تقرير خاص

كيف تنشر ثقافة التميّز في مؤسستك لزيادة التنافسية؟

4 دقائق
بلدية دبي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هل سمعت مديراً من قبل يخبرك عن رغبته في تحقيق أداء متواضع أو أن هدفه فقط بقاء مؤسسته في السوق وسط المنافسين بغض النظر عن المرتبة؟ بالتأكيد، لا. بل تسعى كل مؤسسة، سواء كانت تعمل في القطاع الحكومي أو الخاص، إلى تحقيق التميّز والريادة وتقديم أفضل النتائج ولا سيما في ظل المنافسة نحو الريادة العالمية.

توجد لدى معظم المؤسسات وحدة ضمن هيكلها التنظيمي باسم “إدارة قسم التميز” تسعى إلى إدارة تحقيق المؤسسات لمتطلبات نتائج التميز والريادة من خلال التركيز على التنافسية والإبداع والابتكار والتفرد للوصول إلى مستويات عالية من الأداء المؤسسي.

غير أن قلة من المؤسسات تنجح في بناء وتجذير ثقافة التميّز وتحويلها إلى ثقافة مؤسسية. فلماذا تنجح مؤسسات في ترسيخ هذه الثقافة وتخفق غيرها؟ لنظفر بجواب سنحاول تتبع مسار واحدة من المؤسسات التي أثبتت ريادتها وتميزها في الابتكار والتنافسية، وهي بلدية دبي التي استطاعت تحقيق الريادة عالمياً من خلال ترسيخ ونشر ثقافة التميز، وتعزيز قيم الابتكار والتنافسية، ما يجعلها حالة جديرة بالدراسة واستخلاص النتائج.

تعد بلدية دبي المؤسّسة الرائدة والمُحرّكة لنمو إمارة دبي، من خلال تقديم الخدمات المبتكرة وتنفيذ المشاريع الكبرى، وقد أسهمت في جعل إمارة دبي ضمن مصاف المدن العالميّة الأكثر تقدّماً واستدامة، من خلال 40 إدارة و172 قسماً و11 ألف موظّف وعامل ساهموا في تخطيط وتنفيذها عدد من القدرات المؤسسية وفقاً للتوجهات الحكومية والعالمية وتطبيق أفضل الممارسات، وتجدون أدناه أهم المقومات التي عززت مكانة بلدية دبي وتنافسيتها:

1. امتلاك رؤية عالمية

تملك بلدية دبي رؤية واضحة وهي: “بلدية رائدة لمدينة عالمية”، وتسعى إلى تحقيقها عبر تحقيق أعلى درجات الاستباقية والمرونة والريادة والجاهزية للمستقبل، لتعزيز التنافسية محلياً وعالمياً. إذ كانت هذه الرؤية هي نقطة الانطلاق إلى السعي لامتلاك مقومات عالمية والتقدم على أغلبية دول العالم في مؤشرات مثل جودة المعيشة، وريادة الأعمال، وجذب الاستثمارات، واستقطاب السياح، واستشراف المستقبل، وغيرها.

يسهم امتلاك رؤية واضحة في تحقيق التميز المؤسسي، إذ تعد محركاً أساسياً للقدرات، وموجهاً للطاقات، ووِجهة موحدة تتحرك نحوها كافة الجهود، ما يسهم في تحقيق النتائج الإيجابية على المديين القريب والبعيد. فنجد أن بلدية دبي استطاعت تحقيق التميز في مجالات مختلفة وفقا لرؤيتها وخطتها الاستراتيجية، ويتضح ذلك من خلال تزايد عدد الجوائز الريادية التي نالتها البلدية على مدار السنوات الماضية.

2. موظفون سعداء = متعاملون سعداء 

تبدأ ثقافة التميّز من داخل أروقة المؤسسة، إذ تهتم المؤسسات التي تحرص على تحقيق نتائج متميزة  في مجال السعادة الوظيفية على تلبية وحتى تجاوز احتياجات وتوقعات الموظفين. وتوفر بلدية دبي البيئة المثالية للموظفين، وقد حصدت عن ذلك عدة جوائز، مثل جائزة التميز في الأعمال العالمية (Global Business Excellence Awards) عن فئة “التوازن بين الحياة والعمل” بسبب تطويرها لمجموعة من البرامج والمبادرات لتعزيز هذه الثقافة في الدائرة، فقد كانت بلدية دبي رائدة في اعتماد المسميات الوظيفية للعمل عن بُعد، إضافة إلى حرصها على تحقيق التوازن بين الحياة والعمل بالدائرة، ومنح الموظفين رخصاً تدريبية على منصات تدريبية عالمية لتطوير مهاراتهم.

وقدمت البلدية سبل الراحة والدعم لموظفيها مثل إطلاقها مبادرة صندوق التكافل الاجتماعي للموظفين، ورعاية الموظفين من فئة أصحاب الهمم وتطوير سكن لعمال الدائرة يشمل مرافق صحية وملاعب ترفيهية، إلى جانب توفير نادٍ للموظفين وحضانات لأبنائهم.

3. نشر ثقافة الابتكار

تقول الكاتبة تيموثي كلارك في مقال لها في هارفارد بزنس ريفيو: “عندما تتوقف المؤسسة عن الابتكار، يصبح فشلها مجرد مسألة وقت”. وفي المقابل، يعزز التشجيع على الابتكار ثقافة التميّز في أي مؤسسة، وهو ما تتميز به بلدية دبي، التي فازت بالجائزة العالمية (Most Innovative Knowledge Enterprise) كمؤسسة رائدة في مجال إدارة المعرفة والابتكار.

وشملت معايير التقييم في الجائزة نقاطاً مثل تمكين الموظفين في مجالي المعرفة والابتكار، وترسيخ ثقافة الابتكار المؤسسي، والاستثمار في الحلول والخدمات القائمة على المعرفة، وتوفير مساحات إبداعية وافتراضية لخلق قيمة مضافة للفئات المعنية، وقياس أداء الابتكار.

4. المرونة في التعامل مع الأزمات

من ضمن الأمور التي تدفع المؤسسات إلى التميّز هي مرونتها في التعامل مع الأزمات وقدرتها على التكيف مع تبعاتها، وقد ظهر ذلك في تعامل بلدية دبي مع أزمة كوفيد-19، التي فازت عنها بالجائزة الماسية من مجلس الأعمال بجامعة هارفارد في فئة “التعامل مع كوفيد-19” لعام 2021، وجائزة مجلس السلامة البريطاني في فئة “الاستجابة للأزمات” بسبب جهود بلدية دبي في التصدي للجائحة من خلال تقييم خطط الاستعداد والاستجابة بما يضمن صحة موظفيها وكافة فئات أفراد المجتمع وسلامتهم، إضافة إلى دعم اقتصاد الإمارة عبر إعادة فتح الأنشطة الاقتصادية المختلفة.

5. تقديم خدمات متميزة للمتعاملين 

ترتكز ثقافة التميّز بشكل أساسي على تقديم خدمات متميزة للمتعاملين، وهو ما تقوم به بلدية دبي التي تقدم 60% من خدمات دبي التي تتصدر العديد من التصنيفات العالمية في تقديم الخدمات. وقد حصدت بلدية دبي في هذا السياق أيضاً عدداً من الجوائز، مثل جائزة ستيفي الذهبية عن فئة “أفضل فريق شكاوى”، وفئة أفضل “إدارة لرؤى المتعاملين” في 2022.

كما حصلت إدارة إسعاد المتعاملين في بلدية دبي على جائزة (Middle East Call Centre) عن فئة أفضل خدمة عملاء حكومية، حيث فاز فريق قسم الاتصال بهذه الجائزة نظراً للإنجازات المحققة في أربعة معايير معترف بها دولياً لمراكز الاتصال وهي تجربة المتعامل والموارد البشرية والموارد التقنية والعمليات.

6. دمج ممارسات الاستدامة في عمليات المؤسسة

تجاوزت المؤسسات الناجحة النظرة القاصرة إلى أن تطبيق ممارسات الاستدامة هي نوع من المسؤولية الاجتماعية، بل تعتبرها محركاً أساسياً للنمو. وقد حرصت بلدية دبي على دمج هذه الممارسات ضمن أعمالها مثل خفض استخدام الأوراق بنسبة 100%؜ عبر تسخير الوسائل الرقمية لإنجاز كافة المعاملات، وإدارة النفايات، وترشيد استهلاك الطاقة، والالتزام بإصدار تقارير الاستدامة.

7. المشاركة في الجوائز الريادية لتعزيز ثقافة التميّز

تشارك بلدية دبي في الجوائز الريادية التي تُعنى بمجال العمل البلدي، لضمان حوكمة تطبيق معايير منظومة التميز والريادة، وإبراز الإنجازات والنتائج الرائدة لخدمات ومشاريع ومبادرات البلدية، والمساهمة بالارتقاء إلى مســتويات متقدمة مــن النضـج فـي رحلة التميـز والريادة المحلية والعالمية.

تسهم مشاركة المؤسسات، ولا سيّما الحكومية منها، بالجوائز الريادية في تحقيق عدة مكتسبات، كتلك التي حققتها بلدية دبي، منها:

  • ضمان استدامة الأداء: تسهم المشاركة بالجوائز بالحصول على اعتراف عالمي أو محلي في مجال العمل البلدي، وضمان الاستدامة في خدمات البلدية في ظل تنافسها مع سائر بلديات العالم للحصول على أفضل المراكز العالمية.
  • تعزيز التنافسية: وجود المؤسسات ضمن القوائم المشاركة بالجوائز وسط منافسين محليين ودوليين يسهم في تحقيق مراكز تنافسية لها من خلال تطبيق منظومة عمليات وخدمات متطورة ومبتكرة، تضمن تحقيق مبادئ التميز ونشر ثقافة الإبداع وتُعزز سمعة المؤسسات.
  • التطوير والتحسين المستمر: تسعى المؤسسة التي تحرص على المشاركة بالجوائز باستمرار إلى التطوير والتحسين المستمر لعملياتها وقدراتها المؤسسية وفق أفضل الممارسات من خلال حوكمة الإجراءات وتوضيح الأدوار والمسؤوليات لكافة الأطراف والمراجعة والأطر الزمنية والمؤشرات ومستهدفاتها وغيرها.
  • تعزيز سعادة الموظفين: تعد عملية المشاركة بالجوائز فرصة مميزة للعمل الجماعي من خلال مشاركة جميع المعنيين بأفضل الأفكار وتطبيقها وتعزيز النتائج والإنجازات ما ينعكس إيجاباً على روح الفريق ومعنوياته وسعادة الموظفين.
  • رفع نتائج المؤسسة: تعزز المشاركة في الجوائز ريادة الأداء المؤسسي والفردي وتطويره بما يحقق التفرد في الممارسات والريادة في النتائج.

استطاعت بلدية دبي ترسيخ ثقافة التميّز، ومن ثم إبرازها، لترسم نهجاً تسير وفقاً له المؤسسات الأخرى الساعية إلى تحقيق إنجازات ريادية وغير مسبوقة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .