مشاريع التحليلات المحوسبة لا تتطلب الكثير من البيانات

5 دقائق
مشاريع التحليلات المحوسبة

تجاهلت الكثير من الشركات "البيانات الصغيرة"، في خضم اندفاعها المتهور صوب علم البيانات المتقدم والبيانات الضخمة والتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي. ويمثل هذا إهداراً لفرص هائلة. إذ تنطوي سهولة مشاريع البيانات الصغيرة وانتشارها وقدرتها على آثار بالغة بالنسبة إلى الموظفين والمدراء والقادة على جميع المستويات وفي جميع الأقسام وفي المؤسسات كاف. فماذا عن استخدام مشاريع التحليلات المحوسبة في الشركات؟

تتضمن مشاريع البيانات الصغيرة فِرقاً تتكون من عدد قليل من الموظفين تتولى التصدي للمشكلات في أماكن عملها المحلية باستخدام مجموعات صغيرة من البيانات، وهي بضع مئات من النقاط المرجعية للبيانات وليس ملايين النقاط المرجعية للبيانات أو أكثر من ذلك، التي تُستخدم في مشاريع البيانات الضخمة. وتُعد هذه المشاريع أكثر تركيزاً وتستفيد من الأساليب التحليلية الأساسية المتاحة للجميع. ويمكن استكمالها في غضون بضعة أشهر بواسطة أشخاص غير متفرغين، وتسفر عن تحقيق مكاسب مالية تتراوح ما بين 10 آلاف دولار أميركي إلى 250 ألف دولار أميركي سنوياً لكل مشروع. وتذخر الشركات بمشاريع البيانات الصغيرة المحتملة، ومن المنطقي توقّع أن قسماً يتكون من 40 شخصاً سيكمل 20 مشروعاً في السنة. وهذا يعني أن الفوائد المتراكمة التي يمكن تحقيقها هائلة.

وعلى عكس مشاريع البيانات الضخمة، التي غالباً ما تتضمن عشرات الأشخاص بأهداف وسياسات مختلفة وميزانيات ضخمة ومعدلات فشل مرتفعة، فإن مشاريع البيانات الصغيرة تنطوي على احتمالية نجاح مرتفعة. وبالتالي، فإن مشاريع البيانات الصغيرة تبني قوة البيانات المؤسسية التي تساعد الشركة برمّتها في إدراك ما يتطلبه الأمر لكي تحقق النجاح في استخدام البيانات واكتساب المهارات المطلوبة وبناء الثقة وخلق نوعية الثقافة التي تتطلبها البيانات الضخمة. وفي ضوء قلق الكثير من الأفراد من أن تحل الأتمتة محلهم، أو أن تتغير وظائفهم على نحو لا قِبَل لهم به، فإن المشاركة في هذه المشاريع تمكّن الجميع من اتخاذ خطوات استباقية نحو بناء قدراتهم المعرفية في مجال البيانات ومواجهة مخاوفهم في هذا الصدد.

اقرأ أيضاً: ماذا يحدث عندما يعمل علماء البيانات والمصممون معاً؟

وفضلاً عن ذلك، فإن هذه المشاريع ممتعة! حيث إن إحدى المديرات من المستوى الأول، وهي إدارية متمرسة تمتلك خبرة 20 عاماً في قطاع الاتصالات، كُرّمت في عشاء احتفالي حضرناه، بعد قيادتها لفريقها خلال مجموعة من مشاريع جودة البيانات الصغيرة، وقالت في ذلك الاحتفال إن عملها في هذه المشاريع: "كان أفضل تجربة حُظيت بها خلال حياتي المهنية الممتدة لعشرين عاماً". وكان عملي في هذه المشاريع هو الوقت الوحيد الذي شعرت فيه كما لو أنني أتحكم بوجهتي التي أصبو إليها". وقد ساعدنا في نشر مئات، وربما آلاف، من هذه القصص من شتى أنحاء العالم. ويجد الأشخاص متعة في فهم الأرقام وما تنطوي عليه من دلالات، وفي العمل الاستكشافي لفرز مجريات الأحداث وترتيبها. كما يروق لهم العمل ضمن فِرق ورؤية نتائج كدحهم تُحسّن عملهم وأداء شركتهم.

كيفية تعزيز مشاريع التحليلات المحوسبة

وفي حين أن العمل لإطلاق العنان لقدرة البيانات الصغيرة ليس صعباً، فإن تغيير وجهة تفكيرك صوب إعطاء الأولوية لهذه المشاريع يمكن أن يكون أمراً شاقاً. ونوصي بالتدخل واتخاذ التدابير التالية:

إشراك الجميع بما في ذلك نفسك

ترأس أنت شخصياً على الأقل مشروعاً واحداً للبيانات الصغيرة مع مرؤوسيك المباشرين، سنوياً. إذ إنك ستتعلم الكثير من الأمور، وستكتشف قدرة البيانات الصغيرة بصورة مباشرة، وستكتسب مصداقية وتكون قدوة حسنة عند قيامك بذلك. وشجّع موظفيك على الانضمام إلى مبادرتك المتعلقة بالبيانات وأتِح لهم بدء العمل على البيانات الصغيرة على طريقتهم الخاصة.

وبعد أن تعرف أين تبحث عن البيانات الصغيرة، فلن يكون من الصعب للغاية العثور على فرصها. وتوجد ثلاثة مجالات ذاخرة بالفرص في هذا الشأن:

  1. التخلص من البيانات المستترة المُخلّة: يُعد ضعف جودة البيانات هو القاعدة، والهدف من مشاريع البيانات الصغيرة في هذه الحالة هو تقليل العمل الذي لا يضيف أي قيمة اللازم للتعامل مع الأخطاء.
  2. الحد من إهدار الوقت: تبيّن لنا أن الأشخاص يهدرون الكثير من الوقت في انتظار بدء الاجتماعات والمساهمات الواردة من الزملاء، وفي انتظار وصول شحنة ما، وغير ذلك. والهدف من مشاريع البيانات الصغيرة هنا هو تقليل هذا الوقت المهدر.
  3. تبسيط عمليات تسليم العمل: عند انتقال العمل إلى فريقك، أو أثناء تناقله فيما بين أعضاء الفريق أو توجيهه إلى قسم آخر، فإن ضعف عمليات تسليم العمل يمكن أن يزيد التعقيد والتكاليف والوقت المستهلك في هذه العمليات. والهدف من مشاريع البيانات الصغيرة هنا هو تيسير عمليات تسليم العمل هذه.

وبعد أن تعتاد على الأمر، قد تود التركيز على أحد المجالات، بوضع هدف جريء وتحدي فريقك لتحقيقه.

اتباع نهج منضبط

تُعد الكثير من مشاريع البيانات الصغيرة في غاية البساطة، ومن المغري القفز مباشرة إلى الحل. وعلى الرغم من ذلك، نجد أنه من الأفضل اتباع عملية منضبطة وواضحة، على هذا النحو: تحديد المشكلة التي تواجه الشركة، وجمع البيانات اللازمة بشأنها، وتحليل هذه البيانات، وإجراء تحسينات، والإبقاء على المكاسب المحققة، وتحديد الفرصة التالية السانحة، وتكرار هذه العملية. وسيجد الأشخاص الذين لديهم معرفة بمنهجيات "لين سيكس سيغما" ودورة الحياة التحليلية للبيانات أو المنهجية العلمية، أوجه تشابه بينها وبين هذه المنهجية.

اقرأ أيضاً: لماذا لن تحول البيانات الضخمة وتعلم الآلة دون حدوث أزمة مالية أخرى؟

توفير التدريب

التأكد من أنك وفريقك تتلقون التدريب الذي يوفر كلاً من التجربة العملية وتفسير الأسباب والأساليب الكامنة خلف هذه المنهجيات. ففي إحدى الشركات التي عملنا معها، يتكون التدريب على جودة البيانات من ثماني ورش عمل مدة كل منها 90 دقيقة تركز كل منها على موضوع مهم مثل القياس والتكليفات أثناء العمل التي يطبق فيها المشاركون في التدريب هذه المبادئ الأساسية في الحال. وكانت الأمثلة المستخدمة في الورش التدريبية تقتصر على تخصص كل فرد من الأفراد، إذ يتلقى الموظفون العاملون في الشؤون المالية أمثلة مالية، ويتلقى المهندسون أمثلة هندسية، وهكذا دواليك. وقد ساعد هذا المزيج من المبادئ الأساسية والأمثلة ذات الصلة والتجارب العملية الأشخاص في هذه الشركة على تطوير المهارات التي اكتسبوها وتطبيقها بسرعة فائقة.

تحديد مجال خبرتك الفنية التي تتميز بها

شجّع نفسك على التصدي لمشكلة واحدة على الأقل عند اعتماد مشاريع التحليلات المحوسبة لديك، ومن ثم استفِد مما تعلمته في انتقاء تخصص لنفسك. ربما يمكنك أن تصبح سلساً في التعامل مع قياس جودة البيانات وتحسينها لتغدو خبير جودة البيانات في فريقك. أو يكون بوسعك الاستفادة من اهتمامك بالعلاقات مع الزبائن من خلال اكتساب خبرة فنية في المقاييس والتطبيقات التي ترتبط بهذا المجال. ومن شأن القيام بذلك أن يساعدك في تقديم مساهمات قيّمة إلى فريقك وفي بناء حياة مهنية مُرضية على حد سواء.

اقرأ أيضاً: لماذا تحتاج المستشفيات إلى التخصص في مجال البيانات؟

وضَع في اعتبارك، وأنت تقوم بهذه الخطوات، أن تركيزك على مشاريع البيانات الصغيرة لا يعني أنك لن تشترك في العمل على مبادرات البيانات الضخمة، في الوقت الحالي أو في المستقبل. وفي واقع الأمر، ثمة حاجة إلى البيانات الضخمة للتصدي للمشكلات الكبيرة. بيد أنه ليس من الحكمة تجاهل المكاسب السهلة وتفضيل مشاريع البيانات الضخمة الجاذبة التي لم يحِن وقت اكتمالها بعد. لذا، يتطلب منك الأمر التفكير برؤية استراتيجية، والتركيز على البيانات الصغيرة، لاسيما في بداية عملك.

اقرأ أيضاً: ماذا يجب أن تتوقع من مسؤول البيانات في شركتك؟

ونحن ندرك أن معظم الأشخاص سيجدون هذا التوجّه الذي نقترحه في هذا المقال مخالفاً للأمور البديهية في ضوء الاندفاع نحو البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي واستخدام مشاريع التحليلات المحوسبة في الشركات. لكنْ تصوّر ما ستكون عليه في مستقبل مؤسستك بعد عشر سنوات من الآن. ونأمل أن ترى مجموعة من نخبة علماء البيانات وخبراء تقنياتها وهم يعملون على حل بعض المشكلات المعقدة. بل أكثر من ذلك، نأمل أن ترى أيضاً مكان عمل يتسم بقدر أكبر من المساواة، حيث يستطيب للجميع بشكل متزايد التعامل مع البيانات ويساهمون في خلق عدد كبير من الفرص. وهذا ما من شأن طريق البيانات الصغيرة أن يقودك إلى تحقيقه. فلتشرع في الأمر.

اقرأ أيضاً: هل القادة وعلماء البيانات في شركتك على الموجة نفسها؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي