دراسة: كيف تؤثر مراجعات المنتجات عبر الإنترنت في قرارات الشراء؟

9 دقائق
نية إعادة الشراء
كلاوس فيدفيلت/غيتي إميدجيز

من المعروف أن مراجعات المنتجات عبر الإنترنت تحظى بأهمية كبيرة لدى المستهلكين؛ إذ ذكر نحو 98% منهم أنهم يعتمدون عليها لاتخاذ قرارات الشراء، بل إن البعض يرى أنها العامل الأهم الذي يأخذونه في الحسبان عند التفكير في إجراء عمليات الشراء، ويفضّلون الاعتماد عليها أكثر من وصف المنتج نفسه.

لا يقتصر تقييم المستهلكين على خصائص المراجعات، مثل التقييم الرقمي للمنتج وعدد المراجعات وهوية المراجع وغيرها، بل يشمل أيضاً محتوى المراجعة نفسها، ويتضمن ذلك توصيات المراجعين بالمنتج أو التعبير عن رغبتهم في شرائه مرة أخرى، وهو محتوى إيجابي نسميه "عبارات الولاء" (Loyalty Expressions).

من الطبيعي أن تسعى الشركات إلى الاستفادة من أثر هذه العبارات وقدرتها على الإقناع لزيادة المبيعات.

يقدم العديد من الشركات حوافز للعملاء مقابل إجراء مراجعات للمنتجات، ويشجع بعضها العملاء صراحةً على التوصية بالمنتج في مراجعاتهم.

تعمل شركات، مثل بيست باي (BestBuy) وتارغت (Target) ومايسيز (Macy’s) وكوستكو (Costco) على إبراز المراجعات التي تحتوي على توصيات بالمنتج، وذلك من خلال عرضها في الصفحة الأولى للمراجعات على سبيل المثال.

نظراً لأهمية مراجعات المنتجات عبر الإنترنت بالنسبة للعملاء ومتاجر البيع بالتجزئة على حد سواء، فقد تساءلنا عن العوامل التي تسهم في زيادة أثر بعض المراجعات مقارنة بغيرها، هل يكون أثر المراجعات أقوى عندما يكتب العملاء: "أنا أوصي بهذا المنتج"، أم عندما يكتبون أنهم سيشترون هذا المنتج مرة أخرى، وهو ما نسميه "نية إعادة الشراء" (Repurchasing Intention)؟ وهل يختلف الأثر باختلاف نوع المنتج الذي يخضع للمراجعة؟

للإجابة عن هذه الأسئلة، أجرينا دراسة نشرتها مجلة تجارة التجزئة (Journal of Retailing).

حللنا 111,728 مراجعة شراء عبر الإنترنت وأجرينا 7 تجارب شملت أكثر من 2,000 شخص طلبنا منهم التفكير في شراء مجموعة كبيرة من السلع والخدمات، يشمل ذلك حجز غرف في الفنادق وتناول وجبات الطعام في المطاعم والحصول على خدمات علاج الأسنان.

خلصنا إلى أن قدرة كل عبارة من عبارات الولاء على الإقناع تعتمد على مدى تكرار شراء السلعة أو الخدمة.

المنتجات ذات معدل الشراء المرتفع مقابل المنتجات ذات معدل الشراء المنخفض

بدأنا أبحاثنا بتحليل 111,728 مراجعة عبر الإنترنت على موقع يلب (Yelp).

يتيح هذا الموقع للمستخدمين وضع علامة على المراجعات التي يرون أنها مفيدة، ويمكنهم تصنيف المراجعات بحيث تظهر تلك التي حصلت على أكبر عدد من التقييمات، والتي تشير إلى أنها مفيدة، في أعلى القائمة.

أكدت النتائج صحة فرضيتنا؛ إذ توصلنا إلى أن المراجعات تكون أكثر فائدة عندما تتضمن التوصية بخدمة ما أو الإشارة إلى نية استخدامها مرة أخرى مقارنة بالمراجعات التي لا تتضمن عبارات الولاء هذه.

تجدر الإشارة إلى أن المراجعات التي تتضمن نوايا إعادة الشراء كانت الأكثر فائدة بالنسبة للمستخدمين.

بعد تحليل البيانات، لاحظنا أن غالبية المراجعات في العيّنة التي درسناها كانت على الأرجح تتعلق بمنتجات أو خدمات يشتريها الناس بصورة متكررة، مثل وجبات الطعام.

لكننا تساءلنا عمّا إذا كانت نية إعادة الشراء ستظل هي التعبير الأكثر إقناعاً وتأثيراً بالنسبة للسلع ذات معدل الشراء المنخفض، مثل السيارة.

لاختبار هذه الفرضية ودراسة الدور الذي تؤديه المصداقية في أثر المراجعات وقدرتها على الإقناع، أجرينا 7 تجارب إضافية طلبنا فيها من أكثر من 2,000 مشارك عبر الإنترنت أن يتخيلوا إجراء عمليات شراء مختلفة، من شراء معجون أسنان إلى تركيب تاج سني في عيادة طب الأسنان.

في الواقع، توصلنا إلى أن عبارات الولاء الأكثر إقناعاً تعتمد على مدى احتمالية تكرار شراء المنتج أو الخدمة.

في التجارب التي طلبنا فيها من المشاركين تخيل شراء سلع يشترونها بانتظام، مثل معجون الأسنان أو الحصول على خدمات تنظيف الأسنان، كانت المراجعات التي تتضمن نية إعادة الشراء هي الأكثر إقناعاً.

وعندما طلبنا من المشاركين تقييم المراجعات المتعلقة بالسلع أو الخدمات ذات معدل الشراء المنخفض، مثل إجراء عملية سحب عصب للأسنان، توصلنا إلى أن المراجعات التي تحتوي على توصية بالخدمة هي الأكثر تأثيراً وإقناعاً، لأن المشاركين وجدوا أن هذه العبارات هي الأكثر مصداقية وفقاً للسياق والظروف وطبيعة المنتج أو الخدمة.

في حالة المنتجات ذات معدل الشراء المرتفع، تبدو الإشارة إلى نية إعادة الشراء أكثر ملاءمة ومصداقية من مجرد تقديم التوصية.

أما في حالة المنتجات ذات معدل الشراء المنخفض، فإن الإشارة إلى نية إعادة الشراء قد تبدو أقل مصداقية، لذلك من المرجح أن تكون التوصية أكثر إقناعاً.

يشير بحثنا إلى وجود صلة وثيقة بين المصداقية والقدرة على الإقناع، فكلما كانت المراجعة أكثر مصداقية، زادت احتمالية تأثير محتواها في قرار الشراء.

توفر النتائج التي توصلنا إليها منظوراً جديداً ومفيداً يمكن من خلاله لتجار التجزئة إعادة تقييم استراتيجياتهم في طلب المراجعات وعرضها.

عند تحديد المنتجات التي يجب التركيز عليها أو إبرازها، يجب على الشركات مراعاة مدى تكرار شراء هذا المنتج واختيار المراجعات التي من المرجح أن تكون أكثر مصداقية بالنسبة للمستهلكين.

القيود التي واجهت البحث

على الرغم من أن النتائج التي توصلنا إليها كانت ثابتة عبر مجموعة واسعة من السلع والخدمات، فإن ثمة تفاصيل إضافية يجب على تجار التجزئة والباحثين مراعاتها.

تناولت دراستنا جانبين مميزين من جوانب ولاء العملاء، وهما التوصيات ونية إعادة الشراء، ولكن قد تستكشف الأبحاث المستقبلية قدرة عبارات الولاء الأخرى على الإقناع، مثل: "أعجبني" و"أحدث تغييراً إيجابياً في حياتي" وغيرهما.

بالإضافة إلى ذلك، عملنا فقط على استكشاف العلاقة بين المشاعر الإيجابية والقدرة على الإقناع، ولم ندرس أثر العبارات السلبية، مثل: "لن أشتري هذا المنتج مرة أخرى" في مدى قدرة المراجعات على الإقناع من وجهة نظر المستهلكين.

من الممكن أن تكون التعليقات السلبية أكثر قدرة على الإقناع والتأثير، ما قد يتطلب من تجار التجزئة العمل على تخفيف آثارها السلبية، على سبيل المثال، من خلال الرد على المراجعات وتقديم الدعم والمساعدة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن إجراء أبحاث إضافية لتوضيح العلاقة بين المصداقية والقدرة على الإقناع وتوسيع نطاقها. على الرغم من أننا لاحظنا وجود علاقة وثيقة بينهما، فإنه قد توجد حالات لا ينطبق فيها هذا الأمر، ما يتطلب إجراء مزيد من البحث.

مع استمرار نمو التجارة الإلكترونية، أصبح من الضروري أن يدرك تجار التجزئة ومزودو الخدمات أهمية مراجعات المنتجات وأثرها في تعزيز الإيرادات.

تُظهر النتائج التي توصلنا إليها طرقاً مفيدة يمكن أن يستخدمها تجار التجزئة لتحسين أنواع المراجعات المهمة والقيّمة بالنسبة لعملائهم والاستفادة منها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي