دراسة: كيف يمكن للفرق الافتراضية مشاركة معارفها بشكل أفضل؟

6 دقائق
مشاركة المعرفة والخبرات بين الزملاء العاملين عن بُعد

ملخص: يتمثّل أحد الأسباب المعلنة لمحاولة إعادة الموظفين إلى العمل من المكتب في تزايد القلق بشأن صعوبة مشاركة المعرفة والخبرات بين الزملاء العاملين عن بُعد. ومع ذلك، يقترح بحث جديد تجربة طريقة يمكنها تحسين تنفيذ تلك العملية في المكتب وعن بُعد على حد سواء؛ وتتمثّل تلك الطريقة في عقد اجتماعات موجهة بين زملاء العمل، سواء بشكل شخصي أو عن بُعد. أجرت الدراسة مقارنة بين 3 أساليب؛ يتمثّل الأسلوب الأول في منح حوافز مالية دون حصول الموظفين على أي توجيهات من الإدارة، فيما كان الأسلوب الثاني نهجاً مختلطاً يضم الاجتماعات الموجهة والحوافز المالية، وانطوى الأسلوب الثالث على عقد اجتماعات موجهة، إضافة إلى وجود مجموعة ضبط؛ وأظهرت الاجتماعات الموجهة زيادة انطوت على تأثير أكبر وأكثر جوهرية في إنتاجية المبيعات من منح الحوافز النقدية، فيما حققت نتائج متساوية تقريباً مع الأسلوب المشترك. وحققت الشركة قيد الدراسة زيادة في الإيرادات بلغت ملايين الدولارات بين أولئك الذين شاركوا في الاجتماعات الموجهة، وحصلت تلك الزيادة على مدار الـ 24 أسبوعاً التي جرى فيها تتبع بيانات المبيعات، فيما كانت تكلفة تنفيذ تلك التجربة أقل من 15,000 دولار. 

 

وعلى الرغم من سماح العديد من شركات التكنولوجيا لموظفيها بالعمل عن بُعد في المستقبل، دعا قادة مثل جيمي دايمون من شركة "جيه بي مورغان" (JPMorgan) موظفي شركته إلى العمل من المكتب. وانطوت الحجة التي تذرّع بها أولئك القادة على الصعوبات التي يواجهها زملاء العمل في مشاركة المعرفة والخبرات مع بعضهم البعض عند العمل عن بُعد. ويولي قادة الشركات آلية مشاركة المعرفة أهمية كبيرة لدورها في نشر أفضل الممارسات وحثّ الموظفين الذين يواجهون صعوبات على طلب المساعدة. وعلى الرغم من ترسّخ فكرة صعوبة العمل عن بُعد في عقول الموظفين، وجدنا ممارسات ناجحة تسهّل آلية المشاركة وتبادل المعرفة مع الفرق العاملة عن بُعد، وقد تكون تلك الممارسات أكثر فاعلية حتى.

اختبار أفضل طرق تسهيل مشاركة المعرفة بين زملاء العمل

شرعنا في تجربة حديثة في اختبار أفضل طريقة تمكّن المدراء من تسهيل مشاركة المعرفة بين زملاء العمل وتقييم أثر تلك المشاركة على صافي مبيعاتهم. وعقدنا شراكة مع مركز اتصالات للمبيعات الداخلية يقوم بجمع بيانات مخصصة حول إنتاجية المبيعات لكل مندوب مبيعات ضمن الفريق. كان الهدف من الدراسة هو إثبات حقيقة أن "مبدأ باريتو" (Pareto Principle) الذي يُفيد بأن 20% من العمال يدرّون 80% من الإيرادات لا يزال قائماً حتى يومنا هذا، على الرغم من التقدم التكنولوجي الهائل في مكان العمل. وما أردنا معرفته على وجه التحديد هو مدى احتمالية قيام أصحاب الأداء المتميز بمشاركة معارفهم وأفضل ممارسات العمل مع الآخرين، والأسباب التي تمنعهم من مشاركة تلك المعرفة بشكل طبيعي.

يوجد بعض التفسيرات المعقولة التي تبرّر سبب عدم انتشار الرؤى الثاقبة لأصحاب الأداء المتميز ضمن الفريق بأكمله. وتتمثّل إحدى وجهات النظر في أن وظيفة مندوبي المبيعات قائمة على المنافسة، وهو ما ينسف أي فرصة لمشاركة المعلومات، وهو رأي قد يطرحه أي محلل اقتصادي دون إجراء أي دراسة متعمقة على الوظيفة. وتحتاج الشركات وفقاً لوجهة النظر تلك إلى منح أصحاب الأداء العالي حوافز علنية لحثهم على مشاركة ما يعرفونه. وتؤكد وجهة نظر بديلة أن البشر هم مخلوقات اجتماعية مستعدون لمشاركة معارفهم وخبراتهم بحسن نية عند التماسها منهم؛ وإذا كانت وجهة النظر تلك صحيحة، فذلك يعني وجود بعض الحواجز الاجتماعية التي تمنع زملاء العمل أصحاب الأداء المنخفض من طلب المساعدة من أقرانهم. قد تنطوي تلك الحواجز على رغبتهم في إخفاء مدى ضعفهم عن الآخرين، أو سعيهم إلى اكتشاف طبيعة الوظيفة وكيفية العمل بأنفسهم. إلا أن كلتا الحالتين تتطلبان من المدراء إيجاد طرق لتشجيعهم على طلب المساعدة من أقرانهم. وقد تستند وجهتا النظر هاتان على أسس موضوعية تبرر أهميتهما، وهو ما يعني أن أفراد المجموعة بحاجة إلى كل من الحوافز لمشاركة خبراتهم وإلى سُبل تمكّنهم من طلب المساعدة.

صممنا عدة اختبارات لتحديد ماهية تلك الحواجز المفترضة التي تقف عائقاً أمام مشاركة المعرفة بهدف التوصل إلى أفضل أسلوب يمكّن الشركات من الاستفادة من خبرات أصحاب الأداء المتميز. وقمنا بإقران أكثر من 600 مندوب من مندوبي المبيعات بشكل عشوائي، بحيث يعمل كل موظف منهم مع شريك واحد فقط، ثم قسّمناهم إلى 4 مجموعات مختلفة، وتلقّت كل مجموعة تدخلاً إدارياً أو نهجاً مختلفاً مدة 4 أسابيع، وانطوت تلك النُهج على الاجتماعات الموجهة، والحوافز العلنية، والنهج المختلط الذي يضم الاجتماعات الموجهة والحوافز، إضافة إلى مجموعة ضبط. استهدف كل نهج حاجزاً اجتماعياً مفترضاً واحداً أو مجموعة من الحواجز المحتملة. وكان من المهم إيجاد بيئة يؤدي فيها العديد من العمال مهاماً متطابقة، حتى وإن كانت مستقلة، إضافة إلى وضع مقاييس أداء دقيقة للعمال بهدف تقييم أثر تلك التجربة على صافي المبيعات، وهو ما جعل مركز اتصالات المبيعات الداخلية مكاناً مثالياً لإجراء دراسة على ممارسات مشاركة المعرفة.

تفوّق نموذج الاجتماعات الموجهة على نظام الحوافز

تفوّق أحد التدخلات الإدارية بشكل كبير على التدخلات الأخرى، ألا وهو الاجتماعات الموجهة المطبّقة على المجموعة الأولى. حجزت الإدارة في ذلك النهج مواعيد ضمن جداول عمل كل اثنين من الموظفين الأقران بهدف عقد الاجتماعات، وقدمت لكل مندوب مبيعات ورقة عمل حول مهارات التفكير الذاتي ينطوي الهدف منها على إبراز تحديات الأسبوع الماضي ونجاحاته استعداداً للاجتماع. ثم طُلب من كل اثنين من الموظفين الأقران إجراء مقابلة شخصية مع بعضهما البعض، بحيث يسجّل كل موظف إجابات شريكه على الجانب الآخر من ورقته. وتكون الإدارة بذلك قد فتحت الباب أمام الشركاء لمشاركة مشكلاتهم وتبادل النصائح العملية والتماس التشجيع من بعضهم البعض، مسلحين بأوراق عمل مكتملة وموفين بوعد قطعوه بإجراء مقابلة مع شركائهم.

ولاختبار وجهة النظر الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة البديلة القائلة أن الحوافز المالية هي النهج السائد، عُرض على الموظفين الأقران في المجموعة الثانية حوافز مالية لزيادة نسب مبيعاتهم الجماعية ومقارنتها بنسب مبيعاتهم الجماعية والفردية السابقة، وذلك على افتراض أن التحديد الصريح للهدف من شأنه أن يسرّع عملية مشاركة المعرفة. لم يطلب المدراء من العاملين في تلك المجموعة عقد اجتماعات أو مساعدة بعضهم البعض، بل اعتمدوا على قدرة العاملين على تطبيق مهارات الإدارة الذاتية لتحقيق هدف مشترك.

من جهة أخرى، تلقّت مجموعة ثالثة من العمال كلاً من حوافز الأداء الثنائي ونهجاً قائماً على الاجتماعات الموجهة، وهو ما أتاح لنا اختبار ما إذا كان المدراء بحاجة إلى التركيز على كل من هدم الحواجز الاجتماعية وتقديم الحوافز. وتكشف مقارنة تلك المجموعات الثلاثة مع مجموعة ضبط عن اختلاف واضح في الفاعلية بين نهج الاجتماعات الموجهة والنهج المستند إلى الحوافز.

1- لاحظ العاملون الذين شاركوا في الاجتماعات الموجهة مع شركائهم الذين جرى اختيارهم عشوائياً زيادة بنسبة 24% في إنتاجية المبيعات في المتوسط​​، وذلك خلال الأسابيع الأربعة التي عُقدت فيها الاجتماعات. في حين شهد العمال الذين عملوا مع شركاء آخرين والذين تلقوا حوافز علنية فقط زيادة في أدائهم بنسبة 13% خلال الأسابيع نفسها.

2- وواصلت إنتاجية من يحضرون الاجتماعات الموجهة في التحسن والازدياد بعد انتهاء الاجتماعات الرسمية. ولاحظنا بعد عدة أشهر أن متوسط ​​إنتاج العمال الذين شاركوا في تلك الاجتماعات كان أعلى بنسبة 18% من أولئك الذين لم يشاركوا فيها. على النقيض من ذلك، لم تحقق المجموعة التي تلقت الحوافز فقط أي مكاسب على المدى الطويل.

3- كان الموظفون الأكثر استفادة من الاجتماعات هم الذين جرى إقرانهم مع زملاء ذوي أداء عال. وتشير النتائج في الدراسة إلى أن مناقشة المشكلات المرتبطة بالوظيفة مع أصحاب الأداء العالي في اجتماع واحد فقط قد يُسفر عن آثار طويلة الأمد على الأداء. وبالتالي، يتمثّل الحل الرئيس في أن تخلق الإدارة الفرص وأن تصدر توجيهات تضمن حدوث مثل تلك التفاعلات في المقام الأول.

4- حققت الشركة على مدار الـ 24 أسبوعاً التي قمنا فيها بتتبع بيانات المبيعات زيادة في الإيرادات بلغت ملايين الدولارات بين أولئك الذين شاركوا في الاجتماعات الموجّهة، فيما كانت تكلفة تنفيذ تلك التجربة أقل من 15,000 دولار.

وتشير النتائج إلى أن نظام الحوافز كان له تأثير ضئيل. في المقابل، زادت المجموعة الثالثة من العمال الذين تلقوا كلا التدخلين الإداريين من أداء مبيعاتها؛ ومع ذلك، تتبعت النتائج أداء الموظفين الذين شاركوا في الاجتماعات الموجهة فقط. وتؤكد النتائج مجتمعة أن الاحتكاكات الاجتماعية أسفرت عن نقص مشاركة المعلومات في الشركة الشريكة، مثل احتمال التعرض للإحراج أو الخجل من مطالبة زميل عمل يتمتع بأداء عال بعقد اجتماع ومناقشة استراتيجياته في العمل. باختصار، قد تُسفر التفاعلات بين زملاء العمل عن تحسين استراتيجية الذيل الطويل لدى أصحاب الأداء الضعيف، شرط أن تكون تلك التفاعلات مدروسة ومتعمدة.

وعلى الرغم من أننا أجرينا الدراسة في شركتين مختلفتين قبل جائحة "كوفيد-19"، تضم أماكن العمل الافتراضية المبادئ الأساسية نفسها؛ وقد تُسفر عن نتائج أهم. وكما أدرك الكثير منا بالفعل، قد يكون من الصعب للغاية تمييز الوقت الذي يكون فيه الزملاء العاملون عن بُعد متاحين للإجابة عن الأسئلة أو التحدث معهم على الأقل، وهو ما يجعل التواصل لطلب المساعدة أمراً يدعو للقلق. لقد تبنّت المؤسسات من جميع الأحجام تقنيات جديدة لدعم احتياجات الأعمال الأساسية في ظل انتشار الجائحة، وعلى الرغم من أن استبدال التكنولوجيا بالوجود المادي قد أسفر عن إدخال عامل جديد من عوامل الاحتكاكات الاجتماعية، خفضت التكنولوجيا أيضاً من تكلفة اعتماد الاجتماعات الموجهة الموضحة أعلاه.

ومن المهم أن تضع في اعتبارك إمكانية تنفيذ التدخلات الإدارية اليدوية نفسها التي جرى عرضها في مقر شركتنا الشريكة بشكل آلي باستخدام تطبيق "آيس بريكر بوت" (Icebreaker-Bot) الذي طورته شركة "مايكروسوفت" لمنصة "مايكروسوفت تيمز". (لم يشارك المؤلفون في تطوير التطبيق). إذ "أحدث التطبيق فارقاً كبيراً في مساعدة الفرق في أن تكون أكثر ارتباطاً واندماجاً وحيوية، وساعد في الترحيب بالزملاء الجدد والعاملين عن بُعد، وحثّهم على أن يكونوا أكثر فاعلية وقدرة على التعبير"، وذلك من خلال حجز مواعيد ضمن جداول عمل الموظفين في شركة "مايكروسوفت" لعقد اجتماعات افتراضية مع بعض زبائن الشركة، وجاء ذلك بحسب سيد أوبال، المدير الرئيس لقسم الهندسة في شركة "مايكروسوفت" ومؤسس تطبيق "ميتابلي بوت" (Meetuply bot) الذي جرى تطويره قبل تطبيق "آيس بريكر بوت".

يوجد حاجة إلى إجراء بحث مستقبلي يعزل الفوائد المرتبطة بإدارة الموارد البشرية الافتراضية؛ إلا أننا شعرنا بالتفاؤل بعد أن تمكّنا من دمج نتائجنا مع تجارب فريق "مايكروسوفت"، وازداد حماسنا بشأن مستقبل الاستفادة من الأدوات الرقمية لتعزيز التواصل الاجتماعي في مكان العمل، ومشاركة المعارف بين الموظفين، وهو ما يرفع بدوره من معنويات الموظفين ومستوى إنتاجيتهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي