ملخص: ليس من الممكن دائماً مساعدة الأشخاص الذين نشرف عليهم على تحديد أهدافهم المهنية والعمل على تحقيقها. ولكن من المهم توافر شعور بالغاية ووجود دافع لتحقيق أهدافنا المهنية، ولذلك عندما نساعد موظفينا لتتوفر لديهم المشاعر والدوافع ذاتها، عندها يمكن أن نُحدث فارقاً في حياتهم ونجاحهم المهني بطريقة فعالة. تعرض المؤلفة في هذه المقالة استراتيجيات يمكن للمدراء استخدامها في مساعدة الموظفين على تحديد أهدافهم المهنية عندما يديرون موظفاً غير متأكد من مساره المهني: 1) ساعدهم على تحليل الأنماط لاكتشاف ما يبرعون فيه، 2) وسِّع نظرتهم إلى العالم، 3) لا توجههم بقوة.
يرغب أفضل القادة في مساعدة موظفيهم على التطور وتحقيق أهدافهم المهنية. ولكن ماذا لو كان موظفك لا يعرف ما يريده في الواقع؟ في هذه الأيام، لا تزال المسارات المهنية في العديد من الشركات غير واضحة المعالم، ولذلك من المحتمل أن يلجأ إليك بعض موظفيك لتوجيههم. فهل يجب أن يحاولوا الانتقال إلى دور إداري أم يجب أن يظلوا مساهمين فرديين؟ وهل يجب أن يسعوا إلى الحصول على فرصة عمل في الخارج؟ وهل يجب أن ينتقلوا إلى مجال وظيفي مختلف قد يكون أكثر ملاءمة لاهتماماتهم؟
موظفوك هم بالطبع أفضل مَن يحكم على ما يبدو مناسباً لمستقبلهم. ولكن إذا لم يكونوا متأكدين، فهناك خطوات يمكنك اتخاذها لدعمهم. أوضّح فيما يلي كيفية مساعدتهم على تحديد الأهداف المهنية التي تبدو ذات معنى وتحفيزية.
ساعدهم على تحليل الأنماط لاكتشاف ما يبرعون فيه
لا يعرف كثير من الموظفين الأمور التي تثير "شغفهم" تحديداً، وبصراحة يُعد تحديدها صعباً إلى حد ما. لكننا جميعاً ندرك ما نحبه أو ما نجده مثيراً لاهتمامنا. وكما أصف في كتابي "اللعبة الطويلة: كيف تصبح مفكراً خالداً في عالم فانٍ" (The Long Game: How to Be a Long-Term Thinker in a Short-Term World)، التركيز على السؤال عن كيفية "التحسين لجعل الحياة أكثر متعة" يُعد أمراً ذا قيمة لأننا نادراً ما نأخذ الوقت الكافي للتفكير في تفضيلاتنا وفهم ما تعنيه لتطلعاتنا المهنية على المدى الطويل. لذا، ساعد موظفيك على التفكير في هذا الأمر ملياً من خلال سؤالهم عن أكثر ما يستمتعون به في دورهم الحالي وعن أقل ما يستمتعون به أيضاً، وعن الجوانب الجديدة التي تثير فضولهم.
قد يكون من المفيد أيضاً مناقشة الجوانب التي عادة ما يبرعون فيها. ربما يعرف بعض العاملين نقاط قوتهم بالفعل (من تجربة سابقة، أو من تعليقات الزملاء والعملاء)، ولكنها قد تكون مجهولة لكثير من العاملين، لذلك لا تتردد في الإشارة إلى الجوانب التي تعتقد أنهم يتمتعون فيها بقدرات خاصة. وغالباً ما يكون تحديد نقاط قوتهم (المسلَّم بها) أصعب من تحديد نقاط ضعفهم (التي تبدو واضحة تماماً)، لذا فإنك ستقدم لهم معروفاً بمساعدتهم على إدراكها. وبناءً على إجاباتهم والتفضيلات التي أوضحوها، ستتمكن من اقتراح الخطوات والمسارات المنطقية التالية التي يمكنهم استكشافها.
على سبيل المثال، قد يكتشف موظف أنه يحب تقديم العروض التقديمية وأنه بارع في ذلك. لكنه قد لا يكون على دراية بالفرص المتاحة في شركتك للاستفادة من هذه المهارة، لا سيما إذا كانت خارج نطاق العمل الذي يقوم به الآن. وبذلك يمكنك تشجيعه على البحث في وظائف المبيعات، وإذا كان يحب السفر أيضاً فيمكنك توجيهه نحو الوظائف في مجال تطوير الأعمال التجارية الدولية أو مجال العلاقات الحكومية حيث ستتاح له الفرصة لترويج شركتك في مناطق جديدة ضمن خطتها التوسعية.
وسِّع نظرتهم إلى العالم
استكشاف الموظفين لاهتماماتهم سيساعد بعضهم على اكتشاف الجوانب التي يبرعون فيها والأشياء التي يجدونها أكثر إثارة للاهتمام والاتجاهات المستقبلية المحتملة، ولكن ربما لم يتعرض البعض الآخر لما يكفي من الفرص لتشكيل صورة يُعوَّل عليها، خاصة إذا كان نطاق دورهم ضيقاً إلى حد ما. إذا كانوا مهتمين باستكشاف أهدافهم المهنية، فتتمثل إحدى الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها في خلق تجربة مخصصة "وقائمة على التناوب الجزئي". تماماً مثلما يمنح قسم تطوير المواهب في الشركة فرصاً تعليمية مميزة للموظفين ذوي الإمكانات العالية، وغالباً ما تتضمن فترات عمل في مناطق جغرافية وأدوار وظيفية مختلفة، يمكنك أن تفعل الشيء نفسه لموظفيك ولكن على نطاق محدود.
من غير المرجح أن تتمكن من (أو أن ترغب في) إرسالهم إلى الخارج لأشهر متتالية أو نقلهم إلى فريق آخر بالطبع. ولكن يمكنك تصميم نسخة محدودة قد تتضمن بذل قصارى جهدك للسماح لهم بتجربة أشياء جديدة، سواء كان ذلك في شكل تقديم عرض تقديمي في اجتماع إطلاع العاملين على التطورات أو حضور مؤتمر حول قطاع عملهم لم يحضروه من قبل أو منحهم فرصة للعمل في لجنة مشتركة بين الأقسام. فمن خلال السماح لهم بخوض تحديات جديدة لمعرفة ما يستمتعون به والجوانب التي يمتلكون فيها مهارات طبيعية، يمكنك مساعدتهم على تحديد مجالات اهتمامهم لمواصلة الاستكشاف، ومن المرجح أن يعزز هذا النهج المخصص الشعور بالامتنان والولاء.
لا توجههم بقوة
بمجرد أن تنغمس في دور الموجه، من السهل أن تركز على النتيجة أكثر من اللازم. قد تجد أنك تأخذ الأمر على محمل شخصي إذا قرر موظفك أنه لا يحب القيام بنشاط ما تعتقد أنه يجيده، أو أنه لا يريد مواصلة السعي وراء هدف مهني تعتقد أنه سيكون مناسباً له. علينا أن نتحكم في أنفسنا وأن ندرك أن مهمتنا كقادة هي دعم موظفينا لتحقيق طموحاتهم المهنية وليس إصدار الأوامر. وإذا بدوا في النهاية مختلفين عما كنا نأمله أو نتخيله (على سبيل المثال، إذا قرر مرؤوسك أنه لا يريد تولي منصبك عندما تحصل على الترقية المزمعة)، يجب أن نتأقلم مع الواقع وأن نحافظ على هدوئنا بما يكفي لتقدير موظفينا لما يمكنهم تقديمه لنا وللفريق وللشركة.
ليس من الممكن دائماً مساعدة الموظفين على تحديد أهدافهم المهنية والعمل على تحقيقها. ولكن من المهم توافر شعور بالغاية ووجود دافع لتحقيق أهدافنا المهنية، ولذلك عندما نساعد موظفينا لتتوفر لديهم المشاعر والدوافع ذاتها، عندها يمكن أن نُحدث فارقاً في حياتهم ونجاحهم المهني بطريقة فعالة.