إذا كنت تجد وظيفتك مملة بعض الشيء، فأنت لست الشخص الوحيد الذي يواجه هذه المشكلة؛ إذ يشعر كثير من الموظفين بالملل والضيق في وظائفهم الحالية، وذلك في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة التي أدت إلى تقلّص فرص التغيير والتقدم المهني واحتدام المنافسة عليها في الشركات. لكنني أدعوك إلى التفكير بطريقة مختلفة، فربما تكون أنت السبب في شعورك بالملل وليس طبيعة الوظيفة نفسها. أولاً، دعنا نستعرض بعض الحقائق المهمة، التي قد تفسر شعورك بالملل الوظيفي، لمعرفة إذا كانت تنطبق عليك:
1. العمل بنمط الطيار الآلي
عندما نشعر بالملل، تتحول أدمغتنا إلى العمل بطريقة روتينية شبه آلية دون تركيز أو اهتمام. لا يُعد هذا الأمر جيداً بالنسبة لك أو لشركتك. للأسف، يُعد التحول إلى العمل بتلك الطريقة من الأمور التي تتقنها أدمغتنا. تؤدي خبراتنا السابقة إلى تكوين مسارات عصبية ضرورية لبقائنا على قيد الحياة. يفسر الدماغ الواقع الحالي ويستجيب للمواقف المشابهة باستخدام السلوكيات التي أثبتت نجاحها في الماضي. تساعدنا هذه المسارات والاختصارات على توفير الوقت، لكنها قد تؤدي إلى إضعاف اهتمامنا وتركيزنا.
2. الافتقار إلى مستوى جيد من الطاقة والحماس
عندما نشعر بالملل، يقل مستوى طاقتنا بصورة ملحوظة، ما يؤدي إلى فقدان التركيز والهدف اللازمَين للتفوق في العمل الذي نؤديه. بدلاً من خدمة أهدافنا، يبدأ دماغنا بالعمل بطريقة تعوق تحقيقها.
3. التوقف عن الابتكار
ليس من الغريب أن يقل حماس بعض القادة لأداء واجباتهم بعد مرور 3 أو 4 سنوات من تعيينهم في مناصبهم. في هذه المرحلة، يكون القادة صبغوا المؤسسة بصبغتهم الخاصة لتتوافق مع رؤيتهم الشخصية وأهدافهم. على الرغم من إدراك القادة لوجود بعض المشكلات والثغرات فيما يتعلق بالموارد البشرية والعمليات والتكنولوجيا، فإنهم تكيفوا مع هذه النواقص وأغفلوا التركيز على فرص التحسين والتطوير. نواجه يومياً المشكلات نفسها ونتعامل معها بالطريقة نفسها. من منظور الأداء، تتلاشى الحدود التي كانت معروفة بين الأداء الجيد والأداء الضعيف ويصبح من الصعب التفريق بينهما. يتلاشى الشعور بالحماس والاهتمام تدريجياً بفعل الملل والروتين ويتحول إلى إحساس بالإرهاق والتعب مع مرور الوقت.
ما الحل، إذاً؟
استعِد حيويتك وحماسك من خلال تجديد جدول أعمالك وخطط قيادتك. يمكنك تجديد حماسك في العمل عن طريق تخيّل أنك تركت وظيفتك، ثم محاولة قضاء الأسابيع التالية في العمل كما لو أنك موظف جديد انضم للتو إلى الشركة. يتطلب ذلك تقييم الوضع الحالي من جديد بمساعدة أصحاب المصلحة الرئيسيين. يجب أن تكون هذه العملية منهجية ومنظمة.
هذا الأمر أصعب مما يبدو عليه. على الرغم من شعورك بالملل، فأنت مشغول للغاية أيضاً. يتمثل خيارك الوحيد في الابتعاد عن العمليات اليومية والتركيز على إعادة صياغة رؤية مستقبل مؤسستك. حان الوقت لتفويض المهام أو تأجيلها والتأكد من أن الأنشطة المهمة في أول 3 أشهر من توليك منصبك تحظى بالأولوية في جدول مواعيدك. تشمل الأنشطة الرئيسية توضيح نقاط القوة والفرص المتاحة والمصادقة على تفويض المسؤوليات لإجراء التغيير وتحديد كيفية تخصيص الموارد الحالية بكفاءة أكبر.
على الرغم من أن هذا النهج لا يُعد مريحاً، فإنه بالتأكيد ليس مملاً. يجب أن تدرك أن مؤسستك قادرة على الاستمرار في العمل بكفاءة (لفترة من الوقت) حتى في غيابك، ومن الأفضل أن تُقيل نفسك (ذهنياً) اليوم لتستعيد شغفك بدلاً من الانتظار حتى اتخاذ مؤسستك هذا القرار بالفعل.