إلى أين يتجه قطاع الطيران؟

5 دقائق
مستقبل قطاع الطيران

ملخص: كيف تدبرت شركات الطيران أمرها في أثناء جائحة كوفيد؟ كيف ستعيد الشركات الرابحة والشركات الخاسرة في القطاع تنظيم نفسها؟ كيف اختلفت تجربة المسافر الآن بعد عودة رحلات الطيران؟ يناقش 4 مراقبين لقطاع الطيران توقعاتهم مع مجلة هارفارد بزنس ريفيو حول موضوع مستقبل قطاع الطيران تحديداً.

 

بعد 18 شهراً من انتشار جائحة كوفيد-19، بدأ قطاع الطيران وأخيراً بالعودة إلى العمل، لكنه أصبح مختلفاً عما كان عليه بعد أن أُجبر على الدخول في سبات على مدى الأشهر الأولى من الجائحة. أجرت مجلة هارفارد بزنس ريفيو مقابلة مع جون أوسترور رئيس التحرير وكورتني ميلر المديرة الإدارية للتحليلات المحوسبة في مجلة "ذي إير كَرنت" (The Air Current)، ودان مكون وآلان لويس وهما مديران إداريان مقرهما في مدينة بوسطن يعملان لدى شركة "إل إي كيه" (L.E.K.) الاستشارية التي تتمتع بخبرة في تقديم الاستشارات لشركات طيران كبرى، وناقشت معهم التحديات والفرص التي يواجهها قطاع الطيران. تأتي هذه المقابلة بعد عام من المقابلة الأولى التي ناقشوا فيها حالة القطاع.

حوار حول مستقبل قطاع الطيران

في شهر مايو/أيار من عام 2020، اتفقتم جميعاً على أن جائحة كوفيد هي أكبر أزمة واجهها قطاع الطيران على الإطلاق. هل جرت الأمور كما توقعتم؟

ماكون: لا تزال رحلات العمل قليلة وتوقعنا ذلك، لكن رحلات الرفاهية تعافت بسرعة أكبر من أكثر توقعاتنا تفاؤلاً.

أنا شخصياً مذهول بعدد الأشخاص الراغبين في ركوب الطائرات في أثناء الجائحة.

أوسترور: كان الجميع محقون في تركيزهم على تأثير رحلات الطيران على انتشار كوفيد، لكننا قمنا بتحليل سؤال آخر؛ هل يؤثر انتشار الجائحة على رحلات الطيران؟ والجواب هو: "ليس تماماً". فالطلب ليس مدفوعاً بعدد حالات الإصابة بكوفيد، وإذا سُمح بالطيران فسوف يسافر الناس حتماً.

ميلر: كما تتوفر أدلة تشير إلى أن هذا ينطبق على دول أخرى أيضاً. فأعداد المسافرين في كندا انخفضت إلى نسبة تعادل 10% تقريباً من أعدادهم قبل الجائحة، وعندما خففت الحكومة قيود السفر ارتفعت أعداد المسافرين إلى 40% في غضون أيام، وهم بالتأكيد جميعهم يسافرون للرفاهية.

هل ستعود رحلات العمل إلى ما كانت عليه؟

لويس: سيعود بعضها، لكن كلما طالت مدة استمرار الجائحة ترسخت العادات الجديدة المتعلقة ببدائل السفر بدرجة أعمق، كالاجتماعات عبر اتصال الفيديو، وازداد عدد الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية الذين يدركون ضخامة المبالغ التي يدخرونها من ميزانيات السفر لتصبّ في الدخل الصافي؛ هذه دورة سيئة بالنسبة لشركات الطيران.

هل يمثل ذلك تهديداً لموضوع مستقبل قطاع الطيران تحديداً؟

ماكون: تهديد لربحيته؟ بالتأكيد. سمعنا أحاديث عن تعافي الأسعار، وذُكر أن شركات الطيران تساهم في توليد أرقام التضخم الهائلة التي تتحدث عنها العناوين الرئيسة، لكن على الرغم من ارتفاع أعداد المسافرين من جديد وازدياد أسعار تذاكر السفر في العام الماضي، فإجمالي عائدات رحلات العمل لا يزال أقل بكثير من معدلاته المسجلة في عام 2019 لأن هذه الرحلات ليست قائمة أساساً. ولا يزال مزيج الأسعار غير صحي بالنسبة لكيفية إدارة شركات الطيران أعمالها في العادة.

ميلر: هذا هو العنصر الأساسي. أجل، أصبحت أدنى الأسعار أعلى بكثير الآن، لذلك يعتقد المسافر العادي أن شركات الطيران في حال جيد لأن تذاكرها أصبحت أغلى بكثير. لكن رحلتك أصبحت اليوم أغلى لأن الأشخاص الذين كانوا يدعمون إتاحة التذاكر رخيصة الثمن بشرائهم تذاكر باهظة الثمن توقفوا عن تقديم هذا الدعم اليوم.

كيف ستتأقلم شركات الطيران؟

أوسترور: يجب عليها تقديم مزيج مختلف من المنتجات؛ سنشهد انتشار تذاكر الدرجة السياحية الممتازة، كما كان الحال عندما تقلصت ميزانيات السفر في الشركات بعد أزمة عام 2008، والشركات التي تعود إلى العمل بعد أن قلصت ميزانيات السفر لن ترغب في الإنفاق على تذاكر لرحلات طويلة تتضمن مقاعد مريحة تسمح باستلقاء الراكب كما كانت العادة في رحلات العمل. وبالفعل فإن التعافي ضمن شريحة الدرجة السياحية الممتازة تفوق بدرجة كبيرة على التعافي ضمن جميع الفئات الأخرى باستثناء الشرائح الاقتصادية الأساسية ذات السعر الأدنى.

لويس: المثير للاهتمام هو تسارع التوجه الذي بدأ قبل الجائحة؛ فقد كانت شركات الطيران تتوجه نحو إنشاء مقصورات متلاصقة صغيرة الحجم لرجال الأعمال وأقسام أكبر للدرجتين السياحية الممتازة والسياحية.

هل كانت برامج الإنقاذ الحكومية ذات قيمة جيدة بالنسبة لدافعي الضرائب؟ وهل تعاملت شركات الطيران مع برامج الإنقاذ على نحو مسؤول؟

ماكون: أعلم أن ثمة جدلاً دائراً يقول إنه كان من المفترض أن يحصل دافعو الضرائب على عائد أفضل على الاستثمار، أو كان علينا ممارسة ضغط أكبر لتحقيق المساواة في بعض استثمارات دافعي الضرائب. لكن قطاع الطيران في نهاية المطاف هو سلعة عامة، هو مؤسسة خدمات نستفيد منها جميعاً، وهي لا تختلف في كثير من النواحي عن النظام المالي أو شبكة الكهرباء. وأعتقد أن أول أمر عمل صدر العام الماضي كان بهدف ضمان استمرار القطاع ليس إلا، وقد حققنا ذلك.

ميلر: أوافقك الرأي. لقد اشترينا تأميناً اقتصادياً، لكن يمكنك أن تسأل: "هل دفعنا ثمناً أكبر مما يجب؟" ماذا لو لم نشتره؟

لويس: من الصعب جداً توجيه الانتقادات نظراً للغموض الذي واجهته شركات الطيران، لكننا نود لو أنها تصرفت على نحو مغاير في مسألة تعجيل تقاعد الطيارين المبكر وتسريحهم من العمل، إذ إننا نعاني الآن من نقص في أعدادهم وذلك يفاقم مشكلة إلغاء الحجوزات، فقد كان الهدف الرئيسي من برنامج الإنقاذ هو الإبقاء على الوظائف. ثمة فرصة ضائعة أخرى تتمثل في نقص التنسيق الحكومي فيما يتعلق بقيود السفر، إذ عانينا من نظام محبِط ومتغير ومجزأ وفيه تضارب كبير، لكن هذا ليس ذنب شركات الطيران.

ثمة قول مأثور قديم يقول: لا تدع الأزمة تذهب سدى، أي ابحث عن الفرص. هل شهد القطاع كثيراً من الابتكار في أثناء الجائحة؟

ماكون: كان التركيز ظاهرياً موجهاً بدرجة أكبر على النجاة والاستمرار لا الابتكار، لكن لا شك في وجود الابتكار على جانب السلامة، وهذا يشمل كل شيء بدءاً من تغطية مقاعد الطائرات بغلاف مقاوم للميكروبات وصولاً إلى تعقيم الطائرات بالضوء فوق البنفسجي وسلسلة كاملة من التطورات في تكنولوجيا تحديد هوية المسافر بالاستعانة بالسمات البيولوجية. ستتخطى جميع هذه الابتكارات الأزمة.

أضف أنه على مستوى القطاع أنشئت عشرات شركات الطيران الجديدة حول العالم. ثمة قدرة كبيرة على ريادة الأعمال وتحفيز الطموح في قطاع الطيران على الرغم من هذه الرياح المعاكسة. كما شهدنا ابتكارات أكثر في الصناعات الجوية الفضائية والأقسام الأخرى من قطاع الطيران، مثل الرحلات الفضائية التجارية والطائرة العمودية الكهربائية (eVTOL) والطائرات من دون طيار (الدرون) وما إلى ذلك.

أوسترور: في بعض الأحيان يُطلب مني تقييم أداء شركات الطيران في الأزمات، لكن في أزمة كهذه من الأفضل أن نفكر من منطلق النجاح والفشل؛ لا تزال شركات الطيران مستمرة في العمل ولم تؤمم، على مدى بضعة أشهر من العام الماضي كان يبدو أن تحقيق هذه النتيجة يحتاج إلى معجزة.

ما مشكلة كل هذه الاشتباكات التي شهدناها مؤخراً في المطارات وعلى متن الطائرات؟

أوسترور: لا أعلم إن كان ثمة جواب بسيط، ولكن سأقول الآتي: عندما تتخذ حكومة فيدرالية قرارات حول الصحة العامة، من الذي سيضطر لإنفاذها؟ يمكن القول إن أحد أسباب الغضب المنتشر بين ركاب الطائرات هو اضطرار مضيفي الطائرات للعمل كحكام في مسائل متطلبات الصحة العامة.

لا بد أن المسؤولين التنفيذيين في شركات الطائرات الخاصة يترقبون بسرور.

أوسترور: استفاد قطاع الطيران الخاص بدرجة هائلة من الجائحة. زرت مؤخراً ما يمكن تسميته "حديقة تدليل الطائرات"، وهي فعلياً معرض لمصنّعي الطائرات الصغيرة. رحلات رجال الأعمال الجوية مطلوبة جداً اليوم، لكنها تتعطل بسبب عوامل مثل الخوف من انتقال العدوى أو حالات غضب المسافرين والأهم هو تغير جداول الرحلات بسرعة كبيرة، والطيران الخاص يضمن التنقل من منطقة إلى أخرى من دون تغيير مسار الرحلة أو إلغائها، وهذا هو السبب الرئيس لجاذبيته.

ماكون: نحن نفكر في الطيران الخاص على أنه مجال تسويق محدد يخدم قاعدة من العملاء النادرين، وعلى الرغم من صحة ذلك فعدد الأشخاص الذين يملكون القدرة على السفر في طائرة خاصة يساوي أضعاف عددهم فيما مضى، وهذا يعني أن ثمة مجالاً للنمو.

لويس: أجل، وقد شهدنا ابتكارات في هذا القطاع أيضاً، سواء في العقود أو الملكية الجزئية أو نوادي الطيران، وتتوفر طرق كثيرة أخرى لاستهلاك هذه الخدمة التي لم تكن موجودة قبل 10 أعوام، وهذا ما يجعل تجريب الطيران الخاص والدخول إليه أسهل بالنسبة للعملاء.

هل فقد الطيران بريقه؟ هل لا يزال القطاع مطلوباً كمكان للعمل؟ وماذا عن مستقبل قطاع الطيران؟

أوسترور: لم تفقد شركات الطيران بريقها لأنها مستمرة بتقديم امتيازات السفر المجاني التي تتيح لك رؤية العالم، وهذا الأمر سيجذب الناس على الدوام. كما أننا نرى تطورات مثيرة للاهتمام في قطاع الطيران فيما يتعلق بالتكنولوجيات المستقبلية كالطائرات الكهربائية والسفر إلى الفضاء اللذان يشكلان نقطة جذب قوية للموظفين، لطالما كان سحر مغادرة الأرض مغرياً لكثير من الناس وأعتقد أن هذا سيستمر دوماً.

ماكون: في نهاية المطاف يتعلق مستقبل قطاع الطيران والسفر بوصل أجزاء العالم فيما بينها وسيبقى ذلك مغرياً جداً للشباب.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي