حتى بالنظر إلى المعايير التي وُضعت خلال السنوات الخمس الماضية، فمن المحتمل أن يشهد عام 2025 مزيداً من الاضطرابات التي تحمل تداعيات كبيرة على مستقبل العمل.
يواجه المسؤولون التنفيذيون في الوقت الحاضر بيئة أعمال متقلبة، يشمل ذلك نقصاً مستمراً في المواهب وتطورات تكنولوجية سريعة وإجهاداً ناجماً عن التغيرات المستمرة. يحدث ذلك في وقت يطالب فيه أصحاب المصلحة القادة بخفض النفقات مع الاستمرار في السعي لتحقيق نمو أسرع.
حددت أبحاث أجرتها شركة غارتنر (Gartner) 3 تحديات رئيسية يجب على المسؤولين التنفيذيين التعامل معها في عام 2025.
- متطلبات جديدة لإعداد قوى عاملة جاهزة للمستقبل
- تطور أدوار المدراء
- المخاطر الناشئة التي تهدد المواهب داخل المؤسسات
يجب على القادة فهم تأثير هذه العوامل والقوى في مؤسساتهم، بالإضافة إلى معرفة الإجراءات التي يجب عليهم اتخاذها للحفاظ على القدرة التنافسية واستقطاب أفضل المواهب والكفاءات واستبقائها وتحقيق الأهداف التجارية المرجوة.
في إطار هذه التحديات الثلاث، تقدم شركة غارتنر 9 توقعات حول التغيرات والتحديات التي سيواجهها قادة الموارد البشرية في عام 2025.
متطلبات جديدة لإعداد قوى عاملة جاهزة للمستقبل
1. ستواجه المؤسسات نقصاً في الخبرات مع زيادة معدلات التقاعد واستمرار التغيرات التكنولوجية
ستصل نسبة غير مسبوقة من القوى العاملة في الاقتصادات الكبرى على مستوى العالم إلى سن التقاعد في عام 2025، ما سيؤدي إلى فقدان المؤسسات لأكثر موظفيها خبرة بسرعة كبيرة.
في الوقت نفسه، أحدثت التكنولوجيا تحولاً كبيراً في العلاقة بين الموظفين الخبراء والمبتدئين عبر القطاعات المختلفة؛ إذ استحوذ الذكاء الاصطناعي على العديد من المهام التي كان يؤديها المتدربون وفرق الدعم في السابق، ما حرم الموظفين المبتدئين من الفرص اللازمة للتعلم واكتساب الخبرة. لذلك، بدأ قادة المؤسسات يتساءلون عن الآلية التي سيتّبعونها لتدريب الخبراء المستقبليين وإعدادهم بعدما أصبح الذكاء الاصطناعي يؤدي المهام التي كانت مخصصة لتدريب الموظفين المبتدئين وتنمية مهاراتهم.
يتفاقم فقدان الخبرات بسبب نقص التدريب العملي وهي مشكلة تشغل الموظفين القدامى والمبتدئين على حد سواء. كشف استطلاع أجرته شركة غارتنر في شهر مايو/ أيار عام 2024 شمل 3,375 موظفاً أن 60% من الموظفين قالوا إنهم لا يحصلون على التدريب اللازم في أثناء العمل لدعم مهاراتهم الأساسية. لمواجهة هذا التهديد الملح ، يجب على المؤسسات تعزيز الذكاء الجماعي باستخدام التكنولوجيا لضمان تدفق المعرفة بسهولة بين الخبراء الذين يمتلكون المهارات والموظفين المبتدئين الذين يحتاجون إلى تلك المهارات.
أنشأ بعض المؤسسات فرقاً مخصصة لإدارة المعرفة، بحيث تعمل على جمع المعلومات مباشرة من سير عمل الخبراء، مثل المنشورات والرسائل داخل قنوات منصة "تيمز" (Teams) والعروض التوضيحية للمنتجات والرسائل الإلكترونية التي تقدم إجابات توضيحية عن الأسئلة وجلسات الأسئلة والأجوبة، لتحديد الأساليب والإجراءات التي يتبعها خبراؤها الداخليون. ثم تعمل هذه الفرق على تحويل النتائج والبيانات إلى مواد تعليمية مصغرة، مثل مقاطع فيديو قصيرة أو مقالات أو أنشطة تُعلّم مهمة واحدة أو نشاط محدد، بحيث يمكن للموظفين الآخرين الاستفادة منها في أداء عملهم.
من الأساليب الأخرى التي تعتمدها الشركات الرائدة هو استخدام أدوات إدارة القوى العاملة التي توفر للمشرفين بيانات حول أداء الموظفين في المهام المختلفة وتقترح مواد تعليمية مصغرة يمكن تقديمها للموظفين الذين يحتاجون إلى مزيد من الدعم.
2. ستعيد المؤسسات هيكلة عملياتها للاستفادة من الذكاء الاصطناعي والابتكارات التكنولوجية الأخرى
يركز الرؤساء التنفيذيون على تحقيق النمو في عام 2025؛ إذ يشير العديد منهم إلى أن التكنولوجيا، لا سيما الذكاء الاصطناعي، ستكون عاملاً رئيسياً لتحقيق هذا الهدف. لكن هناك مخاوف واسعة النطاق من أن البنى التنظيمية التي أوصلت المؤسسات إلى هذه المرحلة لن تكون كافية لدفعها إلى الأمام، وأن التصميم التنظيمي الحالي سيعرقل الأثر المحتمل للابتكارات التكنولوجية.
أدت القيود الناتجة عن عدم وضوح صلاحيات اتخاذ القرار والموافقات المتعددة المستويات والتسلسلات الهرمية المعقدة وتصاميم الأدوار الصارمة إلى منع الذكاء الاصطناعي من إحداث تغييرات جذرية في مسارات عمل المؤسسات في عام 2024. يشعر القادة بالقلق من أن هذه العوائق الهيكلية ستظل عائقاً أمام الاستفادة الكاملة من الابتكارات المستقبلية في حال عدم إجراء تغييرات جوهرية.
خلال هذا العام، سيُجري المسؤولون التنفيذيون تغييرات جوهرية على كيفية عمل مؤسساتهم، وذلك من خلال إنشاء هياكل تنظيمية مسطحة وأقل تراتبية هرمية وإضفاء الطابع المركزي على الوظائف المؤسسية لتقليل تكرار العمل وتعزيز التناسق، بالإضافة إلى الاستثمار في ممارسات التعلم المرنة للفرق المتعددة الاختصاصات.
3. ستتبنى الشركات تكنولوجيا "الترغيب الذكي" (Nudgetech) لسد الفجوات المتزايدة في مجال العمل التعاوني
كشف استطلاع أجرته شركة غارتنر في عام 2024، وشمل نحو 18,000 موظف أن 29% فقط من المشاركين يشعرون بالرضا عن مستوى التعاون في بيئة العمل في حين كانت النسبة 36% في عام 2021. وقد أظهر تحليل إضافي أجرته الشركة نفسها أن مستوى الرضا عن التعاون في العمل يؤثر بدرجة كبيرة في الأداء؛ إذ يحقق الموظفون الذين يشعرون بالرضا عن العمل التعاوني أداءً أفضل في المتوسط. لاستعادة التعاون الفعال والتماسك بين الفرق، ستلجأ الشركات الرائدة إلى تجربة تكنولوجيا "الترغيب الذكي" (Nudgetech)، وهي مجموعة جديدة من الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، والتي تهدف إلى تخصيص التفاعلات والعمليات على نطاق واسع.
على سبيل المثال، يمكن أن تقترح هذه التكنولوجيا على الموظفين طرقاً للتواصل تتناسب مع تفضيلات زملائهم، مثل استخدام الرسائل الإلكترونية بدلاً من الرسائل النصية، أو أن تذكّر المدراء بأساليب العمل التي يفضّلها مرؤوسوهم المباشرون، أو أن توفر نصائح مخصصة لتحسين التواصل. تسهم هذه التكنولوجيا في تحقيق فائدة مزدوجة تتمثل في تحسين التواصل وتعزيز التغيرات السلوكية.
تطور أدوار المدراء
4. سيُفضِّل الموظفون التعامل مع البوتات بدلاً من المدراء سعياً لتحقيق الإنصاف
أظهرت الأبحاث أن استخدام الخوارزميات في الإدارة، أي في جدولة المهام وتقديم الملاحظات ومراجعات الأداء واتخاذ قرارات الترقية أو التوظيف يمكن أن يسبب، كما يمكن أن يؤثر سلباً في العلاقات الاجتماعية داخل بيئة العمل. على الرغم من ذلك، فإن استطلاعات آراء الموظفين تشير إلى أنهم يرون أن الخوارزميات أكثر إنصافاً من البشر. كشف استطلاع أجرته شركة غارتنر في شهر يونيو/حزيران عام 2024 شمل أكثر من 3,300 موظف أن 57% منهم يرون أن البشر أكثر تحيزاً من الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق باتخاذ قرارات التعويضات.
كما كشف استطلاع أجرته الشركة نفسها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 2024 وشمل نحو 3,500 موظف أن 87% من الموظفين يعتقدون أن الخوارزميات قادرة على تقديم ملاحظات أكثر إنصافاً مقارنة بما يقدمه المدراء في الوقت الحالي. يرحب الموظفون بفكرة أن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تعزز العدالة في بيئة العمل بدلاً من تقويضها، بالإضافة إلى أنها تسهم في إبراز مساهمات الموظفين وإنجازاتهم التي قد يغفل عنها المدراء عند استخدام إجراءات إدارة الأداء التقليدية. أما بالنسبة للأنشطة اليومية، مثل تقديم ملاحظات الأداء الفورية، فمن المرجح أن تتولى البوتات جزءاً أكبر من مهام المدراء، لا سيما في الأعمال التي تعتمد على التكنولوجيا الرقمية أو التي يمكن قياسها بسهولة، أو تلك التي تكون مدعومة بأجهزة استشعار إنترنت الأشياء (IoT).
5. ستواجه المؤسسات بعض التحديات التي تتمثل في كيفية استبقاء الموظفين المتميزين في عصر الذكاء الاصطناعي
يرغب قادة الشركات في أن يستخدم الموظفون الذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية وتقليل الأعمال الروتينية وغير الضرورية وتوفير وقتهم وطاقتهم للتركيز على المهام الإبداعية والاستراتيجية. في الوقت نفسه، يمكن أن تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي بوصفها مرشحاً للكفاءة في مكان العمل؛ ما يسمح للموظفين ذوي الأداء المتوسط أو الضعيف بإظهار جهودهم البسيطة والمحدودة على أنها مثمرة جداً ومؤثرة أمام مدرائهم وزملائهم.
يثير هذا الأمر العديد من الأسئلة، مثل:
- هل يجب على المؤسسات التمييز بين الموظفين الذين يقدمون أداءً متوسطاً ويعتمدون على الذكاء الاصطناعي لتعزيز أدائهم وتحقيق نتائج جيدة وبين الموظفين المتميزين فعلياً؟
- كيف يستطيع أصحاب العمل استبقاء الموظفين المتميزين وضمان فعالية خطط تطوير المواهب الداخلية والتعاقب الوظيفي دون التمييز بين الأداء المستقل والأداء المعزّز والمدعوم بالذكاء الاصطناعي؟
تشير أفضل الممارسات الحالية إلى أنه يجب على المدراء التركيز على نتائج العمل، بدلاً من التركيز على العملية التي تؤدي إلى تحقيق تلك النتائج. لكن على المدى الطويل، يجب على المؤسسات إيجاد طرق جديدة لتحديد الأداء المتميز ومكافأته مع تزايد صعوبة التمييز بين الموظفين الذين يعتمد أداؤهم الجيد على جهودهم الشخصية وأولئك الذين يعتمدون على الذكاء الاصطناعي لأداء مهامهم.
يجب على أقسام الموارد البشرية وضع إرشادات ومعايير واضحة تحدد الأعمال المقبولة وغير المقبولة التي ينتجها الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تدريب المدراء على تحديد الحالات التي يعتمد فيها الموظفون بصورة مفرطة على الذكاء الاصطناعي والتدخل بطريقة مناسبة. في بعض الحالات، قد تضطر المؤسسات إلى إجراء تغييرات جوهرية في كيفية تحديد مساهمات الموظفين وإنجازاتهم ومكافأتهم عليها.
6. سيتحول تركيز المؤسسات نحو تعزيز الشمولية والانتماء، ما قد يؤدي إلى تحقيق فوائد غير متوقعة
في عام 2024، واجهت مبادرات التنوع والمساواة والشمول (DEI) تسييساً متزايداً وتدقيقاً مكثفاً، ما أثار قلقاً كبيراً بين المسؤولين التنفيذيين الذين وجدوا أنفسهم في وضع معقد يهدف إلى الحفاظ على فوائد هذه المبادرات والتعامل مع الديناميات الخارجية المعقدة والسريعة التغير. في عام 2025، ستوجه غالبية المؤسسات استثماراتها نحو تعزيز الشمولية والانتماء للموظفين كافة، بدلاً من التركيز فقط على زيادة تمثيل أصحاب المواهب والكفاءات المهمّشين أو الأقل تمثيلاً. سيصبح التركيز على الاستفادة من تعزيز الشمول والانتماء عاملاً مهماً لتحقيق ميزة تنافسية.
لا يعني هذا التحول أن تنوع القوى العاملة أصبح أقل أهمية؛ بل إنه سيصبح نتيجة طبيعية لنجاح برامج الشمول والانتماء بدلاً من أن يكون الهدف الأساسي.
عندما تركز المؤسسات على تطوير ثقافات شاملة وتطبيق عمليات وإجراءات منصفة، مثل تطبيق ممارسات توظيف موحدة تفيد المرشحين كافة وتطبيق أساليب إدارة شاملة والتركيز على العمل التعاوني والتواصل، فإنها ستشهد نمواً متوازناً في التوظيف والترقيات واستبقاء الموظفين من الفئات الديموغرافية المختلفة. بهذه الطريقة، يصبح تنوع القوى العاملة نتيجة يجب رصدها وليس هدفاً في حد ذاته. في حال تراجع تمثيل الفئات المتنوعة داخل القوى العاملة، فإن ذلك يشير إلى وجود خلل في مبادرات الشمول والانتماء. من خلال هذا التحول، ستتمكن المؤسسات من الحفاظ على تنوع القوى العاملة أو تعزيزه، مع تحسين النتائج المتعلقة بالمواهب والابتكار عبر تعزيز ثقافة الشمول والانتماء.
المخاطر الناشئة التي تهدد المواهب داخل المؤسسات
7. سيتسبب اعتماد المؤسسات على الذكاء الاصطناعي بوصفه أولوية في تراجع الإنتاجية بدلاً من تحسينها
قد يؤدي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلى ظهور مخاطر جسيمة وآثار غير متوقعة وسلوكيات سلبية تلحق الضرر بالمؤسسة. يترتب على استخدام العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة تكاليف نقدية مرتفعة وتكاليف غير مباشرة كبيرة مثل زيادة التعقيدات في بيئة العمل والحاجة إلى تصميم أدوار جديدة وإنشاء سير عمل جديد، بالإضافة إلى العوائق التي تقف أمام تبنيها وتطبيقها وغيرها.
كشف استطلاع أجرته شركة غارتنر في شهر يوليو/ تموز عام 2024 شمل أكثر من 3,500 موظف أن 20% منهم يرون أن التكنولوجيا التي اعتمدتها مؤسساتهم خلال العامين الماضيين أدت إلى زيادة صعوبة عملهم بدلاً من تسهيله أو حتى الحفاظ عليه دون أي تغيير.
خلال هذا العام، ستتبنى المؤسسات المتقدمة رؤية تركز على الموظفين في المقام الأول، بحيث يكون الأفراد هم محور الاهتمام، في حين تأتي مزايا التكنولوجيا في المرتبة الثانية. يجب على أقسام الموارد البشرية أن تتولى دوراً قيادياً في مناقشات حوكمة الذكاء الاصطناعي لتضمين ملاحظات الموظفين حول كيفية تحسين سير العمل لزيادة الإنتاجية وتعزيز الابتكار. قد يشمل ذلك الدعوة إلى:
- إعادة تدريب الموظفين وتأهيلهم
- تصميم أدوار جديدة وإنشاء سير عمل جديد
- قياس الأداء بطريقة تحفّز الموظفين على تبني سلوكيات جديدة يرغب القادة في رؤيتها
- معالجة التحديات المتعلقة بمنحنيات التعلم وأعباء العمل الثقيلة التي تعوق تبني التكنولوجيا
أظهرت الأبحاث التي أجرتها شركة غارتنر أنه عندما تتبع المؤسسات نهجاً يركز على الإنسان في المقام الأول عند استخدام الذكاء الاصطناعي، تزداد احتمالية تحقيق الموظفين أداء عالٍ مرة ونصف كما تزيد احتمالية انخراطهم وتفاعلهم في العمل بمقدار يزيد على الضعفين.
8. ستتحول الوحدة إلى خطر على الشركات، وليست مجرد تحدٍ للرفاهة
في عام 2023، صنّف الجرّاح العام للولايات المتحدة الوحدة على أنها أزمة صحية عامة، فهي ليست مجرد تهديد للرفاهة، بل إنها تمثل خطراً شديداً على الأعمال؛ إذ إن شعور الموظفين بالوحدة يؤدي إلى انخفاض مستوى تفاعلهم وتدهور أدائهم. كشف استطلاع أجرته شركة غارتنر في عام 2024، وشمل نحو 18,000 موظف أن 29% فقط من المشاركين على مستوى العالم يشعرون بالرضا عن مستوى تفاعلهم مع زملائهم في حين كانت النسبة 36% في عام 2021.
لا يكفي الحضور إلى مكان العمل للتغلب على الوحدة؛ إذ كشفت تحليلات أجرتها شركة غارتنر أن الموظفين الذين يعملون في مواقع العمل الفعلية كانوا أقل رضا عن تفاعلاتهم في العمل مقارنة بالموظفين الذين يعملون عن بُعد أو بنظام العمل الهجين، وذلك سنوياً منذ عام 2021. ستتخذ المؤسسات المتقدمة في عام 2025 خطوات للتخفيف من الوحدة كما تفعل مع أي خطر آخر يهدد الأعمال.
سيبدأ العديد من هذه المؤسسات بالتركيز على تحسين التفاعلات داخل القوى العاملة، من خلال توجيه كيفية تعاون الموظفين فيما بينهم بطريقة فعالة عبر تحديد احتياجات التواصل الشخصية وتوفير فرص منظمة للموظفين لتعلم طرق التفاعل الإيجابي مع زملائهم أو إعادة تأهيلهم في هذا السياق. تشير الأبحاث التي أجرتها شركة غارتنر إلى أن المؤسسات التي تعتمد هذا النوع من العمل التعاوني الموجه تنجح في تحقيق أهدافها الربحية بنسبة 10% مقارنة بالمؤسسات التي لا تعتمد هذا النهج.
يمكن أن تمتد جهود تخفيف آثار الوحدة على الأعمال إلى خارج ساعات العمل؛ إذ يقدم بعض المؤسسات تعويضات للموظفين مقابل مشاركتهم في أنشطة اجتماعية من اختيارهم. على سبيل المثال، تقدم شركة هينج (Hinge) للموظفين مبلغاً شهرياً قدره 100 دولار أميركي لتغطية نفقات الخروج مع الأصدقاء، ويقدم العديد من المؤسسات الأخرى إجازات للمشاركة في أنشطة تطوعية.
9. سيؤدي نشاط الموظفين إلى دفع الشركات نحو اعتماد معايير مسؤولة لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
إن استمرار تبني الذكاء الاصطناعي والأتمتة في مكان العمل هو أمر حتمي، لكن في عام 2025، سيكون نشاط الموظفين عاملاً رئيسياً ومحفزاً لتحديد طبيعة العلاقة والشراكة بين الموظفين والذكاء الاصطناعي.
في استطلاع أجرته شركة غارتنر في شهر يوليو/تموز عام 2024 شمل 243 مديراً لأنظمة المعلومات، قال 21% فقط من المشاركين إنهم يركزون على تقليل الآثار السلبية المحتملة للذكاء الاصطناعي في عمل الموظفين، في حين أشار 20% منهم فقط إنهم يركزون على تخفيف آثاره السلبية المحتملة في رفاهة الموظفين. إذا لم يحاول قادة التكنولوجيا تقييم الأضرار التي يسببها الذكاء الاصطناعي للموظفين في مؤسساتهم وتقليلها، فمن سيفعل ذلك؟
في حال عدم اتخاذ أي إجراء من جانب المؤسسات أو الحكومات أو المورّدين، سيبادر الموظفون لتشكيل معايير العمل التعاوني بين البشر والتكنولوجيا بأنفسهم عبر العمل الجماعي وتنظيم الاحتجاجات والرسائل العلنية والدعوات الداخلية لتطبيق هذه المعايير.
ستتبنى المؤسسات المتقدمة هذا النهج عبر إشراك موظفيها في صياغة استراتيجيتها وقيمها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مثل حشد المصادر وجمع الأفكار حول حالات استخدام الذكاء الاصطناعي مباشرة من الموظفين قبل اختيار القدرات والإمكانات التي ستجربها وتوفير طرق وقنوات متعددة لجمع ملاحظات الموظفين وتقييمها.
تهدف مثل هذه القوائم التي تتضمن التغيرات والاتجاهات المستقبلية إلى تحفيز التفكير والإلهام، لكن مع سرعة التغيير الكبيرة، فقد يكون من الصعب على المسؤولين التنفيذيين الانتقال من الاهتمام الأولي إلى اتخاذ خطوات فعالة وملموسة. على الرغم من أن معظم المؤسسات لا يمكنها اتخاذ إجراءات بشأن كل من هذه الاتجاهات التسعة، فإنه يجب على الفرق التنفيذية العمل معاً لتقييم ما يلي:
- تحديد الاتجاهات التي من المرجح أن تؤثر بدرجة أكبر من غيرها في المؤسسة.
- تحديد الاتجاهات التي من المرجح أن تؤثر في الشرائح المهمة من المواهب في المؤسسة خلال العامين القادمَين.
- تحديد الاتجاهات التي تشكّل تهديداً للأهداف الاستراتيجية في حال عدم اتخاذ أي إجراءات بشأنها.
تكمن الخطوة التالية في تقييم الاتجاهات التي توفر فرصة لتمييز مؤسستك عن المنافسين سواء من خلال جذب المواهب أم تحسين تجربة العملاء. سيؤدي تحديد الاتجاهات التي توفر ميزة نسبية إلى تحقيق عائد أهم وأكبر على استثمارك.