5 طرق تساعد المدراء على الحد من وصم مشكلات الصحة النفسية في العمل

4 دقائق
الصحة النفسية في العمل

يقول الخبراء أنّ شخصاً من بين كل أربعة بالغين سيواجه مشكلة تتعلق بالصحة النفسية خلال حياته، وغالباً ما يُخفي أولئك الذين يعانون من حالات سريرية أو حالات مرضية طفيفة ذلك في مكان العمل خوفاً من احتمال تعرضهم للتمييز من قبل زملائهم أو مدرائهم. إلا أنه يمكن ويجب التغلب على وصم مشكلات الصحة النفسية، لكن الأمر يتطلب أكثر من مجرد وضع سياسات للتعامل مع هذه الحالات من قبل الإدارة العليا، إذ يتطلب أيضاً اتخاذ إجراءات تتسم بالتعاطف من قبل المدراء على أرض الواقع.

نحن نعتبر أنفسنا من بين أولئك الذين صارعوا تحديات متعلقة بالصحة النفسية. ففي صباح أحد الأيام قبل بضع سنوات، وفي غمرة عام ناجح من العمل، لم تتمكن جين من النهوض من الفراش. وبصفتها شخصاً يحركها الدافع المهني، تجاهلت جميع المؤشرات التحذيرية بأنها كانت تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). لكن ديانا، مرشدتها في العمل، استطاعت إدراك أنّ هنالك خطب ما، وقد أصبحت خطورة الحالة أكثر وضوحاً عندما لم تتمكن جين من الحضور إلى العمل. وخلال الأسابيع التي تلت ذلك، عملنا معاً لتتمكن جين من الحصول على المساعدة التي تحتاجها.

لقد تفهمت ديانا الصراعات التي تمر بها جين لأنها مرت بها أيضاً، ولكنها لم تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة بل عانت من القلق. فنظراً لكونها أم لثلاثة توائم بالغين يعانون من مرض التوحد، بالإضافة إلى انشغالها بعملها؛ فإنها غالباً ما كانت تواجه صعوبة في إدارة تحديات حياتها الشخصية.

خلال الحياة المهنية الخاصة بكل واحدة منا، انتقلنا عبر مختلف مراحل الصحة النفسية؛ من المرحلة المتطورة إلى مرحلة نتحملها بشق الأنفس وما بينهما. وما تعلمناه خلال تجاربنا الخاصة هو مدى أهمية الدعم الإداري لهذه الحالات في مكان العمل.

عندما يتفهم المدراء مسائل الصحة النفسية، وكيفية الاستجابة لها، يمكن أن يُحدث ذلك كل الفرق على الصعيد المهني والشخصي بالنسبة إلى الموظف الذي يعاني من تلك المشكلة. ويستلزم ذلك تدوين الملاحظات وتقديم المساعدة وقول أمور من قبيل: "أنا بجانبك وسوف أساندك، فأنت لست وحدك".

هذا ما قالته جين بالضبط عندما أخبرها زميل في العمل أنه يعاني من القلق؛ فقد وصل القلق إلى المرحلة التي بدأ فيها يؤثر على عمله وعلاقاته الخاصة داخل المنزل. لقد أخبرها بالأمر لأنها كانت منفتحة بدورها على التكلم عن معاناتها، فاستمعت إليه وعملت على فهم التسهيلات التي يحتاجها، وأخبرته عن الوسائل المتاحة مثل برامج مساعدة الموظفين. ثم تابعت معه لتتأكد من أنه كان يحصل على الدعم الذي يحتاجه، وأوضحت له أنها والآخرين حاضرون بجانبه لتقديم المساعدة.

كيف تتعلم أو تجعل الموظفين في فريقك يتعلمون أسلوب التعامل مع مسائل الصحة النفسية الخاصة بالزملاء أو المرؤوسين المباشرين بالطريقة نفسها؟ إليك فيما يلي خمس طرق يمكن للمدراء من خلالها المساعدة على تحفيز خلق ثقافة أكثر تعاطفاً:

انتبه جيداً للغة المستخدمة. جميعنا بحاجة لأن نعي الألفاظ التي نستخدمها والتي يمكن أن تساهم في وصم مسائل الصحة النفسية، فقد تخرج من أفواهنا عبارات من قبيل: "الوسواس القهري يظهر مجدداً، فهو يرتّب كل شيء" أو "إنها مصابة بالفصام تماماً اليوم!" أو "إنه يتصرف وكأنه مصاب باضطراب ثنائي القطب هذا الأسبوع، تراه دقيقة منتشي وفي الدقيقة التالية مكتئب". لقد سمعنا جميعنا تعليقات مثل هذه، وربما تلفظنا بها بأنفسنا، ولكن عندما يسمعها زميل يعاني من مشكلة تتعلق بصحته النفسية، فيمكن أن يبدو الأمر وكأنه اتهام موجه له. فهل ستتحدث بانفتاح عن اضطراب معين تعاني منه أو تخبر قائد فريقك أنك بحاجة إلى وقت لرؤية معالج بعد سماع مثل هذه الكلمات؟

أعد التفكير في "الإجازات المرضية". إذا كان أحدهم يعاني من مرض السرطان، فلن يُقال له أموراً من قبيل: "ما عليك سوى تقبّل الأمر" أو "هل يمكنك تعلم كيفية التعامل مع المرض؟" إنهم يدركون أنه مرض وسوف يحتاج ذلك الشخص إلى الحصول على إجازات من العمل لغاية علاجه. وإذا كنت مصاباً بالزكام، سيطلب منك مديرك العودة إلى المنزل وأخذ قسط من الراحة. لكن قلة من الناس في عالم الأعمال سيتفاعلون مع الانفعالات العاطفية أو غيرها من علامات الإجهاد والقلق والسلوك الهوسي بالطريقة نفسها. نحن بحاجة إلى الشعور براحة أكبر فيما يتعلق بفكرة اقتراح وطلب أيام راحة من العمل للتركيز على تحسين الصحة النفسية كما هو الحال مع الصحة البدنية.

شجع الأحاديث المنفتحة والصادقة. من المهم خلق أجواء آمنة للموظفين للتحدث عن معاناتهم الخاصة، في الماضي والحاضر، دون الشعور بالخوف من إطلاق الحكم عليهم بأنهم "مضطربون" أو استبعادهم من مشروع كبير قادم أو من ترقية؛ ينبغي ألا يخشى الموظفون من إطلاق الأحكام عليهم أو استبعادهم إذا كانوا منفتحين على هذا النحو. يمكن للقادة تمهيد الطريق لذلك من خلال مشاركة تجاربهم الخاصة، كما فعلنا نحن، أو مشاركة قصص أشخاص آخرين واجهوا مشكلات تتعلق بالصحة النفسية وقُدمت المساعدة لهم واستأنفوا حياتهم المهنية الناجحة. وينبغي عليهم أيضاً تشجيع الجميع بصورة صريحة على التحدث عند الشعور بالإرهاق أو الحاجة إلى مساعدة.

خذ إجراءات استباقية. ليست جميع أنواع الإجهاد سيئة، وغالباً ما يعتاد الأشخاص الذين يعملون في مهن تنطوي على مستوى عال من الإجهاد على ذلك أو تراهم يطورون آليات للتكيف معه. إلا أنه يمكن أن يساهم الإجهاد طويل الأمد الذي لا يمكن إدارته في تفاقم أعراض المرض النفسي. إذاً، كيف يمكن للمدراء التأكد من أنّ موظفيهم يحققون التوازن السليم؟ يمكنهم ذلك من خلال إتاحة إمكانية الوصول إلى البرامج والوسائل والتوعية حول إدارة الإجهاد وبناء القدرة على التكيف. في دراسة أجريناها على السوق حول الإرهاق لدى الموظفين، قال ما يقرب من 70% من المشاركين أنّ أصحاب عملهم لا يفعلون ما يلزم لمنع الإصابة بالإرهاق أو الحد منه. لذلك، يحتاج المدراء إلى تقديم عمل أفضل فيما يتعلق بمساعدة موظفيهم على ربطهم بالموارد قبل أن يؤدي الإجهاد إلى حدوث مشكلات أكثر خطورة.

تدريب الموظفين على الملاحظة والاستجابة. تحتفظ معظم مكاتب العمل بحقيبة طبية في حال احتاج موظف ما إلى ضمادة أو مسكن للألم، لكننا بدأنا أيضاً في إلحاق موظفينا في برنامج الإسعافات الأولية للصحة النفسية لتلقي التدريب، وهو برنامج وطني أثبت نجاحه في تعزيز قدرة الناس على التعرف على المؤشرات بأنّ شخصاً ما قد يكون يعاني من مشكلة تتعلق بالصحة النفسية والعمل على ربطه بموارد للدعم. فمن خلال أداء أنشطة تتعلق بلعب الأدوار وغيرها، يقدم البرنامج إرشادات حول كيفية الاستماع إلى المعنيين دون إطلاق الأحكام عليهم وتقديم الطمأنينة لهم وتقييم خطر الإقدام على الانتحار أو إيذاء النفس عندما يعاني زميل على سبيل المثال من نوبة هلع أو يتفاعل مع حدث صادم. قد تكون هذه المحادثات صعبة ومشحونة عاطفياً ويمكن أن تحدث في أوقات غير متوقعة، لذلك من المهم أن تكون مستعداً لها.

عندما يعاني موظفوك من مشكلة معينة، فأنت تريدهم أن يكونوا قادرين على الحديث بانفتاح عن تلك المشكلة وطلب المساعدة، ويمكن لهذه الاستراتيجيات الخمس أن تساعد أي مدير أو مؤسسة على خلق ثقافة تُنهي عن وصم الأمراض النفسية والحفاظ على الصحة النفسية في العمل أيضاً.

اقرأ أيضاً:

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي