أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة في أحد برامجها الصوتية (بودكاست) مع كيمبرلي ويتلر، وهي أستاذة مساعدة في كلية دارن لإدارة الأعمال في جامعة فرجينيا. إذ تعتقد ويتلر أن أيام نقل ممارسات التسويق الغربية البالية إلى الأسواق الوطنية قد تكون معدودة، حيث أجرت بحوثاً حول حملات التسويق في الصين ووجدت أنها أسرع وأرخص، وغالباً ما تكون أكثر فاعلية من الحملات الغربية التقليدية. وتجادل بالإضافة إلى ذلك أن حملات التسويق هذه قد تكون أكثر ملاءمة للسوق العالمية اليوم.
وننقل لكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:
النص
كيرت نيكيش: مرحباً بكم في برنامج آيديا كاست (IdeaCast) المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. معكم كيرت نيكيش.
عَرّف الغرب نظرية وممارسة التسويق وصقلها منذ عقود، بدءاً من عناصر التسويق الأربعة التي دُرّست في برامج ماجستير إدارة الأعمال وحتى إدارة العلامات التجارية المتطورة التي تديرها شركات كبرى متعددة الجنسيات.
وهذا هو عالم التسويق الذي كرست ضيفتنا اليوم أعمالها لأجله. عملت كيم ويتلر لصالح شركة بروكتر آند غامبل (Procter & Gamble). ونجحت في تعزيز مكانة علامات الصابون التجارية في أوروبا الشرقية، كما عملت في الصين في التسعينيات عندما كان السوق يتطور بسرعة.
تشغل ويتلر الآن منصب أستاذة التسويق في كلية دارن لإدارة الأعمال في جامعة فيرجينيا. وعادت مؤخراً إلى الصين بهدف إجراء البحوث. وفاجأها ما تعلّمته في مقابلاتها هناك.
حيث تقول أن حملات التسويق الصينية هي أسرع وأرخص وغالباً ما تكون أكثر فاعلية من الحملات الغربية التقليدية. وتعتقد ويتلر أن حملات التسويق هذه أكثر ملاءمة للأسواق العالمية اليوم في بعض النواحي.
وكتبت حول هذا الموضوع في مقالة لها نُشرت في مجلة هارفارد بزنس ريفيو بعنوان "ما يمكن أن يتعلمه خبراء التسويق الغربيين من الصين".
شكراً لك يا كيم على حضورك للتحدث حول بحثك.
كيم ويتلر: شكراً لكم على استضافتي. يسعدني وجودي معكم.
كيرت نيكيش: متى أدركت أن الشركات الأميركية تزاول أعمال التسويق في الصين بطريقة خاطئة؟
كيم ويتلر: كنت أجري بحثاً حول مدراء التسويق في الولايات المتحدة، وأتيحت لي فرصة السفر إلى الصين وإجراء نفس النوع من البحوث حول التسويق ومدراء التسويق في الصين وحول الرؤساء التنفيذيين ومدراء التسويق من شركات متعددة الجنسيات تعمل وتدار في الصين، وكذلك من شركات محلية.
وبدأت أرى نمطاً مختلفاً تماماً في نهاية اليوم الأول حسبما أذكر. توقعت أن أسمع الكثير من المشكلات المماثلة التي تواجهها الشركات في الولايات المتحدة، لكني لم أسمع ذلك. وبحثت في عدة أمور هناك.
على سبيل المثال، بدا أن الشركات متعددة الجنسيات تشكو من سوء الحظ. وبصفتي باحثة أجرت الكثير من البحوث النوعية، أعتقد أن الأمر لا يتعلق بما يقوله الأفراد في بعض الأحيان، بل بكيفية قول ذلك.
لقد شعرت بالطاقة والحماس والإيجابية من تلك الشركات الصينية. إلا أني بدأت أتوجس شعور الضائقة الاقتصادية التي تتعرض لها الشركات متعددة الجنسيات، وكأنها كانت تعمل بطريقة تمنعها من المنافسة.
كيرت نيكيش: عندما ذكرت الشعور بالضائقة، هل هذا ما رأيته في الشركات متعددة الجنسيات؟
كيم ويتلر: نعم بالضبط.
كيرت نيكيش: حسناً. لطالما قامت الشركات متعددة الجنسيات بتكييف استراتيجية التسويق الخاصة بها بما يتلاءم مع الأسواق المحلية أو الأسواق الإقليمية. هل حقيقة كبر مساحة الصين هي ما يدفع هذه الشركات إلى توطين أعمالها عبر تحديد قواعدها الخاصة، أم هل تعتقدين أن هناك شيئاً مختلفاً بشكل جذري يحدث هنا؟
كيم ويتلر: بداية، إن هيكل السوق والطريقة التي تطورت بها السوق قد اختلفا اختلافاً جذرياً. تمتلك الصين مجمع شركات هائل يضم شركات بايدو (Baidu) وعلي بابا (Alibaba) وتينسنت (Tencent). إن مجمع الشركات الهائل هذا يشبه ما يعادل وضع شركات وول ستريت جورنال وجوجل وتويتر وأكتيفجن وسي إن إن وإي إس بي إن (ESPN) كلها في شركة واحدة،
بحيث يصبح لديهم هيكل سوق مختلف. وهيكل السوق المختلف هذا هو ما يقود إلى عقلية مختلفة جداً. لذلك ما بدأت في ملاحظته هو أنه ليس من الضروري أن تنجح الاستراتيجية المتّبعة في الغرب في الصين. السوق في الصين مختلف والأدوات مختلفة أيضاً في بعض النواحي، وحتى طريقة تفكيرهم مختلفة.
والكفاءات الذين يقومون ببنائها مختلفة. عاصرنا في الولايات المتحدة ظهور اللوحات الإعلانية والراديو والصحف أيضاً في مطلع العصر. ثم ظهر التلفاز في أحد الأيام، وكانت تُبث ثلاث قنوات فقط، ثم سرعان ما ظهرت الكثير من القنوات المختلفة. ثم ظهرت الأدوات الرقمية، وحدث هذا التطور كله على مدى عقود وعقود. لكن الصين لم تتطوّر على هذا النحو، بل تطورت بسرعة كبيرة، وانتقلت مباشرة إلى تطوير اقتصادها عبر الهاتف المحمول أولاً، حيث يقضي المستهلكون كل وقتهم تقريباً على هواتفهم.
كيرت نيكيش: لقد دُهشت عندما قرأت في بحثك أن المستهلكين الصينيين يقضون ضعف الوقت الذي يقضيه المستهلكون في الولايات المتحدة على هواتفهم، بمعدل حوالي سبع ساعات من النظر إلى هواتفهم في اليوم الواحد؟
كيم ويتلر: نعم، وهذا ما يقودنا إلى مفهوم هيكل السوق، حيث أظهر أحد البحوث التي أجريت أن 55% من وقت المستهلك العادي يُقضى على خصائص موقع تينسنت فقط.
فكر في ذلك، نحن ننتقل من تويتر إلى جوجل إلى سي إن إن إلى إي إس بي إن إلى الحسابات البنكية إلى صحيفة وول ستريت جورنال إلى الألعاب. بينما يمتلك المستهلكون الصينيون هذا كله تحت مظلة واحدة. لذا، فإننا نشعر بالقلق هنا في الولايات المتحدة بشأن الخصوصية وحول قوة البيانات التي تمتلكها جوجل ونوعها، أو حتى صحيفة وول ستريت جورنال.
تخيل عندما يكون كل ذلك مجتمع تحت بيئة عمل متكاملة واحدة. إنه سلاح ذو حدين، إذ لديك كل أنواع المخاوف المتعلقة بالخصوصية من جهة، ورؤى ثاقبة أكبر بكثير عن المستهلك من جهة أخرى. إذ تمتلك القدرة على تصميم منتجات أفضل، كما يمكنك إنشاء ارتباط أفضل مع المستهلك لأنك تعرف الكثير عنه.
وتمتلك القدرة على خلق برامج التسويق تكون أفضل بكثير. وهنا يكمن التحدي، لقد نشأنا في عالم غربي، وتتمثّل طريقة تفكيرنا في التركيز على نموذج يسند إلى القناة. وبالتالي، سيكون هناك مؤسسة تتضمن مجموعة التقنيات الرقمية، ومجموعة البريد الإلكتروني، ومجموعة التلفاز ومجموعة الراديو، وكل هذه الأنواع المختلفة من القنوات.
لكن خبراء التسويق في الصين لا يفكرون بهذه الطريقة. بل ينحصر تفكيرهم بادئ ذي بدء في المستهلك لأن اتصالات المستهلك مترابطة. وبالتالي فإن طريقة تفكيرهم في التسويق مختلفة.
كيرت نيكيش: وسبب ذلك يعود إلى القفز إلى استراتيجية تطوير الهواتف المحمولة أولاً. وأتساءل أيضاً عن مدى ارتباطها بالحجم، من حيث عدد المستهلكين وعدد الشركات، إذ يبدو أن هناك حاجة إلى إضافة صفر إضافي في نهاية كل رقم، وأن هناك ترتيباً آخر من حيث الحجم، فضلاً عن إجراء الكثير من التجارب ووجود الكثير من الأحداث، بالإضافة إلى الضوضاء التي ينبغي اختراقها في حال رغبت شركة ما في الوصول إلى المستهلكين أيضاً. إلى أي مدى يؤثر حجم السوق على ما يحدث هنا؟
كيم ويتلر: أعتقد أن السوق يحظى على الكثير من الاهتمام نظراً لحجمه. إن الحجم مهم للغاية على المستوى العالمي، وعندما عملت في أوروبا الشرقية، كنا آنذاك أحد أكثر أسواق منظفات الغسيل تنافسية في العالم. كان يوجد جميع الجهات الفاعلة العالمية الكبيرة التي تتنافس للحصول على حصة سوقية في نفس المكان.
وعندما يكون لديك سوق تنافسي من هذا القبيل، ستحصل على أفضل النتائج في العالم، وستحصل على المال، وبالتالي، تعتبر السرعة عنصراً حاسماً في هذه المعادلة. لقد أجريت مقابلة مع الرئيس التنفيذي لشركة جوجل وقال إن الوتيرة التي تتقدم بها الصين مخيفة.
وأعتقد أننا في الغرب قد نتفاجئ من حديث شخص ما يعمل في جوجل حول الخوف من وتيرة السرعة. إن الطريقة التي تعمل بها الشركات الصينية مهمة أيضاً، إذ يدركون أن السرعة تعني المزيد من الأموال، بينما ركزت الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات على مدى عقود على تحقيق الكفاءة والحجم، وتجاهلت التركيز على السرعة. في الواقع، إن الطريقة التي تعمل بها الشركات متعددة الجنسيات هي عكس السرعة.
كيرت نيكيش: نعم، أعتقد أن الشركات متعددة الجنسيات تخطط للمستقبل بشكل فصلي، كما تخطط للأحداث الرياضية الكبرى قبل عدة سنوات، أليس كذلك؟
كيم ويتلر: حسناً. أود ذكر قصة مثيرة للاهتمام حقاً. كنت أتحدث مع رئيسة التسويق حول الحصول على فيزا لزيارة الصين الكبرى، وكانت قد عملت على نطاق واسع في الولايات المتحدة لصالح شركات مثل شركة بيبسيكو (PepsiCo)، وغيررادلي تشوكليت (Ghirardelli Chocolate) وماكنزي، ويونيليفر، وقالت اسمحي لي أن أقدم لك مثالاً على كيفية سير الأمور. قالت، عندما كنت أعمل في صناعة السلع الاستهلاكية المعبأة في الولايات المتحدة لصالح شركة وول مارت، اعتدنا التفكير في خطط الترويج الموسمي المستقبلية لمدة سنة إلى سنتين مسبقاً.
وكنا نفكر معظم الوقت في طرق الترويج، أو الخصومات على الأسعار سواء كانت بمقدار دولار أو سنت، والخطة الترويجية في المتجر، بهدف تعزيز حجم المبيعات. وقالت ما سيفعله الصينيون بدلاً من ذلك هو التفكير في خلق محتوى سلس عبر منصات متعددة لفترة زمنية مؤقتة. وما كانت تقصده بقولها هو أنه سيجري تنفيذ هذه الخطط في غضون أسبوعين. بمعنى أنهم يقومون بالتخطيط للوقت الحالي.
أي أنهم يبتكرون ويتشاركون في خلق المحتوى ومن ثم يقومون بطرحه مباشرة. بالتالي، فإن المنافسة قائمة بين شركات تقوم بهذا التخطيط والإعداد والمنهجية لسنتين أو ثلاث سنوات وبين شركات تُدرك استراتيجيتها للأسبوع المقبل وتقوم ببناء نظم رشيقة وسريعة حقاً تضمن نجاحها في النهاية.
عندما تنظر إلى عقلية الصين مقابل عقلية الغرب، تجد أن العقلية الغربية تدور حول النطاق والكفاءة، من خلال التقدم ببطء وتجنب المخاطرة وخلق أنظمة، ومن ثم التقليل من خمسة مصانع إلى مصنع واحد، وإنشاء منصة منتج عالمية واحدة، بينما يمثل نظام الصين عقلية النمو. كيف يمكننا تنمية حصتنا السوقية بسرعة؟ هنا يصطدم هذان النهجان المتناقضان.
كيرت نيكيش: حسناً. وعندما نتحدث عن التصادم نجد أن الكثير من الشركات متعددة الجنسيات أو الشركات الغربية تخسر، ما هو موقف الشركات الصينية من ذلك؟
كيم ويتلر: أود الإجابة عن ذلك بطريقة مختلفة. أولاً قد تخسر شركة غربية ما في بعض الحالات بالفعل. على سبيل المثال، شركة أوبر. لم تمتلك شركة أوبر القدر الكاف من السرعة للتوسع أو المضي قدماً، وهذا ما منعها من القدرة على المنافسة في حين كانت السرعة عنصر النجاح الأساسي.
وقدم أحد الرؤساء التنفيذيين وجهة نظر سديدة حول هذا الموضوع. حيث قال، من أجل أن تضمن تمويل مؤسستك في الصين، يجب عليك أن تكون أحد أكبر شركات العلامات التجارية في فئة معينة. وهذا يقودنا إلى هيكل السوق الذي يخلق العقلية التي تسفر بدورها عن خلق القدرة، والقدرة هي أن تقوم بوضع خطط قائمة على السرعة تمكّنك من التحرك بسرعة دون التعرض لجمود في العمليات. بل يجب أن تكون العمليات رشيقة تمكنك من التواؤم والاستجابة بشكل أسرع في إجراء التغييرات حسب الضرورة.
كيرت نيكيش: لنتحدث قليلاً عما ينبغي على الشركات الغربية فعله مع وضع ذلك في الاعتبار، ومع تلك الرؤى الثاقبة التي قمت بذكرها. ما الذي ينبغي على الشركات الغربية التفكير فيه؟ ما الذي يجب أن تسعى إلى تحقيقه، وكيف ينبغي لها تنفيذ أعمالها بشكل مختلف؟
كيم ويتلر: في حال كنت أعمل على تأسيس مؤسسة سأرغب في توظيف شخص لديه هذا النوع من الخبرات من الصين، أريد إضافته إلى فريقي. اسمح لي أن أقدم لك مثالاً على ذلك. حسناً؟ أجريت جلسة مع مجموعة من الطلاب هنا في داردن، ويشمل برنامج ماجستير إدارة الأعمال لدينا طلبة من جميع أنحاء العالم، وسألتهم سؤالاً.
قلت: مهمتكم هي كالتالي، عليكم ابتكار طريقة ما لدفع عجلة النمو، لكن لا يمكنكم استخدام التلفاز والراديو واللوحات الإعلانية والوسائط الرقمية والتقليدية وأي من تلك الأدوات. وبالتالي، لا يمكنكم استخدام أي إعلانات ترويجية، ولا يمكنكم استخدام أي إعلان من خلال الوسائل الرقمية أو التقليدية. كيف يمكنكم دفع عجلة النمو؟
وإليك ما حدث. سرعان ما بدأ الطلاب الصينيون بالكتابة على الفور. بينما جال الطلاب من الغرب بنظرهم في المكان، كانوا يحاولون التفكير، وهذا سؤال صعب لأننا ترعرعنا في نظام وهيكل جعلنا نفكر في الإعلان والترويج قبل كل شيء. وعندما سألت الطلاب الصينيين، ذكروا على الفور قادة الرأي الرئيسيين.
كيرت نيكيش: وما معنى قادة الرأي الرئيسيين؟
كيم ويتلر: ما قصده الطلاب من قادة الرأي الرئيسيين هو العثور على المؤثرين في السوق، وابتكار طريقة للتعامل معهم. هذه هي طريقة تفكيرهم. كيف يمكنني إنشاء محتوى تفاعلي؟ كيف يمكنني ابتكار القصص؟ كيف يمكنني كتابة الكتب؟ أو كيف يمكنني تصميم ألعاب؟ كيف يمكنني خلق محتوى يجعل المستهلكين يتفاعلون مع علامتي التجارية؟ فكروا بشكل طبيعي في هذا الاتجاه، بينما لا نمتلك نحن القدرة على التفكير بهذه الطريقة. ذلك ما سأقوم به إذا كنت بصدد بناء مؤسسة هو توظيف تلك القدرة حتى أتمكن من غرسها ضمن فريقي.
كيرت نيكيش: يبدو أن بعض هذه الشركات مثل بايدو، وعلي بابا، وتينسنت ضخمة للغاية في نطاقها لدرجة لا توجد طريقة للتفوق عليها. يبدو أنك بحاجة إلى تجاوزها بهدف الحصول على الزبائن.
كيم ويتلر: حسناً. إن أحد الأشياء التي فاجأتني عندما كنت أجري مقابلة مع أحد المسؤولين التنفيذيين من شركة تينسنت، وبينما كنت أجمع كل هذه المعلومات لتكوين نظرة شاملة هو تذكري للأحداث التي حصلت في الثمانينيات والتسعينيات وما فعلته شركتا بروكتر آند غامبل ويونيليفر مع وول مارت.
كنا ندرك أن السلطة كانت تنتقل من الشركة المصنعة إلى بائع التجزئة. وهكذا فجأة، قامت شركة بروكتر آند غامبل بدمج فرقها مع شركة وول مارت. كان لدى شركة وول مارت الكثير من البيانات حول المستهلك، وكان لدى شركة بروكتر آند غامبل الكثير من القوة التحليلية، ولكن لم تكن تمتلك البيانات.
ولذلك أقمنا علاقة شراكة في محاولة لاستخلاص رؤى ثاقبة من البيانات التي يمكن أن تعود بالنفع على وول مارت وبروكتر آند غامبل في وقت واحد. وبينما كنت أصغي إلى حديث المدير التنفيذي من تينسنت سألته: كم عدد الشركات التي تتعاون معك؟ إن طبيعة البيانات لديهم تفوق البيانات التي تمتلكها شركة وول مارت بكثير.
كيرت نيكيش: صحيح.
كيم ويتلر: قال: إن الإمكانات غير محدودة، إلا أننا لا نزال في بداية طريقنا لتحقيق هذا النوع من العمل. بينما لم تنتقل العديد من الشركات متعددة الجنسيات إلى هذا النموذج بشكل كامل بعد.
كيرت نيكيش: لقد فهمت ما تعنيه. هل شاهدت شركة غربية تقوم بذلك بنجاح؟
كيم ويتلر: حسناً. اثنان من الأمثلة التي ذكرها الرئيس التنفيذي كانت شركتا بي إم دبليو وماكدونالد. نفّذت ماكدونالدز بالفعل استراتيجية دمجت عملياتها مع برامج منصة تينسنت، وتعتبر رائدة نوعاً ما وقيادية في هذا المجال. لقد قاموا بعمل جيد.
وبدأت بي إم دبليو أيضاً في التعاون مباشرة مع تينسنت عبر وكالاتها. بينما تنطوي عقلية الشركات متعددة الجنسيات على العمل بشكل مباشر مع هذه الشركات الكبيرة والمهمة بدلاً من العمل من خلال وكالاتها والاعتماد على وكالاتها للقيام بكل شيء
كيرت نيكيش: هل تقصدين وكالات الإعلان؟
كيم ويتلر: نعم بالضبط.
كيرت نيكيش: حسناً. هل قامت ماكدونالدز أو بي إم دبليو بأية حملة بارزة؟
كيم ويتلر: حسناً.
كيرت نيكيش: إنه أمر مضحك، أنا أدعو ذلك بحملة إعلانية، ولكن قد تكون هذه هي الطريقة الخاطئة للتفكير في الأمر.
كيم ويتلر: حسناً. لقد قامت شركة بي إم دبليو بشيء مثير للاهتمام حقاً. ما هي الخطوات التي تمر من خلالها عند رغبتك في اقتناء سيارة؟ يجري بداية تعريفك في السيارة من خلال إعلان ما، ثم تقرر في مرحلة ما أنك تريد شراءها، وتبحث عن معلومات عنها ثم تقوم باختبارها. وتتجه إلى وكالة بيع السيارات وتطلب منهم اختبار قيادة السيارة، أليس كذلك؟
وتدرك وكالات السيارات في الواقع أن اختبار قيادة السيارة هو في الحقيقة ميزة هامة جداً من هذه التجربة. هل تعلم ما قامت به الشركة لطرح سيارة بي إم دبليو موديل إكس وان؟ كان أول أهدافهم هو طرح السيارة في أسرع وقت ممكن في جميع أنحاء الصين، مع أكبر قدر من المشاركة، دون إنفاق الكثير من المال، لأن الإعلان يكلف الكثير من المال.
كيرت نيكيش: وهذا يعني تأسيس الوكالات في جميع أنحاء البلاد وشحن السيارات إلى مختلف الوكالات ليقوم الجميع باختبار قيادتها.
كيم ويتلر: هذا صحيح؛ وذلك يعني عدم إنفاق الكثير من المال على الإعلانات التي تتحدث عن سيارة موديل إكس وان، بل عن كيفية خلق تجربة تفاعلية يرغب الأفراد في المشاركة فيها لأنها تشعرهم بالمرح.
وما فعلوه هو أنهم قرروا إنشاء حفل افتراضي. أقاموا بالفعل حفلاً حقيقياً وأحضروا عدداً من المشاهير من مختلف الأجيال بغية أن يروق الحفل لمجموعة كبيرة من جمهورهم المستهدف. وكان هذا الحفل متاح مباشرة على الهاتف المحمول، لذلك يمكنك الجلوس في منزلك ومشاهدة كامل الحفل على هاتفك.
وأحضروا بالتالي قادة الرأي الرئيسيين والمؤثرين الكبار عبر مجموعات سكانية مستهدفة مختلفة، وكان هؤلاء المؤثرون في الحفل يتحدثون بشكل مباشر عن الفعالية مع جماهيرهم.
أنا أقوم بابتكار الأحداث هنا فقط الآن لأوضح لك المثال. وبالتالي كان قائد الرأي الرئيس متمثل في جاستن بيبر الذي يمتلك تأثيراً كبيراً على تلك المجموعة السكانية، والذي تواصل بعد ذلك مباشرة مع المعجبين الذين شاهدوا الحفل عبر هواتفهم المحمولة.
وتوجه المؤثرون بعد ذلك إلى إجراء تجربة قيادة افتراضية للسيارة، حيث يمكن للمشجعين مشاهدتهم وهم يختبرون قيادة السيارة ويقومون بتجربة القيادة مع المؤثر المفضل لديهم. ويُستأنف الحفل مع مسابقات ممتعة مثل التصويت لأفضل سائق. وبالتالي كانت الشركة قادرة في النهاية على جعل الآلاف والآلاف من الأفراد يختبرون قيادة السيارة بشكل فعلي.
وحصدت الشركة أكثر من 10 مليون شخص مشارك للحفل. والأهم أن ذلك حدث كله في يوم واحد. وبالتالي، الأمر ليس مجرد طريقة مختلفة في التفكير حول تطوير البرنامج. لم يكن الإعلان هو ما اختاروه بداية ولم يكن الترويج، بل كان خلق محتوى يتفاعل معه المستهلكين، ومن ثم إيجاد آلية للحصول على تفاعل أكبر عدد ممكن من المستهلكين من المجموعات السكانية المستهدفة.
كيرت نيكيش: حسناً. لذلك، قد يبدو هذا الأسلوب رقمياً للغاية، وقد لا يبدو أنه يختلف عن كيفية عمل العلامات التجارية مع تويتر للترويج للمنتجات، أعني أن هناك الكثير من قادة الرأي الرئيسيين للعلامات التجارية و للمنتجات، والذين يمثلون مجرد جزء من كل حملات التسويق الرقمي التي تجري في فعالية ضخمة مثل تلك.
لذلك بالنسبة إلى شخص يسمع قصة بي إم دبليو ويقول: يبدو ما فعلوه أمراً رائعاً، لقد سار كل شي بشكل جيد، لكن هذا لا يبدو مختلفاً. ما هو الفرق؟ ما الذي يجعل هذا الحفل بارزاً؟
كيم ويتلر: أود أن أطلب منك أن تقدم لي مثالاً قامت فيه شركة مثل بي إم دبليو في الولايات المتحدة بمثل هذا الحفل من أجل طرح منتج ما لها. أعني، كيف نخلق حدثاً ثقافياً مثل وودستوك (Woodstock) ونستخدم هذا الحدث الثقافي لخلق الإثارة حول هذا المنتج؟ لا يكون ذلك في ابتداع خطة ما في مرحلة ما خلال الحفل وإنما تكون هذه الخطة ضمن نسيج التجربة، وبالتالي، كان اختبار قيادة السيارة هو جزء من هذه التجربة.
ومن ثم هناك جزء المسابقات في الفعالية. هل هذا صحيح؟ نحن نحب المنافسة. وأحد الأشياء التي أجدها أكثر إثارة للإعجاب حول الصين هو أن الألعاب تحظى بشعبية كبيرة، وهي مدمجة في سياسة الشركة مثل تينسنت، والطريقة التي يفكرون بها في إشراك المستهلك تبدأ بمبادئ حول الألعاب.
كيف تجعل لعبة كاندي كراش شخص ما يقضي أربع ساعات يومياً على هاتفه النقال؟ إن الألعاب هي صناعة مختلفة تماماً. كم عدد خبراء التسويق الذين يبحثون في علم النفس المرتبط بالألعاب، ويدمجون ما تعلموه في خلق المحتوى والخبرات التفاعلية للمستهلكين؟
كيرت نيكيش: ومن الواضح أن هذا ينطبق على الشركات التي تزاول أعمالها في الصين، لكنني أتساءل فقط إلى أي مدى ينطبق هذا على الأسواق الأخرى في آسيا، وإلى أي مدى ينطبق هذا على إمكانية زعزعة جهود التسويق في الولايات المتحدة؟
لأن هذا قد يمثل شركات صينية تقدم منتجات هنا، أو قد يكون مجرد شخص في وادي السيليكون أدرك فكرة استراتيجية التسويق في الصين ويريد فقط التنافس وجهاً لوجه مع الشركة الأميركية في الولايات المتحدة مع هذه الاستراتيجيات والتكتيكات الجديدة.
كيم ويتلر: أنت محق تماماً. لدينا تاريخياً عقلية تفكير مختلفة وابتكرنا نظرية التسويق خاصة بنا، ونقوم بتصديرها إلى العالم من خلال كتبنا ومناهجنا المدرسية وثقافتنا التعليمية.
والحقيقة هي أن هناك اختلافاً كبيراً نظراً لهيكل السوق وبسبب عقلية التفكير والكفاءة التي تُعزز هناك، وبالتالي لا بد لنا من التعلم من الشركات الصينية. وهذا لا يقتصر فقط على التصدير. بل يجب علينا فهم استراتيجية هذه الشركات واستيرادها، لأنه حتى لو لم تكن شركتك تتنافس في الصين، تستثمر العديد من الشركات الصينية بالفعل في الشركات الأميركية.
وبالتالي، إذا كنت بصدد المنافسة هنا، فقد تكون تتنافس مع شركة تمتلك وراءها شخصاً داعماً من الصين، وتمتلك بالفعل بعض هذه الكفاءة. وبصراحة، هناك سبب آخر للقيام بذلك. أنا شخص عاش في جميع أنحاء العالم، وقمت بإدارة شركات في جميع أنحاء العالم. هدفك هو أن تصبح أفضل خبير تسويق على الإطلاق. وأعتقد أنه من قصر النظر الاعتقاد بوجوب اختراع كل هذه الأفكار في الغرب ومن ثم تصديرها.
هناك الكثير الذي يمكن أن نتعلمه، الأمر لا يتعلق فقط بمجرد التكيف. لا تكمن المسألة في تعلم الاستراتيجية ومن ثم التكيف مع الأسواق الأخرى. هناك الكثير الذي يمكنك معرفته عن الأسواق التي تتطور بطريقة مختلفة. إذ تجبرنا الأسواق على تعلم القدرات وامتلاك الكفاءات التي قد لا نمتلكها، وهذا قد يجعلنا أقوى.
وهكذا، لا تدور هذه المقالة حول كيفية هزيمة الصين للولايات المتحدة أو الغرب، بل حول الأمور التي يمكننا تعلمها من الصين لأننا نحب التعلم والنمو، على الأقل يحب خبراء التسويق الذين أتفاعل معهم التعلم والنمو. وبالتالي، قد يساعدنا ما نتعلمه من الصين في جعلنا أفضل وأكثر قدرة على المنافسة في الأسواق التي نتنافس فيها.
كيرت نيكيش: كيم، لقد كان حديثاً رائعاً. شكراً جزيلاً على مشاركتنا هذه الأفكار.
كيم ويتلر: شكراً جزيلاً. وأنا استمعت حقاً.
كيرت نيكيش: كانت معنا كيم ويتلر، أستاذة التسويق في كلية دارن للأعمال في جامعة فيرجينيا. ومؤلفة مقال "ما يمكن أن يتعلمه خبراء التسويق الغربيين من الصين" الذي نُشر في عدد مايو/ أيار - يونيو/ حزيران عام 2019 في مجلة هارفارد بزنس ريفيو وفي موقع هارفارد بزنس ريفيو HBR.org.
وقد أنتجت هذه الحلقة ماري دو. وحصلنا على المساعدة التقنية من روب ايكارت. ونشكر أيضاً آدم بوتشولز مدير الإنتاج السمعي.
شكراً للاستماع إلى برنامج أيديا كاست (IdeaCast)المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. معكم كيرت نيكيش.