كسر حاجز الصمت: كيف تُناقش القضايا المُزعجة مع فريقك؟

6 دقيقة
المشكلات المخفية
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/ماكروفيكتور
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: قد يكون طرح المشكلات المَخفية في فريقك أمراً غير مريح، ولكن يجب أن يكون جهداً مستمراً وإلا فإن هذه المشكلات ستتراكم في الخفاء وتؤثر في معنويات موظفيك. تشرح المؤلفة في هذه المقالة كيفية اكتشاف العلامات التحذيرية الكلاسيكية للقضايا المُخفية -مثل الاجتماعات التي تنتهي بإجماع سريع وغياب النقاش البنّاء أو المشاركة غير المتوازنة- وتقدم استراتيجيات للكشف عن الأفكار والمشاعر غير المعلنة لمساعدة فريقك على تحسين إنتاجيته.

مخاوف بشأن جودة المنتج الجديد الذي يبدو واعداً، لكن هذه المخاوف تبقى طي الكتمان. التغاضي عن خلافات وتوتر واضح بين اثنين من أعضاء الفريق. تناقض غير معلن بين قيم الفريق المعلنة وسلوكه الفعلي.

على الرغم من التركيز الكبير على خلق أماكن عمل آمنة نفسياً، لا يزال هناك العديد من المشكلات والقضايا المخفية في فِرق العمل: مواضيع يجري التستر عليها أو يصعب التطرق لها ومناقشتها بصراحة. ما يجمع هذه المواضيع المتنوعة، التي يُعد نقاشها محظوراً بوعي أو دون وعي، هو أن عدم مناقشتها يساعدنا على تجنب الانزعاج والخلافات على المدى القصير. لكن السبب الآخر وراء وجود هذه القضايا المخفية هو وجود فجوة في الإدراك، إذ يبالغ القادة في تقدير مدى انفتاح أعضاء فريقهم على التعبير عن آرائهم. يشعر القادة بأمان أكبر على المستوى النفسي مقارنة بأعضاء فريقهم، ويجعلهم تأثير الإجماع الكاذب عرضة للاعتقاد أن الآخرين يشاركونهم الآراء والتجارب نفسها المتعلقة بالفريق.

ازداد تحدي القضايا المخفية مع تحولنا إلى فرق موزعة أكثر واعتمادنا على التواصل الافتراضي، الأمر الذي جعل طرح المواضيع غير المريحة وإدراك متى يشعر أعضاء الفريق بعدم الارتياح أكثر صعوبة. لكن إهمال طرح المواضيع المخفية يمكن أن يؤدي إلى توتر علاقات العمل وعقد اجتماعات غير منتجة تتسم بغياب النقاش المثمر. وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي تجاهلها إلى إعاقة قدرة فريقك على حل المشكلات والتعلم وتحسين أدائه، ما يكلف ملايين الدولارات سنوياً.

يجب عليك الكشف عن أي مواضيع مخفية في فريقك قبل أن تتفاقم وتضر بالروح المعنوية والأداء. وإليك الطريقة:

لا تتجاهل المشكلات المَخفية

ثمة العديد من العلامات التحذيرية الكلاسيكية لوجود المواضيع المخفية داخل الفريق؛ على سبيل المثال، الاجتماعات التي تنتهي بإجماع سريع وغياب النقاش البنّاء أو المشاركة غير المتوازنة، وتشمل العلامات الأخرى النزاعات المستعصية في الفريق، وأساليب التواصل غير المباشر وإشراك أطراف أخرى في النزاعات، وعدم مشاركة الموظفين.

وحتى لو لم تلاحظ هذه العلامات، يمكنك افتراض أن هناك مشكلات أو مشاعر مخفية في فريقك يمكن أن تؤدي معالجتها إلى تحسين إنتاجيته. لقد أفاد أكثر 85% من الموظفين في إحدى الدراسات بأنهم قرروا عدم مناقشة القضايا المهمة مع مدرائهم.

هناك أسباب عديدة وراء سلوك الموظفين هذا، منها الخوف من العواقب أو الانتقام، والشعور باليأس إذا بدت المشكلات مستعصية، والتفكير الجماعي، ورغبة البشر الطبيعية في أن يحبهم الآخرون ويتقبلوهم. كما أن أعضاء الفريق قد يشككون في صحة مخاوفهم أو قد يكونون غير متأكدين من أفضل طريقة أو وقت لطرحها.

يقع على عاتقك بصفتك قائداً معالجة هذه القضايا المسكوت عنها، وإلا ستصبح شريكاً في استمرار وجودها.

تحقق من مخاوفك بشأن مواجهة المشكلات المَخفية

من الطبيعي أن تشعر بالقلق من طرح القضايا غير المعلنة أو الخوض في مواضيع حساسة أو خلافية. قد تقلق من أن تفتح باباً لمزيد من المشكلات، أو تكشف عن مشكلة لا حل لها، أو أن تُلام على المشكلة، أو تستنفد طاقة فريقك.

لكن الميل لتفادي الخسارة يجعلك على الأرجح تبالغ في تقدير مخاطر مناقشة القضايا المخفية وتقلل من عواقب عدم اتخاذ أي إجراء بشأنها. في الواقع، قد تكون هذه القضايا غير المعالجة أكبر العقبات أمام تماسك الفريق وروحه المعنوية وأدائه.

قد يتطلب التصدي للمشكلات المخفية مواجهة حقائق مزعجة والتحلي بالشجاعة لإجراء محادثات صعبة، لكن أصعب جزء عادة هو البدء بها. لاحظتُ من واقع خبرتي أن مجرد الاعتراف بالمشكلات المَخفية يجلب شعوراً مشتركاً بالارتياح، ومع طرح المشكلة علناً أخيراً، يتكاتف الفريق غالباً لإيجاد طرق لمعالجتها.

راقب استجابتك للتحديات وتحكّم بها

بسبب سلطتك، يراقب أعضاء فريقك باستمرار تصرفاتك وألفاظك ولغة جسدك لتحديد الطريقة التي يجب أن يتصرفوا بها. فإذا كانوا يخشون أن تكون استجابتك سلبية أو قاسية تجاه المعلومات الصعبة، فسيعوق ذلك محاولاتك معالجة القضايا المخفية.

لذلك من الضروري أن تراقب استجابتك تجاه التحديات أو المعلومات الصعبة وتضبطها. تأثير الأحداث السلبية أقوى من الأحداث الإيجابية في توجيه السلوك البشري. لذلك، تماماً مثل خلق بيئة عمل يسودها الأمان النفسي، يجب عليك تقليل العواقب السلبية (ويفضل التخلص منها نهائياً) التي تترتب على الصراحة وزيادة الحافز لفعل ذلك.

عندما يتحدى أحد أفراد فريقك أفكارك أو يقدم لك ملاحظات قاسية، حاول تجنب الدفاع عن موقفك أو تبريره، وعبّر عن انفتاحك وفضولك بدلاً من ذلك بالقول مثلاً: “أخبرني بالمزيد” أو “اشرح لي”. اشكر بصدق أعضاء الفريق الذين يتحدثون بصراحة، علانية وعلى انفراد، وحتى لو لم تتمكن من تبني اقتراحاتهم، عبّر بوضوح عن تقديرك لإسهاماتهم.

إذا كنت غير متأكد من الطريقة التي ينظر بها فريقك إليك أو تجد صعوبة في التحكم في استجابتك للمعلومات الصعبة أو الضغوط، ففكر في العمل مع مدرب متخصص.

عبّر عن نواياك واعترف بالواقع

لا تترك فريقك يخمن: أخبرهم عن سبب رغبتك في مناقشة القضايا المخفية وسبب أهمية مشاركتهم. يمكنك أن تقول مثلاً: “أنا ملتزم بتعزيز التواصل المفتوح ومعالجة أي مشكلة تعوق تقدم الفريق. قد يكون الأمر صعباً، لكنني أؤمن بأننا نستطيع تخطيه معاً. ومع ذلك، لا يمكنني فعل ذلك بمفردي. إن آراءكم ووجهات نظركم هي التي ستصنع الفرق”.

قد تكون القضايا التي يثيرها فريقك خارج نطاق سيطرتك أحياناً، مثل التغيير في الاتجاه الاستراتيجي الذي تفرضه الإدارة التنفيذية، لذلك أوضِح أن مناقشة القضايا المخفية قد لا تؤدي بالضرورة إلى تغييرات. يخلط الموظفون أحياناً بين الاستماع لهم وتحقيق مطالبهم، لذلك من المهم إزالة هذا اللبس مقدماً.

اسعَ إلى إيجاد طرق إضافية لإظهار التزامك بالشفافية والتواصل المفتوح. على سبيل المثال، يجري معظم الشركات استقصاءات ومقابلات ترك العمل مع الموظفين، التي يمكن أن تكشف عن التحديات الخفية في فريقك. لا تُشارك هذه البيانات غالباً ولا تُتابع بأي إجراء لمعالجتها. بدلاً من الاحتفاظ بهذه البيانات لنفسك، يجب أن تجعل مشاركتها ومناقشتها على أوسع نطاق ممكن أمراً اعتيادياً.

جدد أسلوبك في الاجتماعات الفردية

أظهرت الأبحاث أن الاجتماعات الفردية تكون أكثر فاعلية عندما يركز جدول الأعمال على المواضيع الأهم بالنسبة للموظف. اعقد اجتماعات منتظمة مع مرؤوسيك المباشرين واتبع هذه الممارسة المثلى لتعزيز إنتاجيتك وكفاءة الفريق وبناء الثقة والأمان النفسي اللذين تحتاج إليهما حتى يتواصل أعضاء فريقك معك بحرية أكبر.

بالإضافة إلى ذلك، تعمّد تخصيص اجتماع فردي شهرياً أو كل شهرين لطرح أسئلة مباشرة حول تجاربهم وملاحظاتهم بصفتهم أعضاء في الفريق. لا تكفي سياسة الباب المفتوح والموقف المنفتح لتشجيع أعضاء فريقك على التعبير عن آرائهم بصراحة، لذلك يجب أن تسألهم مباشرة. يمكن في هذا الصدد أن تطرح أسئلة مثل:

  • ما التحديات التي قد أغفل عنها في فريقنا؟
  • ما الذي قد أجهله الآن ويجب أن أعرفه؟
  • ما الشيء الوحيد الذي تعتقد أنه يمكن أن يحسن ديناميات فريقنا؟
  • كيف يمكنني مساعدتك أكثر؟

أوضح الغرض من هذا الاجتماع لمرؤوسيك المباشرين مسبّقاً وشاركهم الأسئلة التي ستطرحها حتى يتمكنوا من التفكير فيها مقدماً.

احرص على أن تطلب بانتظام من أعضاء الفريق الجدد أو أي طرف ثالث مثل الاستشاريين الذين يتفاعلون بانتظام مع فريقك أن يقدموا ملاحظاتهم حوله. ففي الواقع، بمجرد أن تصبح أنت وأعضاء فريقك مندمجين بعمق في ثقافة الفريق، يصبح من الصعب رؤية المعايير الخفية التي تعوق المحادثات المهمة. لكن أعضاء الفريق الجدد والأطراف الخارجية يمكنهم اكتشاف الأنماط العديمة الفعالية والقضايا التي يجري تجنبها أو التقليل من أهميتها.

خصص وقتاً منتظماً مع فريق العمل للتفكير في أدائه وفعاليته ديناميكياته الداخلية

تركز اجتماعات الفريق والاجتماعات الخارجية عادة على العمل نفسه بدلاً من كيفية أداء الفريق لوظيفته. ولكن لكشف القضايا المخفية ومنع تراكمها، يجب أيضاً تخصيص وقت للتركيز على ديناميات الفريق.

ابدأ المحادثة بتأطير المشكلة الكبيرة التي يتجاهلها الجميع داخل فريقك. بعبارة أخرى، حدد المشكلة التي يبدو أنها تعوق الفريق مباشرة ولكن دون إصدار أحكام. يمكنك القول على سبيل المثال: “ندّعي أننا نريد خلافات مثمرة داخل فريقنا، لكنني أعتقد أنني لا أسمع وجهات نظر الجميع في الاجتماعات” أو “أشعر ببعض التوتر في الغرفة، ويبدو أننا نتجنب مناقشته”. أعلن عن نيتك التعلم والمشاركة مع الفريق لحل المشكلة بالقول مثلاً: “أود أن أفهم القضية. ما رأي الجميع؟”.

بينما يكتسب فريقك الثقة في العملية، يمكنك تحفيزهم بأسئلة مباشرة مثل: “ما أكبر العقبات التي تحول دون نجاح فريقنا ولم نناقشها؟” أو “ما الذي لم نناقشه ويمكن أن يساعدنا على النمو؟” لزيادة الانفتاح والمشاركة، قسّم فريقك إلى مجموعات ثنائية أو ثلاثية لمناقشة هذه الأسئلة ثم اطلب منهم مشاركة نتائج مناقشاتهم مع المجموعة.

إذا قوبلت بالصمت مع أي من هذه الأساليب، فقد يكون من المفيد مغادرة الاجتماع مؤقتاً، مثلما حدث مع أحد العملاء الذين كان فريقه متشككاً جداً بالعملية. يمكنك أن تقول: “أشعر بأن هناك المزيد. دعونا نرى إذا ما كان من المفيد أن أغادر الاجتماع قليلاً. عندما أعود، أريدكم أن تشاركوا وجهات نظركم ومخاوفكم بصفتكم فريقاً واحداً”.

بمجرد الكشف عن واحدة أو أكثر من المشكلات المَخفية، حدد ما هو تحت سيطرة الفريق وما هو ليس كذلك، وتعاون مع الفريق لتحديد الخطوات التالية، وحافظ على الشفافية حول كيفية استجابتك لأي مخاوف مطروحة.

قد يكون طرح المشكلات المَخفية داخل فريقك أمراً غير مريح، ولكن يجب أن يكون جهداً مستمراً، وإلا ستتراكم المشكلات في الخفاء تدريجياً وتعوق فريقك. قد لا تكون قادراً على حل المشكلات كلها، ولكن الاعتراف بالمشكلات الخفية في عملك سيجعلها تفقد بعضاً من تأثيرها، وستتمكن من التخلص كلياً من بعضها الآخر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .