توقف عن ممارسة الإدارة التفصيلية وتعلّم فن التفويض

3 دقيقة
التفويض
shutterstock.com/Vitalii Vodolazskyi
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تلقيت ملاحظات من مديرك وسمعت همساً داخل فريقك: ينظر إليك الآخرون على أنك مدير تفصيلي يتدخل حتى في التفاصيل الصغيرة ويميل إلى البقاء مركّزاً عليها. أنت تحقق نتائج ممتازة، لكن الإدارة العليا تراك مديراً تشغيلياً وتشكك في قدرتك على التخلي عن السيطرة والعمل على المستوى الاستراتيجي. تتوقف لحظة وتفكّر؛ من الذي يحاولون خداعه؟ يبدو التفويض مفهوماً عظيماً من الناحية نظرياً، لكنك مسؤول عن بعض المشاريع الرئيسية وتتوقع منك الإدارة تنفيذاً مثالياً. كيف يمكنها توقع أن ينجح مدير مثلي في تفويض المهام مع ضمان التنفيذ المثالي؟

غالباً ما يقع المدراء الذين يميلون إلى الإدارة التفصيلية ضحية عدة مفاهيم خاطئة حول تفويض المهام لفِرقهم، الأول الافتراض أن عليهم إما التفويض الكامل لمرؤوسيهم المباشرين جميعهم في مختلف المواقف وإما لا يفوضونهم على الإطلاق.  ويهملون تقييم قدرة كل مرؤوس على العمل على نحو مستقل ولا يضعون الآليات التي تعزز التنفيذ المتوقع، مثل عمليات التحقق المنتظمة وتحديد الإنجازات الرئيسية والمقاييس، ويتجاهلون حقيقة أن هناك حالات تكون فيها مشاركتهم المباشرة ضرورية لإعادة مشروع كبير إلى مساره الصحيح.

يمكن للمشاكل المزمنة في التفويض أن تشل إنتاجية فريقك وتخلق عائقاً كبيراً أمام نجاحك الوظيفي. خذ لي مونرو مثالاً تحذيرياً. تلقى مونرو تدريباً استثنائياً وكان يضرب المثل بذكائه الحاد، لكنه أقحم نفسه مباشرة في كل قرار تقريباً كان على مؤسسته أن تتخذه. توقف التقدم داخل فريقه، واستقال العديد من أعضاء الفريق المهمين، وغادر لي في نهاية المطاف لاستكشاف فرصٍ أخرى. بعد أن كان يُنظر إليه على أنه نجم صاعد في الشركة، خلصت الإدارة العليا إلى أنه كان يفتقر إلى القدرة على العمل بفعالية على مستوى أعلى وأكثر استراتيجية.

إذا كنت ترغب في تفويض المزيد من المهام إلى فريقك والاستفادة منه على نحو أفضل، يجب أن تبدأ بالإجابة عن سؤالين رئيسيين: 1) أين يمكنني الإسهام بأكبر قيمة ممكنة في أداء فريقي، وبالتالي أين يجب أن أركز وقتي وطاقتي؟ 2) ما المهارات التي يحتاج إليها فريقي لتحقيق أهدافي وتمكيني من أداء ذلك الدور الذي أضيف فيه قيمة؟ لن تكون قادراً على التخلي عن السيطرة وتفويض المزيد من المهام بين عشية وضحاها. بدلاً من ذلك، ضع خطة مدتها 6 أشهر تمكّنك من تفويض المزيد من المهام وتركيز وقتك على القضايا والأنشطة التي تضيف قيمة أكبر. كن محدداً. أين تنوي تخصيص المزيد من الوقت: في السوق مع العملاء؟ في التعامل مع الاستراتيجية الموجهة نحو المستقبل أو العمل على المبادرات الرئيسية المتعددة الوظائف مع الأقران؟ وأين ستقضي وقتاً أقل، على سبيل المثال، في اجتماعات تخطيط المشاريع المطولة والمفصلة مع مرؤوسيك المباشرين؟

بعد ذلك، قيّم موظفيك. من هم أعضاء الفريق الذين يتمتعون بقدرات عالية ويتمتعون بالقدرة على تحمل المزيد من المسؤوليات والعمل باستقلالية أكبر؟ من هم أعضاء الفريق الموهوبون الذين يمكنهم التعلم سريعاً من خلال التدريب والتوجيه على الرغم من أنهم لا يزالون عديمي الخبرة في أدوارهم؟ من هم أعضاء الفريق الذين لا يستطيعون أو لا يرغبون في تحسين أدائهم أو تحمل المزيد من المسؤوليات حتى مع التدريب؟ ثم استخدم هذه المعلومات لتخطيط استراتيجية التفويض وإعادة تشكيل فريقك.

عندما تفوض المزيد من المسؤوليات والاستقلالية إلى مرؤوسيك المباشرين الأكثر كفاءة، يجب أن تقلل التركيز في مناقشاتك معهم على نهجهم في أداء المهمة، وتركز أكثر على هدفها ونطاقها. على سبيل المثال، ركز على سبب أهمية المشروع، وعلى نطاق المهمة والصلاحيات الممنوحة لهم، مثل اتخاذ القرارات وتقديم خيارات وتوصيات لك للموافقة عليها. وما المشكلات الرئيسية التي تجب عليهم معالجتها وحلها؟ ومن هم الأشخاص في الفرق الأخرى الذين يجب عليهم التعاون معهم خلال المشروع؟ وما المواعيد المرحلية المهمة ونقاط التحقق وتوقعاتك للتواصل خلال مسار المشروع؟ على العكس من ذلك، من المناسب تقديم تعليمات أكثر تفصيلاً حول كيفية أداء المهام بالنسبة للأفراد الذين تحاول مساعدتهم على الارتقاء في منحنى التعلم ليصبحوا أكثر استقلالية. وبالمثل، يجب أن تكون مراجعاتك ولقاءاتك معهم أكثر تواتراً وتفصيلاً.

لتعزيز جهود التفويض التي يبذلها المدراء، يعيّن العديد منهم أحد أعضاء الفريق لتتبع تواريخ الاستحقاق والتسليمات النهائية نيابة عنهم لضمان عدم إغفال أي منها أو نسيانها. كما أنهم يدمجون متابعة المبادرات المهمة في اجتماعات الفريق الروتينية ويضعون مقاييس تساعد الفريق على تحديد إذا ما كانت الأمور تسير كما هو مخطط لها. يخلقون في هذه العملية ضغطاً إيجابياً من الأقران داخل الفريق، حيث لن يرغب أعضاء الفريق في تقديم تحديثات لأقرانهم تُظهر أن إحدى الأولويات المهمة متأخرة عن جدول المواعيد.

من المهم أن تدرك أن لدى الآخرين استراتيجيات مختلفة وقد لا تتوافق أساليبهم مع أساليبك. تحدَّ نفسك للتمييز بين النهج الذي يتبعه مرؤوسوك المباشرون مع المهام وجودة النتائج التي يحققونها. بينما تفوض المزيد من المهام وتوفر التدريب لمن يحتاج إليه، قيّم إذا ما كنت قد نجحت في تعزيز مهارات الأشخاص حتى يتمكنوا من العمل باستقلالية أكبر وإذا ما أحدثت تغييراً جذرياً في كيفية تخصيص وقتك وطاقتك. إذا كانت الإجابة بالإيجاب، فقد حققت نجاحاً على عدة جبهات. لقد عززت القدرة التنظيمية لفريقك وأثبتت قدرتك على تحمل نطاق أوسع من المسؤوليات، وهذا مفيد لأداء فريقك ولتقدمك الوظيفي على حد سواء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .