يساعدك الذكاء الاصطناعي التوليدي على توفير الوقت، ولكن بمجرد استخدامه المتكرر، فإن كلاً من عملية التحميل المتكرر لملفات الخلفية نفسها وإعادة إدخال الأوامر النصية للمهام الشائعة قد يخفض كفاءة استخدام هذه التكنولوجيا. لهذا السبب، يتيح لك العديد من منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي تصميم مساعد ذكاء اصطناعي مخصص، مثل ما تسميه أوبن أيه آي "تشات جي بي تي المخصص" (custom GPT)، وما تسميه شركة أنثروبك (Anthropic) "بروجيكت" (Project) في بوت الدردشة كلود، وما تسميه جوجل "جيم" (Gem) في بوت الدردشة جيميناي. تخزن هذه الأدوات المساعدة العناصر الواردة في الأوامر النصية التي قد ترغب في استخدامها على نحو متكرر حتى لا تضطر إلى كتابتها في كل مرة تلجأ فيها إلى المنصة لأداء المهام أو حل المشكلات المتكررة.
قد يساعدك تصميم الأدوات المساعدة على إنجاز مجموعة واسعة من المهام، كما أنه لا يتطلب معرفة تقنية خاصة أو مهارة في الترميز البرمجي. على سبيل المثال، صممت لنفسي أداة ذكاء اصطناعي مساعدة مخصصة للتسويق، مزودة بأمثلة من رسائلي الإخبارية ومقالاتي ومنشوراتي السابقة على وسائل التواصل الاجتماعي. أنا أستخدم هذه الأداة عدة مرات في الأسبوع في المهام مثل العصف الذهني لأفكار المحتوى أو اقتباس مقاطع من النشرات البريدية وتحويلها إلى منشورات قابلة للمشاركة على لينكد إن. صممت أيضاً مستشاراً افتراضياً استراتيجياً وأداة ذكاء اصطناعي تجيب عن الأسئلة المتعلقة بالدعم التقني وأداة ملخصة للأبحاث تعتمد على مجالات فرعية محددة من الأبحاث الأكاديمية والتطبيقية، بالإضافة إلى أداة تعقّب للمشروعات لأكبر مشروعاتي الجارية. استغرق تصميم أغلبية هذه الأدوات أقل من 20 دقيقة، ووفرت عليّ ساعات من العمل.
بصفتي كاتبة ومتحدثة حول أمكنة العمل الرقمية، صممت الكثير من المواقع الإلكترونية على مر السنين، يمكنني القول إن مهاراتي المحدودة في الترميز البرمجي لم تكن لها علاقة على الإطلاق بتصميم هذه الأدوات المساعدة المخصصة. اتضح لي خلال عامين من تصميم العديد من النماذج والأدوات المساعدة المدربة بتخصيص والمختلفة، بالإضافة إلى مساعدة العديد من الأشخاص على تصميم أدوات مساعدة مخصصة وتحسينها، أنه إذا كان بإمكانك وصف مشروع بلغة بسيطة أو كتابة وصف وظيفي، فلديك ما يلزم لتصميم أداة ذكاء اصطناعي مساعدة مخصصة مفيدة بالفعل.
دعنا نتحدث أولاً عن المهام التي تفيدك فيها الأدوات المساعدة، ثم عن طريقة تصميم الأداة واستخدامها.
أنواع أدوات الذكاء الاصطناعي المساعدة
هناك العديد من الاستخدامات الممكنة لأدوات الذكاء الاصطناعي المساعِدة المخصصة (كما يمكنك أن تلاحظ إن بحثت عن أدوات مساعِدة مخصصة في تشات جي بي تي شاركها الآخرون عبر الإنترنت)، ولكن سنتحدث فيما يلي عن 4 مجالات رئيسية من المرجح أن تفيدك فيها هذه الأدوات:
- الكتابة والتسويق والاتصالات. يمكن أن تساعدك أدوات الذكاء الاصطناعي المساعدة على الكتابة وإنشاء المحتوى، سواء كان ذلك في صياغة منشورات وسائل التواصل الاجتماعي أو كتابة التقارير أو إنشاء مجموعات الشرائح أو معالجة شكاوى العملاء. يتيح لك إعداد أداة مساعدة (بدلاً من كتابة الأوامر النصية الإفرادية على نحو متكرر) منح بوت الدردشة إرشادات وأمثلة يستطيع الاعتماد عليها، وذلك حتى لا تضطر إلى البحث عن هذه الإرشادات والأمثلة في كل مرة تريد فيها كتابة نص ما أو مراجعته. يمكنك الاطلاع على مثال عملي هنا.
- الأدلة الإرشادية واستكشاف الأخطاء وإصلاحها. إذا أخبرت مساعد الذكاء الاصطناعي عن مواصفات أجهزتك، فستحصل على إجابات مخصصة في متناول يدك في أي وقت يحدث فيه أي خطأ. ينطبق الأمر نفسه على المجالات الأخرى؛ إذ يمكنك تصميم أدوات مساعدة مالية أو ضريبية وأدوات مساعدة محللة للبيانات وأدلة ناطقة لصيانة السيارات وأدوات استشارية لإصلاح المعدّات، وغير ذلك. (احرص على التحقق من النصائح التي يقدمها الذكاء الاصطناعي لأنه لا يزال عرضة للهلوسة). يمكن أن يساعدك هذا النهج على تقديم الدعم للعملاء بسرعة أكبر أيضاً؛ إذ قالت إحدى محللات نجاح تجربة العملاء، روبيرتا، في ردها على استفسار أرسله موقع هارفارد بزنس ريفيو على قصة على إنستغرام حول بوتات الذكاء الاصطناعي المخصصة إنها تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي المساعدة لأتمتة استفسارات العملاء الروتينية حتى تتمكن من التركيز على أسئلة أعقد وتقديم إجابات أفضل في وقت أقصر.
- الإنتاجية وإدارة المشروعات. تفرز أدوات الذكاء الاصطناعي المساعدة المخصصة المهام وترتّبها بحسب الأولوية، كما أنها تستخرج عناصر الإجراءات من محاضر الاجتماعات وتنشئ الجداول الزمنية للمشروعات وتحدّثها. على سبيل المثال، صممت رائدة الأعمال، سارة دوب، أداة باستخدام بوت كلود بروجيكت تستخدمها كل صباح لمراجعة سلسلة من الأسئلة المتعلقة بالتخطيط ليومها، وتساعدها هذه الأداة على تحديد المهام وترتيبها وفقاً للأولوية والتفكير في الأهداف التي يجب أن تحققها فيما يتعلق بالتعلم في ذلك اليوم. مع إصدار "الوكلاء" (agents)، وهي أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على التفاعل مع البرامج والمواقع الإلكترونية نيابة عن المستخدم، ستتمكن أدوات الذكاء الاصطناعي المساعدة المعتمدة على الدردشة قريباً من الاتصال مباشرة بتطبيقات تدوين الملاحظات وجداول المواعيد الرقمية وقوائم المهام وبرامج الإنتاجية الأخرى.
- المشورة الاستراتيجية والتوجيه والتدريب. يمكنك تصميم مستشار افتراضي مفعّل دائماً يتمتع بخبرة في أي مجال تحتاج إليه، وتهيئته بنبرة التفاعل التي تناسبك، مثل مدير المهام الصارم أو المشجع، لكن خذ في الاعتبار احتمال حدوث الهلوسة. أنشأ نائب رئيس التكنولوجيا، كين رومانو، أداة مخصصة في تشات جي بي تي توجه له الملاحظات التي يسمعها كثيراً من مدرائه، واستخدمها لضبط خطة المنتج التوجيهية قبل مشاركتها مع مدرائه التنفيذيين.
يمكنك البدء من خلال تصميم أداة ذكاء اصطناعي مساعدة واحدة لمختلف الأغراض في كل مجال من المجالات الأربعة السابقة. مع ذلك، قد تلاحظ في أثناء استخدام بوت الدردشة أنك تحصل على نتائج أفضل من خلال تصميم المزيد من البوتات التي يتمتع كل منها بمجال تخصصي أضيق. على سبيل المثال، يمكنك تصميم أداة مساعدة تساعدك على كتابة رسائل البريد الإلكتروني الخدمية، وأداة أخرى تساعدك على إنشاء العروض التقديمية.
كيفية تصميم الأداة المساعدة المخصصة
بمجرد تكوين تصور لمهام الأداة المساعدة، اتبع الخطوات الأساسية الآتية لإعداد الأداة واستخدامها.
اختر منصة.
قد تحدد المنصة اعتماداً على أدوات الذكاء الاصطناعي التي توفرها مؤسستك (أو تسمح لك باستخدامها)، ولكن إذا كنت قادراً على اختيار المنصة بحرية، فابدأ بالتفكير في احتياجاتك. على سبيل المثال، تشات جي بي تي هو بوت الدردشة الوحيد حتى الآن الذي يمكنك التفاعل فيه مع أداة مساعدة مخصصة صوتياً، وضمن محادثة (أي ليس فقط باستخدام الإملاء الصوتي). إذا كنت تستخدم بوت الدردشة للكتابة، فخذ في الاعتبار أن كلود يبدو الأفضل في فهم أسلوب الكتابة (يمكنك مقارنة نماذج الكتابة هنا)، ولكن على عكس جيميناي وتشات جي بي تي، لا يتمتع كلود باتصال مباشر بالويب (ما يعني أنه يعتمد على بيانات التدريب الخاصة به فقط). إذا أردت تلخيص مستندات جوجل دوكس أو سلاسل من الرسائل في جيميل أو تحليلها، فإن جيميناي جيم مميز لأنه يتيح لك دمج هذه الموارد الرقمية بسهولة. قد تتأثر إجابات منصات الذكاء الاصطناعي أيضاً بمحتوى بيانات التدريب الخاصة بكل منها وأحكام السلامة أو الإشراف التي تخضع لها، كما تختلف المنصات والاشتراكات من حيث استخدامها للمحادثات، لذا اطّلع على هذه الاختلافات قبل اختيار منصة.
ابدأ بالتجربة.
أسهل طريقة لتصميم أداة ذكاء اصطناعي مساعدة جديدة هي إجراء جلسة دردشة عادية تقدم فيها أمراً نصياً يتضمن معلومات أساسية أو تعليمات تبنّي الشخصية التي تعتقد أن منصة الذكاء الاصطناعي ستحتاج إليها للإجابة عن سؤال أو إكمال مهمة حدّدتها (مثل "أنت مؤلف إعلانات تسويقية"). حتى مستخدمو الذكاء الاصطناعي المتمرسون يلاحظون أن الحصول على الإجابات المفيدة يتطلب التجربة والخطأ، ويمكنك تسريع العملية من خلال تقديم الكثير من الملاحظات الصريحة. ("النقاط 2 و3 و6 ممتازة، لكن النقطة 1 مسهبة للغاية والنقطتان 4 و5 تنتهكان المبادئ التوجيهية للعلامة التجارية التي عرضتها عليك"). بمجرد الحصول على نتائج جيدة، ركّز على الأوامر النصية التي استخدمتها والملاحظات التي وجّهت الذكاء الاصطناعي في الاتجاه الصحيح، واجمعها في مسودة أولى للتعليمات المخصصة لأداتك المساعدة الجديدة. (يمكنك حتى أن تطلب من منصة الذكاء الاصطناعي فعل ذلك نيابة عنك من خلال الأمر النصي: "اجمع نتائج هذه الدردشة واكتب مجموعة من التعليمات المخصصة لمؤلف الإعلانات التسويقية التي تعكس الملاحظات جميعها التي قدمتها في هذه الجلسة").
اكتب تعليمات مخصصة.
جوهر أي أداة مساعدة مخصصة هو الإرشادات التي تصوغها عند تصميمها، التي تخبر البوت من هو وما هو غرضه وما هي مهامه وكيف تريده أن ينجز عمله. اكتب هذه التعليمات بصيغة المخاطب ("ستفعل كذا")، وصِف له شخصية ("أنت محلل بيانات مهتم بالتفاصيل وتعمل لدى مدير صعب المراس لا يتسامح مع الأخطاء"، أو "أنت محرر بأسلوب غريب قليلاً، ما يعني أنك متخصص في إقناع الكتّاب بإضفاء طابع شخصي على كتاباتهم في مدونة شركتك"). صِف المخرجات التي تريد أن تولدها الأداة ("أنت تصلح مجموعات البيانات وتحوّلها إلى جداول بصيغة القيم المفصولة بفواصل (سي إس في) وتقدم نصائح مبنّدة حول منهجيات البحث"). حدد أهداف أدوات الذكاء الاصطناعي المساعدة ومؤشرات الأداء الرئيسية الاعتبارية ("هدفك هو تحديد الوفر في التكلفة"، أو "أنت تريد الحصول على أكبر عدد ممكن من العملاء المحتملين للمبيعات الواردة من كل جزء من المحتوى"). حدد نبرة الإجابات التي تريدها من خلال منح الأداة بعض الإرشادات حول الصوت.
يحدُّ بعض المنصات من عدد الأحرف التي يمكنك كتابتها في التعليمات، لذلك يجب أن تكتب التعليمات بكفاءة. أفضل طريقة لصياغة التعليمات الجيدة هي غالباً طلب المساعدة من أداة الذكاء الاصطناعي غير المخصصة. ("أنت استشاري في مجال الذكاء الاصطناعي ومهندس أوامر نصية يساعد متخصص مبيعات داخلية على تصميم أداة ذكاء اصطناعي مساعدة مخصصة تصوغ العروض الترويجية ورسائل المتابعة عبر البريد الإلكتروني ونقاط الحوار. يرجى صياغة تعليمات مخصصة تخبر الذكاء الاصطناعي أن...").
توفير ملفات المعلومات والسياق.
تصبح أدوات الذكاء الاصطناعي المساعدة المخصصة أكثر فعالية عند تزويدها بملفات مرجعية يمكنها الاعتماد عليها بصفتها أمثلة أو إرشادات أو معلومات سياقية. على سبيل المثال، مدير المشروع الافتراضي الذي أنشأته لدعمي في مشروع تقني معقد مزود برسم تخطيطي لنموذجنا الأولي والوثائق التي توفر السياق عن رؤية المشروع والخطة التوجيهية بالإضافة إلى بعض المعلومات التقنية المفصلة.
ابدأ العمل باستخدام الأداة المساعدة
لن يكون أداء الأداة المساعدة المخصصة مثالياً من البداية؛ إذ إنك ستضطر على الأرجح إلى اختبار بعض الأوامر النصية المختلفة وتحديث تعليمات الأداة وتوفير المزيد من ملفات السياق لتحصل على نتائج جيدة على نحو متسق. قدّم الكثير من الملاحظات للأداة حول النتائج السيئة والجيدة والتصحيحات التي تريدها، مع إضافة المزيد من الملفات التي قد تكون مفيدة بصفتها أمثلة أو تلك التي توفر السياق. راجع التعليمات الأساسية بمجرد تحديد الملاحظات التي تحسّن الأداء، كما يمكنك أن تطلب من الأداة كتابة مراجعاتها الخاصة بناءً على كيفية سير الجلسة.
سيؤدي قضاء الوقت والموارد الأخرى في زيادة دقة الأداة المساعدة وفعاليتها باستمرار إلى تحقيق فوائد كبيرة من حيث توفير الوقت وجودة النتائج. عندما تستخدم الذكاء الاصطناعي في جلسات إفرادية، قد ترغب في إعادة النظر في موضوع ما وإضافة أوامر نصية حوله عدة مرات للاستفادة من المعرفة التي قدمتها له. لكن من المرجح أنك ستلاحظ أنه إذا طالت محادثة ما بما فيه الكفاية، فسيبدأ بوت الدردشة "بنسيان" المعلومات التي قدمتها إليه، أو سيرسل لك تحذيراً. لكن عند استخدام أداة مساعدة مخصصة مزودة بملفاتك وتعليماتك، يمكنك بدء سلسلة رسائل جديدة لكل جلسة عمل.
بمجرد تصميم أداة ذكاء اصطناعي مساعدة مخصصة وفعالة تدعم عملك، ستقضي وقتاً أقل في صياغة الأوامر النصية ووقتاً أطول في استخدام الذكاء الاصطناعي لإنجاز مهامك الأساسية.