مر الزمن سريعاً على تامر، ذلك الشاب الذي تخرج في أرقى الجامعات الأميركية، ثم انضم إلى إحدى أكبر شركات الاستشارات. وفي نهاية المطاف، وظّفته شركة أدوية صيدلانية لديها، وهناك ارتقى في الرتب الوظيفية، وانضم إلى الفريق التنفيذي خلال فترة قياسية. وبعد 8 سنوات فقط من الانضمام إلى الشركة، عيّن في منصب الرئيس التنفيذي. وعند هذا الحد، بدأت الأمور تتدهور.
سرعان ما لاحظ الزملاء بأن تامر بدا متردداً وبشكل غريب في اتخاذ القرارات المهمة. فقد كان يلجأ إلى تأجيل المشاريع الكبيرة، ويقضي وقتاً زائداً في التعامل مع المشاكل الصغيرة. ونتيجة لذلك، فوّت على الشركة عدداً من الفرص الكبيرة.
سلوكه هذا أصبح وبصورة متزايدة مدعاة للقلق. فقد كان يأتي في حالة من التشتت الواضح لحضور الاجتماعات المهمة. وعلى الرغم من أن مجلس الإدارة تغاضى في بادئ الأمر عن سلوكيات تامر هذه، فإن عيوبه سرعان ما أصبحت واضحة جداً بحيث لا يمكن تجاهلها، وبعد عامين من تعيينه قرر مجلس الإدارة طرده.
ما المشكلة التي حصلت بالضبط؟
هذا هو بالتحديد السؤال الذي طرحه تامر على نفسه بعد أن فقد وظيفته. وبعد أن استمعت إلى قصته، أدركت أن جذور المشكلة يعود إلى طفولته. يبدو أن تامر كان لديه مشاعر كامنة بالذنب في لاوعيه تجاه نجاحه. فقد اكتشفت أن فكرة إفراطه بالنجاح كانت تقضّ مضجعه (وإن بدا ذلك غريباً جداً)، لأنه كان يخشى أن يزعج هذا النجاح والده، الذي فشل تكراراً في جهوده التجارية، وهذا ما جعله يشعر بالمرارة.
دفع هذا الإخفاق بالأب إلى إسقاط مشاعره هذه على ابنه تامر، بحيث كان يخبر ابنه دائماً بأنه يفتقر إلى مقومات النجاح. ومع مرور الأعوام، بات هذا النقد الموجه من الأب جزءاً لا يتجزأ من شخصية الابن. لكن هذا الشعور بإهانة الذات ظل كامناً لدى تامر حتى تقلد منصب الرئيس التنفيذي. وبعد أن وصل إلى مكان ليس ثمة مكان بعده ينتقل إليه، فقد كشف عن قلة الحيلة التي كان يسعى بقلق كبير إلى إخفائها، مدمراً بذلك حياته المهنية بطريقة غير عقلانية من أجل تحقيق قناعته بأنه غير مؤهل لشغل منصب في القمة.
شخصياً، قابلت عدداً كبيراً من المدراء التنفيذيين اللامعين من أمثال تامر الذين يكون أداؤهم استثنائياً طالما أنهم لا يشغلون المناصب الرفيعة. ولكن في اللحظة التي يوضعون فيها تحت الأضواء، فإنهم يطؤون أرضاً غير مأهولة ويعجزون عن الاختفاء وراء غيرهم. وفي هذا الدور البارز للغاية، يصبحون في حالة من الهشاشة الشديدة. كما أن كفاءتهم تتراجع مع خضوعهم لسلوكيات التدمير الذاتي. كما أن بعضهم يشعر وكأنه ينتحل شخصية إنسان آخر. ويخشى معظمهم فكرة أنه كلما ارتقى الشخص إلى مرتبة وظيفية أعلى، كان سقوطه أكبر عندما يرتكب خطأ. كما أن القلق الدائم من الأخصام يصادر نجاحاتهم.
الخطوة الأولى باتجاه التغلب على الخوف من النجاح هي الاعتراف بهذا الخوف. فكّر في طفولتك. هل كان أحد والديك، أو أحد أفراد عائلتك، أو مدربك الرياضي يقول لك دائماً إنك شخص عديم القدرة أو غير محبوب، أو لم يكن البتّة راضياً عن عملك، مهما كان أداؤك جيداً؟
ولكي يتغلب تامر على مخاوفه، كان يتعيّن عليّ إقناعه بالبحث ضمن محيطه عما يدفعه إلى النجاح. وقد كان بحاجة إلى فهم منابع خوفه والتخلص من الصورة السرية التي يحملها لذاته بوصفه شخصاً غير ناجح.
وفي أثناء عملية التدريب، أدرك تامر كيف أنه انخرط في نشاطات للتدمير الذاتي منعته من تحقيق أهدافه وأحلامه، ومن ضمن ذلك أهدافه وأحلامه الشخصية. الشيء الذي وجده تامر مفيداً جداً، هو أنه قد طُرحت عليه أسئلة شكلت تحدياً لتصوره الذاتي للنجاح. ومن تلك الأسئلة، على سبيل المثال: كيف كنت ترى النجاح؟
لقد كان تامر محظوظاً؛ فقد حصل على فرصة ثانية في شركة أخرى. وبفضل رحلته في استكشاف الذات، تمكّن من التغلب على خوفه من النجاح.
عندما تدرس الشركات احتمال تقديم وعد بترقية المدراء التنفيذيين، قد يكون من المفيد اللجوء إلى الحصول على المساعدة من بعض المدربين المتخصصين، للتأكد من أن النجوم الشباب الذين ترى فيهم الشركات الأمل الواعد لا يخبو نورهم، نتيجة إحساس دفين وغير مبرر بانعدام القيمة الذاتية.