كيف تعرف أنك شخص ناجح؟ هل تعتمد في ذلك بالأساس على مقاييس موضوعية مثل منصبك أو قيمة رصيدك البنكي أو الكليات التي يرتادها أبناؤك؟ أم أنك تركز على مقاييس ذاتية مثل الرضا عن نفسك لحل مشكلات عويصة في العمل أو ابتهاجك بالعمل مع زملاء أذكياء أو سعادتك في حياتك الأسرية؟
ربما لن تدرك العناصر التي تركز عليها أكثر حتى تحاول صياغة مقاييس نجاحك في شبكة مثل هذه:
حتّى إذا وجدت نفسك تسجل عوامل موضوعية في الغالب، فالعناصر الذاتية ستستحوذ بالتأكيد على اهتمامك بطريقة أو بأخرى. فالعلاقة بين ما هو موضوعي وما هو ذاتي معقدة ومتميزة، فالنجاح الذاتي هو استجابة الفرد لموقف موضوعي.
على سبيل المثال قد تعمل إحدى محاميات الشركات في شركة محترمة جداً مقابل حزمة تعويضات سخية، لكن إذا لم يقدها مسارها المهني إلى تحقيق حلمها بأن تصبح قاضية في المحكمة العليا، أو إذا أصبحت ممارسة مهنة المحاماة بالنسبة إليها مجرد وسيلة لكسب لقمة العيش وفقدت قدرتها على تحفيز الإلهام الفكري، فلن تشعر أنها ناجحة.
سُئل عدد من كبار المسؤولين التنفيذيين في نحو 4,000 مقابلة وأكثر من 80 استقصاء عمّا يعنيه النجاح في العمل والحياة بالنسبة إليهم [أنظر مقالتنا بعنوان "أدر عملك، أدر حياتك" (Manage Your Work, Manage Your Life)]. فتكررت الإشارة إلى العوامل الذاتية، مثل تحقيق أمر ذي قيمة والعمل مع فريق جيد، في تعريفات هؤلاء القادة لمعنى النجاح في المسار المهني. وكانت العلاقات المجزية العنصر الأكثر شيوعاً في إجابات القادة المتعلقة بالنجاح الشخصي. في الواقع، اكتشف المسؤولون التنفيذيون المشاركون في هذا البحث عموماً أن الحفاظ على مسار مهني مرموق وحياة أسرية قويمة يعني توزيع أوقاتهم وطاقاتهم بحكمة، بدلاً من السعي وراء أيّ فرصة متاحة ومرغوب فيها. بعبارة أخرى، إذا كان تعريفك للنجاح مجرد قائمة طويلة من المزايا الموضوعية، فقد لا يكون واقعياً أو مرضياً كما تتصور.
نشير في مقالتنا إلى أنه لا أحد يقود مبادرة أعمال تجارية كبيرة دون أن يضع مقاييس نجاح واضحة، ترتكز على رؤية محكمة حول معنى "النجاح". لذا يجب أن تطبّق المبدأ نفسه على إدارة حياتك الشخصية والمهنية، فالحياة قصيرة جداً ولا تتحمل أن تبذل طاقة ثمينة سعياً وراء مقاييس النجاح الموضوعية التي لا تؤثر في نتائجك الشخصية النهائية. وعلى غرار ما تفعله في عملك، اجعل "نجاحاتك" المهنية والشخصية واضحة وهادفة وقابلة للإنجاز لضمان أقصى عائد عاطفي على الجهود التي تبذلها.
ثمة سؤال أخير نريد أن تفكر فيه: هل سبق أن حققت "نجاحاً" كان يجب أن يكون ذا أهمية بالنسبة إليك لكنه جعلك تشعر بعدم الرضا والفراغ؟