ما هي أهم مهارة يجب أن يتمتع بها المسؤول التنفيذي؟

5 دقيقة
مسألة صناعة القرار
أنتون فيريتين/ غيتي إميدجيز

صناعة القرار هي مهارة ينبغي للشركات أن تعززها لدى المدراء والمسؤولين التنفيذيين، لأنها تؤدي إلى تحقيق مكاسب مالية. وفقاً لشركة باين آند كومباني (Bain & Company)، تبيّن أن الشركات المصنفة في الخُمس الأعلى من حيث قدرات صناعة القرار تولد عوائد إجمالية للمساهمين أكبر بنحو 6% من عوائد الشركات الأخرى.

باعتبارنا مسؤولين في شركة متخصصة في البحث عن المسؤولين التنفيذيين، تتوقع كل شركة تتعامل معنا أن نساعدها في توظيف المرشحين القادرين على اتخاذ قرارات تجارية سليمة. ولكن خلال الحديث عن أهداف الشركة وتقييم المرشحين لوظيفة المسؤول التنفيذي، غالباً ما نركز في نقاشنا على مسائل مثل الأسلوب القيادي والاستراتيجية والثقافة ومبادئ مهمة أخرى، لكننا في أغلب الأحيان لا نتطرق صراحة إلى مسألة صناعة القرار. في أغلب الأحيان يقدم مدراء التعيينات وأقسام الموارد البشرية والمرشحين وجهات نظر قيّمة حول مسألة صناعة القرار عندما يُطلب ذلك منهم، لكن تجربتنا توضح أنه من النادر أن يبادروا إلى طرح هذا الموضوع.

لماذا يغيب هذا الموضوع أغلب الأحيان عن هذه المناقشات؟ وكيف يمكن للشركات ومرشحي الأدوار القيادية منحه أولوية خلال عملية التوظيف؟

تبعات تجاهل عملية صناعة القرار

لفهم العلاقة بين كبار المسؤولين التنفيذيين وصناعة القرارات التجارية فهماً أفضل، أجرينا دراسة في 11 دولة شملت أكثر من 500 من كبار المسؤولين التنفيذيين في مؤسسات كبيرة ضمن 12 قطاعاً،

وقد توصلنا إلى نتائج تؤكد أن عملية صناعة القرار مهمة جداً لسلامة المؤسسة، حتى لو لم تكن حاضرة في مناقشات عملية التوظيف. واكتشفنا أيضاً أن تحسين عملية صناعة القرار في مجالات معينة يؤدي إلى تحفيز الأداء المالي للمؤسسة ال1ي يشمل تحسين رضا الموظفين واستبقاءهم، ما يؤكد أهمية مناقشة هذه المسألة خلال عملية توظيف المسؤولين التنفيذيين، ومن أهم النتائج التي توصلنا إليها:

%25 من المقابلات لا تتطرق إلى مسألة صناعة القرار

وفقاً لشركة ماكنزي آند كومباني (McKinsey & Company)، فإن كبار المسؤولين التنفيذيين يمضون 40% من وقتهم في صناعة القرارات، فهذه العملية تمثل إذاً عنصراً بالغ الأهمية في دور أي مسؤول تنفيذي ونقطة انطلاق نحو تحقيق الأثر الإيجابي، ومن ثم فقد تعجبنا عندما علمنا أن 25% من كبار المسؤولين التنفيذيين الحاليين قبلوا تولي مناصبهم دون مناقشة مسألة صناعة القرار خلال المقابلة.

يتعزز الرضا الوظيفي لدى المسؤولين التنفيذيين عند التطرق إلى مسألة صناعة القرار خلال المقابلة

لا يمكن لمقابلة التوظيف أن تغطي الكثير من المواضيع لأنها محددة بمدة زمنية، لكن إعطاء أولوية لموضوع صناعة القرار يؤدي إلى تعزيز الرضا الوظيفي لدى المسؤول التنفيذي مستقبلاً؛ فبالنظر إلى نتائج الاستقصاء، نرى أن الرضا الوظيفي لدى المشاركين الذين ناقشوا صناعة القرار خلال المقابلة أعلى بمرة ونصف ممن لم يفعلوا ذلك.

هذا منطقي، فعندما يرى المسؤول التنفيذي صورة واقعية لبيئة العمل المستقبلية، ويفهم تماماً توقعات الشركة منه، ستزداد قدرته على تحفيز التغيير وسيشعر بالرضا عن الأثر الذي يحققه. وعلاوة على ذلك، إذا فهم أساليب الشركة في صناعة القرار فسيتمكن من تحدي المعايير الحالية بفعالية أكبر وإدخال أفكار جديدة مع احترام التقاليد المهمة، إذ قد يؤدي التخلي عنها فجأة إلى اضطراب سير العمل.

يؤدي اتخاذ القرارات التنظيمية الرديئة إلى انهيار الكثير من القادة

خلصت دراستنا أيضاً إلى أن 63% من كبار المسؤولين التنفيذيين استقالوا من وظيفة سابقة أو فكروا في الاستقالة لأن أسلوب المؤسسة في صناعة القرار أصابهم بالإحباط، وفي كثير من الأحيان، نسمع أن هذه هي النتيجة المباشرة لشعور المسؤول التنفيذي بالعجز عن إجراء التغييرات المتوقعة منه لأن ثقافة المؤسسة جامدة للغاية. وكما وثقت مجلة تشيف إكزيكيوتيف (Chief Executive magazine) وغيرها، فإن استقالة المسؤولين التنفيذيين تنطوي على تكاليف عالية مباشرة (مثل تكلفة إعادة التوظيف) وغير مباشرة (مثل فقدان ثقة المستثمرين).

كيف تناقش عملية صناعة القرار بطريقة مثمرة؟

من الضروري أن تناقش الشركات مهارة صناعة القرار في المقابلات مع المرشحين لتولي وظيفة مسؤول تنفيذي، فهذا يسمح لها بتوظيف القادة الذين يعطون أولوية لهذه المهارة، لكن ينبغي عدم المرور على هذا الموضوع مرور الكرام، فكلما تعمق فيه وتطرق إلى تفاصيل دقيقة أكثر كانت الفوائد الناتجة عنه أكبر؛ أي لا تكتفِ بمجرد الحديث عن عملية صناعة القرار، بل احرص على أن يكون كلامك هادفاً،

وإليك أسلوبين لفعل ذلك.

وضح أسلوب الشركة الحالي في صناعة القرار والأسلوب المثالي

إليك هذه النصيحة العملية: خلال المقابلة، لا تصف ثقافة صناعة القرار في الشركة باستخدام عبارات غامضة مثل "تستند إلى البيانات" أو " شفافة"، بل حدد الأسلوب الحالي لصناعة القرار بوضوح ثم قارنه بما تود المؤسسة تحقيقه. على سبيل المثال، أظهر المعنيون في إحدى شركات الطاقة التي نعرفها هذا النوع من الوعي الذاتي خلال إحدى مقابلات العمل، إذ قالوا: "قطاع الطاقة خاضع لدرجة عالية من التنظيم، ولذلك فإننا بحاجة إلى اتخاذ قرارات بطريقة مدروسة ومحسوبة. ففي بعض الأحيان نتأنى في اتخاذ القرارات أو نشرك الكثير من الأفراد فيها حتى نتمكن من الموازنة بدقة بين سلبيات القرار وإيجابياته، ونعتقد أن تولي جهة واحدة مسؤولية كل قرار في المستقبل من شأنه أن يحسن عملياتنا ويسرعها مع الحفاظ على الدقة".

ردت المرشحة على هذا الكلام بالقول إنها نجحت سابقاً في قيادة تحوّل مماثل في إحدى الشركات، وأوضحت كيف اكتسبت الشركة القدرة على صناعة القرارات بسرعة أكبر، إذ قالت: "طبقنا إطار عمل شاملاً لإدارة مخاطر مثل المخاطر المتعلقة بالسلامة والمخاطر المالية والمخاطر المتعلقة بالسمعة، وكلفنا ممثلين عن الأقسام المختلفة بتقييم مستوى الخطر كل في مجاله، وكان المكلف الوحيد باتخاذ القرار مسؤولاً عن التواصل مع كل ممثل، والتأكد من استيعاب آرائه كما ينبغي منذ بداية العملية".

من خلال هذه المحادثة التفصيلية فهمت المرشحة الأسلوب الحالي لصناعة القرار في المؤسسة والأسلوب المنشود، وأثبتت للجنة التعيين أنها تعي التحديات التي قد تواجه تحقيق الأهداف، وأن لديها خبرة في التعامل معها. ولو لم يتطرق الطرفان إلى هذا الموضوع، لما كانت اللجنة لتصل إلى هذا المستوى من الثقة بالمرشحة.

تعمق في الحديث عن صناعة القرار

في العديد من المقابلات مع المرشحين لتولي وظيفة مسؤول تنفيذي، يخصص الكثير من الوقت لمحاولة تقييم مستوى كفاءة مرشح معين في مجموعة متنوعة من المجالات، ومنها قدراته في حل المشكلات وخبرته التقنية ومعرفته بالقطاع. ولكن معظم الشركات لا تتمكن من التيقن من قدرة المرشح على اتخاذ القرارات وتنفيذها بفعالية بما يتلاءم مع ظروفها، وتحديد الدعم أو التضحيات اللازمة لتحقيق ذلك.

لنفهم هذه المسألة فهماً أعمق، تحدثنا إلى المعنيين في إحدى الشركات وأخبرونا كيف اكتشفوا حقائق يصعب تقبلها حول الثقة المفرطة لدى المسؤولين التنفيذيين وكيف أن بعضهم تدخلوا في صناعة القرارات حتى إن لم يكن تدخلهم مثمراً، قد تبدو مشاركة هذه الحقيقة مع المرشح الذي ترغب في توظيفه محفوفة بالمخاطر، ولكنها تسمح بثلاثة أمور:

1) توضيح الشركة للخطوات التي تتخذها لمعالجة المشكلة بعد اكتشافها؛ 2) توضيح المرشح للخطوات التي يتخذها للتعامل مع المشكلة؛ و3) تفكير المرشح في قدرته على التعامل مع المشكلة الموصوفة أو في أنها تمثل عائقاً بالنسبة له. قد يؤدي هذا الأسلوب إلى عدم قبول مرشح متميز للوظيفة، لكن من الأفضل للطرفين معرفة هذه الأمور قبل تعيين المرشح والبدء بإعداده فعلياً، فمن الضروري تحديد النهج الحالي لصناعة القرارات وما يجب أن يكون عليه مستقبلاً، وإلا فستفتقر المقابلة إلى الصراحة البناءة.

ولكي نكون واضحين، فإن تطرق لجان التعيين إلى عملية صناعة القرار في مقابلات العمل مع المرشحين لتولي وظيفة مسؤول تنفيذي لا يضمن حل مشكلات صناعة القرار كافة في الشركة على الفور. في الواقع، كلما كانت التغييرات المطلوبة في عملية صنع القرار أكبر صار الوضع أعقد، وقد يكون من الصعب تقييم تقدم الشركة بصورة موضوعية، حتى مع استخدام أدوات مثل استبيانات الموظفين التي تختلف باختلاف تجارب الموظفين. ولكن على أي حال، من المهم جداً مناقشة نهج صناعة القرار المناسب لشركتك وتحديده وتحديد التنازلات المطلوبة لتطبيقه وأن تكون مقتنعاً به، حتى لو شعرت بمقاومة أولية خلال سعيك نحو تحقيق النتيجة المرغوبة.

باعتبارنا قادة شركة متخصصة في العثور على المرشحين لوظيفة المسؤول التنفيذي، فإننا نتحمل مسؤولية البحث عن المواهب من الخارج والمساعدة في توظيفها، وضمان أن تكون قادرة على إضافة القيمة من خلال رفع المستوى وتغيير الوضع الراهن وتجديد التقاليد الحالية. ولمّا كانت القرارات التجارية هي عصب أي مؤسسة ومصدر خلق القيمة لها، فمناقشتها بشجاعة وصدق في مقابلة العمل يمكن أن تؤدي إلى نتائج تحدث تغييرات جذرية. بمجرد أن تكتسب عادة مناقشة عملية صنع القرار بانفتاح مع المرشحين رفيعي المستوى، ستكتسب نظرة ثاقبة حول كيفية تعامل هؤلاء المرشحين مع جزء جوهري من مهمتهم القيادية غالباً ما نغفل عنه، ما يضمن أن يكون المسؤولون التنفيذيون الذين تعينهم مستعدون تماماً ليكونوا وكلاء تغيير فعالين للشركة، ويقودوا عملية صناعة القرارات الأساسية ويبقوا فترة كافية لتحفيز خلق القيمة لسنوات قادمة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي