من الذي يقود موجة الاستقالات الكبرى في الولايات المتحدة؟

5 دقائق
الاستقالات

ملخص: شهدت الأشهر الماضية موجة هائلة من الاستقالات في الولايات المتحدة وحول العالم، ما الذي يمكن للشركات فعله من أجل التغلب على هذه الموجة التي تسمى "الاستقالة الكبرى"؟ يشارك المؤلف معلومات مهمة من تحليل متعمق أجري على سجلات أكثر من 9 ملايين موظف من 4,000 شركة عالمية ويقترح خطة من 3 خطوات لمساعدة الشركات على اتباع نهج أكثر اعتماداً على البيانات من أجل تحسين مستوى استبقاء الموظفين. أولاً يجب أن تسعى الشركات لتحديد المشكلة وتأثيرها على مقاييس الأعمال الأساسية، ثم تحدد الأسباب الأساسية التي تدفع الموظفين للاستقالة، وأخيراً يجب أن تنفذ حملات موجهة لاستبقاء الموظفين بهدف معالجة أهم المشكلات التي يعانون منها.

وفقاً لمكتب إحصاءات العمل الأميركي، استقال 4 ملايين موظف من وظائفهم في شهر يوليو/تموز من عام 2021. وارتفعت نسبة الاستقالات إلى ذروتها في شهر أبريل/نيسان وحافظت على هذا الارتفاع على مدى الأشهر السابقة، لتخلف 10.9 مليون وظيفة شاغرة بحلول نهاية شهر يوليو/تموز. كيف يمكن للشركات الاحتفاظ بموظفيها في مواجهة موجة الاستقالات الهائلة هذه؟

إن معالجة الأسباب الأساسية لهذه الأرقام الإحصائية الكبيرة تبدأ بفهمها على نحو أفضل. ومن أجل استكشاف من يحفز هذه التغييرات الأخيرة، أجريت مع فريقي تحليلاً معمقاً لسجلات ما يزيد على 9 ملايين موظف من أكثر من 4,000 شركة. شملت مجموعة البيانات العالمية هذه موظفين من مجموعة واسعة من القطاعات والوظائف ومستويات الخبرة، وكشفت لنا توجهين أساسيين:

1. كان الموظفون الذين وصلوا إلى منتصف مسيراتهم المهنية هم أصحاب أعلى نسب الاستقالة

إذ سجل الموظفون الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و45 عاماً زيادة بنسبة 20% في معدلات الاستقالة بين عامي 2020 و2021، وهي الأكبر. وعلى الرغم من أن الدوران الوظيفي يكون عادة في أعلى مستوياته بين الموظفين الأصغر عمراً، فقد توصلت دراستنا إلى أن الاستقالات تناقصت بين الموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و25 عاماً (على الأرجح بسبب مزيج من انعدام الأمن المالي الكبير لديهم وانخفاض الطلب عليهم على اعتبارهم مبتدئين). والمثير للاهتمام هو تناقص معدلات استقالة الموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و70 عاماً، في حين شهدت معدلات استقالة الموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و30 عاماً والذين تزيد أعمارهم على 45 عاماً زيادة طفيفة مقارنة بمعدلات عام 2020 (لكنها ليست بحجم الزيادة في معدلات استقالة الموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و45 عاماً).

هناك بعض العوامل التي تساعد في تفسير سبب تزايد الاستقالات بين موظفي المستوى الأوسط.

أولاً، من الممكن أن تكون النقلة إلى العمل عن بعد قد ولدت شعوراً لدى الشركات بأن تعيين من لا يملكون خبرة كبيرة سيكون أكبر خطورة من ذي قبل بما أن الموظفين الجدد لن يتاح لهم التدريب والتوجيه الشخصيان، وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة الطلب على الموظفين الذين وصلوا إلى منتصف مسيراتهم المهنية ويتيح لهم فرصاً أكبر لشغل مناصب جديدة.

ومن الممكن أن يكون كثير من هؤلاء الموظفين الذين وصلوا إلى منتصف مسيراتهم المهنية قد أخروا انتقالهم من أدوارهم بسبب حالة الغموض الناجمة عن الجائحة، ما يعني أن الزيادة التي شهدناها في الأشهر الماضية قد تكون نتيجة لاستقالات مؤجلة منذ أكثر من عام.

وبالطبع ربما يكون كثير من هؤلاء الموظفين قد وصلوا ببساطة إلى نقطة الانهيار بعد شهور طويلة من أعباء العمل الكبيرة وتجميد عمليات التوظيف وغير ذلك من الضغوط، ما دفعهم إلى إعادة النظر في عملهم وأهدافهم في الحياة.

2. يشهد قطاعا التكنولوجيا والرعاية الصحية أعلى معدلات الاستقالة

لاحظنا في تحليلنا أيضاً اختلافات كبيرة في معدلات دوران الموظفين بين الشركات على اختلاف قطاعاتها؛ ففي حين انخفض معدل الاستقالة بدرجة طفيفة في قطاعات مثل التصنيع والتمويل، ازداد في قطاع الرعاية الصحية بنسبة 3.6% وفي قطاع التكنولوجيا بنسبة 4.5% مقارنة بالعام السابق، ولاحظنا عموماً أن معدلات الاستقالة كانت أعلى بين موظفي المجالات التي شهدت زيادة هائلة في الطلب نتيجة للجائحة وتسبب ذلك في زيادة أعباء العمل ومعدلات الإصابة بالاحتراق الوظيفي فيها.

يتعين على الشركات اتباع نهج قائم على البيانات لتحسين نسب استبقاء الموظفين

تسلط هذه التوجهات الضوء على أهمية اتباع نهج قائم على البيانات لتحديد عدد الموظفين الذين يستقيلون من العمل وتحديد الموظفين الأكثر عرضة لخطورة دوران الموظفين وأسباب الاستقالات وما يمكن فعله لمنعها. تختلف التفاصيل باختلاف المؤسسات، لكننا نقترح 3 خطوات تساعد الشركات في الاستفادة من البيانات بفعالية أكبر لتحسين معدلات استبقاء الموظفين:

1. حدد المشكلة

من الضروري أن تحدد نطاق المشكلة وتأثيرها كي تتمكن من تحديد الأسباب الأساسية لدوران الموظفين في مؤسستك. أولاً، احسب معدل استبقاء الموظفين باستخدام المعادلة التالية:

عدد حالات انتهاء الخدمة في السنة ÷ متوسط إجمالي عدد الموظفين = معدل دوران الموظفين

يمكنك استخدام معادلات مماثلة لتحديد معدل دوران الموظفين الناتج عن الاستقالات الطوعية مقارنة بالدوران الناجم عن تسريح الموظفين أو فصلهم من العمل. سيساعدك ذلك في توضيح منشأ مشكلة استبقاء الموظفين لديك.

بعد ذلك، حدد أثر الاستقالات على مقاييس الأعمال الأساسية. عندما يغادر الموظفون مؤسستهم تجد الفرق الباقية نفسها غالباً مفتقرة إلى مجموعات المهارات أو الموارد الأساسية، ما يؤثر سلباً على كل شيء بدءاً من جودة العمل ومدة إتمامه وصولاً إلى صافي الدخل. من الضروري أن تعمل على تتبع الترابط بين زيادة دوران الموظفين والتغيرات في المقاييس الأخرى ذات الصلة من أجل الحصول على صورة أوضح لتكاليف الاستقالات بأكملها.

مثلاً، أدركت واحدة من شركات النقل بالشاحنات التي عملت معها أن الزيادة التي بدت طفيفة في معدل دوران الموظفين الناجم عن نقص السائقين على مستوى البلاد تكلفهم في الواقع ملايين الدولارات في موارد التوظيف والتدريب. ساعد تحديد المشكلة القادة في اكتساب التأييد الداخلي اللازم لمعالجتها وزودهم بالمعلومات اللازمة لصنع القرارات المتعلقة بنوع الإجراءات الأكثر فعالية لاستبقاء الموظفين.

2. حدد الأسباب الأساسية

ما أن تحدد نطاق مشكلة استبقاء الموظفين لديك، يكون الوقت قد حان لإجراء تحليل مفصل للبيانات من أجل تحديد السبب الحقيقي لمغادرتهم. ابحث عن العوامل التي يمكن أن تحفز ارتفاع معدلات الاستقالة، وعن طريق استكشاف مقاييس مثل التعويضات والمدة الزمنية بين الترقيات وحجم زيادات الرواتب ومدة تولي الوظيفة والأداء وفرص التدريب، ستتمكن من تحديد التوجهات والأمور البعيدة عن الرؤية ضمن مؤسستك. كما ستتمكن من تصنيف الموظفين ضمن فئات كالموقع والوظيفة وغيرها من مقاييس التركيبة السكانية من أجل التوصل إلى فهم أفضل لطرق اختلاف تجربة العمل ومعدلات استبقاء الموظفين بين الفئات المختلفة.

يمكن أن يساعدك هذا التحليل على تحديد الموظفين الأكثر عرضة لخطورة الاستقالة ومن يمكنك الاحتفاظ به منهم بواسطة الإجراءات التدخلية الموجهة. مثلاً، بعد عملية تحليل مكثفة، توصلت شركة النقل بالشاحنات إلى أن السائقين أصحاب الخبرة الأقل والذين كان مشرفوهم يتعاملون معهم عن بعد كانوا أكثر ميلاً للاستقالة مقارنة بالموظفين أصحاب الخبرة الأكبر الذين يتلقون دعماً شخصياً مباشراً من مشرفيهم.

3. طور برامج مخصصة للاحتفاظ بالموظفين

الآن بعد أن حددت الأسباب الأساسية لدوران الموظفين في مؤسستك، يمكنك البدء بإنشاء برامج مخصصة بدقة تهدف إلى تصحيح أهم المشكلات التي يعاني منها مكان العمل. مثلاً، إذا اكتشفت أن الموظفين من الأقليات يغادرون مؤسستك بنسب كبيرة مقارنة بالأغلبية، فبإمكانك الاستعانة بنهج يركز على التنوع والمساواة والشمول الاجتماعي، وإذا رأيت أن المدة الزمنية بين الترقيات لها ارتباط وثيق بمعدلات الاستقالة المرتفعة فقد يكون الوقت مناسباً لإعادة النظر في سياسات التقدم الوظيفي المتبعة في مؤسستك.

والأهم هو احتمال أن تكتشف من خلال هذه العملية أن غياب البنية التحتية الفعالة للبيانات يعوق قدرتك على اتخاذ هذه القرارات المبنية على البيانات. وقد يكون من الضروري أن تعتمد إجراءً ذا مستوى أعلى قبل أن تبدأ أي نوع من الحملات الموجهة، ويتمثل هذا الإجراء في الاستثمار في نظام متسق سهل الاستخدام لتتبع المقاييس التي ستمدك بالمعلومات عن جهود استبقاء الموظفين وتحليلها.

ليس من السهل تبني استراتيجية لاستبقاء الموظفين قائمة على البيانات، لكنه سيؤتي ثماره إذا تم تنفيذه كما يجب، لا سيما في السوق بوضعها الحالي. بعد تنفيذ حملة استبقاء الموظفين الموجهة بناء على تحليل مفصل للمقاييس الأساسية، شهدت شركة النقل بالشاحنات التي عملت معها انخفاضاً بنسبة 10% في استقالات السائقين على الرغم من منافسة الشركات الأخرى الشرسة. ومع توضح درجة خطورة مشكلة دوران الموظفين التي تعاني منها شركتك فعلياً والأسباب الأساسية التي تحفزه ستملك القوة اللازمة لجذب أهم المواهب وتخفيض تكاليف دوران الموظفين وستتمكن في نهاية المطاف من بناء قوة عاملة أكثر اندماجاً وفعالية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي