ظل الافتقار إلى نظارات ذكية خفيفة الوزن وعالية الأداء وذات أسعار مناسبة، حاجزاً أمام تبني الواقع المعزز على نطاق واسع حتى الآن. فأجهزة العرض المحمولة على الرأس، والتي تستخدمها معظم الشركات في الواقع المعزز، غالباً ما تكون باهظة الثمن وصعبة الاستخدام، ولم تحقق أيّ من الخيارات المتاحة للمستهلكين قبولاً واسعاً.
لكن هناك سباق لتطوير نسخة رائجة من هذه الواجهة الرقمية - والتي جذبت إليها عمالقة التقنية والمخترعين المبتدئين على حد سواء. وينفق المستثمرون الأموال بسخاء على تطوير التقنيات القابلة للارتداء؛ وذلك أملاً في أن يزعزع الواقع المعزز الذي يستخدم أجهزة العرض المحمولة على الرأس سوق الهواتف والأجهزة اللوحية في نهاية المطاف. سوف تُستبدل الشاشات التي يحملها المستهلكون في جيوبهم بواجهات واقع معزز يرتديها الناس - ويظلون يرتدونها - بشكل تلقائي تماماً كما يرتدون نظاراتهم الشمسية. قدَّمنا في هذه المجموعة من مقالات "إضاءات" وصفاً لكيفية استخدام الشركات للواقع المعزز من أجل تحسين أساليب العرض المرئي وتقديم التعليمات والتفاعل. ستسمح تلك القدرات ذاتها لأجهزة العرض المحمولة على الرأس بأن تصبح واجهة المستخدم في العديد من المنتجات وأشكال البيانات. ولسوف يستخدم المستهلكون حركات اليد والأوامر الصوتية للوصول إلى المعلومات الخاصة بالآلات والأجهزة التي تحيط بنا والتعامل معها، بما في ذلك الأجهزة المنزلية وأنظمة الصوت وأنظمة التدفئة والتبريد والإضاءة والإنذار في المنزل. وسترشد النظارات الذكية الناس في حياتهم، حيث ستمكنهم من استدعاء التعليمات (كيف أغير إطار السيارة؟)، والاتجاهات (أين يوجد مدخل قطار الأنفاق؟)، وحتى الإرشادات السياحية (ما معني تلك اللافتة في لغتي؟)، وذلك من خلال شاشة افتراضية تتدلى من النظارة أمام أعينهم حيثما وأينما دعتهم الحاجة لذلك.
كيف سيبدو شكل الجيل الجديد من التقنيات القابلة للارتداء؟ كانت "جوجل" أول من اقتحم هذه السوق من خلال نظارات "جوجل"، وهي محاولة رائدة تعرقلت لعدة أسباب، من بينها التكلفة المرتفعة والمخاوف المتعلقة بالخصوصية. وأطلقت "مايكروسوفت" لاحقاً نظارة "هولولنس" (HoloLens)، والتي يرى كثيرون أنها واعدة، غير أنها باهظة الثمن (3 آلاف دولار)، ولها نطاق رؤية ضيق، كما أنها كبيرة الحجم (فهي أقرب لأن تكون سماعة للأذن من أنها نظارة للعين). قد تبرهن هولولنس على أنها ملائمة لبعض الاستخدامات في مجال الأعمال، بيد أنها غير مهيأة بعد للاستخدام من قبل المستهلكين. يشاع أن شركة "آبل"، المعروفة بالتكتم، تطور حالياً نظارات ذكية سهلة الاستخدام؛ يدلل على هذا الاحتمال إطلاق "آبل" في منتصف عام 2017 لنظام "آيه آر كيت" (ARKit) لمطوري البرامج، والخاص بتطبيقات الواقع المعزز، إضافة إلى طرحها في خريف 2017 لهاتف "آي فون إكس" الذي يحتوي على تطبيقات الواقع المعزز.
أطلقت "جوجل" مؤخراً نظارة محسّنة، كما أصدرت نظام "آيه آر كور" (ARCore)، وهو رد مباشر على إطلاق "آبل" لنظام "آيه آر كيت". وسارعت العديد من الشركات الأخرى بالدخول إلى هذه السوق، ومن بينها شركة "ماجيك ليب" (Magic Leap)، وهي شركة ناشئة جمعت 1.4 مليار دولار لتطوير جهاز يُركب على الرأس للعرض على شبكية العين مباشرة، و3 شركات أخرى تشترك في تطوير جهاز للواقع المعزز يشبه النظارة الشمسية، وهي: "أوسترهاوت ديزاين غروب" (Osterhout Design Group - GDO)، و"فيوزكس" (Vuzix)، و"ميتا" (Meta). إن الرهانات كبيرة جداً ومصيرية؛ فمن سيفوز في حرب النظارات الذكية سيسيطر على تقنية ستغير الطريقة التي سيتعامل بها الناس مع العالمين الرقمي والواقعي - ويتخطى ذلك بكثير تأثير هاتف "آيفون" منذ عقد من الزمان. ومن المحتمل في تلك الجولة الثانية من سباق التسلح بالأجهزة المحمولة أن يكون لقب أغلى شركة في العالم في متناول كل من يقدر على الفوز به.