“عندما انضممتُ إلى الشركة يا جبران علمتُ أنك تنوي بناء ثقافة قائمة على الصراحة والاحترام. ولدي سلسلة بريد إلكتروني تضم العشرات منا هنا أرسلها أحد كبار المدراء توضح أنه شخص مغفّل، فقد كان مسيئاً ومتعالياً ويتحدث بلغة تهديدية. ولدي 3 أسئلة لك: 1) هل أنت على علم بهذه الرسالة؟ 2) هل أنت مهتم بالاطّلاع على المشكلة؟ 3) ما الذي تنوي فعله حيالها؟”.

أسباب حدوث النميمة بين الموظفين

قد تبعث فقرة الأسئلة والأجوبة هذه على الذهول لأن مستوى الصراحة في التعبير عن الآراء فيها غير مألوف؛ في حين يستعيض الموظفون في معظم المؤسسات الأخرى عنها بالنميمة التي تنتشر دون رادع. أنا لا أقترح أن انتقاد شخص ما أمام الآلاف من زملائه هو الطريقة المفضلة لحل المشكلات، بالطبع لا، بل أزعم أن محاولات إثارة المشكلات على العلن أفضل من النميمة بين الموظفين والممارسات التواطئية التي تتيح لهم التنصل من المسؤولية.

لنتحدث عن سبب حدوث النميمة بين الموظفين أولاً. لن يلجأ الناس إلى النميمة إن لم تخدم هدفاً معيناً؛ وفي الواقع، تخدم النميمة ثلاثة أهداف: معلوماتية، وعاطفية، وشخصية.

  1. النميمة مصدر معلومات ذو قيمة لأولئك الذين لا يثقون في القنوات الرسمية. “هناك أقاويل بأن عملية تمويل مرفق الاختبار الجديد لم تفلح”. كما أنها طريقة شائعة للحصول على معلومات ذات قيمة حول أنظمتنا الاجتماعية المهمة. “لا تطلب من تيم تولّي مهمة إعداد الرسوم المصورة إلا إذا كانت القصاصات الفنية كافية بالنسبة لك”.
  2. النميمة تُستخدم للتنفيس العاطفي عن الغضب أو الإحباط أحياناً. “جعلنا شادي نبدو كالحمقى في جلسة مراجعة المشروع اليوم، لقد شعرت بالإذلال!”
  3. النميمة تُستخدم بصفتها طريقة غير مباشرة للظهور أو الانخراط في نزاعات شخصية. “سمعت أن براء انتقد طلبات رأس المال التي قدمناها أنا وأنت في اجتماع التخطيط؛ ولا أرى أي سبب لأخذ كلامه على محمل الجد”.

والنميمة بين الموظفين وسيلة فعالة لتحقيق هذه الأهداف في نظام اجتماعي غير سليم، وينخرط الناس فيها عندما يفتقرون إلى الثقة أو الفعالية، أو عند عدم ثقتهم في القنوات الرسمية ولجوئهم إلى الأصدقاء الموثوق بهم بدلاً من القادة المشكوك فيهم، ينشر الإنسان النميمة حين يشعر بعدم قدرته على إثارة المسائل الحساسة مباشرة، فيبدأ التذمر لمن حوله بدلاً من مواجهة من يسيء له.

مشكلة النميمة بين الموظفين هي أنها تعزز المشكلة التي ولدتها في المقام الأول، حين أفتقر إلى الثقة أو الكفاءة ألجأ إلى النميمة التي تسلبني فرصة تعزيز ثقتي وكفاءتي. فقد أشارك في النميمة عندما أعتقد أنني افتقر إلى الثقة أو الكفاءة، ما يحرمني من فرصة تعزيز ثقتي بنفسي أو كفاءتي، لأنني كلما شاركت في النميمة، تعززت حاجتي إليها.