا، وصورتنا أمامها.
لقد فشلنا على الصعيدين. إذ لم نستطع نزول التلة بالسرعة الكافية، وأدركت هي أن ذلك لم يكن إلا عذراً، ما جعلها تشعر بأننا نحاول تجنبها وشعرنا أننا غير صادقين.
لماذا لم نخبرها ببساطة أننا نرعب في قضاء وقت وحدنا؟ كانت بالتأكيد ستتفهم ذلك.
الجواب السهل هو أننا كنا نحاول مراعاة مشاعرها. لكن الجواب الحقيقي هو أننا كنا نحاول مراعاة مشاعرنا. لم نكن نريد أن نبدو لئيمين أو وقحين. والجواب الأكثر صدقاً هو أننا لم نرد أن تبدر منها أي أحكام أو استهجان علينا في أننا لئيمان أو وقحان، وهو ما سيكون له أثر عكسي بالطبع.
بعد تلك الحادثة، أجريت بعض المساءلة الذاتية. كم مرة قلت فيها أشياء ليست صحيحة تماماً حتى أجعل أحداً ما (نفسي غالباً) أحسن حالاً؟ وكم مرة عملت بدهاء أو على الأقل فكرت بدهاء لترقيع حقيقة الأمور؟
لسوء الحظ، الجواب هو: الكثير من المرات. أرى هذا في المؤسسات على الدوام. فنحن نصمم الرسائل بحيث تحصل على القبول. نقدم الأشياء في غلاف نعتقد أنه سيسهل على الآخرين قبولها. لعلنا لا نكذب بطريقة مباشرة، لكننا نغلّف الحقيقة برقة لجعلها تبدو مقبولة وتزيد فرص تبينها. ونحن بفعلنا ذلك، نبدد كمّاً ضخماً من الطاقة للإبقاء على حجة لا تخدع أحداً، كما حدث معي ومع زوجتي في نزهتنا.
يعرف الناس الحقيقة. يمكنهم الإحساس بها. وحتى لو خُدعوا مؤقتاً، فلن يستمر ذلك طويلاً لأن الآخرين لن ينخدعوا وسيتحدثون. إن لم يكن إلينا مباشرة، فسوف يتحدثون على "فيسبوك" أو "لينكد إن" أو "تويتر" أو في مجموعة من مجموعات "جوجل".
نحن نعرف هذا، ومع ذلك لا نكف عن محاولة جعل الأشياء تبدو مختلفة عمّا هي عليه لأن الصراحة تتطلب شجاعة. يجب أن تمتلك الإرادة لجعل نفسك منفتحاً. وإليك الشيء الغريب: الصراحة أكثر إرضاء وقوة وتأثيراً من بديلها. يريد الناس الحقيقة. وهم مستعدون لقبولها أكثر مما نتوقع. هم يحترمون الآخرين والمؤسسات التي تقولها. لكن ماذا لو كانت الحقيقة هي أنك قائد غير واثق مما تفعله في موقف معين؟ فهل يود الناس عندها فعلاً معرفة ذلك؟
أراد أحد عملائي، وهي شركة خدمات مالية كبيرة، فهم ما يميّز المدراء الجدد الناجحين عن نظرائهم غير الناجحين. لهذا استطلعوا آراء المرؤوسين الذين لديهم مدراء جدد يحملون شهادة ماجستير في إدارة الأعمال. ما السلوك الأهم الذي ميز أفضل المدراء؟، كان الجواب: طلب المساعدة من موظفيهم.
لهذا، نعم. يريدك الناس أن تكون صريحاً معهم، حتى لو كنت قائداً، والصدق يعني الكشف عن نفسك على أنك شخص يخاف قليلاً أو يخجل أو تنقصه الثقة. هذا النوع من الضعف لا ينفّر. بل يجذب. يجعلنا أكثر قرباً من الآخرين، ويسمح للآخرين بالتعرف علينا، والثقة بنا، واتباعنا.
في اليوم التالي بعد نزهتنا، رأيت أنا وزوجتي صديقتنا نانسي وأخبرناها الحقيقة. بأننا نعم، كنا نريد المحافظة على تسارع دقات قلبنا، لكن الأهم أننا احتجنا فرصة للتواصل واحدنا مع الآخر.
ضحكت نانسي، وقالت إنها خمنت ذلك بالطبع، وتفهمته. فكان في ذلك راحة لنا جميعاً.