ملخص: أجرت الشركات تغييرات هائلة على الطرق المتبعة في العمل، ولكن العمل الهجين أو العمل عن بُعد ليسا نهاية المطاف. يجب على الشركات التفكير في نموذج المواهب المرنة أو المفتوحة: العمل بناء على المشاريع أو العمل المؤقت ورفده بالموظفين غير المرتبطين بالشركة بصورة دائمة. ثمة حالات محددة قليلة يكون من المفيد جداً اتباع نموذج المواهب المفتوحة فيها، مثلاً: 1) لا يمكن إعادة توزيع الموظفين الداخليين بسهولة، أو 2) تعيين موظفين خارجيين أقل تكلفة من تعيين موظف جديد من داخل المؤسسة أو من عمل الموظفين الحاليين أوقاتاً إضافية، أو 3) المواهب ذات التخصصات المحددة ضرورية وليست متاحة داخلياً، أو 4) العائدات على الحلول الاستثنائية مرتفعة. يجب أن تفكر الشركات في مستوى المعرفة الخاصة بالشركة المطلوبة لتنفيذ مشروع معين، ودرجة تكرارها، وتكاليف التكامل الناتجة عن إدخال أسلوب العمل المتبع في حلّ المواهب المفتوحة إلى المؤسسة الكبرى. يمكن أن يوفر حلّ المواهب المفتوحة للمؤسسات المرونة وإمكانية الوصول إلى المواهب والموارد التي لا يمكن لنماذج التوظيف التقليدية توفيرها، وتزداد احتمالات نجاح هذا النموذج مع تفضيل أعداد متزايدة من الموظفين المرونة في عملهم.
تخيل مستشاراً يقول لمسؤول في أحد المناصب التنفيذية العليا في عام 2019 أن أعداداً كبيرة من موظفي شركته سينتقلون إلى العمل عن بعد بعد أيام قليلة، وأنهم سيشهدون ارتفاعاً كبيراً في الإنتاجية بعد المرور بفترة تكيف وأن كثيراً من هؤلاء الموظفين لن يرغبوا في العودة إلى المقار المكتبية مجدداً. لن يتم تجديد عقد المستشار على الأرجح. وعلى الرغم من ذلك، تشير الدراسات الاستقصائية التي أجراها المؤلفان بصورة مستقلة إلى أن هذا الوصف ينطبق بدقة على ثورة العمل عن بُعد في كثير من الشركات. بينت تجربة العمل عن بُعد التي فُرضت علينا طوال السنتين الماضيتين للمؤسسات مزايا أساليب العمل التي لم تكن ستفكر فيها بأي حال من الأحوال، كما بينت للموظفين أيضاً أنهم ليسوا مقيدين بالعمل التقليدي ضمن المقار المكتبية في شركة واحدة كما كانوا يعتقدون، وبينت للطرفين أنه لا سبيل للعودة.
ولكن العمل الهجين والعمل عن بُعد ليسا نهاية المطاف. أدت الإمكانات الجديدة التي توفرها المؤسسات للعمل عن بعد إلى توفير فرص جديدة، والوقت الآن مناسب ليعمل القادة على تقييم مدى نجاح التغييرات الأخرى في نموذج التوظيف.
يجدر بهم التفكير في نموذج المواهب المفتوحة أو المرنة تحديداً، المواهب المرنة والمواهب المفتوحة هما مصطلحان واسعان يشملان سيناريوهات تبدأ من العاملين المستقلين (freelancers) المحليين الذين يحضرون إلى المقرات المكتبية مروراً بالموظفين بعقود عبر الإنترنت المنتشرين في أنحاء العالم وصولاً إلى التعهيد الخارجي للابتكار عن طريق المسابقات، وتتمثل سمتهما المميزة في نموذج العمل بناء على المشاريع أو العمل المؤقت الذي يتم رفده بموظفين غير مرتبطين بشركة معينة بصورة دائمة. إذا تم تنفيذ أساليب العمل هذه على النحو الصحيح فستساعد المؤسسات في الحصول على أصحاب المواهب والمهارات مع توفير المرونة التي يتعطش لها كثير من العاملين بصورة متزايدة.
تتبنى الشركات هذين النموذجين ببطء تماماً كما كان الحال مع العمل عن بُعد قبل جائحة كوفيد، وعلى اعتبار أحدنا كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة "أب وورك"، منصة سوق العمل الكبيرة، والآخر باحثاً أكاديمياً يدرس نموذج المواهب المفتوحة منذ أكثر من 10 أعوام، تمكنا من رصد ارتفاع بطيء في استخدام نموذج المواهب المفتوحة في الأعوام التي سبقت انتشار الجائحة. ولكن الآن مع اكتساب نموذج العمل عن بُعد صبغة الأمر الطبيعي المعتاد، بدأنا بملاحظة تغيير سريع.
من أجل مساعدة الشركات في فهم الاحتمالات الجديدة التي يتيحها نموذج المواهب المفتوحة والاستفادة منها نرغب في تسليط الضوء على بعض التوجهات في مشهد المواهب المرنة والمواهب المفتوحة، والتعليق على الوظائف أو المهام الأكثر ملاءمة لهذين النموذجين وتحديد الاعتبارات التي يتعين على المدراء أخذها في حسبانهم للبدء بتنفيذهما.
لماذا نستخدم نموذجي المواهب المرنة والمواهب المفتوحة؟
كانت النماذج المرنة عادة تخدم 3 أهداف:
- أولاً، تتيح المرونة للمؤسسات توسيع نطاق التوظيف أو تقليصه، والتماشي مع التغير في الطلب على العمالة.
- ثانياً، تتيح النماذج المرنة التعهيد الخارجي للمهام الصغيرة في المواقف التي لا تسوغ تعيين موظف بدوام كامل، وحيث يمكن أن تؤدي متطلبات النفقات العامة في حلول التوظيف المؤقت التقليدية إلى إبطاء المشروع أو تحميل المؤسسة تكاليف باهظة.
- ثالثاً، توفر استراتيجيات المواهب المرنة إمكانية الوصول إلى مجموعة مواهب ابتكارية أو متنوعة أكبر من التي يمكن الوصول إليها عبر خطوط الإمداد التقليدية لتوفير الموظفين. لاحظت الشركات الرائدة في قطاعاتها، مثل "نتفليكس" ووكالة "ناسا" أن المسابقات التي يشارك فيها متسابقون خارجيون تتغلب عادة على المقاييس المعيارية الداخلية للابتكار المستخدمة في مشاريع مشابهة.
ومع ذلك، لا تزال المؤسسات التي تتبنى نموذج المواهب المفتوحة تواجه بعض العوائق. في شركة "أب وورك"، وهي سوق عمل إلكترونية رائدة، لاحظ فريق المبيعات بعض العقبات الشائعة لدى العملاء المحتملين، وشكل عدم قبول العمل عن بُعد واحدة من أهم هذه العقبات إذ إن أصحاب المواهب المرنة يعملون عن بُعد غالباً. كما لاحظنا مقاومة ناجمة عن القصور الذاتي أو البيروقراطية في الشركات، والمخاوف المتعلقة بالملكية الفكرية أو مخاطر الأمن، وعدم اعتياد الأدوات وممارسات الإدارة التي تزيد من فاعلية نموذج المواهب المفتوحة. وبالنتيجة، بحثت الشركات عن المواهب بصورة رئيسة ضمن سوق العمل الداخلية أو شبكات التوظيف القائمة فعلاً ووفقاً لترتيبات التوظيف التقليدية بصورة أساسية.
ولكن بدأنا نلاحظ بعض التغيير. في الدراسات الاستقصائية التي أجراها أحدنا، أوزيمك، على عينة تمثيلية من الشركات، أشار أكثر من نصف مدراء التوظيف إلى أن العمل عن بعُد زاد قدرتهم على الاستعانة بالعاملين المستقلين عن بُعد أو رغبتهم فيها في أثناء الجائحة وما بعدها.
شهد عرض العاملين المهتمين بهذه النماذج ارتفاعاً بصورة متزامنة، شهدت معدلات العاملين المستقلين الذين يعملون لحسابهم الشخصي ارتفاعاً كبيراً على مدى العام الماضي، ليدعم التقارير غير الرسمية التي تقول إن كثيراً ممن يفكرون في الانضمام إلى موجة الاستقالة الكبرى يطلبون قدراً أكبر من المرونة والقدرة على التحكم بحياتهم. في الدراسة الاستقصائية التمثيلية التي أجريت على أشخاص في سن العمل بالولايات المتحدة، قال شخص من كل 5 أشخاص ممن يستطيعون العمل عن بُعد أغلب الوقت إنه يفكر في العمل المستقل من أجل الاستمرار بالعمل عن بُعد، وبالنسبة للأشخاص الذين يفكرون في العمل المستقل، كان جدول العمل الأكثر مرونة يحظى بأكبر قيمة.
في سلسلة من الدراسات الاستقصائية أجرتها شركة "أب وورك"، قال المشاركون إنهم حصلوا على الفرص والفوائد من استخدام مزيد من خيارات العمل المستقل. كما سألنا المشاركين الذين عملوا مع موظفين مستقلين أو قاموا بتعيينهم في السنة الماضية عن الخيارات التي سيتخذونها لو لم يحصلوا على المساعدة الخارجية، فقال البعض إنهم كانوا سيتمكنون من إنجاز العمل بأنفسهم (35%)، أو إنهم كانوا سيطلبون من فرقهم إنجازها (28%)، وهذان الخياران يسهمان في الإصابة بالاحتراق الوظيفي. في حين قال آخرون (20%) إنهم كانوا سيستعينون بشركة خدمات خارجية، وقال 3% إنهم كانوا سيستعينون بشركة توظيف. وقال 8% فقط إنهم كانوا سيعيّنون عدداً من الموظفين الجدد بدوام كامل، وقال 6% إن العمل لم يكن سينجز إطلاقاً.
كما أبلغ المشاركون عن التعاقد مع عدد أكبر بكثير من العاملين المستقلين في أثناء الجائحة (قال 53% إنهم استعانوا بعدد أكبر من العاملين المستقلين عن بُعد مقارنة بنقطة البداية قبل الجائحة، بمقابل 6% فقط ممن استعانوا بعدد أقل) وخططوا للاستعانة بهم أكثر على مدى العامين التاليين (47% بمقابل 11%).
ما الوظائف أو المهام الأكثر ملاءمة لنموذجي المواهب المرنة والمواهب المفتوحة؟
أثبت النموذجان المرن والمفتوح فعاليتهما في مجموعة كبيرة من الوظائف والمهام، وتشمل أهم فئات المهارات على منصة "أب وورك" الدعم الإداري (ومنها المهام الروتينية نسبياً مثل إدخال البيانات) وتطوير المواقع الإلكترونية والبرمجيات، وتتنوع هذه المهارات بين المهارات التي يسهل العثور عليها والمهارات النادرة ذات التخصصات المحددة وذات الأجور العالية. تركز منصات أخرى مثل منصة "توب كودر" على المسابقات، وهو نموذج أثبت قيمة هائلة في الابتكار، إذ تجري مسابقات نمطية تضم البرمجة العالية المستوى أو العمل على تعلم الآلة أو غيرها من أعمال التصميم الشخصية.
بالنظر إلى مجموعة المهارات المتاحة على المنصات المفتوحة، ثمة حالات قليلة يكون استخدام نموذج المواهب المفتوحة مفيداً جداً، نحدد منها ما يلي:
- لا يمكن إعادة توزيع الموظفين الداخليين بسهولة.
- تكلفة تعيين موظفين من خارج المؤسسة أقل من تكلفة تعيين موظفين جدد من داخلها أو دفع أجور الأوقات الإضافية للموظفين الحاليين.
- المؤسسة بحاجة إلى مهارات ذات تخصصات محددة وهي ليست متاحة داخلها.
- عائدات الحلول الاستثنائية عالية.
في الحالات الثلاثة الأولى تستجيب الشركات لحاجة بسيطة إلى المواهب، ولكن الحالة الأخيرة تسلط الضوء على حافز مهم آخر: في كثير من السياقات تغلب الموظفون الخارجيون على الداخليين مباشرة، فهم قادرون على توفير الكثير من الأساليب أو الحلول المختلفة لمشكلة ما، ما يتيح للشركة اختيار الأفضل.
ولكن ربما كانت طبيعة المهام نفسها أهمّ من المواقف التي دفعت الشركات لاتباع نموذج المواهب المفتوحة، ويجب على الشركات تقييم بضعة متغيرات مهمة قبل تحديد طريقة استخدام نموذج المواهب المفتوحة أو المرنة.
أولاً، سيحدد مستوى المعارف الخاصة بالشركة اللازمة لتنفيذ مشروع معين درجة أهمية كل من الموظفين الداخليين والخارجيين. على الرغم من أن العاملين المستقلين قادرون على بناء تطبيقات الويب القائمة على قواعد البيانات من الصفر، وربما كانوا أكثر فاعلية في ذلك من الموظفين الداخليين في كثير من الشركات، فالمشروع الذي يتطلب التعامل بفعالية مع التطبيقات الحالية التي تتطلب فهم سياق الشركة الخاص بدرجة كبيرة سيعني أحد الخيارات التالية: إما أ) الحاجة إلى موظف داخلي ليشكل جسراً بين الشركة والعامل المستقل، وإما ب) ضرورة أن يتعلم العامل المستقل أنظمة الشركة الداخلية ويحتمل أن تكون التكلفة أعلى من تكلفة الموظف الداخلي، وإما ج) سيخدم الموظف الداخلي دوراً تكاملياً يعتمد على عمل العامل المستقل.
ثم تأتي مسألة درجة تكرار المشروع أو المهمة، فجميع عمليات التوظيف أو إعداد الموظفين الجدد تترافق مع بعض التكاليف، سواء كانت فحص العامل عن بعد أو إعداد مسابقة أو شغل دور بدوام كامل. إذا كان من الضروري تكرار المشروع أو المهمة مع مرور الوقت فسيميل الميزان تجاه تعيين موظفين دائمين من أجل توفير هذه التكاليف لا سيما إذا كانت تتضمن تكاليف تدريب موظف جديد على العمليات الخاصة بالشركة. من الجهة الأخرى، يمكن أن تكون المهمة المتكررة مناسبة لنموذج المواهب المفتوحة إذا كانت تتضمن مهارات شائعة ولا تتطلب فهم سياق الشركة الخاص بدرجة كبيرة.
وأخيراً، لدينا تكاليف التكامل التي تنجم عن دمج عمل حلّ المواهب المفتوحة في المؤسسة الكبرى، تكون هذه التكاليف منخفضة في المشاريع التي تحتاج إلى درجة بسيطة من المعارف الخاصة بالشركة، ويمكن أن تكون مرتفعة جداً في المشاريع التي تتضمن مهام تتسم بخصوصية كبيرة بالنسبة للشركة.
مع وضع هذه العوامل في عين الاعتبار، نرى أن العمل عن بعد يسرّع تغييراً يخفض تكاليف عمليات التوظيف والفحص والمراقبة على المدراء ويقلل العقبات التي يواجهها الموظفون في فهم السياق الخاص بالشركة.
لقد أوصلتنا بضعة تغييرات مهمة إلى هنا. أولاً، لاحظنا تغييراً في طرق التفكير في العمل عن بُعد، إذ أصبح مدراء التوظيف الذين يعملون على شغل أدوار للعمل عن بعد مرتاحين أكثر في التفاعل مع الموظفين الذين لم يلتقوا بهم شخصياً بعد، ما يتيح المجال للعمل من أي مكان ولاتباع نموذج التوظيف المفتوح أو المرن. ثانياً، استثمرت الشركات في أدوات التواصل الافتراضي (مثل الاتصال عبر الفيديو ومشاركة الشاشة) التي تزيد سهولة معالجة المشكلات عن بعد ومنح الموظفين الخارجيين وسيلة للتفاعل وتقديم التقييمات والآراء والحصول عليها. ثالثاً، أجبر العمل عن بعد وأدواته، مثل منصة "سلاك"، الشركات على اتباع طرق أفضل في تحديد المهام وتسجيل العمليات والخصائص، ما سهّل تدوين الخصائص على نحو يجعل الموظف الذي لا يملك الكثير من المعارف الخاصة بالشركة قادراً على فهمها، ما يتيح بدوره فتح أبواب الشركة أمام الموظفين الخارجيين.
إذاً، من أين تبدأ الشركات؟
ما يجب على المدراء فعله
المنصات هي الطريقة الأولية التي يستعين بها العاملون المستقلون للعثور على الشركات من أجل العمل المرن أو المفتوح والعكس بالعكس، وهي تساعد في بناء الثقة لدى الموظفين والشركات على حد سواء. بالنسبة للعاملين المستقلين، توفر المنصات حماية عن طريق ضمانات الدفع وآليات حل النزاعات والقدرة على تأسيس سجل إنجازات موثق للتقييمات ودرجات السمعة، أي ملف سيرة ذاتية افتراضي نوعاً ما. ويمنح سجل الإنجازات هذا الشركات الثقة عندما تعين موظفين من مجموعة المواهب العالمية، وليس عليها فهم خصائص سوق العمل المحلية (مثل طرق التصنيف في إحدى الكليات والشركات التي تشير إلى قدرات معينة وما إلى ذلك) من أجل العثور على الشخص المناسب للوظيفة.
إذا قرر مدراء التوظيف استخدام المنصات فثمة أمور يتعين عليهم التفكير فيها.
تؤدي المنصات إلى زيادة صعوبة إخفاء الفشل، الأمر الذي سيكون مفيداً جداً لغير المختصين بالتوظيف الذين لا يملكون المهارات اللازمة لتقييم الموظفين الجدد (مثل الفنان الذي يرغب بتعيين محلل والمحلل الذي يرغب بتعيين فنان). تساعد إشارات الأسواق المأخوذة من المشترين السابقين في عملية فحص المتقدمين للوظائف، وتوفر المنصات معايير موضوعية للأداء السابق التي يكاد يكون توفيرها في عمليات الموارد البشرية التقليدية مستحيلاً. ولأن كل معاملة تسهم في الإيرادات الحالية والمستقبلية على حد سواء من خلال الإشارات العامة عن الأداء في الوظيفة، يعد التهديد بالتقييم الضعيف بمثابة أداة تأديبية من المحتمل أن تؤدي إلى تحسين معدلات الوفاء بالعقود.
تعمل المنصات بصورة أساسية على جني المال من عمليات التوظيف الناجحة إذ تفرض الحد الأدنى من الرسوم المدفوعة مقدماً. وبالنتيجة، يمكن للعملاء تعيين عامل مستقل في مشروع قصير الأجل من دون القيام باستثمار كبير قبل اتخاذ قرار بتعيينه بصورة دائمة. ومع توسيع العمل عن بُعد لمجموعة أصحاب العمل المحتملين والموظفين المحتملين على حد سواء، تزداد فرص نجاح عمليات التعيين وزيادة قيمة نموذج "التجربة قبل الشراء" مع المواهب المرنة.
إذا بدأت رحلتك خارج المنصات، فيمكنك استخدام الرؤى حول سبب نشوء المنصات كي تتمكن من تصميم عمليتك الخاصة على نحو يتغلب على مشكلات المعلومات التي تسعى المنصات لحلها.
هذا يعني على الأرجح أنك بحاجة إلى طريقة ما لفحص المتقدمين، مثل فحص تاريخ التوظيف، أو استخدام صيغة مثل صيغة المسابقات التي تجرد تاريخ التوظيف من أهميته. لا يمكن أن يتحقق توافق الحوافز بهذه الحالة من الوعد بإشارة عامة بتقديم تقييم جيد، ولكن قد يتحقق من توضيح مسار إلى منصب دائم أو تقديم مكافأة مالية كبيرة عند نجاح المشروع.
يجب أن يعي مدراء التوظيف سياق الشركة الخاص ويحاولوا تقليص أهمية فهمه مع الحرص على دمج أي حلّ يحصلون عليه من أشخاص خارجيين. خذ مثلاً شركة "نتفليكس" التي تمكنت من الحصول على أكثر من 2,000 مشاركة في تحدي التوقع الشهير عن طريق توفير قاعدة بيانات سهلة الفهم عن تقييمات الأفلام لم تجبر المشاركين على فهم التصميم الأساسي للنظم الخلفية (باك إند) في الشركة.
كما يمكنك إجراء بعض التجارب ومقارنة عدة نماذج مختلفة واختيار الأفضل، جرب أن تقيس نتائج المهام أوالمشاريع القابلة للمقارنة التي يمكن تنفيذها بعدة طرق (داخلياً وعن طريق نموذج المواهب المفتوحة) كي تتمكن من قياس الإنتاجية في ظروف مختلفة. نعتقد أن الطبيعة الخاصة لمعظم النتائج تعني أن التجربة تتمتع بقيمة أكبر من النصيحة الشاملة. كما يمكن أن تتضمن التجارب تجريب صيغ مختلفة كالمسابقات أو العقود الساعية، ومنصات مختلفة مع مزيج مختلف من الموظفين بعقود.
بالنسبة للشركات التي تجري التجارب سنكون ممتنين جداً إن أعلمتمونا بنتائج تجاربكم. لا تترددوا في إخبارنا عن التقدم الذي تحرزونه في رسالة إلكترونية إلى عنواننا ([email protected]).
وأخيراً، قد تشعر شركات كثيرة بالقلق من تسريب المعلومات، لا سيما فيما يتعلق بالأسرار التجارية أو الملكية الفكرية. ولكن حتى قبل انتشار الجائحة، تطورت منصات العمل المستقل ومنصات المسابقات لتعالج كثيراً من هذه المشكلات، ويمكن أن تكون دروسها مفيدة بالنسبة للمدراء الذين يفكرون في تعيين موظفين عن بُعد أو عاملين مستقلين فحسب. تدعم منصات كثيرة اتفاقيات عدم الإفصاح وغيرها من الاتفاقيات القانونية التي تساعد في حماية الملكية الفكرية، كما أن تجريد العمل من السياق، الأمر الذي يسهّل الاستعانة بالمواهب المفتوحة، يمكن أن يساعد في تخفيف مخاطر الملكية الفكرية إذ إن المعلومات المسربة من دون سياق لن تشكل نقطة بيانات مفيدة مثل رؤية الصورة الشاملة. في الحقيقة، يدير كثير من صناديق التحوط الكمية مخاطر الملكية الفكرية بطرق مماثلة. وبالنتيجة من المحتمل أن يؤدي النموذج المفتوح إلى إنشاء وحدات عمل منعزلة تعمل في بعض الحالات على حماية الملكية الفكرية على نحو أفضل مقارنة بترتيبات العمل التقليدية.
ما معنى ذلك على المدى الطويل؟
ما الذي يعنيه التوجه الواسع النطاق إلى المواهب المرنة بالنسبة للأجور؟ يتوقع المدراء المعتادون على الاستعانة بجيش من المستشارين أو الموظفين المؤقتين الذين تتيحهم وكالات التوظيف أن يدفعوا أجوراً أعلى للمواهب المرنة، في حين يتوقع الذين استعانوا بمصادر خارجية لأداء العمل في المجالات المنخفضة التكلفة أن يتمكنوا من توفير التكاليف. يجب أن يدرك المدراء أن زيادة الاستعداد لاستخدام المواهب المفتوحة يعني المنافسة مع أفضل الشركات على أفضل المواهب. في الاقتصاد الرقمي المعولم، لن تتنافس الشركات الغربية مع الشركات الهندية المحلية على أفضل المواهب الهندية فقط، وإنما ستتنافس مع أي جهة ترغب في دفع المال للعمل الرقمي. وبالنتيجة نتوقع أن تساعد المواهب المفتوحة في تعميم إمكانية الوصول إلى الفرص وتزيد معايير الحياة في الأماكن التي تكون الفرص المحلية فيها شحيحة.
ختاماً، يبدو أن اكتساب الخبرة في العمل عن بُعد يتيح فرصاً للاستفادة من نموذج المواهب المرنة أو المفتوحة، وعند الاستفادة منه على النحو الصحيح سيحفز نتائج استثنائية ولكنه يتطلب إدارة هادفة.