واحدة من أكثر الانتقالات الوظيفية إثارة ورعباً هي فرصة الانتقال إلى منصب مدير لأول مرة. خلال مسيرتي المهنية في بناء الأعمال وتقديم النصح للرؤساء التنفيذيين، التي كان من أحدثها استكشاف فلسفات ومعتقدات 100 من قادة العالم لاستكمال كتابي الأحدث "أناس جيدون" (Good People)، إذ أوضحت أهم الأشياء التي يمكن للقائد أو المدير الجديد فعلها. سواء كنت لا تزال تجري مقابلات للعمل الجديد أو حصلت مؤخراً على ترقية إلى منصب قيادي، فهناك مبادئ لا غنى لك عن معرفتها ستضعك على درب النجاح. نستعرض فيما يلي خمساً منها.
أسّس لفلسفة قيادية
كنت أؤمن بأن القيادة والإدارة يتمحوران حول الوصول إلى القاعدة الصحيحة من التابعين، إلى أن توصلت صدفة لفكرة منسوبة إلى توم بيترز يقول فيها: "القيادة الحقيقية هي إنتاج قادة آخرين". من وجهة نظر بيترز، القائد العظيم هو شخص ملتزم برفع الآخرين معه. لهذا السبب فإن توصيتي الأولى هي الاجتهاد والتفكير في فلسفتك حول القيادة. هل تشعر بالإثارة والحماس لأن منصبك يمنحك سلطة إخبار الآخرين ما يفعلونه؟ أم أنك تتحمس أكثر لفكرة مساعدة الآخرين في بلوغ ما وصلت إليه؟
ركّز على ما تفعله كل يوم للإدارة والقيادة
إذ يُعتبر الهدف الحقيقي الطويل الأمد للقيادة العظيمة هو بناء فريق حولك يكون الجيل القادم من القادة الذين من المحتمل أن يتفوقوا عليك في أدائك. فأفضل القادة هم بلا شك أفضل المرشدين أيضاً. لكن العمل اليومي للقيادة والإدارة يتضمن تخصيص موارد محدودة في شكل المال أو الوقت أو الأشخاص. فهل توظف مالك في النواحي التي تخلق أفضل قيمة على المدى البعيد؟ هل تدقق في وقتك من حيث تأثيراته وعوائده؟ حيث من أفضل الممارسات التي أفعلها مراجعة جدول أعمالي للنظر فيما إذا كان الوقت الذي أستثمره مرتبطاً بأولوياتي القصوى أم لا.
كن واضحاً في اتصالاتك وأولوياتك
لا شك في أن مهاراتك في التواصل ساعدتك للوصول بعيداً، وهي الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى. حيث من المهم أن توضّح أولوياتك قدر الإمكان خلال الاجتماعات بسؤال نفسك: هل النية من هذا الاجتماع هي الإخبار عن شيء أو الحصول على رأي أو الحصول على موافقة؟ ثم استغل قدر المستطاع فرصة الاجتماعات والمؤتمرات، وكن متسقاً في غايتك لتوضيح هدفك الشامل وتحديد أولوياتك المطلوبة للوصول إلى تلك الأهداف. لقد أعطاني أحد أفضل الرؤساء التنفيذيين الذين عملت معهم نصيحة لن أنساها مطلقاً: "لا تضع أبداً أكثر من خمس أولويات. طور تلك الأولويات مع فريقك، لكن لا تنسَ تذكريهم أنك لن تضيف أولوية أخرى إلى القائمة ما لم تتوصل إلى إنجاز إحدى الأولويات الخمس".
ضع قيماً ومعايير مشتركة
يمكن حل الكثير من الأمور إن وافق الناس وعملوا وفقاً لمجموعة من القيم والمعايير المشتركة. حيث أرى أن أهم القيم، التي استخدمها لتعريف ما هو "خيّر" في القيادة الرائعة ضمن كتاب "أناس جيدون"، هي الصدق والتعاطف والتكامل، بامتلاكهم لأساسات قوية من الصدق، وخاصة الوعي بالذات، التي من خلالها سيتمكن القادة والمؤسسات من تطوير القدرة على التعاطف. وتعني القيادة التعاطفية أيضاً الامتناع عن إصدار الأحكام بفضل عقلية متميزة بالانفتاح والتعاطف والكرم. حيث القول إن التعاطف والتنافسية نقيضان ليست إلا خرافة. وأخيراً، التكامل. يعني لي، إعادة تعريف النجاح بحيث لا يقتصر على مجرد الفوز، بل وتوسعته ليتضمن الرضا الذي يتملّك القادة من معرفتهم أن أعضاء فرقهم قدموا أفضل ما لديهم لتحقيق الطموحات المتفق عليها.
تذكر أنه لا بأس من الإحساس بالخوف والضعف
يتضمن جزء كبير من ريادة الأعمال والإدارة والقيادة مشياً على الحبل المشدود بين الإحساس بالضعف والثقة. ولا يمكن لأحدنا أن يكون على ثقة تامة بأنه على المسار الصحيح، ومع ذلك نُستدعى من لحظة وصولنا صباحاً لبث الثقة في الآخرين. يعبّر مصطلح "المجازفة" عن حالة الضعف المفروضة ذاتياً، بإدراكنا أن الهشاشة عامل موجود في جميع الأعمال وأنها تخلق إمكانية للتغيير الإيجابي، وبهذا الإدراك نقترب كثيراً للتخلص من خوفنا.
أما ما يتعلق بالمدراء والقادة الجدد، فتأتي الفرصة والتحدي من الإقرار المذعن والإنساني بأن لا أحد لا يقهر، ومن جعل أعضاء الفريق على ثقة بأن القرارات تُتخذ بطريقة متوازنة ومدروسة، وأخيراً من إظهار أن المنهج الأكثر استراتيجية هو الذي يحتوي على أقوى مقومات وإمكانيات النجاح. لا تختلف الأعمال عن أي شيء آخر في الحياة فلا يمكنك السيطرة إلا على ما هو قابل للسيطرة عليه وإن لم تستطع تقبّل أن القيادة تشعرك بالوحدة وبالشك في النفس في بعض الأحيان، فربما أنت لست مستعداً بعد لتكون قائداً. لكن بغض النظر، احتفل بإحساسك بالضعف وتقبله، لأنك إن لم تشعر بأي من ذلك، فقد لا تدفع نفسك بما يكفي.