سؤال بسيط لمساعدة فريقك على فهم ماهية النجاح

6 دقيقة
النجاح
shutterstock.com/NicoElNino
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: على الرغم من الأهمية الكبيرة للسؤال التأسيسي “كيف نحقق النجاح خلال سنوات محددة؟”، لا يتمتع معظم الفرق التنفيذية بإجماع حوله. التحدي الرئيسي في هذا الصدد هو بلورة فهم مشترك لماهية النجاح بالنسبة للفريق، ومن ثم مواءمة جهوده وموارده واستراتيجياته مع هذه الأهداف المشتركة. يقدم المؤلفان في هذه المقالة إرشادات للقادة حول كيفية التحضير لقيادة مناقشات بنّاءة مع فِرقهم لتحديد ماهية النجاح.

“تخيّل أننا نحتفل في ليلة رأس السنة لأن المؤسسة أنهت عاماً استثنائياً: ما الإنجازات التي حققناها ونحتفل بها، وكيف يمكننا تقييم هذه النجاحات؟”

هذا السؤال الخاص بالاحتفال، هو أول سؤال نطرحه عادة في أثناء المقابلات مع بدء عملية بلورة الاستراتيجية. لقد طرحنا هذا السؤال على مدى أكثر من 3 عقود على آلاف المسؤولين التنفيذيين وأعضاء مجالس الإدارة على مستوى العالم، بدءاً من الشركات المتعددة الجنسيات المدرجة في قائمة فورتشن 500 وحتى الشركات الألمانية المتوسطة والصغيرة الحجم وانتهاءً بالمؤسسات غير الربحية، طالبين منهم تعريف معنى النجاح لمؤسساتهم بعد سنة إلى 10 سنين مقبلة.

وكشفت إجاباتهم باستمرار عن حقيقة صادمة: لا تتفق غالبية الفرق حول ما يعنيه النجاح، وحتى إننا لم نصادف فريقاً واحداً يتمتع جميع أعضائه برؤية متسقة تماماً حول ما يستحق الاحتفال به. في حين أن الإجابات الأولية تركز أحياناً على بعض المقاييس الأساسية مثل الإيرادات والربحية، تظهر اختلافات ملحوظة عندما يوضح القادة معاييرهم الفردية التي تبرر الاحتفال بالنجاح.

لا يخفى على أحد أن وجود رؤية مشتركة للمستقبل جانب مهم جداً لوضع توجه استراتيجي متماسك لأي مؤسسة. فعواقب عدم التوافق وخيمة وتؤدي إلى التضارب الاستراتيجي والصراعات الداخلية وعدم كفاءة تخصيص الموارد وشلل عملية صنع القرار وبطء الاستجابة لتغيرات السوق، من بين مشكلات أخرى.

بما أن العام الجديد بدأ، فهذا هو الوقت المثالي لإشراك فريقك في تحديد ماهية النجاح هذا العام وفي المستقبل. إليك كيفية التحضير لهذه المناقشة التي ستحدد خلالها ما يعنيه النجاح مع فريقك وقيادتها.

قبل بدء المحادثة

يتطلب التحضير لمناقشة ما يعنيه النجاح بعض الأعمال التحضيرية. فيما يلي خطوتان يجب اتخاذهما مسبّقاً:

1. اطرح سؤال الاحتفال على كل فرد على حدة

ابدأ بسؤال كل عضو في الفريق إفرادياً سؤال الاحتفال، إما من خلال مقابلة وإما من خلال استقصاء.

يثير ربط النجاح بحدث احتفالي، مثل احتفال رأس السنة، بين أعضاء الفريق استجابة أكثر أصالة وعاطفية في بعض الأحيان. إذ يحوّلَ هذا النهج تركيز الموظفين بعيداً عن الاعتبارات المتعلقة بالميزانية أو نظام التعويضات، ما يعزز التفكير الأصيل والإبداعي والشامل حول الغايات المنشودة والإنجازات. ومن خلال جمع الاستجابات النوعية والكمية، يمكن أن تساعد المناقشات اللاحقة الفريق على التوصل إلى مجموعة أكثر تحديداً من التطلعات.

2. حلل الاستجابات

قبل مناقشة النتائج مع الفريق، نظّم الإجابات في موضوعات عامة مثل نمو الإيرادات والربحية والتوسع العالمي والابتكار والثقافة، سيساعدك ذلك على تحديد وجهات النظر المتوافقة والاختلافات مقدماً.

يمكن تقسيم الاختلافات بين أعضاء الفريق إلى 3 فئات عادة:

الهدف المشترك نفسه، أهداف فردية مختلفة 

غالباً ما تركز الاستجابات النموذجية على مجالات مثل الأداء المالي ومشاركة العميل، لكن الأهداف المحددة تختلف إلى حد كبير. على سبيل المثال، حدد أعضاء فريق الإدارة العليا في شركة تقدم خدمات المعلومات وتبلغ قيمتها 10 مليارات دولار أهدافاً للإيرادات خلال 3 سنوات تراوحت بين “مضاعفة الإيرادات” إلى “تحقيق نمو متواضع بنسبة 4-5%” بصفتها أسباباً للاحتفال. كشف هذا التباين، حتى مع وجود هدف للإيرادات للسنوات الثلاث المقبلة مضمنٍ في خطة التعويضات التحفيزية، عن فجوة كبيرة بين الأهداف الرسمية للفريق والتصورات الفردية لنجاح الإيرادات.

الهدف نفسه، تفسيرات مختلفة 

قد تتفق الفِرق على هدف مثل “التوسع على المستوى العالمي”، ولكنها تفسره بطرق مختلفة. على سبيل المثال، اتفق الرئيس التنفيذي والمرؤوسون المباشرون في إحدى شركات خدمات الموارد البشرية على التوسع على المستوى العالمي بصفته هدفاً مشتركاً، ولكن تصوراتهم حول ما يعنيه هذا الهدف كانت متباينة إلى حد كبير. وقد كشفت مناقشة لاحقة، حول إذا ما كان المقصود من “التوسع على المستوى العالمي” خدمة العملاء غير الأميركيين في أسواقهم المحلية أو دعم العملاء الحاليين المتعددي الجنسيات المقيمين في الولايات المتحدة في مناطقهم المختلفة، عن وجهات نظر متباينة لمعنى النجاح. لقد كشف سؤال الاحتفال، بعد مرور أشهر من اتفاق أعضاء مجلس الإدارة على هدف التوسع على مستوى العالم، عن اختلافات كبيرة في وجهات النظر الفردية حول ما يعنيه هذا الهدف.

أهداف مختلفة 

غالباً ما يكون لأعضاء الفريق وجهات نظر مختلفة حول تعريف النجاح. على سبيل المثال، تراوحت وجهات نظر القادة في فريق يعمل في قطاع الملابس، الذي يتمتع بعقود من الخبرة المشتركة، حول المؤشر الرئيسي للنجاح المالي بين التركيز على نمو الإيرادات وتعظيم الأرباح والحفاظ على تصنيف ائتماني مرتفع. يسلّط ذلك الضوء على صعوبة مواءمة الأولويات حول النجاح المشترك، فالنتائج الثلاث جميعها لها مزاياها، ولكن كيف يجب ترتيبها بحسب الأولوية عندما تكون المقايضات ضرورية؟

في أثناء المحادثة

لمواءمة الفريق، يجب التفكير بعناية في العملية في أثناء الاجتماع، خاصة إذا أظهرت إجاباتهم اختلافات كبيرة في وجهات نظر أعضاء الفريق. فيما يلي بعض النقاط التي يجب مراعاتها:

1. تأكد من وجود فهم مشترك بين أعضاء الفريق

قد يفتقر المسؤولون التنفيذيون المخضرمون أيضاً إلى فهم متسق لاتجاه الشركة. يجب أن تحرص في بداية المحادثة على إطلاع الجميع على أحدث البيانات المهمة مثل معدل النمو وتوزيع الإيرادات بحسب المنتج والجغرافيا والرؤى المُستخلصة من استقصاءات الموظفين. فإذا اقترح أحد الأشخاص هدفاً لنمو الإيرادات بنسبة 15% واقترح آخر نمواً بنسبة 3% على سبيل المثال، فإن فهم كيفية ارتباط هذه المقترحات بالأرقام السابقة والمتوقعة لنمو الإيرادات يمكن أن يوفر سياقاً قيّماً.

2. تعاون مع الفريق في مراجعة الإجابات

راجع إجابات سؤال الاحتفال مع أعضاء الفريق، مع الإشارة إلى القواسم المشتركة والاختلافات في المواضيع التي حددتها سابقاً. تعمق في المجالات التي يكون فيها للإجابات المتشابهة أهداف محددة مختلفة، وحيث تحمل الإجابات تفسيرات أساسية مختلفة (مثل التوسع عالمياً)، وحيث تختلف وجهات النظر. سيؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى مناقشة المقايضات.

على سبيل المثال، قد تؤدي جهود جذب العملاء في شركة سريعة النمو إلى تقويض الربحية في نهاية العام. وبالمثل، قد يؤدي إعطاء الأولوية لتسريع وقت الاستجابة إلى تعزيز رضا العملاء، ولكن قد يؤثر ذلك سلباً في التكاليف أو الجودة. لا تحاول معالجة هذه المقايضات في هذه المرحلة، ولكن الاطلاع على البيانات يتيح للمجموعة مناقشة ماهية هذه المقايضات علناً وبموضوعية.

3. ضع رؤىً مختلفة لما سيكون عليه النجاح

قسّم المجموعة إلى فرق أصغر مكونة من عضوين إلى 5 أعضاء، ثم امنح كلاً منها نحو 20 دقيقة لمناقشة السؤالين الرئيسيين التاليين والإجابة عنهما:

  • ما تعريفكم لنجاح الفريق؟ يجب أن تكون الإجابة عبارة عن 3 إلى 5 عبارات موجزة ووصفية وتركز على الهدف.
  • ما المقياس/المقاييس أو الهدف/الأهداف المحددة التي تقترحونها؟

في جوهر الأمر، ستعمل كل مجموعة صغيرة على صياغة إجابة جماعية جديدة “منقّحة ومحسّنة” عن سؤال الاحتفال. اطلب من كل فريق فرعي مشاركة أفكاره مع بقية المجموعة. كلّف ميسّراً بجمع الأفكار من المجموعات الصغيرة وتوحيدها وإدارة المناقشة الجماعية.

4. حدد كيف سيكون النجاح من خلال تحديد المقاييس والأهداف

غالباً ما تكشف مراجعة الاستجابات الجماعية المستخلصة من التمرين الفرعي عن صورة معقدة وأحياناً مشوشة، لذلك هناك حاجة إلى إجراء مزيد من التنقيح وترتيب الأولويات.

ابدأ بالمقاييس أو الفئات. اطلب من الفريق بأكمله تضييق نطاق اختياراته من خلال طرح السؤال الآتي: “ما المقاييس الثلاثة أو الخمسة الأهم لتحديد النجاح خلال السنوات المحددة المقبلة؟”. هل يجب التركيز على الإيرادات؟ الأرباح؟ رضا العملاء؟ اكتساب عملاء جدد؟  استبقاء الموظفين؟

لقد اكتشفنا أن استطلاع الرأي المباشر أداة فعّالة جداً لجمع الآراء والتفضيلات بسرعة ودون الكشف عن هوية المستطلعين. يمكنك بدلاً من ذلك عرض الخيارات على لوحة حائط والطلب من المشاركين وضع نقاط على الخيارات التي اختاروها بصفته نهجاً أوضح وأكثر تفاعلية. على هذا النحو، ومن خلال مطالبة الأفراد باختيار المقاييس الثلاثة أو الخمسة الأهم، يمكن للمجموعة تضييق نطاق قائمة الخيارات بسرعة إلى مجموعة أكثر قابلية للإدارة.

ذكّر المجموعة أنه على الرغم من أنه سيكون لكل مسؤول تنفيذي وفريقه أهداف وظيفية أو إدارية محددة، يجب أن ينصب تركيز المجموعة على تحديد النتائج الرئيسية لتقييم النجاح الجماعي للفريق بحلول نهاية العام.

وبمجرد تحديد مقاييس النجاح، يتبع ذلك بطبيعة الحال نقاش حول الأهداف؛ أي النتائج الكمية التي ستشير إلى النجاح. كيف سنحدد بموضوعية إذا ما كنا قد حققنا أهدافنا؟ ما الأرقام المستهدفة المحددة؟ ربما لا يتوصل الفريق إلى توافق كامل في هذه المحادثة الأولى، ولكن نطاق النتائج المحتملة سيضيق إلى حد كبير بالتأكيد مع نهاية الاجتماع.

5. اتفق على الخطوات التالية

بحلول نهاية هذه المحادثة، سيكون فريقك متوافقاً على نحو أفضل حول ما يشكّل النجاح، ولكن من المحتمل أن تكون هناك حاجة إلى بذل جهود إضافية لتحسين الاستجابة الجماعية، فقد تكون هناك حاجة إلى إجراء مزيد من التدقيق في واحد أو اثنين من المقاييس، أو مستهدفات تتطلب التحديد والتحقق من صحتها. كلِّف أفراداً في نهاية الاجتماع بمعالجة هذه القضايا ورفع التوصيات إلى الفريق لإجراء مناقشة لاحقة لوضع اللمسات الأخيرة على رؤية الفريق للنجاح.

تجب مراعاة 3 نقاط عند العمل على مواءمة رؤية الفريق للنجاح

1. حافظ على التركيز

غالباً ما تتوصل الفرق إلى قائمة طويلة من المقاييس، ما يُصعب مهمة تمييز ما يحمل أهمية حقيقية منها، لذلك شجّع الفريق على وضع أهداف واضحة والحد من عدد المقاييس.

على سبيل المثال، عبّر القادة في إحدى شركات الخدمات المالية، التي تبلغ قيمتها 5 مليارات دولار، عن رؤيتهم للنجاح من خلال 4 “موضوعات فائزة” يرتبط كل منها بمقياس أو مقياسين محددين.

كيف نقلت إحدى الشركات رؤيتها للنجاح؟

ركّزت على 4 “موضوعات فائزة” لكل منها مقياس أو مقياسان محددان.

الموضوعات الفائزةمقاييس النجاح
تحقيق نمو مالي رائد في القطاعالفئة: الأداء

* الإيرادات: 7 مليارات دولار
* الهامش: 40%
التحول إلى مركز عالمي قوي للمعلومات والرؤىالفئة: مختلط

* الإيرادات من خارج الولايات المتحدة: 50%
* إيرادات التحليلات المحوسبة: 33%
تقديم تجربة عميل متميزةالفئة: العملاء

* صافي نقاط الترويج: 50
تعزيز المشاركة الواسعة لأعضاء الفريقالفئة: الموظفون

* إدراج الشركة في قائمة كرين لأفضل أماكن العمل

2. اتبع نهجاً متوازناً على غرار إدارة المحفظة

تعامل مع مقاييس النجاح مثل محفظة استثمارية. قد تكون المقايضات ضرورية، لكن التأثير الكلي لهذه المقاييس يوفر في نهاية المطاف رؤية شاملة لنجاح المؤسسة. عادة ما تتضمن محفظة المقاييس الشاملة مقاييس متنوعة في مجالات رئيسية مثل التمويل ورضا العملاء وأداء الموظفين والابتكار وسمعة العلامة التجارية.

3. فكر في التحدي الذي ينتظرك

تُتاح للقائد في سياق عمل المجموعة خلال هذه العملية فرصة فريدة لتحديد مستوى الطموح الذي يريد غرسه في عقلية الفريق. بعبارة أخرى، إلى أي حد يجب أن تتجاوز طموحات الفريق قدراته الحالية؟ من المرجح أن تتطلب الرؤية الأسمى للنجاح اتخاذ إجراءات أكثر طموحاً وحزماً لسد فجوة النمو، في حين قد يكون تعريف النجاح الذي ينطوي على خطوات صغيرة وتدريجية قابلة للتحقيق ملائماً لفريق يحتاج إلى التشجيع والتعزيز.

يجسد سؤال الاحتفال بفعالية مبدأ ستيفن كوفي الذي يقول “ابدأ مع وضع نهاية في الاعتبار”، وبغض النظر عن أنه سؤال يُطرح لمرة واحدة، اكتشفنا أنه يحفز الحوار المستمر الذي يُعد جانباً بالغ الأهمية لتوحيد الفريق حول رؤية مشتركة للنجاح. غالباً ما تواجه فرق العمل أهدافاً متعددة، وقد تكون متضاربة في بعض الأحيان. وفي هذا الصدد، يُعد سؤال الاحتفال طريقة مثالية لبدء التعاون مع فريقك حول تحديد رؤية واضحة ومشتركة حول ما يعنيه النجاح وتوحيدها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .