مرر مجلسا النواب والشيوخ نسخاً مختلفةً إلى حد ما من تشريعٍ مهم يهدف إلى إعادة هيكلة ضريبة الدخل الفيدرالية. وما زالت لجنة مؤتمر مجلسَي النواب والشيوخ بحاجة إلى التوفيق بين مشروعَي القانون بهدف الانتهاء منه قبل موسم الأعياد. ومن المقرر أن يعدل المشروعان ضريبة إيرادات الشركات، ويزيدا عجز الموازنة الاتحادية ويعودا بالنفع بشكل غير متناسب على دافعي الضرائب ذوي الدخول الأعلى. ويتضمن المشروعان كثيراً من الأحكام التي يُساء فهمها، وقد يكون لها تبعات غير مقصودة.
وسيغير هذا القانون الطريقة التي تدفع بها الشركات والأفراد الضرائب تغييراً جذرياً. وإليكم الخطوط العريضة للمشروعَين، من تاريخ كتابة هذه المقالة، وبعضها أكثر إيجابية من بعض.
إصلاح ضرائب إيرادات الشركات
سيقلص مشروعا القانون المعدلَ الضريبي لقانون ضريبة الشركات الفيدرالي إلى 20% (وهو ما يُترجم إلى 25% تقريباً، بما في ذلك الضرائب التي تفرضها الدولة على دخل الشركات)، مما يجعل المعدل الضريبي لقانون الشركات الأميركي أكثر توافقاً مع شركائنا التجاريين الكبار، ويقلل من العوامل المثبطة التي تدفع الشركات إلى الاستثمار في الخارج وتقديم إقرارات بالدخل وإثبات أحقية الدولة في تحصيل الضرائب عن الأرباح المحصلة خارج حدود الولايات المتحدة. وبالحد من الضريبة المفروضة على الأرباح المُستردة التي تتلقاها الشركات الأميركية من فروع شركاتها الأجنبية، يطيح مشروعا القانون بالحافز الذي يدعو الشركات الأميركية إلى تكديس أصولها في تلك الفروع (المُقدرة حالياً بـ 2.6 تريليون دولار)، مما يُمكنها من إدارة محافظها الاستثمارية بقدر أكبر من الكفاءة. ويستبدل القانون الضريبة المفروضة على الأرباح المُستردة بضريبة ذات معدل منخفض على الأرباح السنوية منسوبة إلى الأصول غير المادية لفروعها الأجنبية، ويفرض ضريبة انتقال لمرة واحدة على رصيد الأرباح الأجنبية المستحقة للشركات الأميركية، ويضم أحكاماً الهدف منها حماية الوعاء الضريبي الأميركي من تجريد الأرباح على يد الشركات ذات المقار الأجنبية التي تستثمر في الولايات المتحدة.
وتتفق إصلاحات الضرائب المفروضة على الشركات الدولية عموماً مع المقترحات التي تَقدم بها قادة الحزبَين في السنوات الأخيرة. ولم يتضح بعد ما إذا كانت الأحكام المعقدة لتلك القوانين الموجهة لحماية الوعاء الضريبي الأميركي ستكون فاعلة، ولم يثبت بعد الضرر الثانوي الذي ربما تتسبب فيه. ولأن المشروعات المقدمة من الشركات تفتقد للإيرادات، من المستحيل تقييم هذا الجزء من القانون بالكامل دون أن نضع في الاعتبار كيف سيتم تمويل هذه الاستقطاعات في نهاية المطاف.
الإيرادات وتوزيعها
بالاستعانة بالتقييم التقليدي، تقدر اللجنة المشتركة المعنية بالضرائب مستخدمة التصنيف المعتاد أن مشروعَي القانون سيقلصان إيرادات الضرائب الفيدرالية بقيمة 1.5 تريليون دولار تقريباً على مدار 10 سنوات. وزعم مؤيدو القانون أن التخفيضات الضريبية سيُستعاض عنها بالإيرادات الأعلى الناجمة عن النمو الاقتصادي، غير أن التحليلات التي أجرتها اللجنة المشتركة المعنية بالضرائب و"مركز السياسة الضريبية" (Tax Policy Center) و"كلية وارتون في جامعة بنسلفانيا" (Penn-Wharton) وغيرهما من الجهات المختصة بصنع نماذج اقتصادية، كشفت عن أن مردودات الإيرادات النابعة من الناتج المتزايد ستعوض فقط جزءاً لا يُذكر من أعباء الميزانية. صحيح أن التخفيضات الضريبية يمكن أن تؤدي إلى نمو اقتصادي متواضع في ظل الظروف المناسبة، لكنها لن تكون كافية بالمرة لتعويض الإيرادات الضريبية المُهدرة بسبب مشروعي القانون هذين.
وقد فرض مجلس الشيوخ على نفسه أن مشروع قانون الضريبة يجب ألا يزيد من العجز بعد 10 سنوات، وللوفاء بهذا الشرط سيبطل مشروع قانون مجلس الشيوخ غالبية التغييرات الفردية التي أدخلها على الضريبة بنهاية عام 2025. (ولو كان للكونجرس الأميركي أن يمرر مشروع القانون النهائي بأصوات الجمهوريين فقط، بحسب توقعات قادة الحزب الجمهوري، فلا بد ألا يزيد عجز الموازنة بعد 10 سنوات امتثالاً لقواعد المطابقة الخاصة بمجلس الشيوخ). سيكون التغييران الوحيدان الدائمان في ضريبة الدخل للأفراد هما: 1) تعديل صيغة فهرسة قانون الضريبة بحيث يتحرك الأفراد بسرعة أكبر إلى شرائح ضريبية أعلى بمرور الوقت. و2) إلغاء الضريبة الجزائية المرتبطة بالتكليف الفردي لشراء تأمين صحي في قانون الرعاية يسيرة التكلفة. ويقلص إلغاء الضريبة الجزائية العجز، لأن عدداً أقل من الأفراد سيحصل على معونات فيدرالية لقاء التأمين الذي سيشترونه من أسواق التأمين الصحي، وعدداً أقل أيضاً سيشترك في مزايا خدمة برنامج "ميديكيد" (Medicaid). (مكتب الموازنة التابع للكونجرس الأميركي يقدر أن إلغاء تلك الضريبة أيضاً سيزيد إلى حد بعيد من عدد الأشخاص الذين لا يتمتعون بغطاء تأمين صحي).
ويكفل مشروعا القانون مزايا لدافعي الضرائب الأعلى دخلاً أكبر نسبياً مما للأسر الأقل دخلاً أو ذات الدخول المتوسطة. ويقدر مركز السياسة الضريبية أن مجلس النواب سيزيد الدخل عام 2027 بعد استقطاع الضريبة في المتوسط بنسبة 2.6% للوحدات الضريبية في شريحة 1% الأعلى في توزيع الدخل، مقارنةً بنسبة 0.5% في الشريحة الخُمسية الوسطى، ونسبة 0.1% في الشريحة الخُمسية الأدنى. ونظراً لأن مشروع قانون مجلس الشيوخ يقضي بانتهاء أجل غالبية أحكام ضريبة الدخل بعد عام 2025، ويترك في الوقت ذاته تخفيض ضريبة الشركات بلا مساس، فسيكون له أثران كبيران. سيكون تخفيضه الضريبي الإجمالي الصافي أقل كثيراً عام 2027، ولأن التغييرات الطارئة على ضريبة الشركات ستعود بالفائدة غالباً على المساهمين وغيرهم من متلقي إيرادات الاستثمار، سيتركز التخفيض الضريبي بقدر أكبر عند النهاية العليا لتوزيع الدخل. وسيزيد الدخل بعد استقطاع الضريبة بنسبة 1.1% للوحدات الضريبية في شريحة 1% العليا، مقارنةً بزيادة نسبتها 0.1% للشريحة الخمسية الوسطى، وانخفاض بنسبة 0.1% في الشريحة الخمسية السفلى. وستتلقى الوحدات الضريبية في شريحة 1% العليا من توزيع الدخل أكثر من 60% من المزايا الناجمة عن التخفيضات الضريبية، باستثناء إلغاء الجزاء المرتبط بالتكليف الفردي، وهو ما سيؤثر سلباً على الأسر ذات الدخل المنخفض بعد استقطاع الضريبة.
تغييرات في الوعاء الضريبي
يعيد مشروعا قانون الضرائب تنظيم الأعباء الضريبية داخل فئات الدخل، وهو ما يتمخض عن منتفعين وخاسرين، ولكن دون مبدأ تنظيمي واضح وراء التغييرات. ويكاد مشروعا القانون يضاعفان تقريباً الاستقطاع القياسي، ويزيدان الخصم الضريبي الممنوح لإعالة الأطفال، ويزيلان الإعفاءات الشخصية. ويبطل مشروعا قانون مجلسي النواب والشيوخ بعض الاستقطاعات ويحافظان على بعضها الآخر، ويستحدثان استقطاعات جديدة. ويتمثل التغيير الأكبر في إلغاء الاستقطاع الخاص بضرائب الولاية والضرائب المحلية، فيما عدا أول 10 آلاف دولار من ضرائب الممتلكات. وسيقلص المجلسان الضرائب المفروضة على الدخل من "الأعمال العابرة"، مثل الشراكات والشركات الفردية. وسيفرض مجلس الشيوخ ضريبة على الدخل العابر بحد أقصى 25%، مقارنةً بنسبة 39.6% للدخل العادي لأعلى الأوعية الضريبية للأفراد. وسيسمح مجلس النواب باستقطاع ضريبي لـ 23% من الدخل العابر، فيخلق بذلك أعلى معدل مكافئ لـ 29.6%، أي أقل بـ 10 نقاط مئوية تقريباً عن المعدل الأعلى المقترح له البالغ 38.5% للإيرادات.
تبعات مجهولة
إن مشروعَي القانون معقدان للغاية لدرجة أنه من المحتمل أن يكون لهما تبعات ربما لم يقصدها المشرعون. فالمعاملة الخاصة للدخل العابر ستخلق حوافز للشركات تشجعها على الاستعانة بمتعاقدين مستقلين بدلاً من الموظفين الدائمين، وستدفع أصحاب الشركات إلى اتخاذ إجراءات لتلقي تعويضاتهم على هيئة أرباح لا أجور. ومع أن مشروعَي القانون يحاولان تقييد الوصول إلى معدلات الدخل العابر الخاصة، فربما يضع مخططو الضرائب استراتيجيات لتفادي هذه القيود. وبرفع الاستقطاع القياسي وتقييد استقطاع الضرائب على مستوى الولاية والضرائب المحلية، يقلص مشروعا القانون بشدة عدد المصنَّفين للاستقطاع الضريبي، ويحصرانهم بشدة في الأسر ذات الدخول العالية. ومن ثم، سيقلص مشروعا القانون الحوافز التي تشجع الناس على تقديم تبرعات خيرية أو تحمُّل ديون رهون عقارية كبيرة. وقرار اللحظة الأخيرة لمجلس الشيوخ، المتعلق بالاحتفاظ بالحد الأدنى البديل لضريبة الشركات، مع خفض المعدل الضريبي لها، سيوسع إلى حد بعيد انتشار الحد الأدنى البديل للضريبة. والآن وقد أمسى الحد الأدنى البديل للضريبة ومعدلات الشركات الاعتيادية متساويين، وصارت قاعدة الحد الأدنى البديل للضريبة أوسع نطاقاً، سيدفع جميع دافعي الضرائب المؤسسيين تقريباً الحد الأدنى البديل للضريبة. وسينقض ذلك الإصلاحات التي ترسخ أقدام الضريبة الإقليمية وتقوض بعض الحوافز الضريبية الأخرى، بما في ذلك تخفيض الضريبة البحثية. ولأن المعلقين زادوا وعي الناس بهذه الآثار، فمن المحتمل أن يعيد المؤتمر إبطال الحد الأدنى البديل للضريبة. غير أن التبعات الأخرى ما زالت مجهولة، وهي نتيجة للتعجيل بإصدار مشروع قانون معقد دون إتاحة الوقت الكافي للخبراء الخارجيين أو الجماعات المعنية أو حتى لموظفي الحكومة لفهم جميع تشعباته.
هناك أمر وحيد مؤكد: فمع أنه من غير المحتمل أن يخلق مشروع قانون الضريبة ملايين الوظائف التي وعد بها رعاتُه، فإنه سيكون رائعاً لتوظيف العاملين في مجال الضريبة ولمحلليها. وفي رأيي النابع من مصلحة شخصية بصفتي أحد المحللين، لا يسعني إلا الثناء عليه.