نحظى في مساراتنا المهنية بفرص عمل داخلية وخارجية تبدو فرصاً جاذبة، إلا أنها قد تكون ممتدة، بمعنى أنها تجعلنا نتجاوز مستوى معرفتنا أو مهاراتنا أو خبراتنا الحالية.
وتُظهر الأبحاث التي أجرتها شركة "هيوليت باكارد" (Hewlett Packard)، أن النساء يملن إلى التقدم للوظائف فقط إذا كنّ مؤهلات بنسبة 100%، في حين يتقدم الرجال عندما يكونون مؤهلين بنسبة 60%. وتشير الأبحاث اللاحقة إلى أن هذا الاختلاف لا يتعلق بثقة النساء في قدراتهن بقدر ما يتعلق بمعتقداتهن حول "قواعد التعيين"، بمعنى امتلاكهن المؤهلات المطلوبة.
وعندما ندرك أن "المتطلبات" الوظيفية هي عبارة عن قائمة رغبات يضعها أصحاب العمل، وأن نمونا الشخصي والمهني دليل على مدى تمدد قدراتنا وتحدي أنفسنا، نجد أن الأمر يستحق التقدم إلى الوظائف الممتدة. ولكن كيف يمكنك التأكد من تقدّمك إلى المنصب المناسب والقدر المناسب من التمدد؟ تمعّن العوامل التالية لإجراء هذا التقييم:
هل أنت مرشح موثوق في نظر الآخرين؟
يمكن أن تدرك وجود أمور بعيدة عن الرؤية تتعلق بنقاط قوتك، وأن الآخرون يرون صفات أو مواهب أو قدرات لا يمكنك رؤيتها بسهولة. علاوة على ذلك، قد تعاني من متلازمة المحتال وتشك في قدراتك أو مؤهلاتك عند محاولة التقدم إلى وظائف في مستويات أعلى. ومع ذلك، إذا كان زملاؤك أو مدراؤك أو مرشدوك أو أصدقاؤك الحاليون أو السابقون يؤمنون بقدرتك على إنجاز هذه المهمة ويشجعونك على التقدم بالرغم من شكوكك الشخصية، فقد يكونون على حق في تقييم قدرتك على النجاح في تلك الوظيفة. كانت فاطمة مديرة إدارة الموظفين في شركة ناشئة عندما صارحها مديرها، الذي يشغل منصب رئيس قسم الموارد البشرية، باعتقاده أن مؤهلاتها تخولها تولي منصب أعلى وأعرب عن دعمه لها في سعيها وراء هذه الفرصة في شركة أخرى. فوجئت فاطمة تماماً، إذ لم تخطر هذه الفكرة على بالها من قبل، ومنحها هذا الاقتراح قدراً كافياً من الثقة التي احتاجت إليها للتقدم إلى منصب أعلى في إدارة الموارد البشرية في شركة ناشئة أخرى.
هل يتملكك شعور بالخوف؟
من الطبيعي أن ينطوي أي تحدٍّ جديد على بعض القلق، ويعد شعورك بقدر من الخوف والحماس عند التفكير في احتمال الحصول على الوظيفة، علامة إيجابية على أن هذه الفرصة مناسبة لك. وجدت فاطمة فرصة عظيمة في حصولها على منصب رئيسة قسم الموارد البشرية في شركة ناشئة أخرى وإدارة هذه الوظيفة من الصفر، لكنها شعرت بالخوف والحماس في نفس الوقت في أثناء إجراء المقابلة الشخصية لشغل هذا المنصب. وتمثّل الجزء الذي أثار مخاوفها في أنها ستتحمل مسؤولية اتخاذ قرارات تنطوي على مخاطر عالية، في حين تمثّلت مهمتها سابقاً في المساعدة في عملية اتخاذ هذه القرارات. وما ساعدها في تجاوز هذه المخاوف وإدراك أن هذا المنصب كان المنصب المناسب لها هو حماسها لمهمة الشركة وفرصة خلق شيء جديد.
هل يمكنك سرد قصة مترابطة حول خلفيتك المهنية؟
من الضروري عند سرد تفاصيل مجال عملك والتدرج الوظيفي المستقبلي المرغوب، أن تروي قصة واضحة ومترابطة حول المناصب التي شغلتها في الماضي، ومنصبك الحالي، والمنصب الذي ترغب في شغله في المستقبل، بالإضافة إلى ذكر الوظيفة الممتدة المستهدفة التي تتناسب مع منحنى القصة والتي تبين مجال عمل منطقي. وكما تشير هيرمينيا إيبارا في كتابها الذي يحمل عنوان "هوية العمل" (Working Identity)، من الضروري إعادة صياغة الخبرات المهنية السابقة أو إعادة تفسيرها وخلق قصص مقنعة بشكل منطقي. وفي حال لم تكن قادراً على خلق قصة مقنعة ومنطقية لك وللآخرين، فقد تكون الوظيفة الممتدة غير ملائمة لك كخطوة مستقبلية.
إبداء القدرة على التفوق في التحديات الجديدة والنجاح في الماضي.
إن امتلاك سجل إنجازات في مواجهة التحديات الجديدة والنجاح في اجتيازها أمر حاسم لجعلك مرشحاً أكثر إقناعاً لصاحب العمل، ويساعدك أيضاً في تقييم قدرتك على "سد الفجوة" للحصول على وظيفة ممتدة محتملة. وكلما كانت التحديات السابقة التي واجهتها أكبر، زادت ثقتك في قدرتك على مواجهة تحديات المنصب الممتد الذي تفكر في التقدم له. اكتسبت فاطمة الثقة بنفسها بعد انتقالها من منصب الاستشارات الإدارية إلى قسم الموارد البشرية في شركة ناشئة جديدة. وتمكنت من النجاح في منصبها على الرغم من عدم امتلاكها خبرة في مجال الموارد البشرية أو خبرة في العمل في شركة ناشئة. وقد حصلت على هذه الوظيفة لأن مديرها رأى أنها شخص استراتيجي وذكي على حد سواء، وكان يعلم أنها قادرة على تقديم المشورة لزملائها.
هل تمتلك ثقة كبيرة بمهاراتك؟
على الرغم من أنك قد لا تتمتع بخبرة كافية في جوانب معينة من الوظيفة، فمن الضروري أن تثق في قدرتك على الوصول إلى الأشخاص المناسبين، وطرح الأسئلة الصحيحة، وامتلاك الجرأة للاستفادة من شبكتك. غالباً ما أشارك مع عملائي الذين يواجهون تحدياً كبيراً جديداً عبارة "لا يوجد مهمة مستحيلة مع إرادة قوية"، وبالتالي، من السهل عليك تحقيق المستحيل ما لم تكن تمتلك إرادة ضحلة. لم يكن لدى فاطمة أي خبرة في قانون التوظيف والجوانب الأخرى المختارة من الموارد البشرية، لكنها كانت تعرف أنها تستطيع الاستعانة بمصادر خارجية للتخصصات التي لم تمتلك أي خبرة فيها، كما أنها كانت تمتلك علاقات مع استشاريين آخرين عرفت أنها بإمكانها التماس مشورتهم في القضايا البسيطة.
هل تمتلك الدعم المناسب لإعدادك للنجاح؟
تتمثل إحدى طرق تحديد الملاءمة الوظيفية في أنها توفر لك الموارد اللازمة لكي تكون ناجحاً، كما هو الحال مع أي فرصة جديدة. وتنطوي هذه الموارد على قدرتك على بناء الفريق المناسب، بالإضافة إلى تمتعك بسلطة كافية في الميزانية وصناعة القرار لتحقيق النجاح. ومن المحتمل ألا تعي هذه العوامل إلى حين خوض عملية المقابلة، إلا أن تمييزها يُعتبر مؤشراً واضحاً يبين لك ما إذا كانت هذه الفرصة الممتدة مناسبة لك، أو أنها طريقك إلى الفشل. ويمتد الدعم اللازم لإعدادك للنجاح أيضاً إلى حياتك المنزلية، فالحصول على الدعم المناسب في المنزل يحدد ما إذا كانت هذه الفرصة الممتدة هي الفرصة المناسبة لك، خاصة إذا ما تطلبت الوظيفة الانتقال أو السفر لمدة طويلة. بدأت فاطمة العمل في منصبها الجديد بعد 4 أشهر من ولادة طفلها الأول. ولم يكن بإمكانها تولي هذا المنصب الجديد وساعات العمل الطويلة لو أنها لم تضمن وجود من يعتني بطفلها ولم تحصل على دعم زوجها الذي تولى إنجاز مهام إضافية في المنزل.
تعد الوظائف الممتدة فرصاً رائعة لتسريع عملية التطوير المهني. لذلك، استخدم الاستراتيجيات المذكورة أعلاه لتقييم ما إذا كانت الوظيفة التي تفكر فيها هي الوظيفة المناسبة لك قبل أن تُقدم على هذه الخطوة.