ما أهمية تطبيق نهج “التفكير المركّز على المنتج” في الفِرق غير المختصة بالمنتجات؟

5 دقائق
نهج التفكير المركّز على المنتج
ملخص: بالنسبة للفرق التي تقوم بالأعمال اليومية المتعلقة بالمنتج، قد يبدو من السهل نسبياً تعريف كلمتي "المنتج" و"الزبون". ويعمل فريق المنتج بجدّ في سبيل معرفة هذا الزبون والتوصل إلى طريقة لتحسين منتجات المؤسسة وخدماتها باستمرار بهدف إنجاحها. لكن ما هو نهج التفكير المركز على المنتج؟ ماذا لو لم يكن عملك مع المنتج؟ ماذا لو كنت تعمل في الموارد البشرية ومسؤولاً عن التعلم والتطوير؟ ماذا لو كنت تعمل في قسم الشؤون القانونية وتتولى مسؤولية سياسة الأمن السيبراني في الشركة؟ هل ستصنع منتجاً؟ هل ستتعامل مع زبائن؟ إذا كنت تؤمن بإدخال المرونة إلى جميع أقسام المؤسسة، فجواب كِلا السؤالين هو نعم.

المنتج بحسب تعريفه الأساسي هو الطريقة التي تستطيع المؤسسة من خلالها تقديم القيمة واستردادها. وبالنسبة للفرق التي تقوم بالأعمال اليومية المتعلقة بالمنتج، قد يبدو من السهل نسبياً تعريف كلمتي المنتج والزبون. لكل منتج زبون يشتريه ويستخدمه سواء كان محرك طائرة أو عقد تأمين أو تطبيقاً ذكياً للخدمات المصرفية أو خدمة هاتف نقال، (على الرغم من اختلاف الزبائن في بعض الحالات). ويعمل فريق المنتج بجدّ في سبيل معرفة هذا الزبون والتوصل إلى طريقة لتحسين منتجات المؤسسة وخدماتها باستمرار بهدف إنجاحها.

هذا هو جوهر المرونة المؤسسية الذي يتمثل في إدخال التحسينات على منتجاتنا ومراقبة سلوك الزبائن وقياسه وتحديد ما إذا كان علينا الاستمرار بتحسين المنتج أو الانتقال إلى منتج آخر. وكلما كانت عملية التعلم أسرع كانت قدرتنا على إجراء التحسينات أكبر، وفرق المنتجات تفهم هذا الأمر جيداً، لاسيما فرق المنتجات الرقمية.

لكن ماذا لو لم يكن عملك مع المنتج؟ ماذا لو كنت تعمل في الموارد البشرية ومسؤولاً عن التعلم والتطوير؟ ماذا لو كنت تعمل في قسم الشؤون القانونية وتتولى مسؤولية سياسة الأمن السيبراني في الشركة؟ هل ستصنع منتجاً؟ هل ستتعامل مع زبائن؟ إذا كنت تؤمن بإدخال المرونة إلى جميع أقسام المؤسسة، فجواب كِلا السؤالين هو نعم.

ثم يصبح السؤال: كيف تعرف أنك قدمت القيمة بالفعل؟ أو أنك استرددتها؟ في كثير من الحالات تقيس هذه الفرق نجاحها من خلال تحقيق الأهداف أو تنفيذ المبادرات. هل تمكنت من إطلاق نظام إدارة التعلم الجديد؟ لقد نجحت! هل تمكنت من تسليم نظام سياسة الأمن السيبراني الجديد لموردينا؟ لقد قمت بعمل رائع!

لكن هل أنت متأكد من أن هذه هي أفضل نسخة من السياسة أو المبادرة؟

نهج "التفكير المركّز على المنتج"

من أجل التوصل إلى جواب هذا السؤال، أرى أن علينا تطبيق نهج "التفكير المركّز على المنتج" في كل المنتجات والمبادرات والسياسات التي ننشئها. وبذلك سنستبدل العقلية المركّزة على النتائج في الأقسام البعيدة عن المنتج والتكنولوجيا، كالموارد البشرية والتمويل والشؤون القانونية واللوجستيات وما إلى ذلك، بالعقلية المرنة المركزة على الزبائن التي نسعى إلى غرسها في فرق المنتجات.

سأضرب لك مثالاً. تم تكليف شركة شريكة مختصة بأعمال الموارد البشرية بالبحث عن نظام جديد لإدارة التعلم مع مناهج التدريب الخاصة به وتقييمه وشرائه وتطبيقه في جميع أقسام المؤسسة. فعمل فريق الشركة لتنفيذ هذه المهمة بجدّ، وسعى إلى الحصول على المناقصات وحضر عروضاً تقديمية وعيّن مورّداً ليقوم ببناء نظام إدارة التعلم الجديد ودمجه وتطبيقه في المؤسسة. هل أدى المهمة بنجاح؟ ليس بعد. ماذا لو لم يستخدم أحد هذا النظام؟ ماذا لو أن الموظفين خضعوا للدورات التعليمية الإلزامية فقط ولم يهتموا باستكشاف العروض الإضافية التي قضت شركة الموارد البشرية أسابيع في السعي إلى الحصول عليها وتقييمها؟ ماذا لو كان نظام إدارة التعلم نفسه غير قابل للاستخدام وملأت رسائل شكاوى الموظفين صندوق البريد الإلكتروني الخاص بفريق الموارد البشرية؟

فلنعتمد نهج التفكير المركز على المنتج. إذا كنا سنستعين بفرق لا يتعلق عملها بالمنتج في رحلتنا لجعل الشركة تتمتع بالمرونة فيجب علينا وضع عمل هذه الفرق ضمن إطار لغة المنتجات والزبائن. وذلك يبدأ بإعادة النظر في المبادرة، لكن ليس على اعتبارها مجموعة بنود يجب شطبها من القائمة وإنما مشكلة يجب حلّها لمجموعة محددة من الزبائن. لن يكون مقياس النجاح في حلّ هذه المشكلة هو استخدام منتج ما، بل تحقيق تغيير إيجابي قابل للقياس في سلوك هؤلاء الزبائن. بعبارة أخرى، نحن نسعى لتحقيق نتائج فعلية وليس مجرد أرقام.

فلنعد صياغة مثال نظام إدارة التعلم الذي ذكرناه آنفاً بهذه الطريقة. بدلاً من أن نطالب فريق الموارد البشرية بالبحث عن النظام وتطبيقه، يجب على شركة الموارد البشرية الشريكة أو قائدها التفكير بالمهمة كما يلي:

نادراً ما تُستخدم جهود التطوير المهني التي نقوم بها حالياً بسبب نقص وعي الموظفين، وصعوبة العثور على الأنظمة وتطبيقها، ومجموعة العروض التي لا صلة لها بالقوى العاملة الرقمية الحديثة. وهذا يسبب ارتفاعاً في نسب الإنهاك لدى موظفينا الذين يتمتعون بأعلى قيمة، ويزيد تكاليف التوظيف والتعيين، ويضر بالمعنويات المؤسسية، ناهيك بالتكاليف المهدورة لهذه الأنظمة. كيف سنتمكن من تقديم عروض تطوير مهني أفضل لجميع الموظفين وضمان متابعتهم لأحدث توجهات الأعمال الرقمية وشعورهم بأن المؤسسة مهتمة بنجاحهم؟ سنعلم أننا نجحنا عندما ترتفع معدلات استبقاء الموظفين بنسبة 10% كل 3 أشهر وتزداد نسبة استهلاك محتوى التطوير المهني بمقدار الضعف وتنخفض تكاليف التعيين بنسبة 15%.

بوضع عمل فريق الموارد البشرية ضمن هذا الإطار نكون قد حققنا عدة أمور، وهي:

  1. غيرنا إطار المبادرة من "إطلاق نظام إدارة التعلم" إلى "مساعدة موظفينا على تحقيق نجاح أكبر"، هذا هو جوهر التركيز على الزبائن، والزبائن هنا هم موظفو الشركة.
  2. حذفنا ذكر الحلول من المهمة. وهذا يعزز أفراد فريقنا ويمنحهم القوة لتوليد أفكارهم الخاصة وتقييمها وتحديد أفضل مسار للعمل في سبيل مساعدة زبائنهم على تحقيق نجاح أكبر، وبالتالي سيزداد اهتمامهم بالأفكار التي يأتون بها وسيبحثون عن حلول ابتكارية على نطاق أوسع.
  3. حددنا معايير واضحة للنجاح تضمن أن يهتم فريقنا فعلياً بفهم زبائنه والعمل على إدخال تحسينات مستمرة على "المنتج" الذي يقدمه لهم. لم يعد تطبيق نظام إدارة التعلم وحده كافياً، بل يجب على فريق الموارد البشرية الآن ضمان أن يُستخدم هذا النظام ثم تقييم ما إذا كان هذا الاستخدام يؤثر بصورة أساسية على استبقاء الموظفين وتكاليف التعيين وغير ذلك من المعايير التي تهمّ المؤسسة.

نهج التكرار والاستكشاف

من أجل خفض خطورة اختيار حلّ (أو منتج) لا يحقق النتائج المستهدفة، يجب على الفريق الآن اتباع نهج يقوم على التكرار والاستكشاف بدرجة أكبر. يجب عليه توليد الفرضيات حول أفضل الطرق لتحقيق النتائج المرجوة الموصوفة في بيان المشكلة. ثم يجب عليه اختبار فرضياته والحصول على التقييمات من الزبائن أو المستخدمين وتكرار هذه الأفكار بناء على هذه التقييمات. هل يبدو هذا مألوفاً؟ هذا تحديداً ما تقوم به فرق المنتجات التي تتعامل مع الزبائن بصورة مباشرة من أجل ضمان تحقيق أكبر قيمة ممكنة واستردادها.

عندما يتبع فريق الموارد البشرية نهج التفكير المركز على المنتج في مبادرته ستصبح احتمالات تطبيق نظام غير قابل للاستخدام ذي محتوى رديء لإدارة التعلم أقلّ بدرجة كبيرة. في الحقيقة، قد لا تتمثل النتيجة النهائية في نظام إدارة التعلم أساساً، فبالنسبة لبعض الشركات يمكن الاستعاضة عن هذه الأنظمة ببرامج تدريب شخصية تكتيكية عالية الجودة مثلاً.

بالطبع، هذه الفكرة ليست محصورة بالموارد البشرية. إذا كان فريق الشؤون القانونية لديك يكتب العقود، فهذه العقود هي "منتجاته"، وموردوك هم زبائن هذه المنتجات. إذا كان أحد العقود غير ذي صلة بالنسبة لأحد الموردين فسيدور فريقك في عدة حلقات مكلفة وهو يحاول تخصيص نماذجه. ومن أجل الحدّ من هذه الحلقات عالية التكلفة يجب على الفريق أن يفهم احتياجات زبائنه ويقدم العقد الذي يناسب كلاً منهم.

قد لا تكون هذه المفاهيم شائعة بعد في الأقسام التي لا يتعلق عملها بالمنتج، وقد تحتار المؤسسة في تحديد خطوة البدء. لا شك في أن هذا النوع من التحوّل يتطلب دعم القيادة وتفهمها، مثل أي تغيير كبير آخر، وتدريب فريق من القادة والمساهمين الأفراد على اتباع هذه الطرق الجديدة في العمل هو خطوة جيدة للبدء. إذ يجب أن يفهموا طريقة وضع إطار العمل واستكشاف الحلول، والأهم هو أن يتخلوا عن الأفكار التي تحلّ مشكلة الزبون، وما أن يفعلوا ذلك سيصبح بإمكانهم مشاركة ما تعلموه مع بقية زملائهم في القسم وتطبيقه على نحو موسع.

أصبح التفكير المركز على المنتج شائعاً في كثير من المؤسسات اليوم لأنه يُدخل إلى فريق المنتج أفكار المرونة وليس عمليات مرنة مقولبة فحسب. لكن هذه الأفكار ليست محدودة بفرق المنتجات والتكنولوجيا، فالمرونة التنظيمية هي تحول مرحب به في جميع أقسام المؤسسة. وعن طريق التعامل مع العمل الذي تقوم به على أنه منتج لزبون محدد، ومنح فريقك مشكلات لحلها وقياس نجاحهم بالنتائج الفعلية لا بالأرقام، ستنشئ ثقافة مركزة على الزبائن تشمل الشركة بأكملها وتضمن أنه إذا ما اشترى زبون أحد منتجاتك أو عمل موظف لديك أو تعاقد شخص مع شركتك فستتمكن من زيادة نجاحك ونجاحه إلى أقصى حدّ ممكن.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي