بعد أن عدتُ لتوي من الإجازة واضعاً خططاً مُحكمة للرجوع إلى العمل، أود أن أقدّم الزوايا التالية وأدوات الحماية التي تقيك خطر التعرُّض للإصابة بالدمار التام حينما تواجه الأجواء القاسية أحياناً في مستهل أسبوع العمل إثر عودتك من الإجازة.

  1. مهِّد الأجواء. قبل أسبوع على الأقل من مغادرتك، اتخذ الخطوات اللازمة لتسوية التزاماتك كلها استعداداً لغيابك، بحيث يمكنك الابتعاد عن أجواء العمل فعلياً في أثناء غيابك. يطلق صديقي وخبير الإنتاجية، ديفيد ألين، على هذا الإجراء “وضع حدود واضحة لالتزاماتك“. من المفترض أن هذا أمر بديهي لا يحتاج إلى توضيح، ولكن دعني أذكّرك بالنصيحة التالية: دع الكوادر الرئيسية في مؤسستك يعرفوا أنك ستكون في إجازة. احرص على إيقاف مشاريعك جميعها مؤقتاً أو كلِّف آخرين بمتابعة تنفيذها ما داموا يستطيعون العمل عليها دون أي تدخُّل من جانبك. وإليك السر: خفِّض بريدك الإلكتروني وبريدك الصوتي إلى الصفر. لا أقصد الرد على الاستفسارات كلها وتلبية الطلبات جميعها (هذا لا يحدث أبداً). ما عليك سوى وضع رسائلك كلها في مكان مناسب بحيث تكون جاهزاً لاتخاذ ما يلزم بشأنها عند عودتك.
  2. اسمح لنفسك بتفقُّد أحوال العمل. قد تبدو هذه النصيحة منافية للغرض الأساسي من الإجازات، ولكن مهلاً! فأنا لا أقترح أن تعمل طوال إجازتك، كل ما هنالك أنني أقترح عليك تفقُّد أحوال العمل مع مسؤولي مكتبك في مواعيد محدَّدة وبأسلوب منظَّم، وليكن 30 دقيقة في الصباح الباكر أو في وقت متأخر من المساء. لا تنخرط في أي عمل من أي نوع. ما عليك سوى إجراء مسح عام للمواضيع المهمة والرد برسالة إلكترونية قصيرة أو مكالمة سريعة إذا لزم الأمر، وإبلاغ الآخرين بأنك ستعالج الأمر بمجرد عودتك. سيؤدي تصفُّح رسائل البريد الإلكتروني بهذه الطريقة إلى تيسير عملية العودة إلى العمل وجعلها أكثر سلاسة دون استقطاع وقت طويل من الإجازة (على الرغم من أنك إذا كنت تسافر مع أطفالك كما أفعل، فإن اتخاذ هذا الإجراء قبل نصف ساعة من استيقاظهم أو بعد خلودهم للفراش سيضمن لك ألا يأخذوا عنك فكرة أنك “ذلك الوالد” الملتصق بهاتفه الذكي). من الوارد طبعاً أن تُظهر بعض المشكلات التي تشغل بالك، ولكن قد يكون هذا أمراً لا مفرّ منه بأي حال من الأحوال، إذا كنتَ من النوع الذي لا يكف عن التفكير في حياته المهنية أو مجال عمله خلال إجازته. وعلى هذا النحو ستتحكم في الموقف على الأقل؛ فمن السهل على رفاق السفر أن يتقبَّلوا إقدامك على إجراء مكالمة موجزة من حين لآخر في أثناء الإجازة ما دمتَ تركز معهم وتندمج في أجواء الرحلة بقية الوقت. ولطالما قال لي أحد موجهيّ، آلان وايس: “لا يعيش المرء حياتين منفصلتين؛ حياة شخصية وأخرى عملية، بل يعيش حياة واحدة تنصهر جميع مكوناتها معاً، وبخاصة في بيئة العمل المعاصرة”. استخدِم هذه الميزة لصالحك حتى تيسّر أمر عودتك وتجعلها أسهل بكثير.
  3. أفرِغ أمتعتك بعد عودتك من رحلتك بمجرد وصولك إلى المنزل. يؤدي ترك حقائبك مكدّسة من حولك إلى خلق حالة من الفوضى الذهنية، ويلقي على عاتقك عملاً آخر يجب عليك أداؤه. يشكّل إفراغ أغراضك ووضع محتوياتها، كلٌّ في مكانه المحدَّد، خطوة ملموسة ومهمة لاستعادة نشاطك وحيويتك والعودة إلى العمل بسلاسة؛ لذا ما لم تكن رحَّالة كثير السفر لا يكاد يستقر في مكان واحد، أفرِغ أغراضك وضعها بعيداً عن متناول يدك، حتى إذا وصلتَ إلى المنزل في وقت متأخر من المساء. يمكنك عندئذٍ أن تنعم بالراحة والاسترخاء، عندما تعود إلى المنزل مساء أول أيام أسبوع العمل.
  4. لا تعقد اجتماعات في النصف الأول من أول أيام عودتك إلى العمل. إذا كان بإمكانك العودة مبكراً يوماً واحداً لإفراغ أمتعتك وغسل ملابسك المتسخة وتصفُّح الرسائل الواردة في بريدك الإلكتروني، كان ذلك أفضل. لكن معظمنا يريد الاستمتاع بعطلته حتى آخر لحظة فيها والعودة إلى المنزل قبيل بداية أسبوع العمل مباشرة؛ لذا ابذل قصارى جهدك، على الأقل، لعدم عقد أي اجتماعات بين الساعة 8:00 صباحاً وظهيرة يومك الأول. ستحتاج إلى هذا الوقت للتعامل مع أي مواقف طارئة وتدارك أمر الأعمال المتراكمة خلال الأسبوع السابق.
  5. أحضِر بعضاً من ذكريات إجازتك معك. لا أتحدث عن الهدايا التذكارية، مع أنه لا حرج على الإطلاق في أن تشتري بعض الأشياء التي تذكّرك بالأوقات السعيدة التي أمضيتها خلال إجازتك، بل أتحدث عن الشعور بأنك في إجازة. وإذا كان ذلك مفيداً، فألقِ نظرة على صورك قبل العشاء أو بعده في اليوم الأول للعودة. تحدث عن التجارب التي مررت بها مع أفراد أسرتك وزملائك وأصدقائك واسترجع أبرز الأحداث التي تعرّضتَ لها. أتحدث مع عدد كبير جداً من القادة خلال يوم أو يومين من عودتهم من إجازاتهم فيقولون لي متحسرين: “يبدو لي أن إجازتي قد انتهت منذ أسابيع” لأنهم لم يفعلوا أي شيء لتسجيل الأحداث التي مروا بها خلال تجربتهم تلك. سيكون لديك وقت لهذا إذا نفّذتَ الخطوة الثالثة.
  6. خطِّط لإجازتك المقبلة. وإذا لم تخطط لها بالكامل، فعليك على الأقل أن تخصّص لها وقتاً محدَّداً في جدول مواعيدك، أو على الأقل كوِّن فكرة عن الوجهة التي ستذهب إليها بعد ذلك والموعد التقديري للسفر إليها؛ إذ يُعزى سأم العودة إلى العمل جزئياً إلى الشعور بأن شيئاً ممتعاً قد انتهى. اِعمل على تخفيف وطأة الضغوط من خلال منح نفسك شيئاً تتطلع إليه.

افعل هذه الأشياء، وحينما يحل موعد العشاء في أول يوم بعد عودتك إلى العمل، يمكنك أن تستمتع بذكريات إجازة رائعة بدلاً من أن تتعذّب بسأم العودة السيئة إلى العمل.