كيف تطلب المساعدة من زميلك دون أن تُحرج نفسك؟

4 دقيقة
طلب المساعدة من الزملاء
مارتن بارو/ غيتي إميدجيز

ملخص: في بيئة عمل عصرية تقدّر أخذ المبادرة وتحمّل المسؤولية بدرجة كبيرة، يعتقد كثيرون أن طلب المساعدة يجعلهم يظهرون أمام زملائهم بمظهر الموظف غير الكفء أو غير الواثق بقدراته. ويقتضي طلب المساعدة دون أن يبدو المرء ضعيفاً، توازناً دقيقاً بين إظهار الضعف وإظهار القوة. تقدم كاتبة هذا المقال نصائح ترشدك إلى كيفية الحصول على الدعم الذي تحتاج إليه من موضع قوة، دون التأثير سلباً على انطباع الآخرين عنك.

تخيل هذا الموقف: تلقيت للتو تكليفاً بإنجاز مشروع جديد في العمل. ويتطلب المشروع خبراتك ومهاراتك الأساسية، لكنه يشمل كذلك بعض المهارات الجديدة التي لم تستخدمها من قبل. تبدأ بالبحث، آملاً أن تضع خطة للعمل، لكن سرعان ما تشعر بأنك عاجز، ويشغلك القلق من عدم الوفاء بالموعد النهائي لتسليم المشروع.

ماذا تفعل في هذا الموقف؟ ما هي خطوتك التالية؟ إذا كنت مثل الكثيرين ممن درّبتهم، فقد تندفع إلى العمل بعزم معتقداً أن عليك تنفيذه بمفردك.

لكننا عندما نمعن النظر في الموقف، يبدو واضحاً أن طلب المساعدة أفضل من المعاناة بمفردك لساعات والسقوط في براثن القلق دون داعٍ. قد يكون من السهل أن ننصح الآخرين بطلب المساعدة ولكننا نغفل عن الصراع الداخلي الذي تثيره الفكرة نفسها. وحتى إن كنت قد قطعت شوطاً كبيراً في مسارك المهني، فمن الطبيعي أن تخشى طلب المساعدة، لأنه سيجعلك تبدو غير كفء أو مصدر إزعاج لمديرك أو زملائك أو فريقك.

في ثقافة العمل التي تشجع روح المبادرة وتحض على تحمل المسؤولية وتقدّر ذلك، من المهم أن تحقق توازناً دقيقاً بين التواضع والقوة. وسواء أحببت ذلك أم لا، فإن طريقة طلبك للمساعدة تؤثر على التصور السائد لدى الآخرين عنك. فإذا بدوت معتمداً إلى حدٍّ مفرط على زملائك أو إذا أدركوا أن في قدراتك أوجه قصور، فقد يشككون في كفاءتك وفي إمكانية الاعتماد عليك، حتى إن كان هذا الافتراض مجحفاً.

في المقابل، إذا طلبت المساعدة من الآخرين بثقة، فالأرجح أن ينطبع في أذهانهم أنك واثق بذاتك وعملي، وتجيد التعامل مع التحديات الصعبة. الحقيقة أن الأبحاث تذكر أن طلب المساعدة بطريقة مدروسة يجعلك تبدو أكثر كفاءة، لأنك توضح للآخرين أنك تفهم حدود قدراتك وتثمّن خبراتهم.

إليك نصائح ترشدك إلى كيفية الحصول على الدعم الذي تحتاج إليه من موضع قوة، دون التأثير سلباً على انطباع الآخرين عنك.

ابدأ الحوار بقوة

تحديد طريقة بدء الحوار أمر مهم ومؤثر على مجرياته، تجنّب العبارات التي تفقد طلبك قيمته، وتوحي فور سماعها بأنه غير مهم، مثل: "لا أود إزعاجك، لكن" أو "أعتذر عن تعطيلك" أو "أعلم أنك مشغول جداً، لكن".

لا تتردد ولا تبالغ في الحذر، بل ابدأ بعبارات واضحة الهدف:

  • أود الحصول على آرائك حول تحدٍّ أواجهه في عملياتنا.
  • أعمل على إجراءات تهيئة العملاء وأود أن أستأنس بأفكاركم.
  • هناك مشكلة مع حساب أكمي، وفكرت فيما إذا كان بمقدورنا مناقشة استراتيجيات لحل هذه المشكلة.

ثمِّن خبراتهم دون إبراز أوجه القصور لديك

ستجد نفسك ميالاً إلى التقليل من شأن نفسك عند طلب المساعدة، لتبدو متواضعاً. فربما تقول: "أنا لا أجيد هذا الأمر الذي يفوق قدراتي" أو "أشعر بسخافة طلبي هذا، لكنك تمتلك الحلول دائماً". في حين قد تكون نيتك حسنة في توخي التواضع، ينعكس هذا التصرف سلباً على مصداقيتك ويزعج الآخرين كذلك.

لا غضاضة في الإشارة إلى مهاراتهم وأهميتها لاحتياجاتك، فهذا أفضل من التركيز على ما تفتقر إليه من مهارات. ومن أمثلة ذلك ما يلي:

  • خبرتك في هذا المجال هي بالضبط ما يحتاج إليه هذا المشروع.
  • أعلم أنك تعاملت مع طلبات مشابهة من قبل، لذا فكرت فيك باعتبارك أفضل مَن يمكنه مساعدتي.
  • لاحظت أن لديك موهبة حقيقية في الجانب التكنولوجي، هل يمكنني طرح بعض الأسئلة عليك؟

كن دقيقاً ومختصراً

يفرض طلبك الغامض أو المطوّل مهمتين على مديرك أو زميلك؛ الأولى تحديد ماهية مشكلتك، والثانية ابتكار حلول لها. في المقابل، عندما تأتيه بطلب واضح ودقيق، فسيدرك أنك بذلت جهداً ذهنياً معقولاً قبل أن تلجأ إليه.

فبدلاً من أن تقول: "أواجه مشكلة في هذا العرض التقديمي، هل يمكنك المساعدة؟"، قل: "لقد أعددت محتوى العرض التقديمي لمجلس الإدارة، لكنني أود أن أستشيرك في ترتيب أفضل للشرائح من الشريحة الخامسة حتى العاشرة، ألا تراجع العرض وتقترح عليّ الترتيب المنطقي الأكثر سلاسة؟" في الوضوح تيسير على الطرف الآخر وتشجيع له على مد يد العون.

اشرح ما نفّذته فعلاً

ابذل مجهوداً، قبل اللجوء إلى زملائك. ابحث عن الموارد والوثائق الموجودة، تصفح منتديات الإنترنت المختصة بقطاعك ومجالك. وخصص 20 دقيقة، مثلاً، لعصف ذهني تتولد منه أفكار أو أساليب مبتكرة، حتى إن بدت غير تقليدية.

مشاركة الآخرين الخطوات التي اتخذتها أو الأفكار والخيارات التي فكرت فيها تمنحهم نقطة انطلاق وتتيح لهم تقديم آراء وملاحظات هادفة. وسوف توفر وقتاً مهدراً في تلقي مقترحات وآراء جرّبتها أنت بالفعل. كما أنك تبرز بذلك ما تتحلى به من روح المبادرة، وتثبت لزملائك أنك فعلت ما بوسعك قبل أن تستعين بهم، وأنك تحاول التعامل مع المشكلة بطريقة منهجية.

من الأمثلة العملية على ذلك:

  • لقد وضعت 3 سيناريوهات لجدول تنفيذ المشروع بناءً على مواردنا الحالية ولكل سيناريو محاسن ومساوئ، فهل يمكننا مناقشتها وتحديد السيناريو الواقعي في رأيكم؟
  • أعمل على تحسين استراتيجيتنا الرقمية وقد حللت ما يفعله المنافسون ولدي أفكار للتحسين. وأود أن أتلقى منكم آراءً وملاحظات، قبل أن أنفذ تلك التحسينات.
  • كنت أبحث في مشاكل فقدان العملاء. ودرست الاستقصاءات وظهر لي نمط بعينه، لكنني لست مطمئناً إلى قدرتي على التعامل الأمثل معه. هل يمكننا النظر في ذلك معاً غداً؟

التمس النصح

من الطرق الفعالة الأخرى أن تغلف طلبك بغلاف الرغبة في التعلم أو طلب التوجيه. وتشير الأبحاث إلى أن الناس يكونون أكثر استعداداً لمعاونتك مجدداً إن سبق لهم معاونتك. فما هو السبب؟ لأننا نميل إلى تبرير أفعالنا بافتراض أننا نحب الشخص الذي نساعده.

فبدلاً من أن تطلب المساعدة، قائلاً: "هل يمكنك مساعدتي في هذا؟"، قل: "أود أن أفهم كيف تتعامل مع هذا النوع من المشاكل. ألا تشرح لي آلية تفكيرك؟". في ذلك تعبير عن تقديرك لخبراتهم وأنك تريد التعلم منها، ولا تسعى للتوصل إلى حل سريع لمشكلتك فقط.

تذكّر أن معظم الناس يحبون الشعور بأن لديهم سعة اطلاع وأنهم مفيدون لغيرهم، وبطلبك النصيحة، تمنحهم فرصة الشعور بالرضا عن أنفسهم. وإضافةً إلى ذلك، فإن طلب المساعدة بثقة يغيّر نظرة الآخرين لك، ويغير نظرتك لنفسك أيضاً. بالتالي، تنمو ثقتك بقدرتك على التمييز وتتعامل مع التحديات مثل ألغاز بوسعك حلها، وتشعر بأنك أكثر كفاءة وقدرة على التحكم في مجريات العمل، حتى في أوقات الأزمات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي