مصفوفة سهلة لتحديد المهارات الأكثر أولوية للتعلم الفوري

4 دقائق

كثيرة هي الأشياء الجديرة بالتعلم، وبالمقابل قليل هو الوقت المتوفر لذلك التعلم.

يزخر العالم بما يستحق التعلم. فهناك الملايين من الكتب المؤلفة عن الأعمال، وهناك 3 آلاف فيديو من سلسلة مؤتمرات (TED)، و10 آلاف دورة من دورات "موك" (MOOCs) المفتوحة على الإنترنت، ومئات الآلاف من دورات التعلم عبر الإنترنت، إضافة إلى ملايين المقالات التي ينشرها أصحابها على مواقع مثل "لينكد إن" و"ميديوم" (Medium). بل وأكثر من ذلك، فالمقال الذي تقرؤه الآن ما هو إلا واحد من آلاف المقالات المنشورة على موقع "هارفارد بزنس ريفيو". وفي هذا الزخم الكبير للمعلومات، يصعب انتقاء أفضل هذه المصادر وأهمها.

لكن يعتبر التعلم أمراً حتمياً. صحيح أن الموظفين في هذا العصر يملكون وقتاً محدوداً جداً للتعلم. فقد ذكرت شركة "بيرسن" (Bersin)، وهي شركة تابعة لشركة "ديلويت"، أن نسبة الوقت المطلوب للتعلم هي 1% من الوقت المتاح لهم. ومع ذلك، ازدادت أهمية التعلم المستمر عن أي وقت مضى، حيث تتطور المهارات المطلوبة بوتيرة سريعة وتتفرع المسارات المهنية وتمتد طولاً.

لذلك، نخضع جميعاً لضغوط شديدة تجبرنا على تعلم ما يساعدنا لأداء مهنتنا كما ينبغي. ولكن كيف يمكننا تحديد أولويات التعلم؟

من بين الأساليب التي يمكن الاستعانة بها هو "أسلوب تحليل الوقت مقابل الفائدة" (الذي يُعتبر مماثلاً في شكله لتحليل التكلفة مقابل الفائدة)، وذلك لتطبيقه على الموضوعات التي تهتم بتعلمها. و"الوقت" هو الوقت اللازم للتعلم، وما تنفقه فعلياً على الفرصة المتاحة لتكتسب الكفاءة في مجال معين. و"الفائدة" هي مدى احتمال استعمالك للمهارة المطلوبة. على سبيل المثال، يقضي المدير في عالم الأعمال اليوم أوقاتاً طويلة في تبادل الرسائل الإلكترونية، وعقد الاجتماعات، وإعداد جداول البيانات، لذلك، تُعتبر درجة الفائدة من تحسين أدائه لهذه الأنشطة عالية بوجه خاص.

اجمع بين الوقت والفائدة، وتحصّل على مصفوفة بسيطة (2x2) وبها أربع خانات مربعة

  • التعلم المباشر: درجة فائدة عالية، وقت قصير للتعلم.
  • عند تحديد مدة زمنية للتعلم، في مفكرتك الخاصة: درجة فائدة عالية، وقت طويل للتعلم.
  • التعلم عندما تحين الفرصة (في وسيلة مواصلات، أو وقت تناول راحة الغذاء، أو ما شابه ذلك): درجة فائدة منخفضة، وقت طويل للتعلم.
  • قرر إذا كنت تحتاج التعلم: درجة فائدة منخفضة، وقت طويل للتعلم.

وعندما تقرر ما الذي تريد تعلمه، يمكنك استعمال نفس الإطار للتركيز على مهارات بعينها.

ولنوضح الطريقة بمثال من أمثلة العمل التي تحقق درجة فائدة عالية ألا وهو: "جدول البيانات". يقضي العاملون في مجال جمع البيانات المعرفية نصف ساعة كل يوم للعمل في جداول البيانات. ويكاد يرادف اسم هذه الجداول ببرنامج "إكسل" (Excel) في المؤسسات الكبرى، إذ يوجد ما يقرب من مليون مستخدم لبرنامج جداول بيانات "مايكروسوفت"، وما يزيد على أربعة أخماس الشركات تستعمل برنامج "إكسل" على مستوى العالم. وعليه، يشير تحليل الوقت مقابل الفائدة إلى الحاجة لإتقان استعمال هذا البرنامج.

لكن برنامج "إكسل" يتضمن ما يزيد على 500 وظيفة والكثير من الميزات الإضافية، وهذا كم هائل للتعلم. فمن أين نبدأ إذاً؟ من أجل تطبيق أسلوب "تحليل الوقت مقابل الفائدة" والحصول على الاستفادة، فنحن بحاجة إلى أن يساعدنا هذا التحليل عند هذا المستوى. مع الدخول في التفاصيل، لنستشفّ ما تعنيه الفائدة من استعمال البرنامج، استعرضنا عشرات المقالات التي كتبها خبراء في برنامج "إكسل" حول الميزات التي يفضلونها في البرنامج. واستخدمنا هذا التحليل لإعداد قائمة لأكثر من 100 وظيفة مفيدة ضمن البرنامج، إلى جانب ميزات ونصائح وحيل إضافة إلى معالجات مختصرة، ورتبناها ترتيباً رقمياً بحسب الفائدة. وجمعناها مع ما أعددناه من بيانات متعلقة بالمدة اللازمة ليتعلم المستخدم كل ميزة من هذه الميزات، وحددنا مواضعها على رسم بياني. (نعم، لقد تحمسنا بعض الشيء للقيام بهذا المشروع. ولكن لا تقلق، لست مطالباً بالاستغراق في هذا المستوى من التفاصيل كي تحدد أولويات الأشياء التي تود تعلمها).

وكما كنا نتوقع، حيث بيّن الرسم التوضيحي، وجود علاقة نسبية (r=0.3)، فكلما ازدادت الفائدة من مادة التعلم، طال وقت تعلمها (هذا بوجه عام). لكن التأثير المنتشر يدل على وجود بعض المؤشرات المفيدة والملموسة لتحديد أولويات ما تريد تعلمه.

ستجد أسرع الأشياء تحقيقاً للفائدة واختصاراً للوقت في المربع الأيمن السفلي، والمشار إليه بـ "التعلم على الفور". ولدينا هنا اختصارات لتوفير الوقت يمكن تطبيقها بصورة متكررة، مثل إعادة (Ctrl-Y) (redo) وتنقيح الخلية (F2) (edit cell)، ومجموعة من الصيغ التي تنظف جدولك من الأخطاء (IF) (ISERROR).

وفي المربع "حدد مدة زمنية للتعلم"، نجد الميزات الأكثر فائدة، وبذات الوقت الأكثر تعقيداً، مثل التنسيق المشروط والجداول المحورية، وهما أكثر الميزات فائدة في القائمة كلها.

وفي المربع السفلي على اليسار توجد الأشياء الأقل فائدة، التي يمكن تعلمها بسرعة، مثل الشطب Ctrl-5) strikethrough، و(بيان الصيغ Show Formulas) (¬Ctrl).

وأخيراً، في المربع الأعلى على اليسار الأشياء النظرية الأقل أهمية، مثل الحصول على بيانات خارجية (Get External Data)، وتوزيع النص على عدة أعمدة (Text to Columns).

وعلى الرغم من كل هذه الميزات، فإنك (أنت الشخص الذي يتعلم) ستقدم آراءك وخبراتك الخاصة على مثل هذا التحليل، وتقول: "أنا أعرف بالفعل (Ctrl-Y)، ولن أحتاج أبداً ميزة (external data) للحصول على بيانات خارجية". وهو ما يساعدك على عمل تنقيح أكثر للقائمة التي تحتاجها، ليتبقى أمامك مجموعة من الأشياء التي يمكنك التعامل معها على نحو أفضل.

كيف تطبّق هذا في حياتك العملية وما الذي يجب أن تعلمه؟

ربما لا تود أن ينحصر التعلم على جداول البيانات، ومن غير المرجح أن يتوفر بين يديك هذا النوع من البيانات التي استعملناها في المثال السابق. لكن قد يكون لديك فكرة عن بعض المهارات التي تود اكتسابها أو تطويرها.

انظر في توليفة الأنشطة ضمن يوم عملك. ما أكثر الأنشطة التي يمكن أن تحقق الفائدة منها؟ أن تتمكن أخيراً من استعمال تطبيق "فوتوشوب" (Photoshop)، أو تستوعب مبادئ "أجايل" (Agile) أو نموذج (Waterfall) لإعداد البرمجيات، أو تعلم الكتابة على نحو أكثر وضوحاً؟ هل هناك مهارات أعلى ستساعدك على فعل كل هذه الأشياء بصورة أفضل، مثل إجراء اجتماعاتك بالصورة التي تبتغيها، أو تتعلم إدارة وقتك بما يُحقق إنتاجية أعلى؟ إذ يمكنك وضع أرقام تقريبية للوقت اللازم (للتعلم) والفائدة لكل نشاط من هذه الأنشطة، وتوضيح مواضعها ضمن رسم بياني على غرار المثال المقدّم أعلاه. أو ربما تُعطي صورة تقديرية: صنِّف المهارات على قائمتك حسب درجة أهميتها وطول الوقت اللازم لتعلمها، وضعها في المربع المطابق لها. وفي كل الأحوال، ماذا يظهر لك في المربع الأسفل على اليمين؟ ربما تكتشف بعض الصفقات المغرية للتعلم.

يمكنك استخدام هذا الأسلوب لذاتك أو لفريقك أو لإدارتك، أو حتى للشركة كلها. وبما أن وقتك ربما يكون محدوداً، فالأفضل أن تتعلم تعظيم استفادتك مما هو متاح.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي