3 استراتيجيات لبناء مسار مهني ناجح في عالم الأعمال المعقد

5 دقيقة
طبيعة العمل
shutterstock.com/shellygraphy

ملخص: شغل معظم الموظفين مناصب ثابتة ضمن مؤسسات قائمة على التراتبية في الماضي، إلا أن طبيعة العمل تغيّرت اليوم وأصبحت تتسم بالمرونة والحيوية. وتزايد أيضاً شيوع الأعمال القائمة على المشاريع والأعمال الحرة، وأصبح تحديد المناصب معتمداً على النتائج التي يحققها الموظف بدلاً من الساعات التي يقضيها في المكتب. ولم يعد تحقيق النجاح في بيئة العمل الجديدة يتطلب التيقظ للتحوّلات الحاصلة في بيئة العمل فقط، بل يستلزم وضع استراتيجيات تتيح لك الاستفادة من تلك التحوّلات بما يخدم مصالحك. ويرى المؤلف أنه من الضروري خصوصاً تبنّي 3 استراتيجيات رئيسية للنجاح في بيئة العمل الحالية تتضمن الاستفادة من المنصات الرقمية وشبكات العلاقات المهنية، واستخدام المواهب المفتوحة والموظفين المستقلين أدوات سرية لتحقيق النجاح، وتسخير قوة الذكاء الاصطناعي لتعزيز القدرات الشخصية.

توضحت في بيئة عمل اليوم التي تتسم بالتطورات التكنولوجية الحثيثة والتحوّل العالمي نحو ترتيبات عمل سلسة ومرنة أهمية تطوير نهج عقلية التعلم، وبناء مجموعة مهارات متنوعة، وتبنّي أخلاقيات مهنية مرنة، وإيلاء الأولوية لتحقيق توازن بين العمل والحياة الشخصية. تُعد هذه العناصر أساسية وهي تُمثّل الحد الأدنى الذي يجب توافره للتعامل مع التحديات في بيئة العمل الحديثة. ومع ذلك، لم يعد مجرد امتلاك هذه الصفات كافياً لضمان النجاح، إذ تطورت طبيعة العمل، وتغيّرت معها الاستراتيجيات التي يجب علينا تبنّيها للنجاح في هذه الحقبة الجديدة. وأحدثَ ظهور عالم العمل الجديد، أو ما نُطلق عليه اقتصاد المواهب المفتوحة، الذي يتضمن العمل الحر القائم على المشاريع، والعمل عن بُعد، ومنصات التعاون الرقمية، والذكاء الاصطناعي، تغييرات جوهرية في كيفية أداء العمل وقيمته وتصوّره.

يتطلب هذا التطور تغييراً جذرياً في النهج الذي يتبعه الموظفون في بناء مساراتهم المهنية وكيفية تنظيم القوى العاملة في المؤسسات؛ بمعنى أن يُستكمل النموذج التقليدي للتوظيف على المدى الطويل، الذي يتميز بالبقاء في وظائف ثابتة ضمن مؤسسات قائمة على التراتبية، بأشكال أكثر سلاسة وحيوية للمشاركة في سوق العمل أو استبداله أحياناً. ويتضمن هذا التغيير الأعمال القائمة على المشاريع والأعمال الحرة، والمناصب التي أصبح تحديد طبيعتها معتمداً على النتائج التي يحققها الموظف بدلاً من الساعات التي يقضيها في المكتب. ويجب على الموظفين بالتالي إعادة النظر في نهجهم تجاه العمل استجابة لهذه التغييرات، إذ يجب ألا يقتصر نهجك على كمّ المعارف التي تحملها أو مدى جدّيتك في العمل، بل على مدى قدرتك على التكيّف، وسرعة تعلمك المهارات الجديدة، وكيفية تطبيقها بفعالية في سياقات متنوعة ومتغيرة، ومدى قدرتك على التعاون بفاعلية مع فِرق خارجية واستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؛ فالنجاح في بيئة العمل الجديدة هذه لا يتطلب التيقّظ للتحوّلات فحسب، بل يستلزم وضع استراتيجيات تتيح لك الاستفادة من تلك التحوّلات بما يخدم مصالحك.

يتطلب التعامل مع بيئة العمل الجديدة المفتوحة هذه تبنّي 3 استراتيجيات رئيسية تتضمن الاستفادة من المنصات الرقمية وشبكات العلاقات المهنية، واستخدام المواهب المفتوحة والموظفين المستقلين أدوات سرية لتحقيق النجاح، وتسخير قوة الذكاء الاصطناعي لتعزيز القدرات الشخصية. لا ينطوي الهدف من هذه الاستراتيجيات على تعزيز القدرة على التكيّف مع التحوّلات في بيئة العمل فحسب، بل على اغتنام الفرص المتاحة أيضاً نتيجة لتلك التحوّلات بهدف تعزيز الإنتاجية والابتكار، وتحقيق مستوى من الرضا والتوازن في الحياة المهنية. سأقدم في هذا المقال شرحاً مفصّلاً لكل من تلك الاستراتيجيات، وأعرض نصائح عملية حول كيفية تطبيقها بفعالية، فتبنّي هذه الاستراتيجيات في ظل استمرار التغيرات في بيئة العمل أمر بالغ الأهمية للأفراد الساعين إلى تحقيق النجاح في عصر الذكاء الاصطناعي والعمل المفتوح.

الاستفادة من المنصات الرقمية وشبكات العلاقات المهنية

أصبحت الاستفادة من المنصات الإلكترونية وشبكات العلاقات المهنية أمراً بالغ الأهمية في عصر تُسهم فيه البصمة الرقمية في خلق الانطباع الأول. تتيح لك هذه المجالات الرقمية عرض خبراتك وإنجازاتك، وتعدّ وسيلة مهمة للتواصل مع منظومة المواهب العالمية. وإليك كيفية التعامل مع هذه البيئة الرقمية بفعالية:

كوّن حضوراً قوياً على الإنترنت: أنشئ ملفات مهنية على منصات مثل لينكد إن وغيت هاب (GitHub)، أو شبكات أخرى متخصصة في قطاعك أو مجال عملك، وحدّثها بانتظام بإضافة مهاراتك الجديدة والمشاريع التي تعمل عليها وإنجازاتك الأخيرة. يضمن لك هذا الظهور أن يتواصل معك المتعاونون أو الشركات أو العملاء المحتملون الذين يبحثون عن المهارات الفريدة التي تقدمها. بمعنى آخر، كوّن سمعتك بنفسك.

تفاعل مع المجتمعات المهنية: شارك بفعالية في المنتديات والمجموعات والمناقشات عبر الإنترنت التي ترتبط بمجال عملك، فمشاركة خبرتك مع الآخرين، وطلب النصائح والتواصل مع الزملاء والقادة في مجالك يتيح لك بناء شبكة من العلاقات المهنية التي قد تفتح الباب أمام فرص عمل وأعمال تعاونية جديدة.

استعرض عملك: توفر بعض المنصات مساحة للنشر وتسليط الضوء على المشاريع والإسهامات، مثل منصة لينكد إن التي تُعد مناسبة للمشاركة المهنية، ومنصة غيت هاب التي تجذب المتخصصين في كتابة الرموز البرمجية، أو منصة ميديوم (Medium) المناسبة لنشر المقالات والأفكار الريادية. لا تقتصر أهمية إنشاء الملف التعريفي على جذب مشاريع العمل الحر أو عروض الوظائف فقط، بل إبراز قدراتك وأفكارك الريادية لجمهور أوسع أيضاً.

استخدم المواهب المفتوحة والموظفين المستقلين أدوات سرية لتحقيق النجاح

يعزز تبنّي نهج استراتيجي لدمج المواهب المفتوحة والموظفين المستقلين في عملك إنتاجيتك وقدراتك، سواء كنت تعمل موظفاً بدوام كامل في شركة ما أو موظفاً مستقلاً تؤدي أعمالاً قائمة على المشاريع. وبما أن الشركات تسعى لتصبح أكثر مرونة وقدرة على الاستجابة للتغيرات، يجب على الأفراد السعي لبلوغ الهدف نفسه بغية البقاء في الطليعة. فتصبح بذلك القدرة على استخدام شبكة المواهب العالمية للمهارات والخبرات المتخصصة عند الطلب ميزة تنافسية. وإليك كيفية تحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه الاستراتيجية:

حدد المهام التي يمكن تفويضها: قيّم عبء عملك لتحدد المهام أو المشاريع التي يمكن للموظفين المستقلين إنجازها بكفاءة أعلى، مثل تفويض مهمة إنشاء عرض تقديمي، أو كتابة اقتراح ما، أو إنشاء قواعد البيانات وتحليلها. وركز طاقاتك على الكفاءات الأساسية واحرص على تعهيد المهام المتخصصة أو التي تتطلب وقتاً طويلاً.

استخدم منصات العمل الحر: تُعد منصات مثل تورك (Torc) وغرافايت (Graphite) وأنديلا (Andela) موارد قيّمة للعثور على الموظفين المستقلين المهرة والتفاعل معهم. قد تُسهم المنصة المناسبة في تحديد نطاق المشروع بوضوح، وتحديد المنجزات المطلوبة، ووضع جداول زمنية للمهام لضمان أن تسير عملية التعاون بسلاسة.

عزز علاقات شخصية طويلة المدى: كوّن فريقك الخاص من خلال بناء علاقات مستمرة مع الموظفين المستقلين الموثوق بهم لتبسيط عملية التعاون في المشاريع المستقبلية، ولبناء شبكة من المواهب الموثوق بها التي يمكن الاعتماد عليها لتقديم عمل عالي الجودة على حد سواء.

سخِّر قوة الذكاء الاصطناعي لتحقيق إنجازات تتفوق على القدرات البشرية

تعتمد الاستراتيجية النهائية على تسخير قوة الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدراتك، وزيادة الإنتاجية، واتخاذ قرارات مستنيرة. لكن قد يؤثر فهم طبيعة أدوات الذكاء الاصطناعي ودمجها في عملك على كفاءتك وفعاليتك بصورة ملحوظة في ظل استمرار تطورها، وإليك كيفية الاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي:

احرص على أتمتة المهام الروتينية: يمكن للأدوات المدارة بالذكاء الاصطناعي التعامل مع المهام المتكررة مثل استفسارات خدمة العملاء أو إدخال البيانات، ما يتيح لك التركيز على استراتيجيات أعلى مستوى وتعزيز قدرتك على الإبداع.

عزز عملية صناعة القرار: قد توفر قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل مجموعات البيانات الكبيرة وتحديد الأنماط رؤى ثاقبة قيّمة لصناعة القرار؛ إذ يمكن للأداة المناسبة تحويل البيانات إلى معلومات تتيح اتخاذ إجراءات قابلة للتنفيذ.

ابقَ مطلعاً على آخر التطورات وحسّن مهاراتك: تحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة. وتُعد مواصلة التعلم عن التقنيات والأدوات الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي ذات الصلة بمجال عملك أمراً مهماً. كما تضمن لك المشاركة في الحلقات الدراسية (ويبينار) والدورات التدريبية والورشات عبر الإنترنت أن تبقى في الطليعة وأن تدمج أدوات الذكاء الاصطناعي بفعالية في سير عملك.

باختصار، يمكن للمهنيين الطموحين تجاوز تعقيدات بيئة العمل الحديثة بفعالية من خلال تبنّي هذه الاستراتيجيات وتنفيذ الخطوات المحددة. لا تقتصر أهمية هذا النهج المتعدد المسارات على تسهيل كل من النمو الشخصي والتنظيمي فحسب، بل التمكين من مواجهة التحديات واستغلال الفرص التي يقدمها عصر الذكاء الاصطناعي والعمل المفتوح أيضاً.

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي