نموذج استشفائي جديد لإدارة حالات المرضى ذوي الاحتياجات الكبيرة وعالية التكلفة

5 دقائق

توفر الشراكة بين مركز بوسطن الطبي و"جمعية كومنولث كير ألاينس (سي سي أيه)" للرعاية الصحية المجتمعية نموذجاً استشفائياً جديداً واعداً لعلاج المرضى المقيمين بالمستشفيات ممن يحتاجون إلى الرعاية الدقيقة ممن لديهم احتياجات طبية مكثفة ومكلفة بشكل مستمر.

عادة ما يكون لدى مرضى الرعاية الدقيقة تاريخ طبي معقد، ويعانون من مشكلات في وظائف الأعضاء أو يكونون من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتناولون العديد من الأدوية التي وصفها عدة أطباء في عيادات خارجية، ومسببات اجتماعية للمرض. وينطوي توفير العلاج لهم داخل المستشفى على صعوبات.

على سبيل المثال، يعتمد نموذج الاستشفاء البارز بشكل متزايد على أطباء المستشفى من ذوي الخبرة في مجال العناية بالمرضى داخل المستشفى. لكن هؤلاء الأطباء لديهم معرفة سابقة قليلة أو معدومة بحالة المرضى الذين يعالجونهم. وقد أظهرت بعض البيانات أنّ هذا النموذج يمكن أن يؤدي إلى انخفاض متوسط ​​مدة الإقامة دون زيادة التكاليف، لكن مدى تأثيره غير واضح على النتائج المتمحورة حول المريض وإجمالي التكاليف الطبية. وليس معروفاً بشكل خاص بالنسبة للحالات الأكثر تعقيداً من المصابين بأمراض مزمنة، إذا كان طبيب المستشفى، الذي لديه خبرة في العناية الدقيقة وملم بالتاريخ المرضي لكل شخص، يمكن أن يحقق نتائج تتمحور حول المريض أفضل من طبيب مستشفى تقليدي.

استثمرت كذلك جمعيات الرعاية التي تتحمل المخاطر المالية في نماذج عمل تحسّن تحويلات المرضى المقيمين بالمستشفى إلى الرعاية الطبية في العيادات الخارجية، وذلك بهدف تقليل إعادة إدخال المرضى إلى المستشفى وتلافي المضاعفات الأخرى التي تكون مصاحبة لتوقف تلقي الرعاية الصحية. على سبيل المثال، استثمرت جمعيات مثل "كير مور" (CareMore) في الأطباء "المعاودين" الذين يسافرون لعيادة مرضى "كير مور" في المستشفيات التي قبلوا فيها بحيث تسمح لهم الإقامة في المستشفى بتقديم الرعاية الأولية للمرضى. ويهدف الأطباء "المعاودون" (ويُعرفون أيضاً باسم "أطباء الرعاية الشاملة") إلى التأثير على مسار العلاج في المستشفى ومتابعة خروج المريض وانتقاله إلى الرعاية الخارجية، إما من خلال الإشراف على حالة المريض مباشرة في المستشفى أو تقديم التوصيات. وتقول جمعية "كيرمور" إنّ معدل إعادة دخول المرضى إلى المستشفى باستخدام هذا النموذج هو 30 يوماً لمرضى برنامج "مديكير" الصحي (Medicare)، وهو أقل بنسبة 40% من المعدل القومي.

ومثلما تشير نتائج "كيرمور" عن مرضى "مديكير" الذين يتبعونها وعن برنامجها الذي توفره منذ ثلاث سنوات لمرضى برنامج "مديكيد" (Medicaid)، فإنّ الأطباء "المعاودين" يسهمون في تحسن حالات المرضى من خلال درجات تأثيرهم في تجهيزات الرعاية الصحية في المستشفى. فهل يمكن لخدمة الاستشفاء المخصصة لرعاية الحالات الدقيقة أن تحدث تأثيراً أكبر؟

لمعرفة ذلك، أنشأت جمعية "كومنولث كير ألاينس" ومركز بوسطن الطبي خدمة استشفائية يوفرها أطباء وكذلك ممرضون وأطباء مساعدون متخصصون في الرعاية الدقيقة. (توفر جمعية "كومنولث كير ألاينس" برامج صحية لأفراد مؤهلين لرعاية مرضى "مديكير" و"مديكيد" ويقدمون خدماتهم للحالات الأكثر تعقيداً من الناحية الصحية والاجتماعية مقارنة ببقية المرضى). هذا النموذج الاستشفائي المعقد الذي أطلق في يوليو/تموز عام 2016 يتضمن أربعة مكونات أساسية قابلة للتكرار.

الاتصالات. يتواصل فريق الرعاية الدقيقة الاستشفائي بشكل متكرر مع فرق الرعاية الأولية للمرضى، وهو أمر لا يقوم به عادة أطباء المستشفى. يتم الاتصال بفريق الرعاية الأولية عند دخول المرضى إلى المستشفى، ويطّلعون على التطورات أولاً بأول طيلة فترة الاستشفاء ويتم التشاور معهم عند بدء التخطيط لخروج المريض. يحدث الاتصال عبر البريد الإلكتروني والهاتف والرسائل النصية ويُستخدم للتحقق من الأدوية والتاريخ الطبي وظروف المرض والعوامل الاجتماعية التي قد تكون ذات صلة بدخول المريض إلى المستشفى. على سبيل المثال، إذا أجري تشخيص جديد خلال فترة الاستشفاء، يبلّغ فريق الرعاية الأولية ويُطلب منه المساعدة في توصيل الأخبار إلى المريض والعائلة، ما يؤدي إلى تحسين تجارب المرضى وعملية خروجهم من المستشفى.

استمرارية الرعاية. يوضع المرضى الذين يدخلون إلى قسم الرعاية الدقيقة في الوحدة نفسها بالمستشفى، حيث يكون هناك طاقم ثابت من الممرضين ومجموعة أساسية من الأطباء المختصين بالطب الاستشفائي. وبما أنّ العديد من المرضى يدخلون إلى القسم مرة في السنة على الأقل، غالباً ما يكون الممرضون والممرضات والأطباء على معرفة بهم، ما يوفر استمرارية العلاج بمرور الوقت. من أجل ضمان خروج آمن، يتولى فريق الرعاية الانتقالي بإشراف ممرض أو ممرضة تنسيق خطة خروج المريض مع طاقم المستشفى والأطباء الاستشفائيين وفرق الرعاية الأولية بالإضافة إلى المرضى وعائلاتهم أو مقدمي الرعاية الصحية المنزلية.

المحددات الاجتماعية للصحة. بالنسبة للحالات الدقيقة، قد يكون للإنفاق على الاحتياجات الاجتماعية مثل الغذاء والسكن تأثير أكبر على النتائج الصحية ورفاهية المريض من الرعاية الطبية. تدرّب خدمة الرعاية الدقيقة أطباء وممرضات وأعضاء فرق تحويل الرعاية بين المستشفى والمنزل على تمييز العوامل الاجتماعية المؤثرة في الصحة وكيفية تحديد الاحتياجات الاجتماعية للمرضى. على سبيل المثال، قد يعاني المريض المصاب بمرض السكري أيضاً من انعدام الأمن الغذائي، ما يؤدي إلى صعوبة الحصول على الطعام الذي يساعد حالته الصحية وينتج عن ذلك زيادة مرات دخوله إلى المستشفى بسبب مرض السكري. يبحث مقدمو خدمة الرعاية الدقيقة عن الدوافع الكامنة لدخول المريض إلى المستشفى بسبب السكري ثم يُنسقون مع بنك الطعام أو برنامج "ميلز أون وِيلز" (Meals on Wheels) الخيري لإيصال الوجبات للمنازل وتوفير الطعام المناسب لمريض السكري عندما يعود إلى المنزل.

متخصصون في الرعاية الدقيقة. يستعين فريق العناية الدقيقة الاستشفائي بأطباء وممرضين وأطباء مساعدين لديهم خبرة في رعاية المرضى الذين يعانون من حالات طبية معقدة أو ذوي الحالات الخاصة. وسواء حصلوا على تدريب رسمي من خلال الزمالة في الرعاية الطبية الدقيقة أو اكتسبوا خبرتهم في العمل في مجال الرعاية الأولية المتخصصة، يتدرب فريق الاستشفاء للرعاية الدقيقة في كل من طب الحالات الحرجة ورعاية احتياجات هذه الفئة من المرضى. تلقى الممرضون والممرضات في الوحدة تدريباً على الرعاية التمريضية للحالات الدقيقة؛ على سبيل المثال، حول كيفية رعاية المرضى ذوي الحالات الخاصة ومن يعانون من قيود وظيفية.

لقد بدأنا للتو في تقييم فاعلية هذا الجهد، وتبدو النتائج الأولية واعدة. أجرينا مراجعة أولية للمخطط وفحصنا الاختلافات في معدلات إعادة الدخول للمستشفى مدة 30 يوماً بين جميع مرضى الرعاية الأولية ضمن برنامج الرعاية الصحية المجتمعية" التابع لجمعية "كومنولث كير ألاينس" الذين دخلوا إلى مركز بوسطن الطبي خلال شهر واحد. دخل عشرة مرضى إلى خدمة الرعاية الدقيقة وخمسة إلى قسم الطب العام أو القسم الاستشفائي. المرضى الذين خرجوا من خدمة الرعاية الدقيقة سجلوا معدل إعادة دخول إلى المستشفى بنسبة 20% لمدة 30 يوماً وقصد 20% قسم الطوارئ في غضون 30 يوماً بعد خروجهم. وبلغ معدل الدخول إلى المستشفى ثلاثين يوماً لنسبة 80% من المرضى الذين خرجوا من أقسام الطب الاستشفائي والطب العام، بينما عاد 20% من هؤلاء المرضى إلى قسم الطوارئ خلال 30 يوماً. وفي حين أنّ عينة هذا التقييم الاستكشافي صغيرة، تدعم البيانات التجارب النوعية التي تحدث عنها المرضى ومقدمو الرعاية الصحية لوصف خدمة الرعاية الدقيقة. ونحن الآن نجري تقييماً لأكثر من 1,000 حالة دخلت إلى المستشفى.

تشير هذه النتائج الأولية أيضاً إلى أن بعض مرضى الحالات الدقيقة قد يحصلون على خدمة أفضل من قبل مقدمي الرعاية الذين تتوفر أمامهم تجهيزات أفضل لرعاية مرضى العيادات الخارجية حيث الإمكانات الخاصة بتقديم رعاية للمرضى ذوي الاحتياجات الطبية والاجتماعية المعقدة أو ذوي الاحتياجات الخاصة. يمكن خدمة المرضى الآخرين بشكل مناسب من خلال استشاري مساعد أو عن طريق نظام "الأطباء المعاوِدين". أما الآخرون الذين قد لا يحتاجون إلى مستوى الخبرة أو الرعاية الفائقة التي يمكن أن يقدمها طبيب المستشفى أو طبيب معاوِد، فيمكن أن يحصلوا على الرعاية بشكل ملائم عبر نموذج الاستشفاء التقليدي.

تتمثل التحديات التي تواجهها المؤسسات أو الجمعيات المؤسسة على القيم في مدى قدرتها على التحكم بتجهيزات المرضى المقيمين بالمستشفى وكيفية اختيار نموذج الرعاية الاستشفائي المناسب لاحتياجاتهم الخاصة. ولكن في عصر أصبحت فيه تكاليف المستشفى ونتائج الرعاية، لاسيما بالنسبة للمرضى الذين يحتاج علاجهم تكاليف باهظة واحتياجات كبيرة، أكثر أهمية من أي وقت مضى، يوفر نموذج العناية الدقيقة الاستشفائي خياراً قابلاً للتحقيق وقابلاً للتكرار بالنسبة للرعاية الطبية بالمستشفيات والمؤسسة على القيمة.

تود الكاتبة أن تشكر ساغار راجو على مساعدته البحثية.
ملاحظة المحرر: تم تحديث هذه المقالة لتصحيح بعض التفاصيل حول برامج "كير مور".

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي