أفضل مندوبي المبيعات يحذون حذو أفضل العلامات التجارية فيما تفعله

5 دقائق
مبادئ بناء علامة تجارية لدى مندوبي المبيعات

لا آتي بجديد إذا قلت إنّ دور مندوبي المبيعات وعملية البيع نفسها آخذان بالتغيّر بسبب مبادئ بناء العلامة التجارية. ففي الماضي، كانت عملية الشراء تبدأ في الغالب عند مندوبي المبيعات، الذين كان لهم تأثير كبير في عملية اتخاذ القرار لدى الزبون، من خلال تحكّمهم بالمعلومات المتعلقة بالسعر، وتوفّر المنتج، والميزة التنافسية وغيرها.

لكن مع دخولنا في حقبة باتت المعلومات فيها متاحة على نطاق واسع، أصبح الزبائن يتفاعلون عادة مع مندوبي المبيعات "بعد" أن يكونوا قد بحثوا عمّا يريدون شراءه، وفي بعض الحالات بعد اتخاذهم قرار الشراء. وأصبح الزبائن، نتيجة التجارة الإلكترونية وعملية إزالة الوسطاء، يشككون في أهمية وجود علاقة مع مندوبي المبيعات أصلاً. إضافة إلى ذلك، بدأت الشركات تدرك أنّ نجاح المبيعات لا يُستدلُّ عليه بحجم عمليات المبيع المنجزة أو عددها، بل يُقاس النجاح بكسب الزبائن "الصحيحين" والحفاظ عليهم.

مبادئ بناء العلامة التجارية عند مندوبي المبيعات

ينجح مندوبو المبيعات العظماء في بيئة العمل الجديدة هذه حين يفعلون بالضبط ما تفعله العلامات التجارية العظيمة

وكنت قد بيّنت في كتابي الأول المبادئ الأساسية السبعة لبناء العلامة التجارية التي تسير وفقها العلامات التجارية العظيمة. وبقدر أهمية هذه المبادئ لبناء علامات تجارية عظيمة، تُعد أيضاً عاملاً أساسياً وحاسماً لاستعادة دور المبيعات بوصفها وظيفة أساسية وقيّمة، وجزءاً لا يتجزأ من أي شركة.

اقرأ أيضاً: ما هي أبرز صفات مندوبي المبيعات العظماء؟

العلامات التجارية العظيمة "تبدأ" من الداخل. ومندوبو المبيعات العظماء "يبيعون" في الداخل أولاً

تبدأ العلامات التجارية العظيمة في عملية بناء العلامة التجارية من خلال ترسيخ ثقافة داخلية قوية تعطي موقع الريادة والقيادة للعلامة التجارية داخل مؤسساتها، وكذلك تماماً يدرك مندوبو المبيعات العظماء أن خطوتهم الأولى نحو النجاح في المبيعات تبدأ من داخل شركاتهم. فهم يضيفون قيمة كبرى من خلال آرائهم التي يكوّنونها عن السوق ومن تواصلهم المباشر مع الزبائن، وهم يساعدون في تطوير المنتج، ووضع استراتيجية التسويق، وخدمة الزبائن بما أنهم يمثلون صوت الزبائن داخل المؤسسة.

العلامات التجارية العظيمة لا تركز على بيع المنتجات

ومندوبو المبيعات العظماء يُنشئون روابط تقوم على العاطفة مع الزبائن. في كتاب يحمل عنوان "ما الذي يحبّه العملاء: دليل ميداني لتنمية شركتك" (What Clients Love: A Field Guide to Growing Your Business) (الصادر عن دار وارنر برذرز في 2013)، يوضح هاري بيكويث (Harry Beckwith) أنّ نسبة قليلة فقط من الشركات تبيع فعلياً المنتجات أو الخدمات أو حتى الخبرات، بل إن معظمها في الواقع يبيع الرضى. "فشركة "بروغريسيف" (Progressive) لا تبيع تأمين السيارات، وإنما تبيع راحة البال: أي راحة بال الإنسان الذي يعلم بأنّه إذا تعرّض إلى حادث، فإنّ الشركة ستكون حاضرة في موقع الحادث وجاهزة لتقدّم له شيكاً". وعلى المنوال ذاته، لا يحاول مندوبو المبيعات العظماء بيع الأشياء أو البرامج. بل هم يحاولون جذب اهتمام زبائنهم وخلق رابطة معهم من خلال العواطف ورواية قصص عن العلامة التجارية، والتوجيه الفكري. وعندما يفعلون ذلك، فإنّهم يصرفون الاهتمام عن أسعار المنتج وخصائصه، ويخاطبون قيم الزبائن وهوياتهم.

العلامات التجارية العظيمة لا تتقيد بالتوجهات السائدة

ومندوبو المبيعات العظماء يبتكرون ولا يقلّدون. لا تتّبع العلامات التجارية العظيمة ما يفعله عامة الناس ولا ترسم طريقها على خُطا المستهلك. وعلى المنوال ذاته، يقدم مندوبو المبيعات العظماء لزبائنهم وجهات نظر فريدة ويدفعونهم إلى التفكير بطريقة مختلفة، وإلى إعادة النظر في الواقع الراهن، ويعلّمونهم شيئاً جديداً وقيّماً. إنهم "المُتَحَدُّون"، أو أصحاب الأداء العالي في مجال المبيعات، كما وصفهم ماثيو ديكسون وبرينت آدامسون في كتابهما "كيف يبيع المتحدّي: السيطرة على الحديث مع الزبون" (The Challenger Sale: Taking Control of the Customer Conversation) الصادر عن دار بورتفوليو في العام 2011.

اقرأ أيضاً: ماذا تفعل عندما تحتاج لمندوبي مبيعات من المتخصصين؟

العلامات التجارية العظيمة لا تطارد الزبائن

ومندوبو المبيعات العظماء يجتذبون أفضل الزبائن إلى شركاتهم. تدرك العلامات التجارية العظيمة أنها لا يمكن أن ترضي الجميع، بل تسعى إلى اجتذاب الزبائن المخلصين والمُربحين، من خلال القيم والمصالح المشتركة، وكذلك تجد مندوبي المبيعات العظماء انتقائيين في تعاملهم مع الزبائن المحتملين. وقد أظهر بحث أجرته شركة "فولو متريكس" (VoloMetrix)، المتخصّصة بإنتاجية عمليات المبيعات، أنّ كبار الباعة يبنون علاقات أعمق مع عدد أقل من الزبائن عوضاً عن امتلاك شبكة واسعة من العلاقات الأكثر ضحالة. فمندوبو المبيعات يرسخون علاقات مربحة ومستدامة مع الزبائن من خلال التركيز على الزبائن الذين يتناسبون مع شركاتهم بدل السعي لإبرام أكبر عدد ممكن من الصفقات.

يُقاس النجاح الحقيقي في المبيعات بكسب الزبائن "الصحيحين" والحفاظ عليهم.

العلامات التجارية العظيمة تهتم بأدق التفاصيل

ومندوبو المبيعات العظماء يخلقون تجربة استثنائية لزبائنهم تشكل تجسيداً لعلامتهم التجارية. يدرك مندوبو المبيعات العظماء أنهم يمكنهم تقوية علامتهم التجارية إذا قاموا طوال عملية البيع بتوضيحها وتعزيزها هي والقيمة التي تميّزها عن غيرها. لذلك فإنهم يراجعون مختلف نقاط التماس بين الزبون والعلامة التجارية خلال عملية البيع، ويعملون على إبراز القيم والمزايا الأساسية للعلامة التجارية في أكثر هذه النقاط تأثيراً. كما أنهم يدركون قوّة الجانب الاجتماعي في عملية البيع ويديرون بوعي نشاط شبكتهم الاجتماعية لإقامة علاقات شخصية أصيلة ومستنيرة.

اقرأ أيضاً: ما الذي يميّز مندوبي المبيعات الأقوى عن مندوبي المبيعات الأضعف؟ 

العلامات التجارية العظيمة ليست مضطرة أبداً إلى "رد الجميل"

ومندوبو المبيعات العظماء يخلقون قيمة حقيقية لزبائنهم. لا تنخرط العلامات التجارية العظيمة في أنشطة تجارية تحيط بها الشكوك ثم تحاول التعويض عن ذلك من خلال الأنشطة الخيرية أو برامج المسؤولية الاجتماعية – بل هي تراعي في طريقة تصميم وإدارة أعمالها أن تخلق تلك الأعمال أثراً اجتماعياً إيجابياً. وكذلك لا يتعامل مندوبو المبيعات العظماء مع الزبائن لمجرّد إبرام صفقة البيع، وإنما يبحثون عن طرق لزيادة نجاح زبائنهم. وقد لاحظ الاستشاري في شؤون القيادة سكوت إيدنغر بأنّ "برامج التدريب في مجال المبيعات تركّز بحقٍّ على شكاوى الزبائن. لكن مندوبي المبيعات العظماء يعلمون أيضاً بأنّ هناك قيمة تكمن في الإشارة إلى النجاحات التي تنتظر من يستغلها". وهم يدركون أن تحسين وضع الزبون قد لا يعني بالضرورة دوماً وجود عملية بيع، لكنّهم مع ذلك يعملون على ذلك.

العلامات التجارية العظيمة تلتزم وتحافظ على التزامها

ومندوبو المبيعات العظماء يقدمون القيمة الفريدة لعلامتهم التجارية. يشعر العديد من مندوبي المبيعات العظماء أنهم مطالبون على الدوام بكسب المزيد من الفرص التجارية أو الاحتفاظ بزبائنهم بأي ثمن، لكن أكثر هؤلاء المندوبين فعالية لا يقدّمون تنازلات في مجال الأسعار لمجرّد الفوز بالصفقات. فهم واثقون من القيمة التي تقدّمها شركتهم، وهم ماهرون في مساعدة زبائنهم على فهم تلك القيمة أيضاً. وهم يستعملون التقنيات التي وصفها جيمس آندرسون ونيرماليا كومار، وجيمس ناروس في كتاب بعنوان "تجّار القيمة: إظهار القيمة الفائقة وتوثيقها في أسواق الأعمال (Value Merchants: Demonstrating and Documenting Superior Value in Business Markets) (هارفارد بزنس ريفيو ببليشينغ، 2007)، استناداً إلى معرفتهم بالأشياء التي تعني الكثير للزبائن، بحيث يلقى عرضهم آذاناً صاغية لدى هؤلاء الزبائن.

يطبّق مندوبو المبيعات العظماء كل هذه المبادئ بطريقة منسجمة ومنسّقة تعكس منهجية الإدارة التي تتعامل مع العلامة التجارية وكأنها شركة قائمة بذاتها، وهي منهجية تستعملها العلامات التجارية العظيمة. فالعلامات التجارية العظيمة تعمل على تكوين علاقات مفيدة للطرفين مع زبائنها، وكذلك يرسخ مندوبو المبيعات العظماء روابط عميقة بين شركتهم وبين الأنشطة التجارية لزبائنهم.

يمكن اعتبار أفضل مندوبي المبيعات "مبشّرين بالعلامة التجارية" كما يقول رائد الأعمال غاي كواساكي، حيث يعرّف عملية التبشير هذه بأنها "إقناع الناس بالإيمان بمنتجاتك أو أفكارك بقدر إيمانك أنت بها". ومع مرور السنين، طور كثير من شركات التكنولوجيا دور المبشّر أو "كبير المبشّرين الذي يعمل على زيادة الدعم لتكنولوجيا معيّنة ثمّ يرسخها بوصفها المعيار الذي يقاس عليه في مجالها. وكما هو حال هؤلاء المبشرين بالتكنولوجيا يعمل المبشّرون بالعلامة التجارية – أي مندوبو المبيعات العظماء – على زيادة الدعم في السوق لعلامة تجارية بحيث تصبح العلامة التجارية الرائدة في مجالها.

النقطة الأهم هي أن المقصود بالتبشير بالعلامة التجارية ليس مجرد واحد من توجهات المبيعات التي تركّز على الزبائن والتي زاد شيوعها في الآونة الأخيرة. فالغاية الوحيدة من تلك التوجهات في المبيعات هي زيادة المبيعات. أما التبشير بالعلامة التجارية فيعني التفاعل مع الزبائن من أجل إنتاج علامات تجارية أقوى وذات قيمة أكبر، والمحافظة على النجاح التجاري على المدى البعيد للشركات وزبائنها.

هذا ما يفعله مندوبو المبيعات العظماء عندما يراعون مبادئ بناء العلامة التجارية.

اقرأ أيضاً: 5 أمور يفعلها مندوبو المبيعات المتميزون

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي