ملخص: مقاطعة الحديث في الاجتماعات تُعد مسألة خلافية؛ إذ إنها يمكن أن تجعل الأشخاص يشعرون بالإهانة. ولكن عندما تتم بمهارة، فإنها يمكن أن تزعزع معايير الفريق وتفسح المجال أمام الأشخاص الذين لا تُتاح لهم الفرصة للتحدث والمشاركة. تقدم المؤلفة 5 نصائح لمقاطعة حديث الآخرين بهدف إفساح المجال للأشخاص الذين غالباً ما يكونون صامتين أو مهمشين. يُعد الشعور بالحماقة والإحراج من العلامات الدالة على نجاح الأمر. وبمرور الوقت ستجد أنه أصبح من الأسهل أن تفسح لنفسك مجالاً للحديث وأن تشجع الآخرين على القيام بالشيء نفسه. وستصبح أيضاً أكثر مهارة في إيجاد اللحظة المناسبة للمقاطعة بمرونة وتواضع، حتى أن النُظم والمساحات التي أنت جزء منها قد تُرحب بما فعلته.
كنت أجلس في الجزء الخلفي من غرفة الاجتماعات والوقت يمر ولا أعلم كيف يمكنني مقاطعة التدفق المستمر للأصوات المتنافسة على الحديث في أثناء الاجتماع، ما يجعل من الصعب للغاية مقاطعتها لأتمكن من المشاركة والتحدث.
شخصيتي تجمع بين الانطواء والانفتاح، ولكن عندما تكون هناك مجازفات كبيرة ومجموعة من الأشخاص المتعنتين المجتمعين في غرفة واحدة، يتمثل نمطي الافتراضي في تجنُّب التنافس معهم من أجل أن يصبح رأيي مسموعاً. وغالباً ما أغادر الاجتماع وأنا ألوم نفسي لعدم مشاركتي بقدر كبير في النقاش أو لأنني لم أساهم على الإطلاق.
يكافح العديد من القادة للقيام بمهامهم في اجتماعات مليئة بالضغوط (وفي هذه الأيام، عادة ما تكون افتراضية)، إما لأن قلقهم إزاء الأداء يتسبب في الشعور بقدر كبير من الخوف والعجز، وإما لأنهم في نهاية المطاف يضطرون إلى التنافس مع المدراء وزملاء العمل الذين يتحدثون كثيراً أو يطيلون الحديث ويأخذون أكثر من نصيبهم العادل من الحديث في أوقات الاجتماعات. ويحاول آخرون ببسالة إفساح المجال لأنفسهم للتحدث ولكن يتم تجاهلهم أو يصبحوا غير مرئيين أو صامتين بسبب التحيزات الضمنية أو معايير الفريق الحصرية.
أياً كان السبب، بالنسبة إلى القادة الذين يكافحون من أجل التعبير عن رأيهم والحاضرين الذين يرغبون في سماع المزيد من آراء زملائهم الصامتين، يمكن أن يكون من المفيد ممارسة مهارة مقاطعة حديث الآخرين لزعزعة معايير الفريق وإفساح المجال أمام الأشخاص الذين لا يتمكنون من المشاركة والتعبير عن آرائهم.
على سبيل المثال، أحد عملائي (سنطلق عليه اسم ماهر) وهو مدير للموارد البشرية في إحدى الشركات المدرجة على قائمة "فورتشن 500"، يقضي معظم وقته في الإجابة عن الأسئلة الصعبة بكياسة وصراحة. لكن التعليقات الأخيرة لزملائه كشفت عن أنه يُنظر إليه على أنه يتجنب المحادثات الصعبة والفوضوية حول التنوع والشمول، وهو يقر بأنه عندما لا يعرف ما ينبغي قوله، فإنه يتوقف عن المشاركة أو يلتزم الصمت في الاجتماعات.
منذ شهرين وحتى الآن، كان ماهر يجرب ممارسة جديدة عندما يحدث هذا، ألا وهي: المقاطعة. عندما تتجه المحادثة نحو موضوع مشوب بالتوتر أو معقد، كان يتدخل في الحديث بقوله: "أتفهم أن الموضوع شائك، وأريد أن أشارككم وجهة نظري"، ما يسمح له بالمشاركة بفاعلية ويمهد له الطريق للمشاركة بشكل مستمر فيما بعد. وقد ساعدته هذه الممارسة البسيطة على أن يظل متيقظاً وأن يشارك في النقاش حول هذه الجوانب الشائكة من الموضوعات. كما أنها تشجّع الآخرين على المشاركة في هذه النقاشات الصعبة.
مقاطعة حديث الآخرين تُعد مسألة خلافية؛ فعندما يقاطع شخص ما حديثنا، يمكن أن نشعر بالإهانة، كما أن الرجال عادة ما ينظرون إلى النساء اللاتي يقاطعن الحديث على أنهن غير مهذبات. وأسلوب الحوار يمكن أيضاً أن يكون له دور في الكيفية التي ينظر بها الشخص إلى مقاطعة الحديث، كما هو الحال في السياق الثقافي.
بينما نحاول أن نجعل أماكن العمل أكثر شمولية، يمكن للقادة تعلم كيفية مقاطعة الحديث بهدف إفساح المجال للأشخاص الذين غالباً ما يكونون صامتين أو مهمشين. يمكن أن تساعدك النصائح التالية على مقاطعة الحديث بمهارة وإتاحة الفرصة لنفسك وللآخرين للمشاركة وإبداء الرأي.
5 نصائح لمقاطعة الحديث في الاجتماعات
ابدأ بملاحظة ما يحدث
لاحظ ديناميات الحوار وأنماطه في غرفة الاجتماعات. مَن يتحدث كثيراً ومَن ليس كذلك؟ كن واعياً بذاتك لتلاحظ شكل إسهاماتك؛ فهل تتراجع عن المشاركة، أم تفرط فيها؟ وقيِّم مقدار الأمان النفسي الموجود في الاجتماع وابحث عن الموضوعات التي لا يتم الإعراب عنها بصوت عالٍ. يمكنك أيضاً مراجعة فيديو الاجتماع المسجل لملاحظة الأنماط التي لم تكن مرئية في وقت الاجتماع.
تدرَّب على التعبير عن رأيك في وقت مبكر
إذا كنت تميل إلى التراجع عن المشاركة، فحاول أن ترفع صوتك وتعبر عن رأيك في الثلث الأول من الاجتماع. عندما نغامر ونعبر عن رأينا مبكراً، ولو حتى من خلال فعل بسيط يتمثل في ملاحظة الموقف أو الشعور وتسميته، يمكننا مقاطعة استجابة اللوزة الدماغية للخوف، ما يسهل التحدث في وقت لاحق من الاجتماع. أجب عن أي سؤال في وقت مبكر من الاجتماع أو قم بالدردشة مع زميل قبل أن يبدأ الاجتماع لتعويد نفسك على التعبير عن رأيك وتسهيل المساهمة عندما تكون هناك مجازفات كبيرة.
قاطع المتحدث بمهارة
في كتاب "الأشكال الخفية للاستبعاد" (Subtle Acts of Exclusion) يؤكد المؤلفان تيفاني جانا ومايكل باران على أهمية مقاطعة الأحاديث التي تنطوي على ما يُعرف بـ "الاعتداءات الصغيرة" بصورة آنية باستخدام عبارات بسيطة لمقاطعة المتحدث وطمأنته في الوقت ذاته. يمكن للحضور مقاطعة الحديث من خلال التعبير عن نيتهم في تقديم المساعدة، باستخدام عبارة مثل "هل يمكننا أن نتوقف قليلاً ونناقش شيئاً قيل للتو؟ أنا متأكد من أنك لم تقصد أي شيء سيئ بقولك ذلك، ولكن...". تلك هي اللحظة المناسبة لتعزيز العلاقات من خلال توضيح رغبتك في المساعدة، ما يدعو الشخص الآخر إلى النقاش بدلاً من انتقاده ومطالبته بتبرير ما قاله.
كن مستعداً للتصرف بعفوية
في مجال التدريب الإرشادي، تساعد مهارة التفوه بالكلمات دون تفكير في منحنا الإذن بأن نتصرف بحماقة وفوضوية وعفوية في أثناء سعينا إلى التعبير عن رأينا. تتطلب هذه المهارة ألا نكون على عِلم بالكلمات المناسبة التي ينبغي قولها أو ألا تكون لدينا فكرة عن كيفية تحديد ما نريد قوله. مارِس هذه المهارة باستخدام عبارات بصيغة المتكلم لتقديم ملاحظاتك من واقع تجربتك. على سبيل المثال يمكن قول "لاحظت أن كريم كان سيقول شيئاً قبل قليل، هل يمكننا الرجوع إلى هذه النقطة مرة أخرى؟" أو "كنت متردداً قليلاً في إبداء رأيي في هذا الموضوع الشائك" أو "أريد أن أقول شيئاً ولكن كلماتي غير مرتبة، هل يمكنني التوقف قليلاً لمحاولة صياغة ما أود قوله بطريقة جيدة؟".
ضع ممارسات للمقاطعة على مستوى الفريق
تتطلب ممارسة مقاطعة الحديث بنجاح على مستوى الفريق وضع معايير للفريق للقيام بذلك بمهارة واحترام وعدم أخذ الأمر على محمل شخصي. فهل ترحب المعايير الثقافية في عملك بمقاطعة حديث الآخرين أم تعاقب عليها؟ وما هي الموضوعات والأشخاص الذين يمكنهم حالياً تقبُّل المقاطعة؟ ومَن الذي لا يمكن أن يتقبل هذا الفعل؟ ناقش هذا الأمر لتوعية فريقك بهذه الديناميات.
فيما يتعلق بممارسة مقاطعة الحديث في الاجتماعات، يُعد الشعور بالحماقة والإحراج من العلامات الدالة على نجاح الأمر. وبمرور الوقت ستجد أنه أصبح من الأسهل أن تفسح لنفسك مجالاً للحديث وأن تشجع الآخرين على القيام بالشيء نفسه. وستصبح أيضاً أكثر مهارة في إيجاد اللحظة المناسبة للمقاطعة بمرونة وتواضع، حتى أن النُظم والمساحات التي أنت جزء منها قد تُرحب بما فعلته.