مشكلتك ليست بالحافز بل بالمواظبة

3 دقائق

قبل أيام، أرسل لي صديقي حسن رسالة بالبريد الإلكتروني. مفادها: "صديقي كريم، لم أكن مواظباً على التمرين خلال السنوات الخمس الماضية، وأنا الآن أحاول العودة إلى النادي وأحاول أن أصبح بحالة صحية أفضل. يبدو أنني أهملت جسدي بينما كنت أسعى وراء توازن عقلي وجسدي وروحي. أريد إصلاح الأمر، وأجد صعوبة كبيرة في تحفيز نفسي. ما رأيك؟".

هذا النوع من الأسئلة يراود عقول أغلبنا في خضم موسم قرارات العام الجديد.

هناك شيء يجب أن تعرفه عن حسن: لقد أسس شركة مؤخراً وهو مستمر في تطوير مهاراته من خلال برامج تدريبية يدفع لها من ماله الخاص. الأمر إذاً ليس أن حسن يفتقر عموماً للحافز. هو يعتقد فقط أنه ليس لديه حافز للتدريب. لكنه مخطئ. فقد كتب لي "أريد إصلاح الأمر". هو إذاً متحفز للتدريب، وإلا لما كلف نفسه عناء مراسلتي. من الواضح اهتمامه بأن يظهر بلياقة جسدية جيدة، وعندما يهتم أحدنا بشيء ما يصبح لديه الحافز.

لكن مشكلة حسن ليست في الحافز، بل في المواظبة. وهو أمر من المهم كثيراً الانتباه له. فطالما يرى حسن أن مشكلته هي الحافز، سيستمر في البحث عن الحل الخطأ. سيحاول جعل نفسه متحمساً. سيذكر نفسه كم يهمه أن يكون في لياقة جيدة. لعله سيتخيل كيف سيبدو في أعين الآخرين إن هو ظهر بمظهر أفضل أو السنوات التي سيضيفها إلى عمره.

لكن كل محاولة يقوم بها "لتحفيز" نفسه لن تؤدي إلا إلى زيادة قلقه وشعوره بالذنب، بينما تتوسع الهوّة بين التحفيز والمواظبة، وبين رغبته العارمة بالتدريب وفشله في تحقيق ذلك. إلى جانب ذلك، هناك فكرة خاطئة تقول إنك إذا اهتممت بشيء بما يكفي، ستقوم بما يلزم لفعله. هذا خطأ. فالتحفيز في العقل، أما المواظبة فهي في التدريب. ويُعتبر التحفيز أمراً نظرياً، أما المواظبة فهي شيء عملي. وفي الواقع، الحل لمشكلة التحفيز يعاكس تماماً حل مشكلة المواظبة. فالعقل جوهر التحفيز، لكنه أيضاً العائق في المواظبة.

جميعنا مررنا بتجارب يقوم فيها عقلنا بتخريب طموحاتنا. نقرر الذهاب إلى النادي بعد العمل. وعندما يحين الوقت، نبدأ نفكر: تأخر الوقت، أنا متعب، ربما لا يجب أن أذهب اليوم. نقرر أننا نريد أن نكون أكثر دعماً لموظفينا، لكن عندما يرتكب أحدهم خطأ ما، نفكر: إن لم أصنع من الأمر مشكلة كبيرة فسوف يكررها مرة أُخرى. نقرر أننا نريد التحدث أكثر في الاجتماعات، لكننا عندما نجلس في الاجتماع نفكر: لست واثقاً أن لدي شيء مفيد أقوله.

إليك الحل: إذا أردت المواظبة على شيء، عليك التوقف عن التفكير. أوقف النقاش الذي ينطلق في عقلك قبل أن يبدأ. لا تقع في الفخ. وتوقف عن الجدال مع نفسك. اتخذ قراراً محدداً جداً حول شيء تريد القيام به، ولا تشكك به. كن شديد التحديد. أنا أتحدث عن أشياء مثل: سوف أتدرب غداً في الساعة السادسة صباحاً، أو سوف أشير فقط إلى الأمور الإجابية لدى موظفي، أو سوف أقول على الأقل شيئاً واحداً في الاجتماع التالي. بعدها، عندما يبدأ عقلك بمجادلتك (وأنا أضمن ذلك) تجاهله. أنت أذكى من عقلك. ويمكنك أن ترى ما هو أبعد.

بالنسبة لحسن، لدي بعض الحيل التي يمكنها مساعدته على تجاهل عقله وتحسين مواظبته، بعضها أمور كتبت عنها في الماضي:

  • اخلق بيئة تدعم أهداف تدريبك. جهّز ملابس النادي على سريرك وارتديها فور استيقاظك. واجعل التدريب أول ما تفعله، قبل أن يدرك عقلك ما يحدث.
  • اختر مدرباً أو التزم بالتدريب مع صديق. من الصعب المجادلة عندما تكون لديك مسؤولية نحو شخص آخر.
  • قرر متى وأين سوف تتمرن، اكتب ذلك في مفكرتك وستجد أن احتمالات المواظبة سوف تزداد بشكل كبير.
  • التزم بخطة قوية سهلة القياس: مثلاً، 45 دقيقة من الحركة في اليوم، التقليل من السكر، الذهاب إلى النادي 6 أيام في الأسبوع.
  • انتبه إلى أن مقاومة المواظبة سوف تستمر لبضع ثوانٍ فقط. حالما ترتدي الحذاء الرياضي وتبدأ في التوجه إلى النادي، سيستسلم عقلك عن مجادلتك.
  • سيفيدك كثيراً الالتزام بالتدريب في الأسبوع الأول بينما تتعود على التمرين، سيتزايد بعدها الزخم والسعادة من الشعور باللياقة وسيهدأ المحاور الداخلي لديك.
  • أخيراً، فكر في كل ما سبق على أنه حملة متشعبة. شيء أشبه بقائمة تحقق عليك المرور بها كل يوم لتحرص على أنك تدير الدفة في صالحك.

تدربت منذ فترة على الغولف مع محترف علّمني طريقة معينة لأرجحة العصا. بعد الدرس، وجه لي تنبيهاً: "عندما تلعب مع آخرين، سيرغب بعض الناس في إعطائك نصيحة. استمع لهم بأدب واشكرهم على نصيحتهم، ومن ثم تجاهلها تماماً وافعل ما أخبرتك به تماماً". هذه بالضبط الطريقة التي على حسن التعامل بها مع عقله.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي