ملخص: مرّ معظمنا بتجربة حضور اجتماع انحرف عن مساره، ما جعلنا نشعر بالارتباك أو أننا أضعنا وقتنا. ولكن يجب ألا تكون الاجتماعات مضيعة للوقت أو غير مثمرة أو مزعجة. لذلك فإن فهم بعض أو السلوكيات المختلة الشائعة يمكن أن يساعد المدراء على تحويل الاجتماعات إلى أدوات لنجاح الفريق. يقدم المؤلف 4 سلوكيات معرقلة للاجتماعات تؤدي إلى خروجها عن مسارها، بالإضافة إلى ما يحتاج المدراء إلى معرفته لجعل اجتماعات فِرقهم أكثر فعالية وكفاءة وإنتاجية.
الاجتماعات بالغة الأهمية لتحقيق الأهداف، لأنها تعزز الوحدة وتسهّل التواصل والتخطيط والمواءمة، ولكن فقط إذا أُديرت بفعالية. إذ تؤثر الاجتماعات التي تُدار بشكل سيئ سلباً على أداء الفريق وتماسكه، وفي النهاية على نجاحه في تحقيق أهدافه.
في استطلاع لرأي كبار المدراء، قال 71% إن الاجتماعات ليست مثمرة ولا فعالة. وكشفت دراسة شملت 20 مؤسسة أن السلوكيات المختلة في الاجتماعات، مثل الشكوى أو انتقاد الآخرين، تقترن بتدني الحصة السوقية، ونقص الابتكار، وانخفاض مستوى اندماج الموظفين.
هل يبدو السيناريو التالي مألوفاً؟ تتلقى دعوة لحضور اجتماع بعنوان "إطلاق منتج" فحسب، دون مزيد من التفاصيل. تحضر الاجتماع لأن فريقك يتولى العمل على أحد عناصر عملية الإطلاق وتريد التأكد من أنك لم تفوِّت أي شيء. تقدم قائدة الفريق، لمياء، مجموعة المنتجات الجديدة. ولكن في غضون دقائق، تأخذ المحادثة منعطفاً عندما يبدأ أحد كبار المسؤولين التنفيذيين للتسويق، جاسر، بالشكوى من ثقافة الشركة وغياب الدعم من الإدارة العليا. ثم يثير هذا نقاشاً محتدماً غير ذي صلة بموضوع الاجتماع حول ثقافة الشركة بدلاً من إطلاق المنتج. وفي نهاية المطاف، يشعر الجميع بالارتباك والإحباط.
على مدار سنوات عديدة من العمل مع الفِرق وتدريب قادتها، لاحظت 4 سلوكيات مختلة تتسبب في خروج الاجتماعات عن مسارها. لضمان الإنتاجية والكفاءة والفعالية، ينبغي للمدراء معرفة كيفية اكتشاف هذه السلوكيات ومنعها والتعامل معها عند ظهورها.
4 سلوكيات مختلة تظهر في الاجتماعات
عادة ما تظهر 4 سلوكيات مختلة، أو 4 عوامل مسببة للتشتت وخروج الاجتماعات عن مسارها أو "السلوكيات المعرقلة للاجتماعات"، في الاجتماعات التي تفتقر إلى التركيز والوضوح، وهي:
مشكلة الجذب
يحدث ذلك عند جذب أعضاء الفريق إلى مناقشة تحدٍ أو مشكلة ما لا يمكن حلها على مستوى الفريق، على غرار قوة الجاذبية. ومحاولة حل مشكلة الجذب توجِّه الوقت والقدرة العقلية والتحفيز بعيداً عن المشكلات القابلة للحل، ما يؤدي إلى إحباط الفريق. في المثال السابق، تُعد ثقافة الشركة ودعم القادة من مشكلات الجذب التي تصرف الانتباه عن المشكلة القابلة للحل: إطلاق المنتج.
فيض الافتراضات
يحدث هذا عندما يضع أعضاء الفريق افتراضات بها مبالغة أو لم يتم التحقق منها حول مشكلة معينة أو شخص معين أو حتى أنفسهم. في حين أن بعض الافتراضات ضرورية، فإن الاعتماد عليها بشكل كبير ودون التحقق منها يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات تستند إلى معلومات غير دقيقة أو منقوصة.
يمتد هذا السلوك أيضاً إلى حد وضع أعضاء الفريق افتراضات حول بعضهم عن بعض، ما يعزز بيئة يسودها انعدام الثقة والشك، ويعرقل التعاون والإنتاجية. على سبيل المثال، يجهز مازن وميرنا عرضاً تقديمياً للقادة. وتقترح ميرنا اتباع نهج معيّن، لكن مازن يفترض أنها تحاول السيطرة ونسب الفضل إلى نفسها. ونتيجة لذلك، فإنه يحجب بعض المعلومات عنها. لو فكّر مازن في افتراضه ملياً، لكان تعاونهما معاً أكثر كفاءة ونجاحاً.
من الشائع أيضاً أن يفترض أعضاء الفريق لا شعورياً أن الآخرين لديهم المعرفة الأساسية نفسها أو الفهم نفسه. والأسوأ من ذلك أنهم يعتقدون أن بإمكانهم حل مشكلات أقرانهم دون معرفة كافية بالسياق. يؤدي كلا السيناريوهين إلى الإحباط وانعدام الثقة.
الأفكار السلبية المزعجة
يمكن أن تؤثر "التشوهات المعرفية" الشائعة، أو أنماط التفكير غير المثمرة التي أشير إليها باسم "الأفكار السلبية المزعجة"، على نتائج الاجتماعات أيضاً. إليك كيفية ظهورها:
- التفكير بعقلية كل شيء أو لا شيء: يرفض مصمم غرافيك تصميمات كامل مجموعة المنتجات ويعتبرها إخفاقاً، لأنه يرى أن تصميم العبوات ليس مثالياً. وتشاؤمه هذا يصعِّب على الفريق التوصل إلى حلول بنّاءة ويعكر المزاج العام للاجتماع.
- التعميم المفرط: يرى أحد أعضاء الفريق مراجعة سلبية واحدة من أحد العملاء، ويخلص إلى أن جميع العملاء لا يحبون المنتج. وهذا التعميم المفرط يعرقل سير المحادثة، ما يجعل الفريق يركز على الدفاع عن المنتج بدلاً من تحديد الجوانب التي تحتاج إلى تحسين.
- التهويل: يعلم أحد أعضاء الفريق أنه سيكون هناك تخفيض طفيف في الميزانية، فيزعم أنه سيؤدي إلى تسريح العاملين وتأخيرات كبيرة في المشروع. ويؤدي فزعه هذا إلى صرف انتباه الفريق عن مناقشة الحلول العملية لإدارة الميزانية المخفّضة.
- التفكير العاطفي: تفسر إحدى أعضاء الفريق عدم تحمُّس زميلتها لفكرتها على أنه إشارة إلى أن إسهاماتها سيئة، ثم يُضيع الفريق الوقت في طمأنتها بدلاً من مناقشة مزايا الفكرة.
مطاردة الأفكار المشتِّتة
يواجه بعض أعضاء الفريق صعوبة في إبقاء تركيزهم على الغرض من الاجتماع ويتحدثون عن أمور لا صلة لها بموضوع الاجتماع (أي "الأفكار المشتِتة"). على سبيل المثال، في اجتماع الفريق الذي يركز على وضع اللمسات الأخيرة على عرض مبيعات لعميل محتمل، يستمر أحد أعضاء الفريق في مناقشة تفاصيل مشروع آخر منفصل يديره. وعلى الرغم من أن الموضوع يتعلق بالأعمال الجارية للفريق، فإن لا علاقة له بما يركز عليه الفريق في هذا الاجتماع. وبالتالي تؤدي مقاطعاته إلى تشتيت انتباه الفريق، ما يمنعهم من وضع اللمسات الأخيرة على عرض المبيعات بفعالية وكفاءة. فمطاردة الفريق للأفكار المشتتة تؤدي إلى إضاعة الوقت وإحباط أعضاء الفريق الآخرين.
تجنُّب السلوكيات المعرقلة للاجتماعات
تبدأ اجتماعات الفريق الجيدة قبل أن تُعقَد بالفعل. وبالتالي، فإن طريقة التحضير للاجتماع والتخطيط له يمكن أن تؤثر بشكل كبير على كفاءته ونتائجه.
التركيز والوضوح هما مفهومان مختلفان ولكنهما مترابطان وسيساعدان على منع السلوكيات المعرقِلة، ودون توافرهما عادة ما يشعر أعضاء الفريق بالارتباك ويشاركون بطريقة تؤثر سلباً على الاجتماع، أو لا يشاركون فيه على الإطلاق. على سبيل المثال:
- يعتقد أعضاء الفريق الذين يُعد حضورهم مهماً لتحقيق هدف الاجتماع أن حضورهم مجرد إجراء شكلي، وبالتالي لا يشعرون أنهم بحاجة إلى التحضير أو المشاركة أو حتى الحضور.
- يعتقد أعضاء الفريق أن حضورهم يعني أنهم يتمتعون بسلطة صنع القرار وأن وجودهم مهم وأن لديهم خبرة في موضوعات النقاش، حتى لو لم يكن الأمر كذلك.
- يرى أعضاء الفريق أن حضور الاجتماعات فرصة للتواصل مع الزملاء الذين لا يرونهم كثيراً بدلاً من التركيز على الهدف منها.
- يفترض أعضاء الفريق أنه لا حاجة إلى التحضير المسبق للاجتماع، ما يُضيع وقت الاجتماع.
إليك كيفية إبقاء اجتماعات فريقك على المسار الصحيح:
عزز التركيز في اجتماعك.
تأكد من التزام أعضاء الفريق بموضوع الاجتماع ومناقشة المشكلات ذات الصلة به فقط دون الانحراف عن المسار المحدد. ولتحقيق ذلك، ينبغي لمنظمي الاجتماعات:
- تحديد الهدف الأساسي. هل الهدف هو اتخاذ قرار أم إجراء عصف ذهني أم المواءمة بين الحضور أم هدف آخر؟ فإبقاء تركيزك على الهدف الأشمل سيساعدك على وضع جدول أعمال مركّز وواضح. على سبيل المثال، في اجتماع لاتخاذ قرار، الهدف هو الاختيار من بين خيارات مختلفة. وبالتالي، يجب على المنظمين أن يفهموا بوضوح الخيارات والبيانات الداعمة وصناع القرار وعمليات صنع القرار.
- إعادة صياغة الأهداف بوصفها بيانات قائمة على الاستفسار. على سبيل المثال، بدلاً من استخدام "تحديد الأهداف" بوصفه موضوعاً للاجتماع، استخدم: "ما منجزاتنا لمشروع كذا؟". فمن خلال القيام بذلك، يمكن لأعضاء الفريق بدء التفكير بالحلول المحتملة حتى قبل حضور الاجتماع.
- دعوة أعضاء الفريق الذين لهم دور مباشر في تحقيق هدف الاجتماع فقط. على سبيل المثال، في اجتماع العصف الذهني، ينبغي لك دعوة أفراد من خلفيات مختلفة ولديهم وجهات نظر مختلفة لاستخلاص أفكار متنوعة ومبتكَرة. على العكس من ذلك، في اجتماع صنع القرار، يجب أن يفهم الحاضرون بوضوح الخيارات والبيانات ذات الصلة وأن يتمتعوا بسلطة صنع القرار المناسبة. في حين أنه من المغري دعوة كل شخص له علاقة بموضوع الاجتماع، يجب أن تدرك أن السلوكيات المعرقِلة للاجتماعات تزدهر في البيئات المزدحمة التي ينعدم فيها التركيز.
تواصَل بوضوح.
يقلل التواصل الواضح من احتمالية نشوء سوء تفاهم ووجود مشتتات، لا سيما نتيجة للسلوكيات المعرقِلة. للتعريف بالموضوع الذي سيركز عليه الاجتماع بفعالية، تأكد من أن أعضاء الفريق المدعوين يفهمون بوضوح 3 عناصر رئيسية:
- الأهمية: اشرح سبب الحاجة إلى عقد الاجتماع والتأثير المحتمل لنتائجه. إذا كان هذا واضحاً، فسيفهم الحاضرون الحاجة المُلحة إلى عقد الاجتماع وأهميته والسبب في أن حضورهم ضروري. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "سنحدد في هذا الاجتماع استراتيجية التسويق لإطلاق منتجنا القادم، ما سيؤثر على مبيعاتنا وشهرة علامتنا التجارية".
- الملاءمة: حدد بوضوح كيف يرتبط الموضوع الذي سيركز عليه الاجتماع ارتباطاً مباشراً بعمل أعضاء الفريق المدعوين أو أهدافهم. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "بصفتي رئيس قسم التصميم، أحتاج إلى إسهاماتكم بشأن تصميم العبوة لتحديد استراتيجيتنا التسويقية". فهذا يساعدهم على رؤية العلاقة المباشرة بين مسؤولياتهم والغرض من الاجتماع.
- المشاركة: أخبِر كل مشارك بما تتوقعه منه، بما في ذلك أي أعمال تحضيرية تريدهم أن ينجزوها، لضمان أن يأتوا إلى الاجتماع مستعدين.
لا تستخدم الاختصارات في صياغة الدعوة، بل استخدم لغة مباشرة وسهلة الفهم وتجنب المصطلحات المتخصصة أو التقنية المعقدة التي قد تثير التباساً. إذ يساعد ذلك الحاضرين على فهم الرسالة، لا سيما عندما تكون لديهم مستويات مختلفة من الخبرة.
التعامل مع السلوكيات المعرقلة للاجتماعات
عرّف فريقك بمفهوم السلوكيات المعرقِلة للاجتماعات من خلال رسم صورة ذهنية لاستجابتنا الطبيعية لرائحة الغاز: أ) تحديد مصدر تسرب الغاز، ب) إغلاق مصدر الغاز، ج) إخلاء المبنى على الفور. أعطِهم ورقة بسيطة تضم كل سلوك ووصفه.
شجِّع الجميع على الإشارة إلى هذه السلوكيات باسمها، مثل "مشكلة الجذب" أو "مطاردة الأفكار المشتتة". فهذا يساعد الفريق على اكتشاف هذه السلوكيات ومعالجتها بسرعة مع الحفاظ على الجو اللطيف والإيجابي للاجتماع. بعد ذلك، عالِج السلوكيات المعرقِلة عند ظهورها بطريقة لا تشكل تهديداً لأي شخص. على سبيل المثال، إذا خرج أحد أعضاء الفريق عن الموضوع أو أظهر أحد هذه السلوكيات، فأشِر إلى السلوك باسمه، وقل شيئاً من قبيل "هذه فكرة مشتِّتة، أليس كذلك؟". فهذا النهج أقل تهديداً من قول "لقد خرجت عن الموضوع"، ويمكن أن يكون تذكيراً لطيفاً بالحفاظ على التركيز.
الابتسامة هي أقصر مسافة بين شخصين، لذلك يمكن أن يساعد الحس الفكاهي في بناء روابط وعلاقات إيجابية بين أعضاء الفريق في أثناء الاجتماعات. يمكن أن يؤدي استخدام الفكاهة إلى تهيئة بيئة مريحة حيث يشعر الأشخاص بمزيد من الراحة إزاء المخاطرة والنقاش. ويمكن أيضاً أن يساعد على بناء الألفة والثقة وتلطيف الأجواء وجعل الاجتماعات أكثر متعة.
في اجتماع حضرته مؤخراً، على سبيل المثال، قال أحد أعضاء الفريق المعروف بأنه "يطرح أفكاراً مشتتة": "هل تسمحون لي بعرض فكرة مشتتة؟". ضحك بقية أعضاء الفريق وأعطوه الإذن، وأضاف شخص آخر: "من الأفضل أن تكون فكرة مشتِّتة تستحق المطاردة". عرض العضو فكرته، ولكن بدلاً من مطاردتها، واصل الجميع تركيزهم على موضوع الاجتماع والتزامهم به. أدى هذا النهج إلى إبقاء الاجتماع على المسار الصحيح بفعالية مع الحفاظ على الجو المرِح. وكانت مشاهدة كيفية تطبيق هذا النهج عملياً تجربة رائعة.
سيؤدي فهم السلوكيات المعرقِلة للاجتماعات ومنعها ومعالجتها إلى تعزيز إنتاجية فريقك وتحويل اجتماعاتك من تمارين تستغرق وقتاً طويلاً وغير مثمرة ومزعجة إلى أدوات قوية للنجاح. فلا تدعها تقف في طريق تحقيق أهدافك.