ملخص: بحسب تقرير صادر عن شركة ماكنزي، فإن نحو خُمس المبيعات العالمية في عام 2021 تمّ عبر شبكة الإنترنت، وتشير التقديرات إلى أن هذه النسبة قد تشهد ارتفاعاً إلى نسبة الرُبع من إجمالي المبيعات بحلول عام 2025. ومن هذا المنطلق، تدأب الشركات حول العالم على تأمين حصة لها في هذه السوق، إذ إن تبنّي مفهوم التجارة الإلكترونية هو ركن جوهري في نمو الأعمال وتقدّم الشركات. لهذا تحرص المملكة على الاستثمار في هذا التوجه:
- إذ تسهم رؤيتها للتبنّي السريع للتقنيات الرقمية في تحفيز النمو في قطاع التجارة الإلكترونية.
- ومع استمرار القطاع في نموّه القوي، فمن الضروري على الشركات المحلية الأخرى أن تبدأ تطبيق استراتيجيات رقمية مدروسة واعتماد النهج الابتكاري لتلبية الاحتياجات المتغيّرة لدى المستهلكين.
تعيش الشركات واقعاً جديداً في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، يفرض عليها ضرورة مواكبة المستقبل من أجل تحقيق النمو المستدام، وتبرز التجارة الإلكترونية بوصفها قطاعاً واعداً قادراً على إحداث تحول جوهري في عمل الشركات، إذ من المتوقع نمو سوق التجارة الإلكترونية العالمية بمعدل نمو سنوي مركّب قدره 18.9% في الفترة من 2024 إلى 2030، إلى 83.2 تريليون دولار بحلول عام 2030.
وبحسب تقرير صادر عن شركة ماكنزي، فإن نحو خُمس المبيعات العالمية في عام 2021 تمّ عبر شبكة الإنترنت، وتشير التقديرات إلى أن هذه النسبة قد تشهد ارتفاعاً إلى نسبة الرُبع من إجمالي المبيعات بحلول عام 2025.
ومن هذا المنطلق، تدأب الشركات حول العالم على تأمين حصة لها في هذه السوق، إذ إن تبنّي مفهوم التجارة الإلكترونية هو ركن جوهري في نمو الأعمال وتقدّم الشركات.
شهدت منطقة الشرق الأوسط توسعاً ونمواً راسخين في مجال التجارة الإلكترونية، ويرجع ذلك بوجه خاص إلى الدعم الحكومي للاقتصادات الرقمية، وزيادة عدد الوافدين الجدد إلى السوق، والتغيّر الذي طرأ على سلوكيات المستهلكين. وتمثّل المملكة العربية السعودية، وهي أكبر دول مجلس التعاون الخليجي، لاعباً رئيسياً في هذه الثورة الرقمية؛ ومن المتوقع لسوق التجارة الإلكترونية السعودية، المقدّرة قيمتها حالياً بنحو 10 مليارات دولار أميركي، أن تفوق قيمتها مبلغ 30 مليار دولار أميركي بحلول عام 2027، ومبلغ 44 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030. وقد كان القطاع الخاص حريصاً على الاستفادة من الفرص التي يتيحها هذا النمو، ولا شك في أن موعد اغتنام تلك الفرص قد حان أوانه، بفضل دعم الحكومة والتغيّر الحاصل في متطلبات المستهلكين واحتياجاتهم.
ولا يخفى على أحد أن قطاع التجارة الإلكترونية هو محورٌ بارز الأهمية ضمن برنامج التحوّل الوطني لرؤية السعودية 2030، ما يؤكد أهمية اعتماد التحول الرقمي. وهناك عوامل رئيسية عدّة تدفع قُدماً بعجلة نمو هذا القطاع على صعيد المملكة، أولها، أن المملكة تتفرد بشريحة سكانية كبيرة من الشباب، إذ إن أكثر من 60% من سكانها هم دون سن الثلاثين. وهناك الكثير من المعاني والمضامين لوجود شريحة سكانية يافعة، أهمها الشغف والاهتمام المتزايدان بالتكنولوجيا لدى الشباب، ومعرفتهم الواسعة ووعيهم بالمجال الرقمي، وتفضيلهم لراحة البال والخيارات المتنوعة التي يوفرها التسوق عبر شبكة الإنترنت. وتشكّل التجارة الإلكترونية عبر الهواتف مجالاً مهماً للغاية، نظراً إلى أن المملكة تتمتع بأعلى مستوى انتشار للهواتف الذكية في العالم.
أما العامل الثاني، فيتمثّل في أن منصات التجارة الإلكترونية تُقدم مزايا وفوائد عديدة مقارنةً بمنصات التجارة التقليدية، وأهمها سهولة الوصول إلى مجموعة واسعة من المنتجات. وعلى عكس المتاجر الفعلية التقليدية، فإن شركات تجارة التجزئة عبر شبكة الإنترنت لا تكون محصورة أو مقيّدة ضمن مساحة محددة، ما يخوّلها إلى توفير تشكيلة أوسع من السلع.
تمثّل الأسعار التنافسية العامل الثالث، إذ تستطيع منصات التجارة الإلكترونية توفير منتجاتها وسلعها بأسعار أكثر تنافسية، نظراً إلى أن التكاليف والنفقات لديها غالباً ما تكون أقل من المتاجر التقليدية. وتؤثر القدرة على مقارنة الأسعار والاطلاع على تعليقات المستهلكين وآرائهم بشأن السلع والمنتجات أيضاً على قرارات الشراء، لأنها تمنح المستهلكين الثقة بأن خياراتهم مدروسة ومبنية على معلومات وافية.
وتشكّل هذه العوامل مجتمعةً الدافع المحفّز لنمو مجال التجارة الإلكترونية على صعيد المملكة. ولكن مَن هم أبرز اللاعبين الذين ينهضون بسوق التجارة الإلكترونية، وكيف يفعلون ذلك؟
مشهد التجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية
يحظى التسوّق عبر شبكة الإنترنت بمكانة راسخة ومتينة ضمن المملكة، وقد أثبتت شركات متنوعة، سواء كانت محلية أو متعددة الجنسيات، حضورها في السوق السعودية. وتجدر الإشارة إلى أن كبار اللاعبين في مجال التجارة الإلكترونية في المنطقة، مثل نون وأمازون، يؤثرون تأثيراً ملحوظاً على السوق السعودية، ما أنتج تغيّراً في عادات التسوق، لتصبح القنوات الرقمية والمنصات الإلكترونية الآن الوجهة المفضلة للتسوق.
وقد أسهم النجاح الذي حققته هذه المنصات في تحفيز الشركات المحلية للارتقاء باستراتيجياتها الرقمية بهدف تعزيز كفاءة مزاياها التنافسية. ومع أن الشركات المحلية لا تزال تتمتع بمزايا فريدة، ينبغي عليها مواكبة التغيير وتبنّي الابتكار.
تتميز الشركات المحلية باستيعابها سلوكيات المستهلك السعودي وخياراته المفضلة بصورة أعمق، ما يتيح لها تخصيص منتجاتها وعروضها لتلبية الطلب من المجتمع المحلي بمختلف شرائحه. ويجب ألا ننسى عامل الثقة، إذ يفضّل المستهلكون التبضع والتسوق من شركة محلية وطنية مألوفة بالنسبة لهم، وهو مفهوم لا يزال متأصلاً ومتجذراً إلى حدٍّ كبير لدى المستهلكين السعوديين.
ولقد أثبت الانتقال إلى منصات التسوق عبر شبكة الإنترنت فائدته الاقتصادية الكبيرة بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة السعودية؛ فبحسب تقرير نشرته ديلويت، تمكّنت شركات عديدة من مضاعفة مبيعاتها من خلال التحول إلى استخدام المنصات عبر شبكة الإنترنت وتوظيف وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي ضمن جهودها التسويقية. وتتجلّى المزايا التي تحظى بها الشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية، مقارنةً بأكبر شركات التجارة الرقمية، في قدرتها على دعم بناء المجتمع المحلي والتواصل مع الشركات المحلية المتخصصة.
إسهام التجارة الإلكترونية في دفع خطط المملكة لتنويع اقتصادها وتنميته
أخذ التسوق عبر شبكة الإنترنت يُضفي تحولاً متسارعاً على مشهد تجارة التجزئة، ولهذا تحرص المملكة على الاستثمار في هذا التوجه، إذ تسهم رؤيتها للتبنّي السريع للتقنيات الرقمية في تحفيز النمو في قطاع التجارة الإلكترونية. ومع استمرار القطاع في نموّه القوي، فمن الضروري على الشركات المحلية الأخرى أن تبدأ تطبيق استراتيجيات رقمية مدروسة واعتماد النهج الابتكاري لتلبية الاحتياجات المتغيّرة لدى المستهلكين. وبإمكان الشركات المحلية في المملكة تحقيق التقدم والازدهار في مشهد التجارة الإلكترونية التنافسي، من خلال اتخاذها للشركات الناجحة قدوةً والعمل على الاستثمار في مجال التحول الرقمي، لتسهم بدورها المحوري في تنويع الاقتصاد الوطني وتنميته وتقدّمه.