نظراً إلى الأزمة الصحية العامة المستمرة وتسببها في تباطؤ النشاط الاقتصادي، من الصعب على العديد من الشركات الاحتفاظ بموظفيها ومكافأتهم. فالعديد من الشركات ليست في وضع يسمح لها بمنح موظفيها مكافآت سنوية كبيرة. إذاً، كيف يمكن أن تكافئ موظفيك دون الإضرار بالميزانية؟
المكافأة الفورية
بصفتي الرئيس التنفيذي السابق لشركة "سيتي مورغيدج" (CitiMortgage) والرئيس التنفيذي الحالي لشركة "كاليبر هوم لونز" (Caliber Home Loans)، فقد رأيت كيف يمكن أن تكون المكافآت الفورية بديلاً فعالاً؛ حيث إننا مؤخراً صرفنا لجميع موظفينا مكافآت فورية لمكافأتهم على عملهم الدؤوب في هذا العام المضطرب. ويمكن للشركات بالطبع استخدام المكافآت الفورية بوصفها أداة فعالة تساعد على شعور الموظفين بالرضا وتشجيع السلوكيات الجماعية وبناء شعور قوي بالتضامن.
عادة ما تُدفع المكافأة الفورية "على الفور" للأفراد أو لمجموعات من الموظفين (وأحياناً لقوة العمل بأكملها في المؤسسة) نظير سلوك أو تصرف معين أو تحقيق نتيجة معينة. ونظراً إلى أنها تُمنح لهدف محدد، فإنها عادة ما تكون مبلغاً من المال أقل من الحوافز السنوية. من واقع خبرتي، تتراوح هذه المكافآت عادة من بضع مئات إلى بضعة آلاف من الدولارات. وفقاً لبحث أجرته شركة "باي سكيل" (PayScale) عام 2018، تُعد هذه المكافآت الشكل الثاني الأكثر استخداماً للأجور المتغيرة، المتصلة بمكافآت إحالة الموظفين، بعد المكافآت الفردية السنوية.
هناك العديد من الأسباب التي تجعلك تفكر في استخدام هذا النوع من التعويضات في مؤسستك.
أسباب استخدام المكافأة الفورية
أولاً، المكافآت الفورية يمكن أن تؤدي إلى شعور موظفيك بمزيد من الرضا، وعلى نحو أكثر تواتراً. وهناك أساس علمي لهذا الأمر: ففي دراسة أُجريت عام 2001، اكتشف المتخصصون في الأعصاب أن توقع الحصول على مكافآت مالية يؤدي إلى حدوث قدر كبير من النشاط في النواة المتكئة؛ وهي جزء من "دائرة المكافأة" في المخ. وفي الدراسة نفسها، أفاد المشاركون أنهم شعروا بسعادة أكبر إزاء احتمالية الحصول على مكاسب مالية.
فإذا كان هدفك هو مكافأة الموظفين، حاول تنشيط دائرة المكافأة لديهم بوتيرة أكبر. فبدلاً من انتظار عام كامل لصرف مكافأة، فكّر في صرف المكافآت التي يمكن للموظفين توقعها على نحو أكثر تواتراً كالمكافآت الفورية المتكررة القائمة على الأداء الفردي ولكنها أيضاً متصلة بأداء الشركة. وهذا لن يؤدي فقط إلى تحفيز نشاط الدماغ "المتعلق بالشعور بالرضا" لدى الموظفين بصورة أكثر انتظاماً، لكنه سيساعد أيضاً على تكوين رابط عقلي بين نتائج الشركة والأداء الفردي. قد يؤدي ذلك إلى مزيد من العمل بالنسبة إلى فريق الموارد البشرية والفريق المالي، ولكن يمكن لفريق القيادة تحديد صندوق المكافآت الفورية للعام مقدماً وتمكين المدراء من تخصيصه وفقاً لذلك على مدار العام.
ثانياً، قد تؤدي المكافآت الفورية إلى تحسين أداء الفريق، خاصة إذا تم تشجيع المستلمين على إنفاق هذه الأموال على الآخرين. يعمل الكثير من الأشخاص لساعات أطول بسبب الجائحة، وغالباً ما يفعلون ذلك في عزلة. ويشير عدد متزايد من البحوث إلى أن العلاقات بين الأشخاص يمكن أن تكون بمثابة مصدر للشعور بالرضا في العمل. ففي دراسة أُجريت عام 2013، تم تقسيم مندوبي المبيعات في شركة أدوية إلى مجموعتين: مجموعة حصلت على مكافآت فردية، ومجموعة حصلت على مكافآت اجتماعية وتم تشجيعها على إنفاق تلك المكافآت على الآخرين. هؤلاء الذين حصلوا على مكافآت اجتماعية أنفقوا الكثير من الأموال على شراء هدايا لبعضهم البعض كشراء وجبات غداء لزملائهم في العمل. كما أن هذه الفرق تفوقت في الأداء على الفرق التي لم تحصل على مكافآت اجتماعية. وقد خلص معدو الدراسة إلى أنه "عندما تمنح المؤسسات الموظفين الفرصة لإنفاق المال على الآخرين... فإن ذلك يعود بالنفع على كل من الموظفين والمؤسسة، مع زيادة الشعور بالسعادة والرضا الوظيفي وتحسُّن أداء الفريق". وتشير هذه النتائج إلى أنه يمكنك صرف مكافآت فورية اجتماعية بوصفها هبة للموظفين في محاولة لتحسين أدائهم.
ثالثاً، تُعد المكافآت الفورية بمثابة فرصة لك لتعكس أولويات مؤسستك. لا تجعل الأمر يتعلق بالمال فحسب. ولا يجب أن يقتصر الأمر على تحويل المدفوعات. فعليك أيضاً توضيح أنه يتم صرف هذه المكافآت لأن الشركة تفي بأهدافها. عندما صرفت شركتي مكافآت فورية لجميع موظفينا تقريباً العام الماضي، عقدنا اجتماعاً خارج مكان العمل وتناولنا خلاله وضع أعمالنا وناقشنا مبادرات التحول المختلفة التي تُنفّذ في الوقت الراهن، وأجبنا عن أسئلة الموظفين، حيث يُعد منح مثل هذه المكافآت بمثابة فرصة لأنك ستجذب بها انتباه الجميع، ما سيجعلهم أكثر ميلاً إلى الانفتاح على ما تود أنت والقادة الآخرون قوله. فهذا هو الوقت المناسب لمشاركة رؤيتك والإجابة عن التساؤلات والتشجيع على العمل.
في هذه الفترة، حيث نواجه جائحة وركوداً اقتصادياً، تُعد المكافآت الفورية وسيلة لمساعدة الموظفين خلال الأوقات العصيبة وتحسين الأداء ورفع المعنويات.