كيف يمكن للشركات الحصول على أقصى استفادة من نموذج عمل مجاني؟

3 دقائق

من الصعب مقاومة إغراء مجاني. ويتمثل أحد الأسباب الرئيسية للارتفاع العالمي لاعتماد المستخدمين للإنترنت في صعود نموذج عمل مجاني (freemium) – حيث يمكن للمستخدمين استخدام المنتجات أو الخدمات الأساسية مجاناً، لكن يجب أن يدفعوا للحصول على إصدار ممتاز (premium) مع ميزات إضافية.

وعند استخدامه بالطريقة الصحيحة، يمكن لنموذج عمل مجاني أن يساعد في دفع حركة ضخمة إلى المواقع الإلكترونية للشركات، وعرض تجربة من نوع "جرب قبل أن تشتري" تتجاوز مقاومة المستخدمين للدفع وتحول المستخدمين المجانيين إلى زبائن يدفعون. وتُعتبر "دروب بوكس" رائدة في هذا النموذج. فالشركة تمتلك 500 مليون مستخدم مسجل يتلقون اثنين غيغابايت مجانية لللتخزين. وبمجرد أن يتجاوزوا تلك القدرة، مع ذلك، يُعرض على الزبائن خيار الترقية إلى واحد تيرابايت في مقابل رسم اشتراك شهري أو سنوي. ومع هذا النموذج، ولّدت "دروب بوكس" إيرادات بمليار دولار في العام 2017 من 11 مليون مستخدم فردي وتجاري يدفعون، وتواصل تنمية قاعدة مستخدميها.

ومن الواضح أن شخصاً ما يدفع ثمن المنتجات المجانية. فعندما لا يمكن للشركات تحويل ما يكفي من المستخدمين إلى زبائن يدفعون، تبدأ بالمعاناة – وهو أمر شهدناه مع شركات الإعلام مثل صحف الغارديان، والنيويورك تايمز، والواشنطن بوست وغيرها. بل وقد تفشل شركات أخرى. فكيف يمكن للشركات وضع نفسها في شكل أفضل على طريق النجاح في حروب المنتجات والخدمات المجانية؟

وأظهر بحث سابق أن إضافة منتجات جديدة وعالية الجودة باعتبارها عروضاً ممتازة يمكن أن يجعل الزبائن يرفعون مستوى إدراكهم للعلامة التجارية الشاملة ويكونوا أكثر استعداداً للدفع في مقابل البدائل الممتازة. وأثبتت الوول ستريت جورنال في شكل شهير هذه الاستراتيجية عن طريق توسيع المحتوى الرقمي، وإضافة أقسام جديدة إلى الصحيفة مثل قسم العقارات، وإدخال المناسبات، ما أوجد تجربة للأعضاء ضاعفت الأسعار أربعة أضعاف في أقل من عشر سنوات، وأنهى الاعتماد السابق للصحيفة على الحسوم الضخمة.

ومع ذلك، غالباً ما تخرب المنتجات المجانية هذه الاستراتيجية نظراً إلى أن الزبائن يعتبرون فوائد المنتج المجاني أعلى مما يمكن أن يتوقعه نموذج التكلفة - الفائدة، مفضلين إياه في شكل غير متناسب على العروض الأخرى بسبب أثر السعر الصفري. وبكلام بسيط، عندما يتعلق الزبائن بالمجاني، يمكن أن يشكل إبعادهم عنه صعوبة. وهكذا وبالإضافة إلى تمديد خطوط المنتجات الممتازة، تحتاج الشركات أيضاً إلى فهم سلوك الزبائن وما الذي يستجيبون له.

وفي فضاء،البرمجيات كخدمات (Saas)، تُسمى هذه الاستراتيجية الإصدار، حيث يمكن توفير إصدارات مختلفة من المنتج أو الخدمة الممتازين للسوق. فهل تعمل هذه الاستراتيجية في جعل الزبائن يتركون الإصدارات المجانية وينتقلون إلى الإصدارات المتميزة؟

قيم بحثنا المنشور في دوريةالتسويق فعالية هذه الاستراتيجية من خلال تحليل مبيعات المحتوى العلمي من قبل دار نشر الأكاديميات الوطنية (إن أيه بي)  (NAP)، التي تقدم مجاناً عبر الإنترنت ملفات "بي دي إف" من كتبها، لكن تفرض أثماناً في مقابل إصداراتها الورقية. وأجرينا تجربة ميدانية عشوائية لتحميلات الزبائن ومشترياتهم على الموقع الإلكتروني لدار نشر الأكاديميات الوطنية (إن أيه بي) بين يناير /كانون الثاني وأغسطس/آب 2016. واختبرنا ثلاثة عروض مختلفة: 1) الإصدار المرجعي، مع نسخة "بي دي إف" مجانية ونسخة بغلاف ورقي ممتازة بأسعار معتدلة؛ و2) الإصدار التجريبي، مع نسخة "بي دي إف" مجانية، ونسخة بغلاف ورقي ممتازة بأسعار معتدلة، وكتاب إلكتروني ممتاز جديد يساوي أو يقل تكلفة عن النسخة ذات الغلاف الورقي؛ و3) إصدار تجريبي آخر مع نسخة "بي دي إف" مجانية، ونسخة بغلاف ورقي ممتازة بأسعار معتدلة، ونسخة بغلاف مقوى ممتازة أكثر بسعر أعلى بكثير.

ووجدنا أن توسيع خط المنتجات الممتازة، إما مع النسخة ذات الغلاف المقوى أو الكتاب الإلكتروني، أدت إلى أثر إيجابي في مبيعات الخيار الممتاز الموجود، أي النسخة ذات الغلاف الورقي.  وعندما عُرِض على الزبائن منتج ممتاز جديد أعلى جودة وأعلى سعراً، مثل النسخة ذات الغلاف المقوى، اختاروا النسخة ذات الغلاف الورقي أكثر. وزادت إضافة السخة ذات الغلاف المقوى الإيرادات من النسخة ذات الغلاف الورقي بنسبة 8.9 في المائة. أي أنهم اختاروا خيار "الحل التوفيقي" الوسط أحياناً أكثر، مبتعدين عن نسخ "بي دي إف"، ما أدى إلى أثر هذا الحل التوفيقي.  وهذا مماثل لما يقوم به مندوب المبيعات عندما تشتري أجهزة – إظهار المنتج ذي الحد الأدنى والمنتج المتطور جداً، وبيعك الخيار الأوسط.

وعندما عُرِض على الزبائن المنتج الأقل جودة، وإلى حد ما المنخفض السعر، مثل الكتاب الإلكتروني، ابتعدوا أيضاً عن نسخة «بي دي إف»ً واختاروا النسخة ذات الغلاف الورقي في كثير من الأحيان. وزادت إضافة الكتاب الإلكتروني إيرادات النسخة ذات الغلاف الورقي بنسبة 21.5 بالمائة. لماذا يحصل هذا؟ جعلت إضافة الكتاب الإلكتروني ذي السعر المماثل والجودة الأقل النسخة ذات الغلاف الورقي تبدو أكثر جاذبية بالمقارنة، ما أدى إلى زيادة المبيعات من هذه الأخيرة. وهذا هو أثر الجذب" الذي يجعل الإصدار ذا الغلاف الورقي خياراً مهيمناً. وحصل هذا الأثر فقط عندما اقترب سعر الكتاب الإلكتروني من سعر النسخة ذات الغلاف الورقي.  وعندما كانت أسعار الكتاب الإلكتروني أقل بكثير من أسعار النسخ ذات الغلاف الورقي، التهمت الأولى الثانية في مجال المبيعات. لذا من المهم أن يكون سعر النسخة المنخفضة الجودة أقرب إلى الإصدار المميز الموجود.

ويمكن للمسوِّقين استخدام النتائج التي توصلنا إليها لوضع استراتيجية لكيفية توسيع خطوط المنتجات – من نوعية المنتجات إلى مستوى أسعارها – لتحفيز المستخدمين المحبين لأسعار الصفرية لدفع ثمن السلع الممتازة. ويمكن لأي شركة تستخدم النموذج المجاني، بما في ذلك مواقع الوسائط أو الخدمات السحابية، أو الخدمات الرقمية، استخدام هذا البحث لدفع الإيرادات وإنشاء عل أكثر استدامة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي