ملخص: يشهد القطاع اللوجستي في السعودية تطوراً سريعاً بفضل الاستثمارات الضخمة التي تهدف إلى ربط المملكة بالأسواق الإقليمية والعالمية. تدعم المملكة برامج مثل "تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية" لتعزيز التنوع الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية، مع التركيز على قطاعات مثل الطاقة والتعدين. من خلال تحسين البنية التحتية وتطبيق تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار، تسعى السعودية لتحقيق كفاءة أكبر في إدارة العمليات اللوجستية. استثمار المملكة في الموانئ الذكية وقطاع النقل المستدام يعزز من قدرتها التنافسية العالمية، ويسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة مثل تقليل الانبعاثات الكربونية. وبالإضافة إلى ذلك، يُتوقع أن يسهم القطاع اللوجستي بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، ما يعزز من قدرة المملكة على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
يُعد القطاع اللوجستي من أهم القطاعات التي تسعى الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية التي أطلقها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في يونيو/حزيران 2021، لتطويرها. تستفيد هذه الاستراتيجية من الموقع الجغرافي للمملكة، إذ تتوسط خطوط التجارة وتمتد على الخليج العربي والبحر الأحمر. تمر عبر هذه المناطق 13% من تجارة العالم وثلث صادرات النفط. وللمملكة القدرة على ربط أسواق تضم أكثر من 6 مليارات نسمة.
بالأرقام
تسعى السعودية لتصبح قوة صناعية ومركزاً لوجستياً عالمياً من خلال برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية الذي بدأ في 2019، ويعزز النمو في قطاعات الطاقة، التعدين، والصناعة. ويركز البرنامج أيضاً على تنويع الاقتصاد، جذب الاستثمارات الأجنبية، وتأمين مستقبل مستدام، مع استثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات الكربونية بحلول 2060. كما يدعم استخراج المعادن بقيمة 9.4 تريليونات ريال (2.5 تريليونات دولار) ويعزز مكانة المملكة في الثورة الصناعية الرابعة.
وقد شهد القطاع اللوجستي في المملكة تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، إذ ارتفع ترتيب المملكة في مؤشر الأداء اللوجستي من المرتبة 55 إلى 38 في عام 2023. وبلغ حجم السوق حوالي 35 مليار دولار في عام 2022، مع نمو سنوي متوقع إلى 38.8 مليار دولار بحلول 2026. وعملت الدولة على إنشاء 69 منصة لوجستية، تدعم التجارة الإلكترونية وإعادة التصدير، كما أصدرت المملكة 1,685 سجلاً تجارياً لشركات لوجستية في عام 2022. ومن المتوقَّع أن يسهم القطاع بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030. وتعتزم المملكة استثمار 1.6 تريليون ريال (427 مليار دولار) في قطاع النقل والخدمات اللوجستية خلال السنوات العشر القادمة، وذلك من خلال شراكات مع القطاع الخاص ودول أخرى، حسب تصريح وزير النقل والخدمات اللوجستية، صالح الجاسر.
إلى جانب التطورات الكبيرة في القطاع اللوجستي بالمملكة، تضمنت الخطط المستقبلية تعزيز استثمارات ضخمة لزيادة قدرة الموانئ والمطارات وربطها بشبكات السكك الحديدية.
وتسعى المملكة لتوسيع نطاق منصاتها اللوجستية وتأسيس 59 منصة بحلول عام 2030، ما سيدعم هدفها لتصبح مركزاً لوجستياً عالمياً. من المتوقع أن يوفر القطاع 200 ألف فرصة عمل جديدة، مع زيادة الإيرادات غير النفطية إلى 45 مليار ريال (12 مليار دولار) سنوياً بحلول 2030.
وفي أبريل 2023، قفزت المملكة 17 مرتبة في المؤشر اللوجستي للبنك الدولي، محتلةً المرتبة 38 من أصل 160 دولة. يعكس هذا التقدم الكفاءة العالية في الأداء عبر مؤشرات متعددة مثل الكفاءة اللوجستية والتتبع والتعقب. وأكد الجاسر أن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية تضمنت إصلاحات ومبادرات استراتيجية أدت إلى تحسين كبير في الكفاءة التشغيلية وتعزيز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي.
تطوّر مدعّم بالتكنولوجيا
يُعتبر اعتماد التكنولوجيا المبتكرة جزءاً أساسياً من الاستراتيجية الوطنية لخدمات النقل واللوجستيات في السعودية. ويركز البرنامج على أتمتة أنظمة الشحن لتحسين كفاءة العمليات. تسهم الأتمتة في تقليل أوقات التسليم وتكاليف النقل، ما يعزز تنافسية المملكة في السوق العالمي. لتحقيق هذه الأهداف بحلول عام 2030، تتبنى الاستراتيجية تطوير البنية التحتية الرقمية، تعزيز الابتكار في الخدمات اللوجستية، وتوفير منصات متكاملة تتيح تكامل الأنظمة اللوجستية المختلفة، ما يتيح تحقيق التنمية المستدامة في القطاع.
ففي 20 مارس/آذار 2022، أطلقت الهيئة العامة للموانئ مبادرة الموانئ الذكية، التي تهدف إلى أتمتة العمليات التشغيلية في الموانئ السعودية. تتضمن المبادرة توقيع مذكرات تفاهم مع شركات مثل أس تي سي وهواوي لتعزيز استخدام تقنيات الجيل الخامس. تعتزم المبادرة رفع كفاءة الأداء التشغيلي. كما ستسهم في تعزيز الاستثمارات وتنمية الحركة التجارية في قطاع النقل البحري. وقد قّعت الهيئة العامة للموانئ أيضاً عقداً مع الشركة السعودية العالمية للموانئ وشركة ساني الصينية في يونيو/حزيران 2024 لتزويد ميناء الملك عبدالعزيز بـ80 شاحنة كهربائية، ما يجعله أكبر ميناء في الشرق الأوسط يمتلك هذا العدد. يُعتبر العقد جزءاً من استثمارات بقيمة 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار)، ويهدف إلى تحديث الميناء ليكون مركزاً لوجستياً مستداماً. ستسهم الشاحنات الكهربائية في تقليل الانبعاثات وتحسين كفاءة التشغيل، ما يدعم مبادرة السعودية الخضراء.
وفي مارس/آذار 2024، أطلق الوزير الجاسر، النسخة المطورة لمنصة "لوجستي 2" خلال مؤتمر ليب الثالث، وهي تهدف لتوفير أكثر من 140 خدمة لوجستية وتحسين تجربة المستثمرين عبر نافذة واحدة. كما دشن نظام مجتمع الموانئ (PCS) ضمن المنصة الموحدة، الذي سيوفر أكثر من 250 خدمة إلكترونية في الموانئ السعودية.
الذكاء الاصطناعي التوليدي والتعلم الآلي
تحدث التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبلوك تشين تحولاً جذرياً في سلاسل التوريد واللوجستيات، مما يجعلها أكثر كفاءة واستجابة. الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) لديه القدرة على تحليل البيانات الضخمة وتحسين أدائه بمرور الوقت، ما يجعله أداة قوية لتحسين العمليات اللوجستية والإنتاجية. يُمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تدفقات الإنتاج وضمان الامتثال التنظيمي، بينما يوفر تخطيط المبيعات والتخطيط المتكامل حلولًا متقدمة تُقلل العمل اليدوي. أدوات مثل التوائم الرقمية ومراكز اتخاذ القرار المعرفي تُحسّن من القدرة على التنبؤ وزيادة الأرباح. ومع ذلك، يجب على الشركات اعتماد نهج استراتيجي لإعادة تصميم العمليات للاستفادة الكاملة من هذه التقنيات. كما يمكن للتعلم الآلي (ML) أتمتة إدارة المخزون وتحسين تخطيط اللوجستيات، مما يقلل من تكاليف العمل اليدوي ويزيد من الدقة في العمليات. كما يتيح اتخاذ قرارات أسرع وأكثر معرفة، مما يعزز كفاءة العمليات اللوجستية بشكل عام. ويمكن للتعلم الآلي في اللوجستيات التنبؤ بالطلب المستقبلي وتحسين الاستعداد للتعطيلات المحتملة في المخزون وسلسلة التوريد من خلال تحليل اتجاهات شراء العملاء.
إنترنت الأشياء والحوسبة السحابية
يعود إنترنت الأشياء بفوائد عديدة على أنشطة النقل واللوجستيات، إذ يساعد في تخطيط المسارات والجداول الزمنية لأساطيل الشاحنات، ويتيح رصد الشحنات وإدارة المخزون. تُركَّب أجهزة إنترنت الأشياء وأجهزة الاستشعار على الحاويات لتوفير معلومات دقيقة حول موقعها، وحركتها، ودرجة الحرارة، وحالة فتح الأبواب، بالإضافة إلى الكشف عن الصدمات والاهتزازات. تستخدم هذه التقنية في تطبيقات مثل إدارة النقل ونظام إدارة الأسطول، ما يعزز كفاءة العمليات اللوجستية.
أما السحابة، فهي توفر حسب لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، بيئة فعالة من حيث التكلفة لدعم تخزين البيانات الضخمة وتحليلها، ما يسمح بتبادل المعلومات بين أصحاب المصلحة في اللوجستيات. كما وتعزز كفاءة العمليات، ما يمكّن الحكومات والشركات من التركيز على نقل الخدمات وتحقيق نتائج سريعة. تتيح السحابة أيضاً توفير خدمات تكنولوجية متنوعة مثل البنية التحتية كخدمة، والدراسات التحليلية كخدمة، والبرمجيات كخدمة، ما يسهم في تقليل التكاليف وتحسين الإنتاجية. ويمكن أن تؤدي تقنيات الحوسبة السحابية إلى تحسين الكفاءة في النقل واللوجستيات من خلال تمكين التتبع الآني، وتوفير بيانات موثوقة، وفتح آفاق جديدة للابتكار من خلال منصات رقمية متصلة. تُسهِم أنظمة إدارة النقل في تحسين عمليات الشحن، كونها تعمل على أتمتة تخطيط المسارات وتحسين الحمولة والتدقيق في الشحنات والمدفوعات. وتسهل هذه الأنظمة على المستخدمين الوصول إلى معلومات الشحن ومقارنتها، ما يسرع عملية اختيار الناقلين.
الطائرات بدون طيار
يقدر حجم سوق الطائرات بدون طيار بـ 35.3 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 67.6 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 13.9% خلال الفترة المتوقعة (2024-2029). وقد أثّرت جائحة كوفيد-19 إيجاباً على هذا القطاع، إذ زادت استخدامات الطائرات بدون طيار في توصيل الإمدادات الطبية وتقليل الاتصال الجسدي. وعلى الرغم من حداثة السوق، إلا أن الاستثمارات فيها تتزايد بقوة، ما يعزز التنافسية في هذا المجال.
تتميز الطائرات بدون طيار بكفاءتها في توصيل الشحنات الخفيفة، مثل المواد الغذائية والمنتجات الإلكترونية والطرود الطبية. تسهم هذه الطائرات في تقليل انبعاثات الكربون مقارنةً بوسائل النقل التقليدية، كما أنها تُسرع وتيرة الخدمات، ما يحسن تجربة العملاء ويحدث تحولاً في نماذج الأعمال اللوجستية التقليدية.
تُعتبر الطائرات بدون طيار وسيلة فعالة ومنخفضة التكلفة لتسليم "الميل الأخير" لتجار التجزئة، وتستخدمها شركات مثل علي بابا وجاي دي دوت كوم (JD.com) منذ عام 2017. كما تستثمر شركات مثل سكاي إير موبيليتي (Skye Air Mobility) وأمازون في تطوير هذه التكنولوجيا لتعزيز كفاءة عمليات التوصيل.
تُقلع الطائرات الكهربائية ذات الإقلاع والهبوط العمودي (eVTOL) مثل المروحيات، ما يلغي الحاجة إلى المدارج الكبيرة. وتعمل هذه الطائرات بالطاقة الكهربائية، ما يوفر وسيلة نقل أكثر هدوءاً ونظافة، وتستخدم مراوح ثابتة مع بطاريات ليثيوم أيون متطورة، ما يسمح برحلات قصيرة تصل إلى 200 ميل.
تقود جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أبحاثًا متقدمة في مجال أنظمة الطائرات غير المأهولة. وصممت مجموعة متنوعة من هذه الطائرات، بما في ذلك الطائرات الهجينة ذات الإقلاع والهبوط العمودي (VTOL) ذات الأجنحة الثابتة، والطائرات النفاثة، والطائرات التي تعمل بالطاقة الشمسية. وصممت الجامعة هذه الطائرات لتلبية مواصفات أداء عالية والعمل في البيئات القاسية. تتميز بإمكانيات الإقلاع العمودي والطيران لمسافات طويلة، إضافة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي/التعلم الآلي المتقدمة وإمكانية الطيران الجماعي لتحقيق الاستقلالية العالية، مع أوقات طيران ممتدة تصل إلى 10-12 ساعة. يمكنها حمل حمولات تصل إلى 30 كجم والعمل على ارتفاع 3,000 متر فوق مستوى سطح البحر. كما تصل إلى سرعات طيران تصل إلى 150-160 كم/ساعة، وهي مصممة بشكل قوي لتحمل الرياح بسرعة تصل إلى 40 كم/ساعة، ودرجات الحرارة القصوى، والظروف المغبرة. يبلغ الوزن الأقصى للإقلاع ما بين 90-100 كجم، ولديها مدى يصل إلى 1,200-1,500 كم.
بالإضافة إلى النقل والتوصيل، يمكن للطائرات بدون طيار أن تعمل في مجال مراقبة خطوط أنابيب النفط للكشف عن التسريبات المحتملة. تتضمن طرق المراقبة الحالية دوريات مادية، ومقاييس تدفق، وأجهزة استشعار، لكن تواجه صعوبات في اكتشاف التسربات الصغيرة. يمكن استخدام الطائرات بدون طيار مع أجهزة استشعار متطورة لتوفير مسح دقيق في المناطق النائية، ما يسهم في تحسين كفاءة المراقبة.
بدأت أرامكو في استخدام الطائرات المسيرة عام 2015 لفحص مرافقها، ووسعت استخدامها تدريجياً لتشمل أكثر من 100 طائرة مسيرة في مواقعها الرئيسية. تُستخدم هذه الطائرات في فحص وصيانة المرافق مثل المواقع البرية والبحرية وصهاريج التخزين والبنية التحتية الكهربائية. توفر الطائرات المسيرة بديلاً آمناً وفعالاً عن التفتيش اليدوي التقليدي الذي يتطلب بناء السقالات وتعطيل العمليات. كما تجمع صوراً حرارية عالية الدقة للمرافق النشطة، ما يقلل من المخاطر ويعزز الكفاءة التشغيلية. وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول 2024، افتُتِح مصنع لصناعة الطائرات بدون طيار في منطقة القصيم في السعودية، وقد أنتج أول طائرة باسم "عارض" ستُسخدَم لأغراض متعددة، منها عسكرية، وزراعية، وحتى لوجستية لتوصيل الطلبات وأيضاً لمراقبة خطوط الأنابيب.
وفي المجال نفسه، قدّمت هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار تمويلاً قدره 4.9 مليون ريال (1.3 مليون دولار) لمعمل الدرونز للوجستيات الذكية التابع لكلية علوم وهندسة الحاسب بجامعة جدة، بهدف تطوير هذا القطاع.
ولا بد من الإشارة إلى أن كل هذه الإيجابيات تصب في خانة الاستدامة، إذ تسهم تكنولوجيا الطائرات بدون طيار في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) عبر تحسين البنية التحتية والصناعة (SDG 9) من خلال استخدامها في مراقبة الأنابيب والزراعة الذكية. كما تدعم استدامة المدن (SDG 11) عبر توصيل الإمدادات للمناطق النائية وإدارة الأزمات. تساعد أيضاً في تقليل الهدر وانبعاثات الكربون (SDG 12) من خلال تحسين الكفاءة اللوجستية. وأخيراً، تسهم هذه الطائرات في مراقبة محطات الطاقة المتجددة (SDG 7) وجمع البيانات عن التغيرات المناخية (SDG 13).
تحديات تواجه الطائرات بدون طيار
يمكن للطائرات بدون طيار حمل أوزان ثقيلة، وصُمِّم العديد من النماذج لرفع أوزان تتراوح بين 10 كجم إلى أكثر من 100 كجم. على سبيل المثال، يمكن للطائرة فريفلاي ألتا أكس (Freefly Alta X) حمل حمولة تصل إلى 15 كجم، بينما تستطيع طائرة دراجنفلاي هافي ليفت (Draganfly Heavy Lift) حمل 30 كجم. ومع ذلك، فإن القدرة على العمل في ظروف الطقس السيئة تشكل تحدياً كبيراً ما يؤثر على كفاءتها التشغيلية. تواجه هذه الطائرات تحديات أخرى، مثل عمر البطارية ما قد يحد من قدرتها على إجراء عمليات تسليم طويلة المدى. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف تتعلق بالخصوصية والأمان، إذ باستطاعة هذه الطائرات تصوير المناطق وتخزين البيانات. وتظل المخاطر المتعلقة بالسرقة أو العبث بالطرود التي تُترك بدون مراقبة عائقاً آخر يواجه هذه الطائرات.
يشرح المستشار في علم الطيران، سعد بن ظافر العمري، أن الطائرات المسيّرة شهدت تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، وهي تسهم في تحسين الدعم اللوجستي، إذ توفر استجابة سريعة وتقلل تكاليف التشغيل بنسبة تصل إلى 50%. ومع ذلك، ما زالت التشريعات الخاصة بها قيد التطوير، ما يحد من استخدامها في المجال المدني.
ويقول رئيس مجلس منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، سالفاتوري شاكيتانو: "سوف يُحدث التنقل الجوي المتقدم ثورة في نقل الركاب والبضائع والخدمات من خلال إعادة تصور التنقل الجوي في السياقات الحضرية والإقليمية. ولكن لتحقيق هذه الرؤية، يجب التخطيط بعناية على المستوى العالمي لموازنة العوامل المعقدة المتعلقة بالتكنولوجيا، البنية التحتية، التنظيم، واحتياجات المجتمع."
أفق المملكة الواسع
يُعتبر القطاع اللوجستي من أبرز القطاعات الحيوية، حيث استثمرت المملكة بشكل كبير في تطوير الموانئ، السكك الحديدية، الطرق، والمطارات لتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص على المستويين المحلي والدولي. يهدف هذا الاستثمار إلى ربط المملكة بمحيطها الإقليمي لتحقيق فوائد اقتصادية ملموسة، إلى جانب تنظيم الأعمال الحكومية عبر آليات تتماشى مع المعايير العالمية والمحلية.
وسجل قطاع الخدمات اللوجستية نمواً ملحوظاً في الربع الثاني من العام الحالي، إذ ارتفع عدد السجلات التجارية إلى 11,928 سجلاً، بزيادة قدرها 76% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما أظهرت وزارة التجارة أن الخدمات اللوجستية كانت الأكثر نمواً بين القطاعات العشر الواعدة، تلتها تقنيات الذكاء الاصطناعي وخدمات مناولة الحاويات. علاوة على ذلك، حققت المملكة تقدماً عالمياً في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، واحتلت المركز السادس عشر. كما أظهر قطاع النقل البري للركاب نمواً بنسبة 31%، بفضل الإصلاحات التي أُدخلت لتحسين تجربة المستخدم وتعزيز التنافسية. تجدر الإشارة إلى أن المملكة قامت بإصلاحات هيكلية وتشغيلية في منظومة النقل والخدمات اللوجستية، ما ساعد في تحسين كفاءة القطاع ورفع معدل إسهام القطاع الخاص في الاستثمار، مع إنشاء 12 منطقة لوجيستية كبرى في الموانئ السعودية.