ملخص: حينما ترغب في إجراء محادثة مع موظف بشأن تحسين أدائه، عليك التحضير لها والتحلي بالتعاطف والتركيز على التعاون، قد يكون من القاسي والمؤلم للموظف سماع حقيقة أدائه الحالي، لكن هذا الموقف يمثل فرصة تعليمية على المدير اغتنامها لمساعدته على زيادة مرونته ومهارته في حل المشكلات وإنشاء العلاقات المهنية. يقدم الكاتب في هذا المقال عدة استراتيجيات للتعامل مع محادثات الأداء الصعبة بحيث لا يكون الهدف منها اكتشاف الأخطاء بل التعاون وتحديد الالتزام المشترك بين المدير والموظف بالنمو والتطوير.
بوصفي مدرباً في مجال القيادة والفِرق، كثيراً ما أواجه مواقف يرى فيها المدراء أنهم غير مؤهلين لتقديم تعليقات سلبية على الأداء لفرقهم، ويمكن أن تكون هذه المحادثات صعبة لما تحمله من مخاطر كبيرة لكلا الجانبين فالمراجعات والتقييمات السلبية للأداء قد تحمل عواقب ملموسة على تعويضات الموظف وتقدمه الوظيفي، وإذا كانت التعليقات السلبية مفاجئة له فإنها قد تدفعه إلى البحث عن وظيفة جديدة.
ومع ذلك فإن هذه المواقف الصعبة تتيح فرصاً لتعزيز العلاقة بين المدير والموظف، وفيما يلي كيفية التعامل مع محادثات الأداء الصعبة بحيث لا يكون الهدف منها اكتشاف الأخطاء بل التعاون وتحديد الالتزام المشترك بين المدير والموظف بالنمو والتطوير.
هيئ بيئة للتعاون
عندما لا يكون هنالك توافق بين ما تتوقعه من الموظف وبين ما يقدمه، فإن الخطوة الأولى هي أن تحدد ماهية النجاح ومَن سيشارك في تغيير أداء هذا الموظف، وينبغي لهذا أن يكون هدفاً مشتركاً بينك وبين الموظف ليشعر بقيمته وبأنه يحصل على الدعم. يمكنك أن تقول له: "يجب أن نتحاور بصراحة وانفتاح، وهدفي هو أن أقدم لك ملاحظات واضحة وأن نتعاون معاً على تطوير أدائك".
حلل مسار الموظف
خلال المحادثة، حلل مسار الموظف لفهم الموقف، يمكنك أن تطلب منه أن يجري تفكراً ذاتياً ويقيّم أداءه، قل له مثلاً:
لنفكر كيف وصلت إلى هذه الحال ونحدد العوامل التي أثرت في مسارك، أود أن تجري تفكراً ذاتياً وتقيّم أداءك، هل حققت أهدافك التوقعات المحددة كاملة؟ هل يمكن أن تشاركني وجهة نظرك حول الحلول الناجحة وغير الناجحة؟ إذا عاد بك الزمن إلى الوراء وأتيحت لك الفرصة لتغيير أي جانب أو تحسينه، فما الذي ستفعله بطريقة مختلفة ولماذا؟
تعرّف إلى قيم الموظف
أظهرت الأبحاث وجود صلة قوية بين مشاركة الموظفين وتحسّن أدائهم. غالباً ما يعطي الموظفون الأولوية للغرض والأثر والعمل الهادف، وهي جوانب تزيد إحساسهم بالمشاركة والتزامهم تجاه المؤسسة. قبل البدء بمحادثة مع الموظف حول تحسين أدائه، خذ الوقت الكافي لفهم قيمه. يساعد ذلك على تركيز المحادثة على النمو الشخصي والنمو المهني للموظف، ومواءمة الأهداف المؤسسية مع تطلعاته الفردية.
خلال تقديم الملاحظات، ناقش معه أيضاً مسألة ارتباط أفعاله وأدائه الحالي بتطلعاته المهنية على المدى الطويل، ويمكنك ذلك من خلال طرح الأسئلة الآتية عليه:
- بالنظر إلى أهدافك البعيدة الأجل، كيف يسهم دورك الحالي في نموك المهني؟
- ما جوانب عملك التي ترى أنها تتوافق أكثر مع طموحاتك المهنية، وكيف يمكننا تطوير نقاط القوة تلك؟
- هل في ذهنك أي تجارب أو مهارات تأمل اكتسابها قريباً لدعم مسارك المهني؟
قدّم ملاحظات بناءة
توخَّ الوضوح والدقة في ملاحظاتك، قدم أمثلة واضحة وليست افتراضية لتتأكد من أن الموظف يفهم تماماً أن العمل الذي يقدمه لا يتماشى مع ما هو متوقع منه وتجنب الغموض.
التمس رؤى من مختلف أصحاب المصلحة وأعضاء الفريق المتعدد التخصصات لتساعد الموظف على فهم الموقف فهماً أشمل، وعلى هذا النحو فإنك تطلعه على طيف أوسع من وجهات النظر التي يجب أخذها في الاعتبار، كما تُظهر التزامك بالإنصاف والشمولية وتُعزز بيئة من الانفتاح والشفافية.
علاوة على ذلك، عندما يقدم أفراد الفريق جميعاً آراءهم، يصبح من الصعب على الموظف إلقاء اللوم عليك، ويتأكد له أن الآراء هي انعكاس للملاحظات ووجهات النظر الأوسع داخل الفريق، فيتحول التركيز من إلقاء اللوم إلى حل المشكلات على نحو تعاوني وتحقيق النمو، إذ يبذل المعنيون جميعاً جهدهم لمساعدة الموظف على تحسين مستواه. هذا الأسلوب المرتكز على أصحاب المصلحة يمكّن الموظف من إدراك الحاجة إلى التغيير، وتحمل مسؤولية تحسين أدائه.
من المهم أيضاً ألا تطلق الأحكام، وأن تتعامل مع المحادثة على أنها عملية تحرٍّ وأن تتقبل الجانب العاطفي لها، قل للموظف على سبيل المثال:
أنت تفي بتسليمات المشروع المطلوبة منك وهذا رائع، ومع ذلك، يبدو أن هذا النجاح يأتي على حساب علاقاتك مع الأقسام المختلفة، فقد أعرب العديد من أعضاء الفريق عن مخاوفهم بشأن قدرتك على أداء مسؤوليات إدارة المشروع، لقد اضطروا إلى التدخل وتغطية المواعيد النهائية التي فاتتك من خلال تسريع عملهم للوفاء بتسليمات المشروع. بالإضافة إلى ذلك، لاحظت أنك تبدو مشتتاً ولا تشارك بقدر ما تستطيع في الاجتماعات الافتراضية، وهو سلوك يعبّر عن عدم الاهتمام وعدم احترام بقية أعضاء الفريق، ويعكس تقييم الأداء بطريقة 360 درجة الذي خضعت إليه هذا التصور.
اترك للموظف المجال لإظهار ضعفه الإنساني، مع الأخذ في الاعتبار أن تدني أدائه قد يرجع إلى مشكلات لا تتعلق بالعمل، من الضروري أن تظهر تعاطفاً وانفتاحاً تجاهه ويمكنك ذلك من خلال مشاركة تجربة شخصية ذات صلة، قل له مثلاً:
لا أعرف إن كنت تدرك أنني انطوائي، الاجتماعات الكبيرة مرهقة للغاية بالنسبة لي، خاصة عندما تكون سيئة التنظيم، لذا لأتمكن من إدارة ذاتي فإنني أرتب اجتماعات منظمة جيداً، فأعد جدول أعمال واضحاً وأخصص أقساماً منه لأعضاء محددين في الفريق، عندما أمنح كل فرد دوراً في إدارة الاجتماع، يشعر الجميع بأنهم مشاركون فعالون وبأن عليهم الاستعداد لأداء أدوارهم، كما أضمن عدم احتكار أي طرف للحديث. ويسمح لي ذلك أيضاً بأن أكون مثالاً يحتذى: يرى أعضاء الفريق كيف يبدو الاجتماع الذي يدار بطريقة صحيحة، فيطبّقون النموذج على الاجتماعات التي يعقدونها.
اطلب من موظفك التعبير عن رأيه بصدق حول ما أدى إلى هذه الملاحظات، ثم اجلس في صمت وامنحه مساحة لمشاركة أفكاره، وفي أغلب الأحيان سيتحمل بعضاً من المسؤولية عن نتائجه وإذا لم تكن هذه هي الحال، فقد يكون غير متقبّل للتوجيهات.
قدم دعماً معنوياً إيجابياً للموظف
بعد أن حللت المسار السابق للموظف وعملت على تقييم ما يحدث، ركز مجدداً على الوضع الحالي، شدد على نقاط القوة لدى الموظف ورغبته في أداء عمله كما يجب، فحينما تبدي تعاطفاً وتفهماً ستظهر له أن النقاش يدور حول النمو والتطور وليس النقد. يجب أن توضح له إيمانك بأن التحسن ممكن وأنك وأعضاء الفريق ستدعمونه في رحلته نحو تحسين ذاته وكما قال تشارلز شواب: "التقدير والتشجيع هما الوسيلتان لتنمية أفضل ما في الإنسان".
قدّم مساراً قابلاً للتنفيذ
قدم ملاحظات تركز على المستقبل وتسمح لك بوصفك مديراً أن تطلب من الموظف تخيل نفسه يتعامل مع مواقف في ظروف معينة، اسأله مثلاً: كيف يمكن أن تتعامل مع موقف ما تحت هذا الظرف؟ من خلال إعادة صياغة الملاحظات وفق هذه النظرة المستقبلية، فإنك تساعد مرؤوسك المباشر على التخلص من وصمة العار المرتبطة بالنقد، وتضعه في حالة ذهنية تمكّنه من تحقيق نتيجة مختلفة، ففي نهاية المطاف لا يمكن تغيير الماضي.
اضبط توقعاتك
أوضح للموظف توقعاتك منه مستقبلاً وتأكد من أنه يفهم المعايير ويتوافق مع أهداف المؤسسة وكما قال المؤلف وخبير المبيعات والمتحدث التحفيزي زيغ زيغلار: "تحديد الهدف بطريقة صحيحة يعني اجتياز نصف الطريق".
لتحفيز الحوار، اطرح أسئلة مثل:
- ما الإجراءات أو السلوكيات التي تعتقد أنها ضرورية لمواءمة أدائك مع أهداف المؤسسة وتوقعاتها؟
- كيف يمكننا التعاون لضمان فهم معايير الأداء بوضوح في المستقبل؟
- كيف يمكنني دعمك، وما الموارد التي تحتاج إليها من المؤسسة (مثل التدريب والملاحظات المستمرة ولقاءات المراجعة، وما إلى ذلك)؟
حينما ترغب في إجراء محادثة مع موظف بشأن تحسين أدائه، عليك التحضير لها والتحلي بالتعاطف والتركيز على التعاون، ومن خلال خلق مساحة للتأمل الذاتي وفهم أن التغيير ممكن فإنك تساعد الموظف على الانتقال من شعوره بأنه ضحية إلى الشعور بالتمكين. قد يكون من القاسي والمؤلم للموظف سماع حقيقة أدائه الحالي، لكن هذا الموقف يمثل فرصة تعليمية على المدير اغتنامها لمساعدته على زيادة مرونته ومهارته في حل المشكلات وإنشاء العلاقات المهنية.