نموذج تعليمي يساعدك على تطوير مهارات موظفيك بكفاءة عالية

5 دقيقة
70/20/10
ستيف تشن/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لن يتأثر مستقبل العمل بالتكنولوجيا، بل بالقدرة على خلق المزيج الصحيح الذي يجمع ما بين التعليم النظري والاحتكاك المباشر والخبرة العملية اللازمة لتطوير المهارات وتطبيقها في العمل، ما يخلق مكان عمل واقتصاداً أكثر إنتاجية إلى حدٍّ كبير. في هذه المقالة، ينصح المؤلفون بالنموذج التعليمي “70/20/10” الذي يشير إلى أن التعلُّم يُكتسب بنسبة 10% من التعليم الرسمي (التعليم النظري) وبنسبة 20% من التعلم الاجتماعي أو التوجيه (الاحتكاك المباشر)، وبنسبة 70% من التدريب العملي والممارسة التجريبية المصحوبة بالآراء التقييمية (الخبرة العملية). وباعتماد هذا النموذج، يمكن للمؤسسات ضمان عدم فهم الموظفين للمهارات الجديدة فحسب، وإنما قدرتهم على تطبيقها بفعالية في سياقات مختلفة. ومن المستغرب أن القوام الرئيسي للتعلّم البالغ 70% الذي يعتمد على التعلّم في أثناء سير العمل هو ما يتعرّض للإهمال في أغلب الأحيان، على الرغم من أنه أهم الأساليب التعليمية المطلوبة لاكتساب المهارات اللازمة لتحقيق النجاح في المستقبل.

في الحقب التي تشهد أحداثاً مزعزعة، ثمة استراتيجية وحيدة قابلة للتطبيق تتلخص في القدرة على التكيُّف، وهي القاعدة التي تنطبق بحذافيرها وبدرجة غير مسبوقة على الأوضاع السائدة اليوم؛ فمنذ جيل مضى، كان عمر النصف لقيمة المهارة نحو 26 عاماً، أما الآن فعمر النصف يقل عن 5 أعوام في أغلب الأحيان؛ ومن ثم فليس من المستغرب أن تضخ الشركات على مستوى العالم استثمارات بقيمة تتجاوز 380 مليار دولار في برامج التعلّم والتطوير هذا العام.

ومع ذلك، يتعين علينا أن نبذل جهوداً أفضل؛ لأننا نعلم يقيناً أن المهارات المتعلقة باستراتيجيات التصنيع الرشيق والتطوير المرن والتغلب على الانحياز اللاإرادي، على سبيل المثال لا الحصر، لم تُعتمَد بالدرجة الكافية في معظم المؤسسات، على الرغم من استمرار المحاولات لعقود من الزمن لاعتمادها وتطبيقها في مجال الأعمال. في الواقع، وجد تقرير صدر مؤخراً عن شركة ماكنزي أن 87% من الشركات التي شملتها الدراسة تتوقع تعرُّضها لفجوة في المهارات في السنوات الخمس المقبلة.

لا يكمن الحل في زيادة جرعة التدريب؛ إذ لا يمكننا ببساطة إرسال الموظفين إلى ورش عمل تركز على الكفاءة الرائجة في الوقت الحالي، أياً كانت هذه الكفاءة، ونتوقع الحصول على نتائج إيجابية. تكمن الفكرة الأساسية في إعداد استراتيجيات متماسكة تستند إلى المهارات. ويتعين علينا أن نفكر بجدية في المهارات المحددة التي ينبغي استهدافها ومَنْ يتعين عليه أن يتعلمها والمزيج المناسب من التعليم النظري والخبرة العملية والاحتكاك المباشر الذي سيكون فعّالاً لإنشاء مؤسسات قائمة على المهارات التي نحتاج إليها لمواجهة تحديات المستقبل.

على سبيل المثال، استثمرت شركة بي كيه وير (PKWARE) للبرمجيات، حينما كان تود يشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي، أكثر من 1% من إيراداتها في التدريب على المبيعات الذي يركز على توافق الفريق حول عملية معيّنة. وعلى الرغم من ارتفاع المستوى التعليمي للموظفين، باءت هذه التدريبات بالفشل الذريع وعجزت عن تحقيق الأثر المتوقع منها؛ لأن الموظفين لم يتلقوا التوجيه والتدريب في الوقت الحقيقي باستمرار، وهو ما كانوا يحتاجون إليه للحفاظ على التحسينات الأولية.

قارن ذلك بما حدث في شركة وايبرو (Wipro) التي كان أبيجيت يشغل فيها سابقاً منصب الرئيس التنفيذي للتعلم؛ حيث تلقى قادة الشركة من وحدة التأمين التدريب على مهارة محددة، ألا وهي رواية القصص. فما كان من المسؤولين التنفيذيين إلا أن توجّهوا إلى مهرجان أدبي احتكوا خلاله برواة قصص محترفين على مدار 3 أيام، كما حضروا كل ليلة ورشة عمل منظمة ساعدتهم على معالجة ما كانوا يلاحظونه. وبعد عودتهم إلى مقر العمل، كانوا يتلقون توجيهات مستمرة من الأقران لفترة طويلة، وشُجعوا بدورهم على تدريب فِرقهم على رواية القصص. لم يساعد هذا على نشر المهارات فحسب، بل أتاح الفرصة أمام القادة لتعميق مستوى كفاءتهم في أثناء تعليمهم للآخرين أيضاً. وماذا كانت النتيجة؟ تحسُّن كبير في الصفقات الرابحة وزيادة كبيرة في نمو الإيرادات.

يشير أندرز إريكسون، الذي قضى عقوداً من الزمن في إجراء الأبحاث حول الخبرة العملية، إلى أهمية الممارسة المدروسة في الوصول بالأداء الاحترافي إلى أعلى المستويات العالمية. ومن هنا لا يكفي تلقي التعليمات فحسب، بل يجدر بك أيضاً ممارسة المهارات وتحديد الجوانب التي تحتاج إلى التحسين وتلقي التدريب. وهذا المزيج من التعليم النظري والخبرة العملية والاحتكاك المباشر هو الذي يؤدي إلى تحسين مستوى الأداء.

النموذج التعليمي “70/20/10

إذا كان لمؤسساتنا أن تتعلم المهارات اللازمة للفوز بالمستقبل، فإننا نوصي بالنموذج التعليمي “70/20/10” الذي يتضمن التعليم النظري والخبرة العملية والاحتكاك المباشر. وإليك آلية عمله:

التعليم الرسمي (التعليم النظري) بنسبة 10%: يتضمن هذا الجزء من استراتيجية التعلّم خوض تجارب تعليمية منظمة، مثل ورش عمل رواية القصص التي حضرها المسؤولون التنفيذيون في شركة وايبرو ليلاً. ثمة أمثلة أخرى تشمل حضور حلقات دراسية عبر الإنترنت (ويبينار) أو دورات تعليمية حضورية تركز على مهارات محددة.

التعلم الاجتماعي (الاحتكاك المباشر) بنسبة 20%: ينطوي مفهوم التعلم الاجتماعي على فكرة التعلم من الآخرين. وهذا هو الدور الذي لعبه رواة القصص المحترفون في مثال شركة وايبرو الذي أشرنا إليه آنفاً. ثمة خيارات أخرى تشمل التوجيه أو التدريب أو التفاعلات المشتركة بين الأقران. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي إعداد برنامج توجيهي داخل المؤسسة إلى مساعدة الموظفين على التعلّم من زملائهم الأكثر خبرة، كما يمكن استخدام الأنشطة المنتظمة التي ترتبط ببناء الفريق في تعزيز ثقافة التعلّم المستمر والمساعدة على تحسين المهارات.

التعلّم في أثناء سير العمل (الخبرة العملية) بنسبة 70%: هذا هو أهم جزء في استراتيجية التعلّم، وينطوي على التعلّم في أثناء العمل من خلال خوض التجارب في الحياة الواقعية وأداء مهام عملية. على سبيل المثال، يمكن للموظفين تحسين مهاراتهم في حل المشكلات من خلال العمل في مشاريع معقدة. يمكن أن تسهم جلسات الآراء التقييمية المنتظمة في مساعدة الموظفين على التفكير في أدائهم وتحديد الجوانب التي تحتاج إلى التحسين. وعندما واصل المشاركون في ورشة عمل رواية القصص تعليم زملائهم وتطبيق ما تعلموه في الكلمات الترويجية التي يلقونها لعرض أعمالهم، اكتسبوا خبرة عملية لا تُقدَّر بثمن صقلت مهاراتهم في رواية القصص.

يختلف هذا تمام الاختلاف عن أساليب التعلّم التقليدية المتبعة في الشركات التي تركز في المقام الأول على تدريس المواد التعليمية في فصول دراسية على غرار ما يحدث في برامج ماجستير إدارة الأعمال، مثل النهج الذي اشتهرت به شركة جنرال إلكتريك في معهد التطوير الإداري (Management Development Institute) في كروتونفيل خلال حقبة جاك ويلش. لتحقيق النجاح في النموذج التعليمي “70/20/10″، يتعين على المدراء أن يؤدوا دوراً إيجابياً باعتبارهم مدربين يعملون على توجيه موظفيهم لتحسين مستوى الأداء، لا مشرفين يسعون إلى فرض إرادتهم على مرؤوسيهم بحكم ما يمتلكونه من نفوذ. ويتعين على مسؤولي أقسام التعلم والتطوير في الوقت نفسه عدم الاكتفاء بإعداد المقررات الدراسية؛ فهم مطالبون بالتعاون بقوة مع قادة الشركة لتصميم بيئات تعليمية ذات طابع شخصي. يجب أن يكون التعلم شاملاً ومستمراً وتعاونياً.

على سبيل المثال، في إطار مبادرة إقليمية لتنشيط سوق العمل في منطقة تكساس بانهاندل، سعى بنك التجارة (BOC) إلى مساعدة مدرائه على الانتقال من النظر إلى أدوارهم باعتبارهم مختصين بتقييم مستوى الأداء إلى مدربين مختصين بتحسين المهارات. لم يبدأ أعضاء فريق التعلم والتطوير بخطة تعليمية موجودة مسبّقاً، ولكنهم خصصوا أولاً وقتاً لتجاذب أطراف الحديث مع القادة لتحديد المهام اللازمة لتحسين مستوى الأداء. قُسّمت بعد ذلك هذه المهام إلى مهارات يجب على الموظفين الأفراد تعلمها، ووجّه فريق التعلم والتطوير مدراء البنك في أثناء توليهم زمام المبادرة لتدريب موظفيهم من خلال خطط التعلم ذات الطابع الشخصي، باستخدام نموذج 70/20/10. وفي غضون 9 أشهر، بدؤوا رؤية نتائج قابلة للقياس فيما يتعلق بمعايير الأعمال القياسية للبنك. وقال الرئيس التنفيذي للبنك، أليكس أوبراين: “يسهم اعتمادنا لنموذج 70/20/10 مباشرة في تعزيز قدرتنا على الابتكار، ما يمكّننا من بناء برمجيات أساسية غير مسبوقة تميّزنا في القطاع المصرفي.

وإذا أردنا التنافس من أجل تحقيق النجاح في المستقبل، يتعين علينا أن نتحول من عقلية “الحرب من أجل استقطاب المواهب” إلى عقلية تستند إلى المهارات. الموهبة ليست خاصية فطرية يمكن للشركات جذبها والمزايدة عليها، ولكنها قدرة تحتاج إلى البناء، وعلى أي حال فأهم المهارات المطلوبة في المستقبل ليست موجودة بعد. وبالطريقة نفسها التي يستثمر بها أصحاب رؤوس الأموال المغامرة في المحافظ الاستثمارية للشركات ويديرونها، يجب على قادة الشركات متابعة المحافظ الاستثمارية للمهارات والتخلص من بعضها مما عفاه الزمن، في الوقت الذي يضاعفون فيه استثماراتهم في مهارات أخرى بدأت تؤتي ثمارها.

لن يتأثر مستقبل العمل بالتكنولوجيا، بل بالقدرة على خلق المزيج الصحيح الذي يجمع ما بين التعليم النظري والاحتكاك المباشر والخبرة العملية اللازمة لتطوير المهارات وتطبيقها في العمل، ما يخلق مكان عمل واقتصاداً أكثر إنتاجية إلى حدٍّ كبير.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .