كنت أقدِّم عرضاً تقديمياً على أداة البث المباشر في منصة فيسبوك قبل بضعة أسابيع من كتابة هذه السطور، كان بمناسبة إطلاق كتابي الجديد، وقضيت أسابيع في التحضير له، وبحثت في الإنترنت عن كل المشكلات المحتملة التي قد تنشأ في أثناء العرض وطرائق حلها أو تجنبها.

كنت جالسة يوم الحدث أمام جهاز الكمبيوتر بثقة تامة نظراً لاستعدادي جيداً، ضغطت على زر “مباشر” وبدأ العرض واستمر 20 دقيقة كاملة، وفجأة أصبحت شاشتي سوداء بالكامل. كان بمقدور الجمهور رؤيتي بوضوح، لكنني لم أستطع رؤيتهم.

كاد الذعر في تلك اللحظة يسيطر عليّ بسهولة. اجتاحتني نوبة من القلق؛ توقفت وأخذت نفساً عميقاً. ثم سألت نفسي: “إذا حدث هذا لأحد عملائي، فكيف أوجهه للتعامل مع هذا الموقف؟”.

نحن نعيش في عالم تتأثر حياتنا فيه بشدة بالتكنولوجيا. نشهد باستمرار ظهور ابتكارات مثيرة مثل خدمات البث المباشر عبر الإنترنت والخلفيات الافتراضية وتطبيقات المؤتمرات عن بُعد. أصبح لدينا في الوقت الحاضر “فلاتر” ثلاثية الأبعاد يمكنها تغيير الخلفية التي تحيط بنا فيها إلى شاطئ جميل مثلاً وتغير مظهرنا. هذه التطورات التكنولوجية مثيرة للإعجاب في بعض النواحي، لكنها تسبب مشكلات غير متوقعة. التكنولوجيا مثل البشر؛ عرضة للأخطاء أيضاً، وفي عالمنا الجديد الذي بات يعتمد على الواقع الافتراضي أكثر فأكثر في العديد من المجالات، جميعنا عرضة لمواجهة المشكلات التكنولوجية.

قد تواجه مشكلة فنية في مرحلة ما، ويجب عليك حينئذ معرفة كيفية التعامل معها بخفة وبأمان، لا سيما إذا حدثت في بيئة مهنية. تظهر هذه المشكلات في أوقات غير مناسبة غالباً لسوء الحظ، مع ذلك، يجب أن تحافظ على هدوئك حتى لو كان الموقف محرجاً كي تثبت لزملائك ومديرك أنه بمقدورك الحفاظ على اتزانك تحت الضغط ويمكنك السيطرة على الموقف والتعامل مع السيناريوهات غير المتوقعة بطريقة خلّاقة.

إذا واجهت مشكلة تقنية في أثناء اجتماع العمل أو العرض التقديمي، فحافظ على هدوئك من خلال اتباع الخطوات التالية.

1. خذ نفساً عميقاً

يبدو قول ذلك أسهل من فعله. إذا تحول الموقف سريعاً نحو الأسوأ، كأن تتحول شاشة جهاز الكمبيوتر إلى اللون الأسود، أو تظهر رسالة محرجة على الشاشة، أو يدخل أحد زملائك إلى الغرفة فجأة ويظهر على الشاشة بصورة غير ملائمة، فقد يكون الهلع رد فعلك الأولي.

عندما يشعر المرء بالتهديد، تبدأ غرائزنا الطبيعية العمل وتتحول أجسامنا نتيجة لذلك إلى وضعية “الكرّ والفر”، فنتعرق وتتسارع نبضات القلب ويندفع المزيد من الأوكسجين إلى العضلات. قد يخفي البعض خوفه وانزعاجه بالتعبير عن الغضب ظاهرياً، وقد يتجمد البعض الآخر أو يشعر بالرغبة بالهروب فقط.

عندما تواجه موقفاً مشابهاً، ضع في اعتبارك أن شعورك بالخوف طبيعي، وهو جزء من استجابة الإجهاد الناتج عن حدث تتصوره خطيراً، حتى لو لم يكن مهدداً للحياة. تذكر أيضاً أنه من غير الملائم أن يراك أحد ما تفقد أعصابك بسبب خلل تقني، إذ ستمثل الطريقة التي تستجيب بها لزملائك إشارة إلى كفاءتك في التعامل مع المواقف الصعبة، الآن وفي المستقبل.

خذ نفساً عميقاً لاستعادة تركيزك. إذا كنت تحتاج إلى بعض الخصوصية، فلا تتردد في إيقاف تشغيل الكاميرا. خذ دقيقة للنظر حولك وطمئن نفسك أنه لا خطرَ حقيقياً في الواقع. سيساعدك ذلك في الشعور بالهدوء وتذكّر أن معظم المشاكل يمكن حلها.

2. تحمَّل المسؤولية عن الموقف

بمجرد استعادة رباطة جأشك واستعادة التركيز، اشرح المشكلة لجمهورك صراحة. على سبيل المثال، عندما واجهت مشكلة تقنية في أثناء عرضي التقديمي، شرحت للجمهور بهدوء قائلة: “أريد فقط أن أتوقف لحظة لأخبركم جميعاً أن شاشتي أصبحت سوداء ولا يمكنني رؤية أحد منكم أو النقطة التي وصلت إليها من العرض، لست متأكدة إن كان بإمكان أي منكم رؤيتي، لذلك امنحوني بعض الوقت لفحص المشكلة مع فريقي”.

مهما كان الموقف، انظر إلى الكاميرا مباشرة في أثناء التحدث لخلق إحساس بالتواصل مع الجمهور. تحدث بصورة طبيعية كما لو كنت تتحدث إلى صديق كي يبدو تصرفك طبيعياً وتبني تواصلاً أفضل مع جمهورك. إذا كنت تستضيف حدثاً أو تقدم عرضاً للأقران خصوصاً، فضع في اعتبارك أن الجمهور يحب بالفعل التواصل مع الشخص الذي يقود العرض.

إذا كنت اعترفت بصراحة أنك تواجه مشكلة تقنية وأنها خارجة عن إرادتك، وأن الأخطاء تحدث وهي طبيعية، فستُظهر ضعفك الإنساني، وستبدو بالتالي أكثر ارتباطاً بجمهورك. الضعف هو عاطفة يمكن للجميع فهمها والتعامل معها.

في الواقع، عندما اعترفت لجمهوري بالعطل التقني، بدأ البعض يرسل لي رموزاً تعبيرية لتشجيعي بالإضافة إلى تعليقات تحاول مساعدتي في حل هذه المشكلة.

3. لا بأس في الضحك على نفسك في هذا الموقف

بعد إنشاء اتصال شخصي مع جمهورك، يمكنك أن تتخلى عن حذرك قليلاً وتضيف بعض الفكاهة الصادقة إلى الموقف. يمكن أن يساعد إلقاء نكتة خفيفة في التخفيف من إحراج الموقف في أثناء العمل على إيجاد حل المشكلة التقنية.

هدفك هنا هو تخفيف أي توتر من خلال تقديم نفسك على أنك عملي ومتواضع. على سبيل المثال، إذا ظهرت رسالة محرجة من شريكك على الشاشة في أثناء العرض التقديمي، فخذ نفساً عميقاً واعترف بذلك، وتعامل مع الأمر بروح الدعابة وتابع العرض. يمكنك القول ممازحاً “ولهذا السبب من المهم إيقاف هاتفك في أثناء العروض التقديمية” ثم تتابع بالقول “أنتقل الآن إلى النقطة التالية المهمة جداً”. وإذا تصادف أن دخل زميلك إلى الغرفة فجأة وظهر على الشاشة وهو خلفك يعزف على الغيتار مثلاً، فقل ساخراً: “سوف يجيب عن الأسئلة ويوقّع لمن يرغب بعد العرض التقديمي”، ثم تتابع بصورة طبيعية بالقول “دعونا ننتقل إلى الشريحة التالية من فضلكم”.

عندما تحولت شاشتي إلى اللون الأسود فجأة، قلت مازحة: “أعتذر عن المقاطعة. حدث ذلك لأنني مدربة تنفيذية ومدربة في مجال تطوير الذات ولست خبيرة في تكنولوجيا المعلومات”. تمكنت بهذه الطريقة من تكوين علاقة أعمق مع الجمهور من خلال الفكاهة ومشاركة معلومات شخصية ربما لم يعرفوها عني من قبل.

على الرغم من أن هذه الأمثلة فريدة من نوعها، فهي توضح الفكرة العامة؛ الضحك يقرّب الناس بعضهم من بعض، وامتلاك الشجاعة للضحك على نفسك سمة إيجابية، وسيُظهر ذلك لزملائك أنك واثق من نفسك ولا تخشى إظهار القليل من التواضع.

4. متى يجب إنهاء الاجتماع الافتراضي

قد لا تتمكن من حل المشكلة التقنية، ويجب عليك ببساطة إنهاء الاجتماع. إذا اضطررت إلى ذلك، فاعتذر عن الموقف الذي كان خارجاً عن إرادتك، وأبلِغ الجمهور أنك ستحدد موعداً آخر للاجتماع بمجرد حل المشكلة.

إذا كنت تتعامل مع حدث افتراضي لا يمكن إعادة جدولته، فأخبر الجمهور أنك ستتابع معهم عبر البريد الإلكتروني، وضع في اعتبارك عرض استرداد المشاركين لأموالهم (إذا كان ذلك ممكناً) أو فكر بأي شكل آخر من أشكال التعويض، مثل عرض الدخول المجاني إلى حدث المتابعة.

من الأفضل إنهاء الحدث بمجرد أن يتضح أنه لا يمكن حل المشكلة بدلاً من إطالته وإضاعة وقت الجمهور.

على الرغم من ذلك، إذا كان الحدث الافتراضي أو العرض التقديمي مهماً جداً، فأوصيك بالتخطيط مسبّقاً لحضور شخص متخصص في تكنولوجيا المعلومات بجانبك ليساعدك في حال وقعت أي مشكلة.

عندما أصبحت شاشتي سوداء، أدركت أنه لا يمكنني فعل أي شيء لإصلاح الخلل الفني، ولكن لحسن حظي كان الفريق المتخصص بالتكنولوجيا حاضراً، ما سمح لي بالتزام الهدوء والتعامل مع جمهوري. على الرغم من عدم إمكانية حل مشكلة البث على منصة فيسبوك، كان بمقدور الجمهور التواصل معي وحرص فريقي على بقائي مرئية للآخرين على الشاشة.

قبل اجتماعك الافتراضي التالي، راجع قائمة النصائح هذه لتذكير نفسك بأن المشكلات الفنية يمكن أن تحدث وأنه لا داعي للذعر عند حدوثها. تذكّر أن هناك حلاً دوماً، حتى لو كان ينطوي على إعادة جدولة الحدث الافتراضي. وحتى لو تجاوزت المشكلة الفنية حدود خبرتك، لا يزال بمقدورك التحكم باستجابتك وإظهار الثقة بنفسك. يمكن أن يترك الصدق انطباعاً إيجابياً لدى جمهورك، لذلك حاول أن تظل مسترخياً ولا تنسَ أنه لا بأس من الضحك في مثل هذه المواقف.