تعرض دراسات الحالة حول تقييم زميل العمل التي تصيغها هارفارد بزنس ريفيو على هيئة قصص خيالية لمشاكل يواجهها القادة في الشركات الحقيقية، وتقدّم الحلول التي يراها الخبراء. تستند هذه الحالة إلى دراسة حالة في كلية هارفارد للأعمال بعنوان "راميش باتل في (آراغون إينترتينمنت ليميتد)" من تأليف أنتوني ماي وجوشوا مارغوليس، وهي متاحة باللغة الإنكليزية على موقع (HBR.org).
الانطلاق
"أنت شخص موثوق دائماً". هذا ما قالته نيشا ناياد لزميلها مارك كروز في حديثها عن تقييم زميل العمل أثناء دخولها إلى غرفة الاجتماعات.
فرَّد عليها مارك، والابتسامة تعلو وجهه "وصلتُ إلى هنا قبل دقيقة". نظر كلاهما إلى الساعة المعلقة على الجدار وضحكا.
بعد برهة قالت نيشا "أعتقد أننا الشخصان الوحيدان في شركة "نيس" (Ness) اللذان يأتيان مبكرين، أنا سعيدة بوجودكَ في هذا الفريق".
لم يكن الالتزام الدقيق بالمواعيد جزءاً من الثقافة السائدة في شركة الألعاب "نيس إنترتينمنت"1 (Ness Entertainment)، لذا لم تكن نيشا منزعجة من عدم وصول زميلها في العمل بن لاسنر رغم مرور بضع دقائق على انتصاف النهار. لم يكن ثلاثتهم يعملون معاً عادة، لكنهم كانوا على وشك أن يبدؤوا العمل سوياً، فبما أنهم كانوا أعضاء في مجلس الابتكار في "نيس"، والذي هو مجموعة من الأشخاص المنتقين من مختلف أقسام الشركة للعمل مباشرة مع اللجنة التنفيذية، بهدف وضع توصيات تتعلق بتوسيع الخطوط وطرح عناوين جديدة، فقد كان المجلس قد أوكل إليهم مهمّة جديدة شديدة الأهمية، أثارت إعجاب نيشا الشديد، وهي مديرة مساعدة لتطوير الأعمال في الشركة.
كانت هي ومارك وبن قد عقدوا اجتماعاً سريعاً وغير رسمي قبل أسبوع، لوضع مسودة خطة عمل، بهدف تحليل بيانات زبائن واحدة من أكثر ألعاب "نيس" شعبية، ألا وهي "سوكونتيا" (Sokontia)، ووضع المنافسة في السوق، ليكون بمقدورهم وضع سيناريو لجزء جديد من اللعبة، واقتراح توقيت طرحه في السوق.
كانت نيشا سعيدة بزميليها في الفريق2، فمارك الذي يشغل منصب مدير مساعد للتسويق، كان يتمتع بسمعة عطرة. أما بن، المهندس المسؤول ع ضبط الجودة، فقد كان صديقاً لها منذ أن التقيا خلال الفترة التدريبية الأولى لهما كموظفين جديدين في الشركة. كانا يحرصان على الاجتماع لتناول طعام الغداء معاً كل بضعة أشهر، وبما أنهما كانا يشغلان المرتبة الوظيفية ذاتها في وظيفتين مختلفتين، فقد كانا يتبادلان الآراء والملاحظات بخصوص عملهما في "نيس".
عند الساعة 12:10، دخل بن إلى الغرفة معتذراً وقال "لقد كان يوماً سيئاً، لا، بل كان أسبوعاً سيئاً في الحقيقة، كنا مشغولين بإنجاز عمليات ضبط الجودة في لعبة "نايت دايز" (Knight Days)". كان بن يشير إلى واحد من أقدم منتجات "نيس"، وهي اللعبة التي ستصدر نسخة جديدة منها. "لقد نسيت أننا سنتناول طعام الغداء معاً، دعوني أذهب لأحضر طعامي، بوسعكما أن تباشرا تناول طعامكما من دوني".
عندما عاد بن، بدأت نيشا تطرح عليهما ما توصّلت إليه في مراجعتها الأولية لبيانات زبائن "سوكونتيا"، فقالت "من الواضح أن هذه اللعبة تسد فجوة معيّنة، قصتها ناجحة جداً، ورغم تفاوت الآراء بخصوص التصميم الغرافيكي، إلا أن هناك احتمالاً واعداً لإصدار نسخة جديدة من اللعبة في وقت مبكر".
"أتفق معك في الرأي"، قال مارك. وبما أنه كان يعمل في التسويق، فقد تولى مهمة قراءة مراجعات مستخدمي اللعبة على شبكاتالتواصلالاجتماعي. "هناك بضعة مراجعين يتحدثون أصلاً عن شكل النسخة الثانية من اللعبة، هل اطلعتم على الملف الذي أرسلته لكما وفيه إضاءة على بعض النقاط؟".
أدار حاسبه المحمول باتجاههما ليريهما الملف. كانت نيشا قد قرأته بإمعان في الليلة السابقة.
"متى أرسلته؟" سأله بن وهو يحدّق في الشاشة.
"يوم الأربعاء"، أجابه مارك.
"حسناً"، قال بن وهو يقضم قطعة من شطيرته. "ما علينا فعله هو أن نرى مدى التوافق بين ذلك كله وإحصائيات الاستخدام".
"بالضبط"، قال مارك وهو يهز رأسه موافقاً بشدّة، لكن بن استمر في تناول شطيرته. كانت نيشا تشعر بشيء من الإرباك، كانا قد اتفقا على أن يُنجز بن مهمّة التحليل الأولي لهذه الإحصائيات.
"أنت لم تراجع أرقام الاستخدام؟" سأل مارك وفي نبرة صوته شيء من الحدة. "ولم تقرأ أي شيء مما أرسلناه إليك كلانا؟"
"ليس بعد"، قال بن معترفاً.
"أعتقد أننا يجب أن نُطلعك على آخر المستجدات لتعويض ما فاتك"، قال مارك باقتضاب.
كانت نيشا قد انزعجت هي الأخرى، وتساءلت ما إذا كان يجب أن تقول شيئاً. كان قسم الموارد البشرية في "نيس" يعطي أهمية كبير للآراء التقويمية المتبادلة بين الزملاء، وكانت الشركة، وبإلحاح من رئيسها التنفيذي مارتن سكول، قد أطلقت مبادرتين تهدفان إلى تشجيع الموظفين على تبنّي موقف أكثر صراحة ومباشرة مع بعضهم البعض. المبادرة الأولى هي تدريب الموظفين على خوض الحوارات الصعبة، والمبادرة الثانية هي تطبيق هاتفي يسمح للموظفين بتقديم آراء تقييمية مختصرة مباشرة إلى الزملاء في الفريق بخصوص أدائهم ووضع علاماته لهم بناء على هذا الأداء.
مع اقتراب الاجتماع من نهايته، تدرّبتْ نيشا بينها وبين نفسها على خوض حوار قصير مع بن وطرحت السؤال التالي عليه بكل ما أوتيت من هدوء "لماذا لم تفعل الشيء الذي تعهّدت بفعله؟"
جفل بن قليلاً، لكنه كان قد خاض التدريب أيضاً، لذا ربما كان يُفترض به أن يشتبك معها دون إظهار غضبه.
"لقد ارتكبت خطأ، وأنا آسف. ففي اليوم التالي الذي علمتُ فيه بهذا المشروع، كُلّفت بمهمّة إدارة عملية ضبط الجودة في لعبة "نايت دايز"، وقد استهلكني ذلك واستهلك زملائي، فنحن نعاني من نقص في الموظفين منذ مايو/أيار الماضي. لن أحضر اجتماعاً بعد الآن وأنا غير مهيّأ كما حصل الآن. أعدكما بهذا".
غادر بن الاجتماع، بينما سارت نيشا إلى المصعد مع مارك الذي قال لها "سبق أن شاركت في الكثير من المشاريع مع أشخاص يتوقعون منّي أن أنجز أعمالهم نيابة عنهم، نحن لن نسمح بذلك هنا".3
اتفقت نيشا في الرأي مع مارك، لكنها كانت تعلم أيضاً أن بن كان ربما في موقف صعب، فمن المعروف أن مديرته تفرض معايير عالية جداً على موظفيها. أولم يسبق أن أخفق كل شخص في إنجاز مهّمة معيّنة قبل انقضاء المهلة النهائية؟ لم يسبق أن كان بن شخصاً غير موثوق قط عندما عملا في الماضي معاً في مشاريع صغيرة. لذا لم تكن قلقة كثيراً في واقع الأمر، وطمأنت مارك قائلة "أنا أثق به، سوف يفي بوعده".
"الأفضل له أن يفي بوعده"، قال مارك محذراً.
لا مفاجآت
بعد انقضاء ثلاثة أسابيع، كانت نيشا في القطار وحاسبها المحمول مفتوح أمامها. خلال الرحلة التي تستغرق 45 دقيقة من العمل إلى المنزل وبالعكس، كانت دائماً تعمل على إنجاز مهمّة وحيدة. اليوم كان عليها تقديم عرض أمام اللجنة التنفيذية. كانت هي ومارك وبن قد اجتمعوا لثلاث مرّات إضافية، وصاغوا معاً تحليلاً وتوصية قويتين. بحسب رأي نيشا. عندما اجتمع مجلس الابتكار مع اللجنة التنفيذية يوم الاثنين التالي، كان الفريق سيقترح إطلاق نسخة جديدة من "سوكونتيا" في أسرع وقت ممكن، وخلال مدة زمنية أسرع مما سبق للشركة أن عملت عليها من قبل.
كانت قد اتفقت مع الفريق على استكمال العرض نيابة عن أعضائه بحلول صباح اليوم التالي، وكانت بانتظار استلام آخر شريحتين من بن وحسب.
تفقدت بريدها الإلكتروني عند الساعة 5:40 مساء، وعندما لم ترَ شيئاً، أرسلت رسالة نصية تقول "هل من جديد؟"
كان قد وعد بإرسال الشريحتين بحلول نهاية اليوم. "آسف جداً. إذا أرسلت لك البيانات الخام، هل بوسعك إعداد الشريحتين؟"
أخذت نيشا نفساً عميقاً، فقد سبق لها أن كانت متيقّنة أنه سيرسل الشريحتين. طبعت الرسالة التالية على هاتفها "لا، لا أستطيع، هلا انتهيت عن التصرف بحماقة..."، لكنها عادت ومحتها، فلم تكن ترغب في فعل أي شيء سيقوض احتمالات ترك انطباع رائع لدى اللجنة التنفيذية. ورغم أن بن كان يستحق التوبيخ جرّاء التراخي الذي أبداه في هذا المشروع، إلا أنه لم يكن بوسعها الدخول في قتال معه الآن. كما أن الشرائح التي تعدّها هي أفضل في جميع الأحوال.
أرسلت له الرسالة النصية القصيرة التالية "بالتأكيد. أرسلها".4
فردّ عليها بن قائلاً "أنا مدين لك بواحدة". فقالت بينها وبين نفسها أنت بالتأكيد مدين لي بواحدة.
انتقلت نيشا بأفكارها بسرعة إلى التطبيق الهاتفي الجديد المخصص لتقديم الآراء التقويمية. في اجتماع الشهر السابق لمجلس الابتكار، كان قسم الموارد البشرية قد أعلن أن كل الموظفين يُفترض بهم استعماله بعد الجولة التالية من المشاريع. لذا كان يتعيّن على نيشا أن تمنح علامات لأداء بن ومارك كليهما – على مقياس من (0) إلى (5) – كما أنهما هما الاثنان أيضاً سيضعان علامات لأدائها.5 لم يُطرح هذا الأمر خلال اجتماعاتهم، لكن الموضوع كان في ذهنها – وربما كان في ذهنيهما أيضاً.
وهي جالسة في القطار الآن، تخيّلت أنها ستضغط على الرقم (0) بجوار اسم بن، لكنها سرعان ما شعرت بالذنب، كان صديقها. وكان قسم الموارد البشرية قد قال إنه لا يجب أن تكون هناك مفاجآت في منح علامات التصنيفات، ما يعني أن الزملاء في الفريق يجب أن يطرحوا آراءهم التقييمية على طول الخط ليكون بوسع الأشخاص إما أن يحسّنوا أداءهم، أو أن يعلموا ما هي الأرقام التي يجب أن يتوقعوها.6
بعثتْ برسالة نصية قصيرة جديدة إلى بن قائلة "هل بوسعنا أن نتحدث لدقيقة؟ سوف أتصل بك عندما أصل إلى محطتي".
عندما رد على مكالمتها، كان الأسف بادياً في نبرة صوته. فقاطعته قائلة "لا بأس. لا، بل هناك مشكلة، لكنني أود إعلامك أنني محبطة، وأنا أشعر وكأنني أحاول التستّر عليك".
"كل ما في الأمر هو أن عملي الآخر..".
"سبق وكررت هذا الكلام عدة مرات من قبل". كانت نيشا تتعمد الاختصار، لم تكن ترغب في تلطيف مشاعرها بخصوص هذا الأمر.
التزم بن الصمت لوهلة ثم قل: "أنا ممتن لكل شيء، وآمل أنك تعرفين أنني كنت سأفعل الشيء ذاته معك".
"أشك في ذلك، وحتى لو كنتَ ستفعل، فإنني لم أكن لأطلب منك أبداً"، قالت نيشا بينها وبين نفسها.
في تلك الليلة، أرسلت نيشا رسالة سريعة إلى مرشدها في عملها السابق دينيس هودجيز مفادها "هل بوسعنا أن نلتقي غداً؟ أنا في حاجة إلى استشارتك".
الصراحة في تقييم زميل العمل
في صباح اليوم التالي، اجتمعت نيشا مع دينيس في مطعم قرب مكتبه، وشرحت له ما حصل خلال المشروع.
"من المؤكد أنني لم أنجز العمل كله بنفسي، ولكن عندما كان يُقصّر في تسليم المواد ضمن المهل النهائية، كنت أنهي بالتأكيد بعض المهام التي كان قد بدأها. عضو الفريق الآخر مارك كان قد انزعج أيضاً، لكنه لم يسد الفراغ الذي تركه بن بالمقدار الذي ساهمت به أنا.7 لقد وقع الأمر على كاهلي. لم أكن مضطرة إلى فعل أي من ذلك، لكنني أريد لهذه المهمة أن تسير على خير ما يُرام، وهي ستمضي قدماً على خير ما يُرام. أنا واثقة أنني سأنجز المهمة على أكمل وجه يوم الاثنين، أنجزنا التحليل، ولدينا البيانات، وتوصيتنا جريئة".
ابتسم دينيس. "ليس لديّ أدنى شك، فما الذي يدور في رأسك؟".
"أكثر ما يقض مضجعي هو نظام تصنيف أداء الزملاء، لو كنت أريد أن أكون صريحة، لربما أعطيته علامة (2)".8
"ما الذي يمنعك من فعل ذلك؟" سألها دينيس.
اضطرت نيشا إلى التفكير في الأمر لوهلة. "لا يبدو أن الذنب يقع على عاتقه بالكامل، كان لديه الكثير من الالتزامات الأخرى، وكان معرّضاً لضغوط كبيرة من مديرته، ونحن نعرف بعضنا منذ أن بدأتُ العمل في "نيس".
لذا أنا قلقة من منحه علامة منخفضة لأدائه، ولاسيما أن مارك قال لي إنه سيمنحه علامة (3). بن شخص جبّار، وربما سيكون قادراً على النهوض من جديد، لكنه ربما يحمل في داخله ضغينة".
"هل تحدثتِِ مباشرة إلى بن بخصوص هذه المسألة؟"
"نعم، عدة مرات".
"لو كنتُ مكانكِ لأعطيته العلامة التي يستحقها"، قال دينيس.
لمرة واحدة فقط
صبيحة يوم العرض، طلب بن من نيشا الاجتماع به في المقهى القريب من المكتب، هي افترضت أنه يريد الحديث في موضوع شريحتيه، لأنها كانت تعرفهما أفضل منه في هذه اللحظة.
قال بن "أود أن أشكرك مجدداً على كل شيء، وأرغب في أن اعترف أنني أكاد أشعر بالخجل من وجود اسمي على العرض".
كانت نيشا تعلم أن الموقف المؤدب يقتضي منها الاحتجاج، لكنها أحجمت. جلسا وهما في حالة غريبة لوهلة.
"مررت ببضعة أسابيع عصيبة"، قال بن محاولاً تخفيف حالة التوتر. فهزت نيشا رأسها موافقة.
"أتفهمكِ لو منحتني علامة منخفضة على تطبيق الآراء التقييمية، لكن آمل ألا تفعلي ذلك"، قال بن. أدركت نيشا فجأة لماذا طلب هذا الاجتماع، ولماذا دفع ثمن قهوتها.
"لو كنتِ مكاني لكنتُ دعمتك وأعطيتك علامة (5) أو على الأقل (4)"، قال بن.
"لم أقرر بعد ما الذي سأفعله"، أجابت بصدق.
"كل إنسان يمر بأيام عصيبة".
"نحن نعمل على هذا المشروع منذ أسابيع"، قالت نيشا مدركة أن نبرتها كانت تزداد حدة.
كما أن صوت بن كان يزداد حدة أيضاً.
"أنت تعلمين ما الذي أقصده، مديرتي سوف تغضب كثيراً إذا حصلتُ على علامات سيئة، وأعلم أن مارك سيمنحني علامة (3). إذا منحتني علامة (5)، فإن علامتي النهائية ستكون متوازنة، أعلم أنني لا استحقها، لكن كلّي أمل أنك تستطيعي إسداء هذه الخدمة لي كصديقة، لمرة واحدة فقط".
ملاحظات على دراسة الحالة
- بلغت إيرادات قطاع ألعاب الفيديو العالمي أكثر من 130 مليار دولار في 2018، في حين أن ألعاب الهاتف المحمول هي أكبر الشرائح وأسرعها نمواً.
- ما هي الإيجابيات والسلبيات من المشاركة في عضوية فريق مؤلف لأداء مهمّة معيّنة، ولا يتفق أعضاؤه سلفاً على كيفية تعاونهم؟
- "التسكع الاجتماعي" هو عبارة عن ظاهرة شائعة تعني عدم تفاعل عضو مجموعة معيّنة مع العملية التي تنجز بها المجموعة عملها، وإخفاقه في المساهمة في هذا العمل.
- ما هي الرسالة التي كان يمكن لنيشا أن ترسلها إلى بن في هذه اللحظة، عوضاً عن التزام الصمت تجاه ما يشغل بالها؟
- يفضّل العديد من الأنظمة المخصصة لتقديم آراء تقويمية عن الزملاء والأقران، مثل برنامج "ليفت" (Lift) في شركة "جيت بلو" (JetBlue)، وبرنامج "سمايلز" (Smiles) في شركة "هيرشي" (Hershey) التقدير الإيجابي على حساب النقد البنّاء.
- يوصي الخبراء بتضمين ثلاثة أشياء عند إعطاء آراء تقويمية هي: توصيف ملموس للسلوك، وأثر هذا السلوك، ومن يقع عليه الأثر.
- لماذا قد يتجاوب الرجال والنساء بطرق مختلفة مع زملائهم في الفريق الذين لا يؤدّون المطلوب منهم؟
- هل تعرف نيشا ما هي غايتها من تقديم هذه الآراء التقويمية؟ يقول الخبراء إن امتلاك نيّات واضحة يُحسّن جودة الرأي التقويمي، والانفتاح لدى المتلقي، وديمومة العلاقة، وقيمة النقاش والتعلم اللاحقين.
رأي الخبراء حول كيفية تقييم زميل العمل
ما هي العلامة التي يجب أن تعطيها نيشا لبن، وماذا يجب أن تقول له؟
دان غولدينبيرغ (Dan Goldenberg) تنفيذي في شركة "أكتيفجن بليزارد" (Activision Blizzard)، ويقود صندوقاً وقفياً باسم "كول أوف ديوتي إنداومنت" (Call of Duty Endowment).
في قطاع الألعاب الإلكترونية، تُعتبر الفرق التي تضم أشخاصاً يمثلون أقساماً وظيفية مختلفة وتؤلَّف لغرض خاص ولفترة قصيرة أمراً شائعاً.
ضمن تلك البيئة، يجب عليك أن تتعاون مع زملاء جدد بسرعة وبسهولة. وهذه لن تكون المرة الأخيرة التي تواجه فيها نيشا وضعاً مشابهاً، لذا يجب أن تكتشف هذه الحقيقة الآن حول كيفية تقييم زميل العمل بطريقة صحيحة.
هناك الكثير من الأدوات المتنوعة المتاحة بين يديها، ولا يجب أن يكون تطبيق الآراء التقويمية هو الأداة الأولى التي تستعملها، يجب أن تبدأ بالحديث إلى بن، وبأسلوب أكثر صراحة من ذي قبل.
أنا من المتقاعدين العسكريين، ونحن في الجيش نسخر من الأدوات المشابهة لهذا التطبيق ونسميها "رماح الأقران"، لأنها غالباً ما تؤذي الزملاء ولا تسهم بالضرورة في تحسين أدائهم. وقد تحتاج نيشا إلى استعماله في نهاية المطاف. على سبيل المثال، قد تضطر إلى استعمال التطبيق إذا لم يصغِ بن إلى رأيها ولم يلتزم بالحيلولة دون وقوع مشاكل مشابهة في المستقبل. ولكن تحديداً لأنها المرة الأولى التي خذلها فيها، فإنها يجب أن تخوض حواراً معمّقاً معه قبل أن تمنحه علامة منخفضة.
أثناء ذلك الحديث حول تقييم زميل العمل، يجب على نيشا أن تؤدّي دور الزميل المرشد، واحد من التكتيكات التي أحب استعمالها مع الزملاء هي ما أسميه "الأسئلة الخمسة"، والتي يبدأ كل منها بأداة الاستفهام "لماذا؟". هذه طريقة تكرارية تساعد في الوصول إلى جذر المشكلة، فعلى سبيل المثال، قد تطرح نيشا على بن السؤال التالي "لماذا لم تتمكن من الإيفاء بالتزاماتك؟" ("لأنني مشغول جداً بأداء وظيفتي"). "لماذا أنت مشغول جداً بأداء وظيفتك؟" (لأن فريقي يعاني من نقص في عدد أعضائه"). "لماذا يعاني فريقك من نقص في عدد أعضائه؟" ("لأن مديرتي لم تمنح الأولوية لعملية التوظيف"). "لماذا لم تمنح مديرتك الأولوية لعملية التوظيف؟" وهكذا دواليك. في نهاية المطاف، سوف تصل إلى إجراء معيّن مطلوب من بن – مثل الحديث إلى مديرته بخصوص الحصول على موارد إضافية – لا يشملها هي، أو مشروعهما، أو علامة التصنيف، لكنه يعزز الأداء بالنسبة لهما كليهما وبالنسبة لشركة "نيس".
ثمّة خيار آخر، ألا وهو إشراك مارك في الحديث مع بن. رغم أن الموضوع قد يبدو سرّياً، إلا أن الكثرة تغلب الشجاعة، ومع وجود مارك ونيشا، اللذين يؤكّدان أن بيئة تتّصف بالأداء الرفيع مثل بيئة شركة "نيس" (أو كما هو الحال في شركة مثل شركة "أكتيفجن بليزارد" (Activision Blizzard) التي أعمل فيها)، لا مجال فيها للأشخاص الذين لا يبذلون قصارى جهدهم. وعندما يتكاتفان معاً، فإنهما قد يمنعان بن من التنصّل من نصيبه من المسؤولية في هذه المشكلة.
في شركة سابقة، كنت أتولى إدارة شخصين مثل بن ونيشا، كنت وقتها أنشئ وحدة تجارية، وكان لديّ فريق رشيق لديه الكثير من المهل النهائية الدقيقة التي كان يتوجّب على أعضائه الالتزام بها، لاحظت أن أحد المحللين كان يعمل بمنتهى الجد وكان مُنهكاً. عندما فاتحته في الأمر، علمت منه أنه كان يحمل على كاهله جزءاً من العمل المخصص لزميله. في نهاية المطاف، وبعد عدّة جلسات مشورة صريحة، طردتُ الشخص المتراخي من العمل، لأنه كان من الواضح أنه يريد العمل في وظيفة أقل تطلباً.
لا أقترح على نيشا أن تذهب إلى مديرها الآن، فأنا أعتقد أن المشاكل يجب أن تُحل دائماً على أدنى مستوى ممكن في المؤسسة. بوسعها الاحتفاظ بهذا الخيار حتى وقت لاحق، لكن في الوقت الحاضر يجب عليها أن تسير في الطريق الأكثر مباشرة، لأن الغاية من نظام تصنيف الأداء المطبق في الشركة هو التشجيع على الصراحة، فلا مجال للأداء الرفيع دونها.
آيكو بيثيا (Aiko Bethea) مديرة في شركة "رير كوتشينغ آند كونسالتينغ" (RARE Coaching & Consulting) للإرشاد والاستشارات.
أنا اتفق مع مرشد نيشا.
لا يجب على نيشا أن تمنح بن علامة لا يستحقها، فهو كان يعرف منذ البداية أن وقته ضيّق، ومع ذلك ظل مشاركاً في المشروع ولم يؤدّ المطلوب منه. الآن هو يحاول التحايل عليها لكي تعطيه علامة لا يستحقها. يجب عليها أن تدافع عن موقفها. وعليها معرفة كيفية تقييم زميل العمل بطريقة صحيحة أيضاً.
في بعض الأحيان، نلتمس الأعذار للناس، نتيجة وفاة قريب لهم، أو معاناتهم مع طفل، أو سيرهم في إجراءات طلاق. لكن لا يبدو أن هذا الحال ينطبق على بن. فهو ليس الشخص الوحيد الذي يعاني من عبء عمل ثقيل، وكان يجب عليه الانسحاب لو كان يعتقد أنه غير قادر على الإيفاء بالتزاماته. صداقته مع نيشا لا تعني أنها مضطرة إلى التساهل معه.
بطبيعة الحال، لن يكون من المنصف منحه علامة منخفضة دون شرح سياق الأمر، فمن موقعي كمرشد، لا أحب تقويم الأداء بطريقة 360 درجة التي تشترط وضع أرقام فقط، بل أفضّل ترتيب لقاءات مع الأشخاص المعنيين أطلب فيها من جميع من يعملون عن كثب مع قائد معيّن تقديم أمثلة، وقصص، وتفاصيل دقيقة عن الرأي التقويمي. يجب على نيشا أن تكون مباشرة مع بن "سوف أمنحك علامة (3)" ثم يجب عليها ذكر الأشياء التي فشل في تحقيقها.
قد يخطر لها أن تمنحه علامة (0) (وقد يستحقها)، لكنني لا أنصح بأي علامة تقل عن (3)، لأن نيشا كان لها دور في تمكينه من التصرف بهذه الطريقة، كان يتوجب عليها أن تفرض حدوداً وتوقعات أوضح منذ البداية، وأن تؤكد على تأثير إسهامه (أو عدم إسهامه) على العلامة التي يحصل عليها. على سبيل المثال، كان يمكن لها خلال الاجتماع الأول أن تقول "هذا الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً، وفي النهاية سيضع كل منا علامة للآخر على أدائه. هل أنت واثق من قدرتك على إنجاز هذه المهمة؟" هذا الكلام كان سيوضح نظرتها إلى نظام تقويم الزملاء، وربما كان سيستبق طلبه اللاحق لها أن تسدي له "خدمة" بمنحه علامة متساهلة.
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تفشل نيشا فيها في رفع صوتها والحديث بصراحة حول تقييم زميل العمل بطريقة صحيحة، فهي فكرت عدة مرات في إخبار بن برأيها لكنها لم تفعل. في المرة المقبلة، يجب عليها أن تصغي إلى ما يقوله لها قلبها. ليست مضطرة إلى أن تكون قاسية، لكنها يجب أن تمتلك ثقة كافية لتكون مباشرة، ولاسيما مع زميل هو أيضاً صديق.
يجب على نيشا الآن أن تُبيّن لبن أن طلبه غير محق. قد تقول له شيئاً من قبيل "هل تعتقد أن هذا الشيء سيكون عادلاً بحقي؟" يجب أن يدرك الموقف الحرج وغير المريح الذي وضعها فيه.
بصفتي متخصص في التنوع والدمج وفي كيفية تقييم زميل العمل بطريقة صحيحة، ألاحظ أن مارك لا يبدو قلقاً من العلامة المتدنية التي سيمنحها لبن. تُظهرُ الأبحاث أن النساء غالباً ما يُتوقّع منهن أن يكنّ أكثر حيادية، الأمر الذي يجعل العديد منّا مترددات في إغضاب الآخرين، أو ربما إيذاء العلاقات. يجب على نيشا أن تقاوم هذه الذهنية. هي سوف ترسّخ الصورة النمطية وربما سوف تشعر بالاستياء، وكلا الأمرين غير مفيدين.
واجهتُ خلال دراستي ومسيرتي المهنية العديد من الأشخاص الذين لا يسهمون في المشاريع مثل غيرهم ولا يعرفون كيفية تقييم زميل العمل بطريقة صحيحة. وليس من السهل دوماً التعليق على هذه المسألة، لكنني أنا شخصياً صريحة. ورغم أنني قوبلت بالاستهجان في حالات عديدة، إلا أنني أعلم أن الأمور كانت ستكون أسوأ لو لم أتكلم بأعلى صوتي.
وفي نهاية الحديث عن موضوع تقييم زميل العمل بطريقة صحيحة، ترغب نيشا بدعم بن لأنه صريح. لكنه إذا ارتاح لفكرة الطلب إلى زملائه أن يتستروا عليه، وأن يُكملوا عمله نيابة عنه، فإنه يفتقر إلى حسن القدرة على إطلاق الأحكام وإلى الوعي الذاتي. لذا فإن نيشا يجب أن تتصرف كصديقة، وأن توضح له ذلك، عوضاً عن مساعدته في التمادي بإظهار عيوبه. إذا لم يكن قادراً على احترام تمسّكها بموقفها، فساعتها يجب عليها أن تشكك ما إذا كانت هذه الصداقة ذات أي قيمة.
اقرأ أيضاً: