هل سبق لك أن حاولت تعلم مهارة بدنية معقدة؟ إذا كان الجواب "نعم"، فستفهم بالتأكيد ما يعنيه مستقبل التسويق والعمل في التسويق تحديداً خلال هذه الأيام.
اقرأ أيضاً: ما الفهم الصحيح للتسويق متعدد القنوات؟
عندما يحاول شخص ما تعلم مهارة مثل رياضة الجولف أو التزلج على الثلج أو رقص التانغو، فإنه عادة ما يقسّم هذه المهارة إلى عناصر مختلفة، حتى يتمكن من تعلم كل حركة من حركاتها قبل أن يجعل من نفسه أضحوكة في الملعب أو على جبل الثلج أو في حلبة الرقص، فهو يتمرن على مد رجليه والانحناء والالتفاف حتى يتقن كل مكون من المكونات الخاصة بإحدى المهارات، وبعد ذلك ينطلق ويجعل من نفسه أضحوكة في جميع الأحوال، لأن أداء سلسلة من الحركات المجمعة معاً في الواقع، أصعب بكثير من القيام بكل حركة على حدة.
مستقبل التسويق
خلال العقود القليلة الماضية، أصبح العاملون في مجال التسويق بار
عين في جمع بيانات الزبائن وفرزها واستعمالها لتحديد ما تريده شرائح هؤلاء الزبائن. لكن اليوم، تواجه الأقسام المسؤولة عن التعامل مع الزبائن التحدي المتمثل في تجميع كل هذه المهارات للتجاوب الدؤوب مع احتياجات العملاء الفورية، وفي العديد من الحالات، فإن المسؤولين عن التسويق صاروا يشبهون راقصي التانغو المبتدئين الذين يدوسون على أرجلهم أثناء الرقص. لا بل إن بعض الشركات فاقمت الأوضاع وجعلتها أسوأ من خلال إنشاء أنظمة للتجاوب الآني مع الزبائن (مثل القوائم الهاتفية)، بطرق تجعل تجربة هؤلاء الزبائن أكثر مشقة وصعوبة من ذي قبل.
قبل عقدين من الزمن، كان من غير المعقول أن تحاول الشركات التي تتعامل مباشرة مع الزبائن رصدهم والتجاوب معهم، فالتكلفة الكبيرة لتجميع البيانات وتخزينها وتحليلها منعتهم من القيام بذلك. ومع ذلك شهدت التكاليف انخفاضاً هائلاً هذه الأيام، حيث اغتنم عدد من الشركات فرصة هذا التحول وطور القدرة على الاحتفاظ بجداول للزبائن، بالإضافة إلى التجاوب معهم بسرعة. على سبيل المثال، يمكن للعديد من شركات الخدمات المالية التنبؤ بناء على سلوك زبائنها في الماضي بالمنتجات التي قد يحتاجها هؤلاء مستقبلاً.
وما تحتاج إليه الشركات التي تتعامل مباشرة مع الزبائن بصورة مثالية هو وجود نظام قابل للتكيف بوسعه تحليل قاعدة الزبائن ومعرفة المنتجات التي تحظى بشعبية كبيرة اليوم ولماذا، بل وأكثر من ذلك معرفة أفضل المنتجات التي يمكن تخصيصها لتناسب كل زبون (يكون ذلك غالباً مستنداً إلى نظام للمعلومات).
اقرأ أيضاً: ما الذي يجب على المسوقين معرفته بشأن التسويق التفاعلي؟
وأكثر من ذلك أيضاً، تحتاج هذه الشركات إلى تكييف المنتج مع احتياجات الزبون دون إزعاجه أو جعله مضطراً لاتخاذ قرار بشأن الأمر. فإذا أخذنا قطاع وسائل الإعلام، مثلاً، يمكن للشركات أن تلاحظ ما يقرأه الزبائن أو يصغون إليه، أو تجمع المعلومات حول ما يرغبون فيه أو لا يرغبون فيه، وبالتالي تعديل ما ستقدمه لهؤلاء الزبائن في وقت لاحق، حيث يعتبر "راديو باندورا" (Pandora Radio) مثالاً مبكراً على ذلك، على الرغم من أن التجربة ما زالت تعاني نقصاً كبيراً.
اعتادت الشركات هذه الأيام على التفكير في القيمة الأبدية للزبون الواحد، وهي قيمة الربح المتوقع من العميل خلال فترة عمله مع الشركة، إضافة إلى إجمالي القيم الأبدية لكل قاعدة الزبائن. لكن الأمر الجديد الذي تحاول التأقلم معه في الوقت الحاضر هو الكيفية التي يسرّع بها "تويتر" (Twitter) و"فيسبوك" (Facebook) وغيرهما من شبكات التواصل الاجتماعي، كل شيء، وخاصة أن هذه الشبكات باتت آلة ضخمة جداً لتناقل الآراء والأقوال، وهي تترك تأثيرها شبه الآني على إجمالي القيم الأبدية لكل الزبائن. فقيمة الشركة، المرتبطة ارتباطاً مباشراً بإجمالي القيمة الأبدية لكل الزبائن، يمكن الآن أن تنخفض أو ترتفع بسرعة كبيرة.
اقرأ أيضاً: من أجل الترويج للأفكار يُنصح باستخدام (التجربة الحية)
والنتيجة: هي أن المعدل الوسطي لعمر شركة من شركات "مؤشر ستاندرد آند بورز" (500) هو الآن 18 عاماً فقط. وعليه، تحتاج الشركات الضخمة إلى التحرك بطريقة أسرع وأذكى، وإلا فإن الشركات الصغيرة المجاورة لها سوف تقضي عليها بسبب مستقبل التسويق القادم.
اقرأ أيضاً: ما هي القيمة التسويقية لزرّ «أعجبني»؟